قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ)، أي: إذا دعوني كما أنجينا ذا النون. ورُوي عن عاصم أنه قرأ (نُجِّي المُؤمِنِينَ) مشدّدة الجيم، وجميع النحويين حكموا على هذه القراءة بالغلط وأنها لحن (¬1). ثم
ذكر الفَراء لها وجهًا، فقال: أضمر المصدر في (نُجِّي) فنوى به الرفع ونصب (الْمُؤْمِنِينَ)، كقولك: ضُرِبَ الضربُ زيدًا، ثم تقول: ضُرِبَ زيدًا، على إضمار المصدر. وأنشد ابن قتيبة حجةً لهذه القراءة:
وَلَوْ وَلَدَتْ قُفَيْرَةُ جِرْوَ كَلْبٍ ... لَسُبَّ بِذَلِكَ الجَرْوِ الكِلابَا
وقال أبو علي الفارسي: هذا إنما يجوز في ضرورة الشعر، وراوي هذه الرواية عن عاصم غلط في الرواية. فإنه قرأ (ننجي) بنونين كما روى حفص عنه، ولكن النون الثانية تخفى مع الجيم، ولا يجوز تبيينها، فالتبس على السامع الإخفاء بالإدغام، فظن أنه إدغام، ويدل على هذا إسكانه الياء من (نُجِّي) ونصب قوله (الْمُؤْمِنِينَ) ولو كان على ما لم يسم فاعله ما سكَّن الياء، ولوجب أن يرفع (الْمُؤْمِنِينَ).
{"ayah":"فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ وَنَجَّیۡنَـٰهُ مِنَ ٱلۡغَمِّۚ وَكَذَ ٰلِكَ نُـۨجِی ٱلۡمُؤۡمِنِینَ"}