الباحث القرآني
وهذا نوع ثَالِثٌ من أحْكَامِهم الفَاسِدةِ، وهو أنَّهُم قسموا أنْعَامهم اقْسَاماً: فأولها: قولهم: هذه أنْعَام وحرْثٌ حِجْر «لا يَطْعَمُها» .
قرا الجمهور «أنْعَام» بصِيغَة الجَمْعِ وأبان بن عثمان «نَعَمٌ» بالإفْرَاد، وهو قَرِيبٌ لأن اسْم الجِنْس يقُوم مقام الجَمْعِ، وقرأ الجمهور: «حِجْر» بكسر الحاء المهملة وسكون الجيم.
وقرأ الحسن وقتادة والأعْرَج: بضم الحَاءِ وسُكُون الجيم.
ونقل عن الحسن وقتادة أيضاً: فتح الحضاءِ وسكن الجيم، ونقل عن أبان بن عُثْمَان: ضمُّ الحاء الجيم معاً.
وقال هَارُون: كان الحسن يَضُمَّ الحاء من «حِجْر» حيث وقع في القُرْآن إلاَّ موضعاً واحداً [وهو] : ﴿وَحِجْراً مَّحْجُوراً﴾ [الفرقان: 53]
والحاصل: أن هذه المادَّة تدل على المَنْع والحَصْر؛ ومنه: فلان في حِجْر القَاضِي أي: في مَنْعِه، وفي حِجْري، أي: ما يَمْنَع من الثُّوْاب أن ينْفَلِت منه شَيْءٌ، وقد تقدم تَحْقِيق ذلك في النِّسَاء.
فقوله: «وحَرْث حِجْر» أي: مَمْنُوع ف «فِعْل» بمعنى مَفْعُول؛ كالذَّبْح والنَّطْح بمعنى مَذْبُوح ومَنْطُوح.
فإن قيل: قد تقدَّم شيئان: وهما أنْعَام وحَرْث، وجيء بالصَّفَة مفردة.
فالجواب: أنه في الأصْل يُذكَّر ويُوحَّد مطلقاً.
قال الزَّمَخْشَري: «ويستوي في الوَصْف به المذكَّر والمؤنَّث والواحد والجمع؛ لأن حكمه حكم الأسْمَاء غير الصِّفاتِ» يعني بكونه حُكْمُه حكم الأسْمَاء: انه في الأصْل مصْدَر لا صِفَة، فالاسم هنا يُرَادُ به المَصْدَر، وهومُقَابِلُ الصِّفة.
وأما بقية القراءات: فقال أبُو البقاء: «إنها لُغَاتٌ في الكَلِمَةِ» وفسر معناها بالممْنُوع.
قال شهاب الدين: ويجوز أن يكُون المَضْمُوم الحاء والجيم مَصْدراً، وقد جاء من المصادر للثُّلاثي ما هُو عل وَزْن «فُعُل» بضمِّ الفاء والعَيْن، نحو حُلُم، ويجُوز أن يكون جَمْع «حَجْر» بفتح الحاءِ وسكون الجيم، و «فُعُل» قد جاء قَلِيلاً جمعاً «لفَعْل» نحو: سَقْف وسُقُف، ورَهْن ورُهُن، وأن يكون جَمْعاً ل «فِعْل» بكسر الفاء، و «فُعُل» أيضاً قد جَاء جمعاً «لفِعْل» بكسر الفاءِ وسُكُون العين، حو: حِدْج وحُدُج، وأما حُجْر بضمِّ الحاء وسُكُون الجيم: فهو مخَفَّفٌ من المضمُمة، فيجوز أن يكُون وأن يكون جَمْعاً لحَجْر أو حِجْر.
وقرأ أبَيّ بن كَعْب، وعبد الله بن العبَّاس، وعبد الله بن مسعود، وعبد اللَّه بن الزُّبَيْر، وعِكْرِمَة، وعمرو بن دِينَار، والأعمش: حِرج بكسْر الحاَء وراء سَاكِنَة مقدَّمة على الجيم، وفيها تأويلان:
أحدهما: أنَّهَا من مادة الحَرَج وهُو التَّضْييق.
قال أبو البقاء: واصلُه «حَرِج» بفتح الحاء وكسر الراء، ولكنه خُفِّف ونُقِل؛ مثل فَخْذ في فَخِذ.
قال شهاب الدِّين: ولا حَاجَة إلى ادِّعاء ذلك، بل هذا جَاءَ بطَريق الأصَالة على وَزْن فِعْل.
والثاني: أنه مَقْلُوب من حجر، قُدِّمَتْ لامُ الكَلِمَة على عَيْنها، ووزنه «فِلْع» ؛ كقولهم: نَاء في نَأى، ومعيق في عَمِيق، والقَلْب قليل في لسانهم، وقد قدَّمت منه جُمْلَة في المائدة عند قوله - تبارك وتعالى -: ﴿أَشْيَآءَ﴾ [المائدة: 101] .
قوله: «لا يَطْعَهُما إلى مَنْ نَشَاءُ» هذه الجُمْلَة في محلِّ رفْع نَعْتًا ل «أنعام» وصفٌوه بوَصْفَيْن:
أحدهما: أنه حِجْرٌ.
والثاني: أنه لا يَأكُلُه إلا من شَاءُوا وهم الرِّجال دُون النِّساء، أو سَدَنه الأصْنَام.
قال مُجَاهد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -: يعني بالأنْعَام: البَحِيرة والسَّائِبَة والوصِيلَة والحَامِي، لا يَطْعَمُهَا ولا يأكُلها إلا الرِّجَال دُون النِّساء.
وقال غيره: الأنْعام ما جَعَلُوها للَّه ولآلهتهم على ما تقدم [ «ومَنْ نَشَاءُ» فاعل ب «يَطْعَمُهَا» وهو استِثْنَاء مفرَّغ، و «بزعمهم» : حالٌ كما تقدَّم] في نظيره.
قوله: «وأنْعَامٌ حُرِّمتْ ظُهُورُهَا» وهي البَحَائِر والسَّوائب والحَوَامِي، وهذا هو القَسْم الثَّاني وقد تقدَّم في المَائِدةَ، والقسم الثالث: أنعام لا يَذْكُرُون اسْم اللَّه عليها بالذَّبْح، وإنما يَذْكُرُون عليها اسْمَاء الأصْنَام.
وقيل: لا يَحُجُّون عليها، ولا يُلَبُون على ظُهُورهِا، ولا يَرْكَبُونها لفعل الخَيْرِ؛ لأنه لما جرت العادة بِذِكْر اسْم اللَّه على فِعْل الخَيْر.
قوله: «افْتِرَاءٌ» فيه أربعة أوجه: أحدها - وهو مذهب سيبويه -: أنه مَفْعُول من أجْلِه، أيك قالوا ما تقدَّم لأجْل الافْتِرَاء على البَاري - تبارك وتعالى - أي: يزْعُمُون أن الله أمِرهُم به افْتِرَاء عليه.
الثاني: مَصْدر على غير الصَّدْر؛ لأن قَوْلَهُم المحْكي عنهم افْتِرَاءن فهو نَظير «قَعَد القُرْفُضَاء» وهو قول الزَّجَّاج.
الثالث: أنه مصدر عامله من لَفْظِه مُقَدَّر، أي: افْتَروا ذلك افْتِرَاء.
الرابع: أنه مَصْدَر في موضع الحالِ، أي: قالوا ذلك حَال افْتِرَائهم، وهي تُشْبِه الحال المؤكِّدة؛ لأن هذا القَوْل المَخْصُوص لا يَكُون قَائِلُه إلا مُفْتَرِياً.
وقوله: «عَلَى اللَّه» يجوز تعلُّقه ب «افْتِرَاءً» على القول الأوَّل والرَّابع، وعلى الثاني والثَّالث ب «قالوا» لا ب «افْتِرَاءً» ؛ لأن المصدر المؤكد لا يَعْمَل، ويجُوز ان يتعلَّق بمحذُوف صِفَة ل «افْتِراءً» وهذا جَائِزٌ على كل الأقوالِ.
قوله: ﴿سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ﴾ والمقصود منه الوعيد، و «الباء» في قوله: «بِمَا» سببيّة، و «مَا» مَصْدَريَّة، أو موصُوفة، أو بمَعْنَى الَّذِي.
{"ayah":"وَقَالُوا۟ هَـٰذِهِۦۤ أَنۡعَـٰمࣱ وَحَرۡثٌ حِجۡرࣱ لَّا یَطۡعَمُهَاۤ إِلَّا مَن نَّشَاۤءُ بِزَعۡمِهِمۡ وَأَنۡعَـٰمٌ حُرِّمَتۡ ظُهُورُهَا وَأَنۡعَـٰمࣱ لَّا یَذۡكُرُونَ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَیۡهَا ٱفۡتِرَاۤءً عَلَیۡهِۚ سَیَجۡزِیهِم بِمَا كَانُوا۟ یَفۡتَرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











