الباحث القرآني
﴿أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ الله﴾ المفعول الأوَّل محذوف، تقديره: أرأيتم سَمْعَكُمْ وأبصاركم إن أخذنا اللَّهُ، والجملة الاسْتِفْهَامِيَّةُ في موضع الثاني، وقد تقدَّم أن أبا حيَّان يجعله من التَّنازُعِ، وجوابُ الشرط مَحْذُوفٌ على نحو ما مَرَّ.
وقال الحوفي: وحَرْفُ الشَّرْطِ وما اتَّصَلَ به في موضع نَصْبٍ على الحالِ، والعاملُ في الحالِ «أرأيتم» كقولك: «اضْرِبْهُ إن خرج» أي: خارجاً، وجواب الشَّرْطِ ما تقدَّم مما دَخَلَتْ عليه هَمْزَةُ الاستفهام وهذا إعرابٌ لا يَظْهَرُ.
ولم يُؤتَ هنا ب «كاف» الخطاب، وأتِيَ به هناك؛ لأن التَّهْديدَ هناك أعْظَمُ فَنَاسَبَ التأكيد بالإتيان ب «كاف» الخطاب ولمَّا لم يُءتَ بالكافِ وجَبَ بروز علامةِ الجَمْعِ في التاء لئلا يَلْتَبِسَ، ولو جيء معها بالكافِ لاسْتُغْنِيَ بها كما تقدَّمَ، وتوْحِيدُ السَّمْعِ، وجَمْعُ الأبصارِ مفهومق مما تقدَّم في «البقرة» .
قوله: «مَنْ إلهٌ» مبتدأ وخبر، و «مَنْ» استِفْهَامِيَّةٌ، و «غيرُ الله» صِفَةٌ ل «إله» و «يأتيكم» صِفَةٌ ثانية، و «الهاء» في «به» تعود على «سمعكم» .
وقيل: تعود على الجميع، ووُحِّد ذهَاباً به مذهب اسم الإشارةِ.
وقيل: تعود على الهدى المدلول عليه بالمعنى.
وقيل: يَعُودُ على المَأخُوذِ والمختُومِ المدلول عليهما والخَتْمِ، والاستفهامُ هنا للإنكارِ.
والجمهور: «بِهِ انظر» بكسر الهاء على الأصل، وروى المُسَيَّبي عن نافع «بهُ انظر» بضم الهاء [وهي لغةُ من يقرأ «فخسفنا بهو وبدارهُو الأرض» فحذف «الواو» لالتقاء الساكنين، فصارَ «به انظر» والباقون بكسرها.
وقرأ حمزة، والكسائي «يَصْدِفُونَ» بإشْمَامِ الزَّاين والباقون بالصاد.
* فصل في معنى الآية
قال ابنُ عبَّاسٍ: المعنى: أيُّها المشركونُ إنْ أخَذَ الله، أي: أذهب وانْتَزَعَ سَمْعَكُمْ وأبْصَارَكُمْ، وختم على قلوبكم، أي: طبع على قلوبكم فلم تَعْقِلِ الهُدَى.
وقيل: معناه: أزال عقولكم حتى تصيروا كالمَجَانين.
وقيل: المُرَادُ من هذا الخَتْمِ الأمانةن.
* فصل في إثبات الصانع
المرادُ من هذا الكلام الدِّلالةُ على وُجُودِ الصانع الحكيم المُخْتَار؛ لأ، أشْرَفَ أعضَاءِ الإنْسَانِ هو السَّمْعُ والبصر والقَلْبُ، والأذن محل القوة الساَّامعة، والعَيْنُ مَحَلُّ القوة البَاصِرَةِ، والقَلْبُ مَحَلُّ الحياة والعِلْمِ والعَقْلِ، فلوْ زالَتْ هذهِ الصِّفَات عن هذه الأعضاء اخْتَلَّ أمْرُ الإنسان، وبَطَلَتْ مَصَالِحُهُ في الدنيا والدِّين.
ومن المعلوم بالضرورة أن القَادِرَ على تحصيل هذه القُوَى فيها، وصونها عن الآفَاتِ ليس إلا الله تعالى، وإذا كان الأمْرُ كذلك كان المُنَعِمُ بهذه النعم العظيمة هو الله سُبْحَانَهُ وتعالى.
قوله: ﴿انظر كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيات﴾ .
«كيف» مَعْمُول ل «نُصرِّفُ» ونَصبُها: إمَّا على التَّشْبيه بالحالِ، او التشبيه بالظَّرْفِ، وهي مُعْلِّقةٌ ل «انظر» فهي في مَحَلِّ نصب بإسْقَاطِ حرفِ الجرِّ، وهذا ظاهرٌ مما تقدَّم.
و «نُصَرِّف» : نُبَيِّنُ، و «يَصْدِفُون» معناه: يُعْرِضُونَ، يقال: صَدَق عن الشيء صَدفاً وصدوفاً وصدافيةً، وصادَفْتُهُ مُصادفَةً أي: لقِيتُهُ عن إعْراضٍ من جهتِهِ.
قال عِدِيُّ بْنُ الرقَاعِ: [البسيط] 2177 - إذَا ذَكَرْنَ حَدِيثاً قُلْنَ أحْسَنَه ... ُ وهُنَّ كُلِّ سُوءِ يُتَّقَى صُدُفُ
«صُدُف» جمع «صَدُوف» ك «صُبُر» في جمع «صَبُور» .
وقيل: معنى «صَدَف» : «مال» ، مأخوذة من الصَّدَفِ في البعيرِ، وهو ان يميل خُفُّهُ من اليد إلى الرِّجْلِ من الجانب الوَحْشِيّ.
و «الصَّدَفُ» جمع «صَدَفَة» ، وهي المحَارَةُ التي تكون فيها الدُّرَّة.
قال: [البسيط]
2178 - وَزَادَهَا عَجَباً أنْ رُحْتُ فِي سُبُلٍ ... وَمَا دَرَتْ دَوَرَانَ الدُّرِّ في الصَّدَفِ
و «الصَّدَفُ» و «الصُّدُف» بفتح الصاد والداله ناحية الجَبَلِ المُرْتفعِ، وسأتي لهذا مزيدُ بيان.
* فصل في دفع شبهة للمعتزلة
قال الكعبي: دلَّت هذه الآية على أن اللَّه - تعالى - مَكَّنَهُمْ من الفَهْمِ، ولم يخلق فيهم الإعْرَاضَ والصَّدَّ، ولو كان تعالى هو الخَالِق للفكر فيهم لم يكن لهذا الكلامِ مَعْنَى.
واحْتَجَّ أهل السُّنَّةِ بعين هذه الآيَةِ قالوا: إنه - تعالى - بيَّن أنه بالغ في إظهار هذه الدلالة وفي تقريرها، وإزالة الشبهات عنها، ثم إنهم مع هذه المُبَالَغةِ القَاطِعَةِ للعُذْرِ ما زادوا إلاَّ تَمَادِياً في الكُفْرِ والعنادِ، وذلكَ يَدُلُّ على أن الهُدَى والإضْلالَ لا يحصلان إلاَّ بهذاية الله - تعالى - وإضْلالِهِ، فَدَلالَةُ الآية على قولنا أقوى من دَلالتهَا على قولهم.
{"ayah":"قُلۡ أَرَءَیۡتُمۡ إِنۡ أَخَذَ ٱللَّهُ سَمۡعَكُمۡ وَأَبۡصَـٰرَكُمۡ وَخَتَمَ عَلَىٰ قُلُوبِكُم مَّنۡ إِلَـٰهٌ غَیۡرُ ٱللَّهِ یَأۡتِیكُم بِهِۗ ٱنظُرۡ كَیۡفَ نُصَرِّفُ ٱلۡـَٔایَـٰتِ ثُمَّ هُمۡ یَصۡدِفُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق