الباحث القرآني

(p-٣٣٢٠)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ١٠ - سُورَةُ يُونُسَ سُمِّيَتْ بِهِ، عَلَيْهِ السَّلامُ، لِتَضَمُّنِها قَوْلَهُ: ﴿فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إيمانُها إلا قَوْمَ يُونُسَ﴾ [يونس: ٩٨] فَفِيهِ غايَةُ ما يُفِيدُ فِيهِ الإيمانُ وضَرَرُ تَرْكِهِ وتَأْخِيرِهِ، وهو المَقْصِدُ الأعْلى مِن إنْزالِ الكِتابِ -قالَهُ المَهايِمِيُّ-. وهَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ، واسْتُثْنِيَ مِنها قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإنْ كُنْتَ في شَكٍّ﴾ [يونس: ٩٤] الآيَتَيْنِ. وقَوْلُهُ: ﴿ومِنهم مَن يُؤْمِنُ بِهِ﴾ [يونس: ٤٠] الآيَةَ، قِيلَ: نَزَلَتْ في اليَهُودِ. وقِيلَ: مِن أوَّلِها إلى رَأْسِ أرْبَعِينَ مَكِّيٌّ، والباقِي مَدَنِيٌّ -حَكاهُ ابْنُ الفُرْسِ والسَّخاوِيُّ في (جَمالِ القُرّاءِ). وآياتُها مِائَةٌ وتِسْعَةٌ. (p-٣٣٢١)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [ ١ ] ﴿الر تِلْكَ آياتُ الكِتابِ الحَكِيمِ﴾ ﴿الر﴾ مَسْرُودٌ عَلى نَمَطِ التَّعْدِيدِ بِطَرِيقِ التَّحَدِّي، أوِ اسْمٌ لِلسُّورَةِ فَمَحَلُّهُ الرَّفْعُ عَلى أنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ. أيْ هَذِهِ السُّورَةُ مُسَمّاةٌ بِـ "الر". والإشارَةُ إلَيْها قَبْلَ جَرَيانِ ذِكْرِها لِما أنَّها بِاعْتِبارِ كَوْنِها عَلى جَناحِ الذِّكْرِ وبِصَدَدِهِ، صارَتْ في حُكْمِ الحاضِرِ، كَما يُقالُ: هَذا ما اشْتَرى فُلانٌ، أوِ النَّصْبُ بِتَقْدِيرِ: اقْرَأْ. وكَلِمَةُ "تِلْكَ" إشارَةٌ إلَيْها، أمّا عَلى تَقْدِيرِ كَوْنِ "الر" مَسْرُودَةً عَلى نَمَطِ التَّعْدِيدِ، فَقَدْ نَزَّلَ حُضُورَ مادَّتِها، الَّتِي هي الحُرُوفُ المَذْكُورَةُ مَنزِلَةَ ذِكْرِها فَأُشِيرَ إلَيْها، كَأنَّهُ قِيلَ: هَذِهِ الكَلِماتُ المُؤَلَّفَةُ مِن جِنْسِ هَذِهِ الحُرُوفِ المَبْسُوطَةِ... إلَخْ. وأمّا عَلى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ اسْمًا لِلسُّورَةِ، فَقَدْ نَوَّهَتْ بِالإشارَةِ إلَيْها بَعْدَ تَنْوِيهِها بِتَعْيِينِ اسْمِها، أوِ الأمْرِ بِقِراءَتِها. وما في اسْمِ الإشارَةِ مِن مَعْنى البُعْدِ؛ لِلتَّنْبِيهِ عَلى بُعْدِ مَنزِلَتِها في الفَخامَةِ، ومَحَلُّهُ الرَّفْعُ عَلى أنَّهُ مُبْتَدَأٌ، خَبَرُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿آياتُ الكِتابِ الحَكِيمِ﴾ وعَلى تَقْدِيرِ كَوْنِ "الر" مُبْتَدَأً، فَهو مُبْتَدَأٌ ثانٍ، أوْ بَدَلٌ مِنَ الأوَّلِ. والمَعْنى: هي آياتٌ مَخْصُوصَةٌ مِنهُ، مُتَرْجَمَةٌ بِاسْمٍ مُسْتَقِلٍّ، والمَقْصُودُ بِبَيانِ بَعْضِيَّتِها مِنهُ، وصْفًا بِما اشْتُهِرَ اتِّصافُهُ بِهِ مِنَ النُّعُوتِ الفاضِلَةِ، والصِّفاتِ الكامِلَةِ. والمُرادُ بِـ "الكِتابِ": إمّا جَمِيعُ القُرْآنِ العَظِيمِ، وإنْ لَمْ يَنْزِلِ الكُلُّ حِينَئِذٍ؛ لِاعْتِبارِ تَعْيِينِهِ وتَحَقُّقِهِ في عِلْمِ اللَّهِ تَعالى، وإمّا جَمِيعُ القُرْآنِ النّازِلِ وقْتَئِذٍ، المُتَفاهِمِ بَيْنَ النّاسِ إذْ ذاكَ. و"الحَكِيمِ" أيْ ذُو الحِكْمَةِ، وإنَّما وُصِفَ بِهِ لِاشْتِمالِهِ عَلى فُنُونِ الحُكْمِ الباهِرَةِ، ونُطْقِهِ بِها، أوْ هو مِن بابِ وصْفِ الكَلامِ بِصِفَةِ صاحِبِهِ، أوْ مِن بابِ الِاسْتِعارَةِ المَكْنِيَّةِ المَبْنِيَّةِ عَلى تَشْبِيهِ الكِتابِ الحَكِيمِ النّاطِقِ بِالحِكْمَةِ -أفادَهُ أبُو السُّعُودِ-.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب