لمَّا ذكر الوعيد أتْبَعَهُ بذكر الوعد، فقوله: «والَّذينَ آمَنُوا» مبتدأ، وفي خبره وجهان:
أحدهما: أنه الجملة من قوله: ﴿لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً﴾ ، وعلى هذا فلا بدّ من عائد وهو مقدَّرٌ، وتقديرُهُ، نفساً منهم.
والثاني: هو الجملة من قوله: «أولَئِكَ أصْحَابُ» ، وتكون هذه الجملة المنفيَّة معترضة بينهما، وهذا الوجه أعرب، وإنَّمَا حسن وقوع هذا الاعتراض بين المبتدأ والخبر؛ لأنَّهُ من جنس هذا الكلام؛ لأنَّهُ لمَّا ذكر عملهم الصالح ذكر أنَّ ذلك العمل في وسعهم، وغير خارج عن قدرتهم، وفيه تَنْبِيهٌ لكفار على أنَّ الجنَّة مع عظم محلِّها يوصل إليها بالعَمَل السَّهْلِ من غير تحمل الصعب.
* فصل في معنى قوله: «وسعها»
الوسعُ: ما يقدر الإنسان عليه في حال السِّعة والسُّهولة لا في حال الضّيق والشِّدَّة، ويدلُّ عليه قول معاذِ بْنِ جبلٍ في هذه الآية: إلا يسرها لا عسرها.
وأمَّا أقصى الطَّاقة فلا يسمَّى وسعاً، وغلط من قال: إن الوسع بذلك المجهود.
{"ayah":"وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَا نُكَلِّفُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۤ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِیهَا خَـٰلِدُونَ"}