الباحث القرآني

ثُمَّ بَيَّنَ تَعالى بُطْلانَ تَعَجُّبِهِمْ، وما بَنَوْا عَلَيْهِ، وحَقَّقَ فِيهِ حَقِّيَّةَ ما تَعَجَّبُوا مِنهُ، وصِحَّةَ ما أنْكَرُوهُ، بِالتَّنْبِيهِ عَلى بَعْضِ ما يَدُلُّ عَلَيْها مِن شُؤُونِ الخَلْقِ والتَّقْدِيرِ، ويُرْشِدُهم إلى مَعْرِفَتِها بِأدْنى تَذْكِيرٍ، فَقالَ سُبْحانَهُ: (p-٣٣٢٣)القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [ ٣ ] ﴿إنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ في سِتَّةِ أيّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلى العَرْشِ يُدَبِّرُ الأمْرَ ما مِن شَفِيعٍ إلا مِن بَعْدِ إذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكم فاعْبُدُوهُ أفَلا تَذَكَّرُونَ﴾ ﴿إنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ في سِتَّةِ أيّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلى العَرْشِ﴾ قالَ البُخارِيُّ في صَحِيحِهِ في الرَّدِّ عَلى الجَهْمِيَّةِ: قالَ أبُو العالِيَةِ: اسْتَوى إلى السَّماءِ: ارْتَفَعَ، وقالَ مُجاهِدٌ: اسْتَوى عَلى العَرْشِ عَلا، أيْ بِلا تَمْثِيلٍ ولا تَكْيِيفٍ. والعَرْشُ: هو الجِسْمُ المُحِيطُ بِجَمِيعِ الكائِناتِ، وهو أعْظَمُ المَخْلُوقاتِ. و(الأيّامُ) قِيلَ: كَهَذِهِ، وقِيلَ: كُلُّ يَوْمٍ كَألْفِ سَنَةٍ. ﴿يُدَبِّرُ الأمْرَ﴾ أيْ يَقْضِي ويُقَدِّرُ، عَلى حَسَبِ مُقْتَضى الحِكْمَةِ أمْرَ الخَلْقِ كُلَّهُ، و﴿ما مِن شَفِيعٍ إلا مِن بَعْدِ إذْنِهِ﴾ تَقْرِيرٌ لِعَظَمَتِهِ وعِزِّ جَلالِهِ، ورَدٌّ عَلى مَن زَعَمَ أنَّ آلِهَتَهم تَشْفَعُ لَهم عِنْدَ اللَّهِ. ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ﴾ إشارَةٌ إلى المَعْلُومِ بِتِلْكَ العَظَمَةِ، أيْ ذَلِكَ العَظِيمُ المَوْصُوفُ بِما وُصِفَ بِهِ هو ﴿رَبَّكُمُ﴾ أيِ الَّذِي رَبّاكم لِتَعْبُدُوهُ ﴿فاعْبُدُوهُ﴾ أيْ وحِّدُوهُ بِالعِبادَةِ. ﴿أفَلا تَذَكَّرُونَ﴾ أيْ تَتَفَكَّرُونَ أدْنى تَفَكُّرٍ فَيُنَبِّهُكم عَلى أنَّهُ المُسْتَحِقُّ لِلرُّبُوبِيَّةِ والعِبادَةِ، لا ما تَعْبُدُونَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب