الباحث القرآني

(p-٦٢٤١)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سُورَةُ القارِعَةِ مَكِّيَّةٌ وآيُها إحْدى عَشْرَةَ. (p-٦٢٤٢)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [ ١ - ٥ ] ﴿القارِعَةُ﴾ ﴿ما القارِعَةُ﴾ [القارعة: ٢] ﴿وما أدْراكَ ما القارِعَةُ﴾ [القارعة: ٣] ﴿يَوْمَ يَكُونُ النّاسُ كالفَراشِ المَبْثُوثِ﴾ [القارعة: ٤] ﴿وتَكُونُ الجِبالُ كالعِهْنِ المَنفُوشِ﴾ [القارعة: ٥] ﴿القارِعَةُ﴾ ﴿ما القارِعَةُ﴾ [القارعة: ٢] قالَ أبُو السُّعُودِ: القَرْعُ هو الضَّرْبُ بِشِدَّةٍ واعْتِمادٍ، بِحَيْثُ يَحْصُلُ مِنهُ صَوْتٌ شَدِيدٌ، وهي القِيامَةُ. سُمِّيَتْ بِها لِأنَّها تَفْزَعُ القُلُوبَ والأسْماعَ بِفُنُونِ الأفْزاعِ والأهْوالِ، وتُخْرِجُ جَمِيعَ الأجْرامِ العُلْوِيَّةِ والسُّفْلِيَّةِ مِن حالٍ إلى حالٍ: السَّماءُ بِالِانْشِقاقِ والِانْفِطارِ، والشَّمْسُ والنُّجُومُ بِالتَّكْوِيرِ والِانْكِدارِ والِانْتِثارِ، والأرْضُ بِالزِّلْزالِ والتَّبْدِيلِ، والجِبالُ بِالدَّكِّ والنَّسْفِ. وهِيَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ما القارِعَةُ﴾ [القارعة: ٢] عَلى أنَّ (ما) الِاسْتِفْهامِيَّةَ خَبَرٌ والقارِعَةُ مُبْتَدَأٌ، لا بِالعَكْسِ؛ لِأنَّ مَحَطَّ الفائِدَةِ هو الخَبَرُ لا المُبْتَدَأُ. ولا رَيْبَ في أنَّ مَدارَ إفادَةِ الهَوْلِ والفَخامَةِ هاهُنا هو كَلِمَةُ (ما)، لا (القارِعَةُ) أيْ: أيُّ شَيْءٍ عَجِيبٌ هي في الفَخامَةِ والفَظاعَةِ؟ وقَدْ وُضِعَ الظّاهِرُ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ تَأْكِيدًا لِلتَّهْوِيلِ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وما أدْراكَ ما القارِعَةُ﴾ [القارعة: ٣] تَأْكِيدٌ لِهَوْلِها وفَظاعَتِها، بِبَيانِ خُرُوجِها عَنْ دائِرَةِ عُلُومِ الخَلْقِ، عَلى مَعْنى أنَّ عِظَمَ شَأْنِها ومَدى شِدَّتِها بِحَيْثُ لا تَكادُ تَنالُهُ دِرايَةُ أحَدٍ، حَتّى يُدْرِيَكَ بِها، أيْ: وأيُّ شَيْءٍ أعْلَمَكَ ما شَأْنُ القارِعَةِ؟ ولَمّا كانَ هَذا مُنَبَّأً عَنِ الوَعْدِ الكَرِيمِ بِإعْلامِها، أنْجَزَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿يَوْمَ يَكُونُ النّاسُ كالفَراشِ المَبْثُوثِ﴾ [القارعة: ٤] أيْ: هي يَوْمُ يَكُونُ النّاسُ فِيهِ كالفَراشِ المَبْثُوثِ في الكَثْرَةِ (p-٦٢٤٣)والِانْتِشارِ، والضَّعْفِ والذِّلَّةِ والِاضْطِرابِ، والتَّطايُرِ إلى الدّاعِي، كَتَطايُرِ الفَراشِ إلى النّارِ. فَـ "يَوْمَ" خَبَرُ مَحْذُوفٍ بُنِيَ عَلى الفَتْحِ لِإضافَتِهِ إلى الفِعْلِ، أوْ هو مَنصُوبٌ بِإضْمارِ (اذْكُرْ)، كَأنَّهُ قِيلَ بَعْدَ تَفْخِيمِ أمْرِ القارِعَةِ وتَشْوِيقِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ إلى مَعْرِفَتِها: اذْكُرْ يَوْمَ يَكُونُ النّاسُ. ﴿وتَكُونُ الجِبالُ كالعِهْنِ المَنفُوشِ﴾ [القارعة: ٥] أيْ: كالصُّوفِ المَندُوفِ في تَفَرُّقِ أجْزائِها وتَطايُرِها في الجَوِّ. ولَمّا كانَ مِنَ المَعْلُومِ أنَّ ذَلِكَ اليَوْمَ هو اليَوْمُ الَّذِي تَبْتَدِئُ فِيهِ الحَياةُ الآخِرَةُ، وفِيها تُعْرَفُ مَقادِيرُ الأعْمالِ وما تَسْتَحِقُّهُ مِنَ الجَزاءِ، رَتَّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ تَعالى:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب