الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [ ٩٣ ] ﴿ولَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إسْرائِيلَ مُبَوَّأ صِدْقٍ ورَزَقْناهم مِنَ الطَّيِّباتِ فَما اخْتَلَفُوا حَتّى جاءَهُمُ العِلْمُ إنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهم يَوْمَ القِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ ﴿ولَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إسْرائِيلَ مُبَوَّأ صِدْقٍ﴾ أُضِيفَ المَكانُ إلى الصِّدْقِ؛ لِأنَّ عادَةَ العَرَبِ إذا مَدَحَتْ شَيْئًا، أنْ تُضِيفَهُ إلى الصِّدْقِ، تَقُولُ: رَجُلُ صِدْقٍ. وقَدَمُ صِدْقٍ. وقالَ تَعالى: ﴿مُدْخَلَ صِدْقٍ﴾ [الإسراء: ٨٠] و﴿مُخْرَجَ صِدْقٍ﴾ [الإسراء: ٨٠] إذا كانَ عامِلًا في صِفَةٍ صالِحًا لِلْغَرَضِ المَطْلُوبِ مِنهُ، كَأنَّهم لاحَظُوا أنَّ كُلَّ ما يَظُنُّ بِهِ فَهو صادِقٌ. وقَوْلُهُ تَعالى ﴿ورَزَقْناهم مِنَ الطَّيِّباتِ﴾ وهي المَنُّ والسَّلْوى في التِّيهِ وبَعْدَهُ، مِمّا فاضَ عَلَيْهِمْ مِنَ الأرْضِ الَّتِي تَدُرُّ لَبَنًا وعَسَلًا ﴿فَما اخْتَلَفُوا حَتّى جاءَهُمُ العِلْمُ﴾ أيْ ما تَفَرَّقُوا عَلى مَذاهِبَ شَتّى في أمْرِ دِينِهِمْ، إلّا مِن بَعْدِ ما جاءَهُمُ العِلْمُ الحاسِمُ لِكُلِّ شُبْهَةٍ، وهو ما بَيْنَ أيْدِيهِمْ مِنَ الوَحْيِ، الَّذِي يَتْلُونَهُ. أيْ: وما كانَ حَقُّهم أنْ يَخْتَلِفُوا، وقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ لَهُمْ، وأزاحَ عَنْهُمُ اللَّبْسَ. ونَظِيرُ هَذِهِ الآيَةِ في النَّعْيِ عَلَيْهِمُ اخْتِلافَهُمْ، قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ إلا مِن بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ البَيِّنَةُ﴾ [البينة: ٤] وقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿وما اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ إلا مِن بَعْدِ ما جاءَهُمُ العِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهم ومَن يَكْفُرْ بِآياتِ اللَّهِ فَإنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الحِسابِ﴾ [آل عمران: ١٩] وفِيهِ أكْبَرُ زاجِرٍ وأعْظَمُ واعِظٍ عَنْ الِاخْتِلافِ في الدِّينِ، والتَّفَرُّقِ فِيهِ. ﴿إنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهم يَوْمَ القِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ أيْ فَيُمَيِّزُ المُحِقَّ مِنَ المُبْطِلِ بِالإنْجاءِ والإهْلاكِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب