الباحث القرآني

قوله: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ﴾ . أي: ذات نعمة، وهي وجوه المؤمنين، نعمت بما عاينت من عاقبة أمرها. وقيل: ذات بهجة وحسن، لقوله تعالى: ﴿تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النعيم﴾ [المطففين: 24] ، أي: متنعمة «لِسَعْيهَا» ، أي: لعملها الذي عملته في الدنيا «راضيةٌ» في الآخرة حين أعطيت الجنة بعملها، وفيها واو مضمرة، والتقدير: ووجوه يومئذ، ليفصل بينها، وبين الوجوه المتقدمة، والوجوه عبارة عن الأنفس. ﴿فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ﴾ أي: مرتفعة؛ لأنها فوق السماوات. وقيل: عالية القدر، لأن فيها ما تشتهي الأنفس وتلذُّ الأعين. قوله: ﴿لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً﴾ . قرأ ابن كثيرٍ وأبو عمرو: بالياء من تحت مضمومة؛ على ما لم يسم فاعله، «لاغية» رفعاً لقيامه الفاعل. وقرأ نافع كذلك إلا أنه بالتاء من فوق، والتذكير والتأنيث واضحان؛ لأن التأنيث مجازي. وقرأ الباقون: بفتح التاء من فوق، ونصب: «لاغية» ، فيجوز أن تكون التاء للخطاب، أي: لا تسمع أنت، وأن تكون للتأنيث، أي: لا تسمع الوجوه. وقرأ الفضلُ والجحدري: «لا يَسْمَعُ» بياء الغيبة مفتوحة «لاغيةً» نصباً، أي: لا يسمع فيها أحد. و «لاغية» يجوز أن تكون صفة لكلمة على معنى: النسب، أي: ذات لغو، أو على إسناد اللغو إليها مجازاً، وأن تكون صفة لجماعة: أي: جماعة لاغية، وأن تكون مصدراً، كالعافية والعاقبة، كقوله: ﴿لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً﴾ [الواقعة: 25] ، واللَّغْوُ: اللَّغَا واللاغية بمعنى واحد؛ قال الشاعر: [الرجز] 5185 - عَنِ اللَّغَا ورفَثِ التَّكلُّمِ ... قال الفراء والأخفش: أي: لا تسمع فيها كلمة لغوٍ. والمراد باللغو: ستة أوجه: أحدها: كذباً وبهتاناً وكفراً بالله عَزَّ وَجَلَّ، قاله ابن عباس. الثاني: لا باطل ولا إثم، قاله قتادة. الثالث: أنه الشتم، قاله مجاهد. الرابع: المعصية، قاله الحسن. الخامس: لا يسمع فيها حالف يحلف بكذب، قاله الفراء. وقال الكلبي: لا يسمع في الجنة حالف بيمين برّة ولا فاجرة. السادس: لا يسمع في كرمهم كلمة لغوٍ؛ لأن أهل الجنَّة لا يتكلمون إلا بالحكمة، وحمد الله على ما رزقهم من النعيم الدائم. قاله الفراء، وهو أحسن الأقوال، قاله القفال والزجاج. قوله: ﴿فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ﴾ . أي: بماء مندفق، وأنواع الأشربة اللذيذة على وجه الأرض من غير أخدود. قال الزمخشريُّ: يريد عيوناً في غاية الكثرة، كقوله تعالى: ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ﴾ [الانفطار: 5] . قوله: ﴿فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ﴾ ، أي: عالية في الهواء. ﴿وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ﴾ والأكواب: الكيزان التي لا عُرى لها، والإبريق: هو ما له عروةٌ وخرطوم، والكوب: ما ليس له عروةٌ وخرطوم. وقوله: ﴿مَّوْضُوعَةٌ﴾ أي: معدة لأهلها. وقيل: موضوعة على حافات العين الجارية. وقيل: موضوعة بين أيديهم لاستحسانهم إياها، لكونها من ذهب، وفضة، وجوهر، وتلذذهم بالشرب منها. وقيل: موضوعة عن حد الكبر، أي هي أوساط بين الصغر والكبر، كقوله تعالى: ﴿قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً﴾ [الإنسان: 16] . قوله: ﴿وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ﴾ ، النمارق جمع «نمرق» وهي الوسادة قالت: 5186 - أ - نَحْنُ بَناتُ طَارِقْ ... نَمْشِي عَلَى النَّمَارِقْ وقال الشاعر: 5186 - ب - كُهُولٌ وشُبَّانٌ حِسانٌ وجُوههُمْ ... عَلى سُررٍ مَصْفوفَةٍ ونَمارِقِ والنمرق والنمرقة: وسادةٌ صغيرة. والنمرق: بضم النون والراء وكسرهما لغتان؛ أشهرهما الأولى. قوله: ﴿وَزَرَابِيُّ﴾ : جمع «زَرْبيَّة» [بفتح الزاي وكسرها] لغتان مشهورتان، وهي البسط العراض. وقيل: ما له منها خملة. قال أبو عبيدة: «الزَّرَابِيُّ» : الطنافس التي لها خمل رقيق، واحدتها: زَرْبيّة. قال الكلبيُّ والفراءُ «» المَبْثُوثَة «: المبسوطة. وقال عكرمةُ: بعضها فوق بعض. وقال الفراء: كثيرة. وقال القتبي: متفرقة في المجالس. قال القرطبي: وهذا أصح، فهي كثيرة متفرقة، ومنه قوله تعالى: ﴿وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ﴾ [البقرة: 164] . وقال أبو بكر بنُ الأنباريِّ: وحدَّثنا أحمدُ بنُ الحُسينِ، قال: حدثنا حُسَيْنُ بنُ عرفةَ قال: حدثنا عمَّار بنُ محمدٍ، قال: صليت خلف منصور بنِ المعتمرِ، فقرأ: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغاشية﴾ وقرأ: ﴿وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ﴾ : متكئين فيها ناعمين.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب