الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [٤ ] ﴿مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ قَرَأ عاصِمٌ والكِسائِيُّ بِإثْباتِ ألِفِ "مالِكِ" والباقُونَ بِحَذْفِها. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ورُجِّحَتْ قِراءَةُ "مَلِكِ" لِأنَّهُ قِراءَةُ أهْلِ الحَرَمَيْنِ، وهم أوْلى النّاسِ بِأنْ يَقْرَأُوا القُرْآنَ غَضًّا طَرِيًّا كَما أُنْزِلَ، وقُرّاؤُهُمُ الأعْلَوْنَ رِوايَةً وفَصاحَةً، ولِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿لِمَنِ المُلْكُ اليَوْمَ﴾ [غافر: ١٦] (p-٩)فَقَدْ وصَفَ ذاتَهُ بِأنَّهُ المَلِكُ يَوْمَ القِيامَةِ، والقُرْآنُ يَتَعاضَدُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وتَتَناسَبُ مَعانِيهِ في المَوادِّ. وثَمَّةُ مُرَجِّحاتٍ أُخْرى. وقالَ بَعْضُهم: إنَّ قِراءَةَ "مالِكِ" أبْلَغُ، لِأنَّ المَلِكَ هو الَّذِي يُدَبِّرُ أعْمالَ رَعِيَّتِهِ العامَّةَ، ولا تَصَرُّفَ لَهُ بِشَيْءٍ مِن شُؤُونِهِمُ الخاصَّةِ. وتَظْهَرُ التَّفْرِقَةُ في عَبْدٍ مَمْلُوكٍ في مَمْلَكَةٍ لَها سُلْطانٌ، فَلا رَيْبَ أنَّ مالِكَهُ هو الَّذِي يَتَوَلّى جَمِيعَ شُؤُونِهِ دُونَ سُلْطانِهِ، ومِن وُجُوهِ تَفْضِيلِها: إنَّها تَزِيدُ بِحَرْفٍ، ولِقارِئِ القُرْآنِ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرُ حَسَناتٍ -كَما رَواهُ التِّرْمِذِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِإسْنادٍ صَحِيحٍ، وكِلاهُما صَحِيحٌ مُتَواتِرٌ في السَّبْعِ. و"الدِّينِ" الحِسابُ والمُجازاةُ بِالأعْمالِ. ومِنهُ: ««كَما تَدِينُ تُدانُ»» أيْ: مالِكُ أُمُورِ العالَمِينَ كُلِّها في يَوْمِ الدِّينِ، وتَخْصِيصُهُ بِالإضافَةِ إمّا لِتَعْظِيمِهِ وتَهْوِيلِهِ، أوْ لِبَيانِ تَفَرُّدِهِ تَعالى بِإجْراءِ الأمْرِ وفَصْلِ القَضاءِ فِيهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب