قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ﴾ قرأ ابنُ وثابٍ والأعمش: «قَالَ» فعلاً ماضياً خبراً عن الرسول. والرسم يحتملهُما. وقد تقدم مثل هذا في الأنبياء وآخر المؤمنين. وقرأ الأعمشُ والنَّخعيُّ يوحي بكسر الحاء؟؛ أي الله تعالى، والمعنى إنَّما أنا بشر مثلكم أي كواحد منكم لولا الوحيُ ما دعوتكم ﴿أَنَّمَآ إلهكم إله وَاحِدٌ﴾ قال الحسن رَضِيَ اللَّهُ عَنْه عَلَّمَهُ الله التواضع.
قوله: ﴿فاستقيموا إِلَيْهِ﴾ عُدِّي بإلى؛ لتضمنه معنى توجَّهُوا والمعنى وجِّهُوا استقامتكم إليه بالطاعنة ولا تَمِيلوا عن سبيله «واستغفروه» من ذنوبكم.
قوله: ﴿وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ الذين لاَ يُؤْتُونَ الزكاة﴾ قال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما: الذي لا يقولون لا إله إلا الله، وهي زكاة الأنفس. والمعنى لا يُطَهِّرون أنفسهم من الشِّرك بالتوحيد، وهو مأخوذ من قوله: «وَنَفٍْ ومَا زَكَّاهَا» . وقال الحسن وقتادة: لا يقرِّون بالزكاة ولا يرون إيتاءَها واجباً. وكان يقال: الزكاة قَنْطَرَةُ الإسلام، فمن قطعها نجا، ومن تخلف عنها هلك. وقال الضحاك ومقاتل: لا يُنفِقُون في الطاعة ولا يتصدقون، وقال مجاهد: لا يزكون أعمالهم ﴿وَهُمْ بالآخرة هُمْ كَافِرُونَ﴾ .
فصل
احتج من قال: إن الكفار مخاطبُون بفروع الإسلام بهذه الآية، فقالوا: إنه تعالى توعدهم بأمرين:
أحدهما: كونهم مشركين.
والثاني: لا يؤتون الزكاة، فوجب أن يكون لكل واحد من هذين تأثير عظيم في حق وصول الوعيد، وذلك يدل على أن لعدم ايتاء الزكاة من المشرك تأثير عظيم في زيادة الوعيد وهو المطلوب.
فصل
احتج بعضهم على أن مانع الزكاة كافر بهذه الآية فقال: إن الله تعالى لما ذكر هذه الصفة ذكر قبلها ما يوجب الكفر وهو قوله: «وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ» وذكر بعدها ما يوجب الكفر وهو قوله: ﴿وَهُمْ بالآخرة هُمْ كَافِرُونَ﴾ فلو لم يكن منع الزكاة كفراً لكان ذكره فيما بين الصفتين الموجبتين للكفر قبيحاً؛ لأن الكلام إنما يكون فصيحاً إذا كانت المناسبة مرعيةً بين أجزائه، ثم أكدوا ذلك بأن أبا بكر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْه حكم بكفر مانعي الزكاة. قال ابن الخطيب: والجواب أنه ثبت بالدليل أن الإيمان عبارة عن التصديق بالقلب، والإقرار باللسان، وهما حاصلان عند عدم إيتاء الزكاة، فلم يلزم حُصُول الكفر بسبب عدم إيتاء الزكاة والله أعلم.
قوله: ﴿إِنَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ قال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما غير مقطوع، من قولك: مننتُ الحبلَ أي قطعتُهُ، ومنه قولهم: «قَد مَنَّهُ السَّفرَ» أي قطعه وأنشدوا:
4352 - فَضْلَ الجَوَادِ على الخَيْلِ البِطَاءِ فَلاَ ... يُعْطِي بذلك مَمْنُوناً وَلاَ نَزِقَا
وقال مقاتل: غير منقوص، ومنه المنون لأنه ينقص منة الإنسان وقوته، وأنشدوا لذي الإصبع العُدواني:
4353 - إنِّي لَعَمْرُكَ مَا بَابِي بِذِي غَلَقٍ ... على الصَّدِيقِ ولا خَيرِي بِمَمْنُونِ
وقيل: غير ممنون به عليهم؛ لأن عطاء الله لا يُمَنُّ به إنما يَمُنُّ المخلوق. وقال مجاهد: غير محسوب وقال السُّدِّيّ: نزلت هذه الآية في المَرْضَى والزَّمنى والهَزْمَى إذا عجزوا عن الطاعة يكتبه لهم الأجرُ كأصح ما كانوا يعلمون فيه.
روي عن عبد الله بن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «إن العبد إذا كان على طريقة حسنة من العبادة ثم مَرِضَ، قيل للملك الموكل به: اكتُبْ له مثل علمه إذا كان طليقاً حتى أطلقه أو أكفته إليَّ» .
قوله تعالى: ﴿قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بالذي خَلَقَ الأرض فِي يَوْمَيْنِ﴾ الآية قرأ ابنُ كثير أينكم لتكفرون بهمزة وبعدها ياء محققة ساكنة بلا مد والباقون ممدوداً مشدد النون. وهو استفهام بمعنى الإنكار، أي كيف تكفرون بالله، وكيف يجوز جعل هذه الأنداد الخسيسة أنداداً لله مع أنه تعالى خلق الأرض في يومين، وهما يوم الأحد ويوم الاثنين، وتمم بقية مصالحها في يومين آخرين وخلق السموات بأسرها في يومين آخرين، فمن قدر على خلق هذه الأشياء العظيمة كيف يعقل الكفر به، وإنكار قدرته على الحَشْر والنَّشر؟
فإن قيل: مَن استدل بشيء على إثبات شيء فذلك الشيء المستدل به يجب أن يكون مسلماً عند الخصم حتى يصح الاستدلال به، وكونه تعالى خالقاً للأرض في يومين أمر لا يمكن إثباته بالعقل المحض إنا يمكن إثباته بالسمع ووحي الأنبياء والكفار كانوا منازعين في الوحي والنبوة، فلا يعقل تقرير المقدمة عليهم، وإذا امتنع تقريرها عليهم امتنع الاستدلال بها على فساد مذاهبهم.
فالجواب: إثبات كون السموات والأرض مخلوقةً بالعقل مُمكنٌ، وإذا أمكن ذلك أمن الاستدلال به على وجود الإله القادر القاهر العظيم. وحنيئذ يقال: الكافر كيف يعقل التسوية بين الإله الموصوف بهذه القدرة القادرة وبين الصَّنم الذي هوة جمادٌ لا يضرُّ ولا ينفع في المعبودية والإلهية؟ بقي أن يقال: فحينئذ لا يبقى في الاستدلال بكونه تعالى خالقاً للأرض في يومين أثر. قال ابن الخطيب: بل له أثر في هذا الباب، وذلك أن التورية مشتملة على هذا المعنى، فكان ذلك في غاية الشهرة بين أهل الكتاب فكفار مكة كانوا يتعقدون في أهل الكتاب أنهم أصحاب العلوم، والظاهر أنهم كانوا قد سمعوا من أهل الكتاب هذه المعاني فاعتقدوا كونها حقاً، وإذا كان الأمر كذلك حَسن أن يقال لهم: إن الإله الموصوفَ بالقدرة على خلق هذه الأشياء العظيمة في هذه المدة اللطيفة كيف يليق بالعقل جع الخشب المنجور والحجر المنحوت شريكاً له في المعبودية والإليهة؟! فبهذا التقدير حسن الاستدلال.
قوله: «وَتَجْعَلُونَ لَهُ» عطف على «لَتَكْفُرُونَ» فهو داخل في حيز الاستفهام وقوله: ﴿ذَلِكَ رَبُّ العالمين﴾ أي ذلك الموجود الذي علمتَ من صفته وقدرته أن خلق الأرض في يومين (هو رب العالمين وخالقهم ومبدعهم فكيف أثبتهم له أنداداً من الخشب والحجر؟ ثمإنه تعالى لما أخبر عن كونه خالقاً للأرض في يومين) ثم أخبر أنه أتى بثلاثة أنواعٍ من الصُّنع العجيب والفعل البديع بعد ذلك، فالأول قوله: ﴿وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ﴾ وهذا مستأنف ولا يجوز عطفه على صلة الموصول، للفصل بينهما بأجنبي، وهو قوله: «وَتَجْعَلُونَ» فإنه معطوف على قوله: «لتكفرون» كما تقدم.
والمراد بالرواسي الجبال.
فإن قيل: ما الفائدة في قوله: «من فوقها» ولم يقتصر على قوله ﴿وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ﴾ كما اقتصر على قوله ﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ﴾ [المرسلات: 27] وقوله ﴿وَجَعَلْنَا فِي الأرض رَوَاسِيَ﴾ [الأنبياء: 31] وقوله: ﴿وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ﴾ [الرعد: 3] .
فالجواب: أ، هـ تعالى لو جعل فيها رواسي من تحتها لأوهم ذلك أن تلك الأساطين التَّحتانيَّة هي التي أمسكت هذه الأرض الثقيلة عن النزول، ولكنه تعالى قال: خُلِقَتْ هذه الجبال الثقال فوق الأرض ليرى الإنسان بعينه أنَّ الأرض والجبال أثقالٌ وكلها مفتقرة إلى مُمْسِكٍ وحافظٍ وما ذاك الحافظ المدبِّر إلا الله سبحانه وتعالى.
النوع الثاني: قوله «وَبَارَكَ فِيهَا» أي في الأرض بما خلق من البحار والأنهار والأشجار والثمار. قال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما: يريد شقَّ الأنهار، وخلق الجبال خلق الأشجار والنار، وخلق الجبال وخلق الأشجار والنار، وخلق أصناف الحيوانات، وكل ما يحتاج إليه من الخيرات.
النوع الثالث: قوله ﴿وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا﴾ قيل: المعنى وقدر فيها أقوات أهلِها ومعايشهم ما يصلحهم وقال محمد بن كعب: قدر أقوات الأبدان قبل أن يخلق الأبدان. وقال مجاهد: وقدر فيها أقواتها من المطر. وعلى هذا فالأقوات للأرض لا للسكان، والمعنى أن الله عزَّ وجلَّ قدر لكل أرض حظَّها من المطر. وقيل المراد من إضافة القُوت إلى الأرض كونها متولدة في تلك الأرض وحادثة فيها؛ لأن النحاة قالوا في حسن الإضافة أدنى سبب فالشيء قد يضاف إلى فاعله تارة، وإلى محله أخرى، فقوله «وقدر فيها أقواتها» أي قدر الأقوات التي يختص حدوثها بها، وذلك لأنه تعالى جعل كل بلدة معدناً لنوع آخر من الأشياء المطلوبة بمعنى أن أهل هذه البلدة يحتاجون إلى الأشياء المتولدة في ذلك البلد وبالعكس فصار هذا المعنى سبباً لرغبة الناس في التجارات واكتساب الأموال.
قوله: ﴿في أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ﴾ تقديره: في تَمَام أَرْبَعَةِ أيام باليَوْمَيْنِ المقتدمين. قال الزجاج: في تتمَّة أربعة أيام، يريد بالتتمة اليومين. وقال الزمخشري: في أربعة أيام فلذلك المدة خلق الله الأرض وما فيها كأنه قال: كل ذلك في أربعة أيام كاملة مستويةً بلا زيادة ولا نُقصانٍ.
قال شهاب الدين: وهذا كقولك: بَنَيْتُ بيتي في يوم وأكملته في يومين أي بالأول. وقال أبو البقاء: أي في تمام أربعة أيام، ولولا هذا التقدير لكانت الأثام ثمانيةً يومان في الأول، وهو قوله: ﴿خَلَقَ الأرض فِي يَوْمَيْنِ﴾ ويومانِ في الآخر وهو قوله ﴿سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ﴾ وأربعةُ في الوَسَطِ وهو قوله ﴿في أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ﴾ .
فإن قيل: إنه تعالى لما ذكر خلق الأرض في يومين، فلو ذكر أنه خلق هذه الأنواع الثلاثة الباقية في يومين آخرين كان أبعدَ عن الشُّبهة وعن الغلط فَلِمَ تَرَك التصريح وذكر الكلام المجمل؟
فالجواب: أن قوله «في أربعة أيام سواء» فيه فائدة زائدة على ما إذا قال: خلقت هذه الثلاثة في يومين؛ لأنه لو قال: خلقت هذه الأشياء في يومين لم يُفِدْ هذا الكلام كون اليومين مُستغرقين بتلك الأعمال؛ لأنه قد يقال: عملتُ هذا العمل في يومين مع أن اليومين ما كانا مستغرقين بذلك العمل، أمَّا لما ذكر خلق الأرض، ونخلق هذه الأشياء ثم قال: في أربعة أيام سواء دلَّ على أن هذه الأيام الأربعة صارت مستغرقةً في تلك الأعمال من غير زيادة ولا نُقصانٍ.
قوله: «سواء» العامة عل النصب، وفيه أوجه:
أحدها: أنه منصوب على المصدر بفعل مقدر، أي استوت قاله مكي وأبو البقاء.
الثاني: أنه حال من «ها» في أقواتها، أو من «ها» في «فيها» العائدة على الأرض أو من الأرض قاله أبو البقاء وفيه نظر لأن المعنى إنما هو وصف الأيام بأنها سواء، لا وصف الأرض بذلك وعلى هذا جاء التفسير.
ويدل على ذلك قراءة سَواءٍ بالجر صفة للمضاف، أو المضاف إليه، وقال قتادةُ والسُّدي سواء معناها سواء لمن سِأل عن الأمر، واستفهم عن حقيقة وقوعه وأراد العبرة فيه فإنه يجده كما قال تعالى. إلا أن ابن زيد وجماعةً قالوا شيئاً يَقْرُبُ من المعنى الذي ذكره أبو البقاء فإنهم قالوا معناه مستوٍ مهيَّأ أمر هذه المخلوقات ونفعها للمحتاجين إليها من البشر، فعبر بالسائلين عن الظالبين. وقرأ زيدُ بنُ علي والحسنُ وابنُ أبي إسحاق وعيسى ويعقوبُ وعمرُو بن عُبيدٍ: سَواءٍ بالخفض على ما تقدم. وأبو جعفر بالرفع وفيه وجهان:
أحدهما: أنه على خبر ابتداء مضمر، أي هي سواء، لا يزيدُ ولا يَنقُصُ، وقال مكِّي: هو مرفوع بالابتداء وخبره للسائلين؛ وفيه نظر، من حيث الابتداء بنكرة من غير مُسوَّغ. ثم قال: بمعنى مستويات لمن سأل فقال: في كَمْ خلقت؟ وقيل: للسائلين لجميع السائلين لأنهم يسألون الرزق وغيره من عند الله تعالى.
قوله «للسائلين» فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه متعلق بسَوَاء بمعنى مستويات للسائلين.
الثاني: أنه متعلق بقدَّر، أي قدر فيها أقواتها لأجل الطالبين لها المحتاجين المقتاتين.
الثالث: أن يتعلق بمحذوف، كأنه قيل: هذا الحصر لأجل من سأل: في كم خلقت الأرض وما فيها؟ .
قوله (تعالى) : ﴿ثُمَّ استوى إِلَى السمآء وَهِيَ دُخَانٌ﴾ أي عمد إلى خلق السماء. وقال ابن الخطيب: من قولهم: استوى إلى مكان كذا إذا توجَّه إليه توجُّهاً لا يلتفتُ معه إلى عمل آخر وهو من الاستواء الذي هو ضد الاعوجاج. ونظيره قولهم: استقام إليه وامتدَّ إليه، قال تعالى: ﴿استقيموا إِلَيْهِ﴾ [فصلت: 6] والمعنى: ثم دعاه داعي الحكمة إلى خلق السموات بعد خلق الأرض ما فيها من صارفٍ يصرفُهُ عن ذلك. والدُّخان: هو ما ارتفع عن لهب النار. ويستعار لما يرى من بُخار الأرض عند جدبها وقياس جمعة في القلة أَدْخِنَةٌ وفي الكثرة دُخْيَان، نحو: غُرابٍ وأغربة وغِرْبَانٍ وشذوا في جمعه على: دَوَاخِن، قيل: هو جمع داخِنةٍ تقديراً على سبيل الإسناد المجازيّ، ومثله عثانٌ وعواثِن.
وقوله: و «هِيَ» دُخَان «من باب التشبيه الصُّوري؛ لأن صورتها صورة الدُّخانِ في رأي العين.
فصل
قال المفسريون: هذا الدخان بُخار الماء وذلك أن عرش الرحمن كان على الماء قبل خقل السموات والأرض، كما قال تعالى: ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المآء﴾ [هود: 7] .
ثم إن الله تعالى أحدث في ذلك الماء اضطراباً فأزْبَدَ وارتفع، وخرج منه دُخانٌ فأما الزَّبدُ فبقي على وجه الماء فخلق منه اليبوسة وأحدثَ منه الأرض، وأما الدخان فارتفع وعلا فخلق منه السَّموات.
فإن قيل: قوله تعالى ﴿ثم استوى إلى السماء وهي دخان﴾ يُشعر بأن تخليق السماء حصل بعد تخليق الأرض، وقوله تعالى ﴿والأرض بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا﴾ [النازعات: 30] يشعر بأن تخليص الأرض حصل بعد تخليق السماء وذلك يوجب التناقض!
فالجواب: المشهور أن يقال: إنه تعالى خلق الأرض أولاً، ثم خَلَقَ بعنده السماء، ثم بعد أن خَلَقَ السماء دحى الأرض، وبهذه الطريق يزول التناقض. قال ابن الخطيب: وهذا الجواب عندي مُشكِلٌ من وجوه:
الأول: أنه تعالى خَلَقَ الأرض في يومين، ثم إنه في اليوم الثالث جعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها، وهذه الأحوال لا يمكن إدخالها في الوجود، إلا بعد أن صارت الأرض منبسطة ثم إنه تعالى قال بعد ذلك: ﴿ثُمَّ استوى إِلَى السمآء﴾ فهذا يقتضي أنه تعالى خلق السماء بعد خلق الأرض، وبعد أن جعلها مدحُوَّةً وحينئذ يعود السؤال.
الثاني: أنه ورد أنَّ الدلائل الهندسية دلَّت على أن الأرض كرةٌ في أول حدوثها إن قلنا: إنها كرة، والآن بقيتْ كرة أيضاً فهي منذ خقلت كأنها مدحُوَّةٌ، وإن قلنا: إنها غير كرة ثم جعلت كرة فيلزم أن يقال: إنها كانت مدحُوَّةً قبل ذلك، ثم أزيل عنها هذه الصفة وذلك باطل.
الثالث: أن الأرض جسمٌ في غاية العِظم والجسم الذي يكون كذلك فإنه من أول دخوله في الوجود يكون مدحوَّا، فالقول بأنها كانت غير مدحوةٍ ثم صارت مدحوة قولٌ باطل.
والذي جاء في كتب التواريخ أن الأرض خلقت من موضع الصّخرة ببيت المقدس فهو كلام مشكل لأنه إذا كان المراد أنها على عظمها خلقت من ذلك الموضع ثم خلق بقيةُ أجزائها، وأضيفت إلى تلك الأجزاء التي خلقت أولاً فهذا يكون اعترافاً بأن تخليق الأرض وقع متأخراً عن تخليق السماء.
الرابع: أنه لما حصل تخليق ذات الأرض في يومين، وتخليق سائر الأشياء الموجودة في الأرض في يومين وتخليق السموات في يومين آخرين كان مجموع ذلك ستة أيام، فإذا حصل دَحْوُ الأرض بعد ذلك فقد حصل هذال الدحو في زمانٍ آخر بعد الأيام الستة فحينئذ يقع تخليق السموات والأرض في أكثر من ستة أيام وذلك باطل.
الخامس: أنه لا نزاع في أن قوله تعالى بعد هذه الآية: ﴿فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائتيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً﴾ كناية عن إيجاد السموات والأرض، فلو تقدم إيجاد السمات لكان قوله تعالى: ﴿ائتيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً﴾ يقتضي إيجاد الموجودات انه محال باطل. هذا تمام البحث عن هذا المبحث.
ونقل الواحدي في البسيط عن مقاتل أنه قال: خلق السماء قبل الأرض، وتأول قوله: ﴿ثمَّ استوى إلى السماء﴾ ثم كان قد استوى إلى السماء وهي دُخان قبل أن يخلق الأرض، فأضمر فيه كما قال تعالى: ﴿قالوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ﴾ [يوسف: 77] معناه إن يكن سرق، وقال تعالى: ﴿وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَآءَهَا بَأْسُنَا﴾ [الأعراف: 4] (والمعنى) فكان قد جاءها، هذا ما نقله الواحدي قال ابن الخطيب وهذا عندي ضعيف، لأن تقدير الكلام ثُمَّ كان قد استوى إلى السماء. هذا جمعين الضدين لأن كلمة «ثُمَّ» تقتضي التأخير، وكلمة «كان» تقتضي التقديم، والجمع بينهما يفيد التناقض، وإنما يجوز تأويل كلام الله بما لا يؤدي إلى وقوع التناقض والركاكة فيه. والمختار عندي إن يُقال: خلق السماء مقدم على خلق الأرض، وتأويل الآية أن يقال: الخلق ليس عبارةً عن التكموين والإيجاد، والدليل عليه قوله تعالى: ﴿إِنَّ مَثَلَ عيسى عِندَ الله كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾ [آل عمران: 59] فلو كان الخلق عبارةً عن الإيجاد والتكوين لصار تقدير الآية أوجدضهُ من تراب، ثم قال له كن فيكون وهذا محال فثبت أن الخلق ليس عبارةً عن الإيجاد والتكوين، بل هو عبارة عن التقدير، والتقدير في حق الله هو كلمته بأن سيُوجدُهُ. وإذال ثبت هذا فنقول قوله: خلق الأرض في يومين معناه أنه قضى بحدوثِهِ في يومين، وقضاء الله أنه سيحدث كذا في مدة كذا لا يقتضي حدوث ذلك الشيء في الحال فَقَضَاءُ الله بحُدُوثِ الأرض في يومين قد تقدم على إحداثِ السَّماء وحينئذ يزول السؤال.
قوله: ﴿ثُمَّ استوى إِلَى السمآء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائتيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ﴾ . وقرأ العامة «ائتيا» أمراً من الإتيان «قَالَتَا أَتَيْنَا» منه أيضاً. وقرأ ابن عباس وابن جبيرٍ ومجاهدٌ «آتِيا» قَالَتَا آتينا بالمد فيهما وفيه وجهان:
أحدهما: من المؤاتاة وهي المُوافقة، أي ليوافق كل منكما الأخرى لما يليق بها.
وإليه ذهب الرازي والزَّمخشريُّ، فوزن «آتِيَا» فاعلا، كقاتِلا، و «آتيْنَا» وزنه فاعلنا كقاتلنا.
والثاني: أنه من الإيتاء بمعنى الإعطاء، فوزن «آتِيَا» أفْعِلاَ كأكرما، ووزن «آتينا» أَفْعَلْنَا كأَكْرَمْنَا. فعلى الأول يكون قد حذف مفعولاً، وعلى الثاني قد حذف معفولين؛ إذ التقدير أعطيا الطاعة من أنفسكما مَنْ أمركما، قالتا أَعطيناهُ الطاعة. وقد منع أبو الفضل الرازي الوجه الثاني فقال: آتينا بالمَدِّ على فاعلنا من المؤاتاة بمعنى سارعنا، على حذف المعفول به، ولا يكون من الإيتاء الذي هو الإعطاء لبعد حذف مفعوليه.
قال شهاب الدين: وهذا هو الذي منع الزمخشري أن يجعله من الإتياء. قوله: ﴿طَوْعاً أَوْ كَرْهاً﴾ مصدران في موضع الحال، أي طائعتين أو مُكْرهتين.
وقرأ الأعمش «كُرْهاً» بالضم، وتقدم الكلام على ذلك في النساء. وقله: « قَالَتَا: أي قالت السماءُ والأرض، وقال ابن عطية: (رحمة الله عليه) أراد الفرقتين المذكورتين، جعل السموات سماءً والأرضين أرضاً كقوله:
4354 - أَلَمْ يحْزُنْكَ أَنَّ حِبَالَ قَوْمِي ... وَقَوْمِكَ قَدْ تَبَاينتا انقِطَاعاَ
عبر عنهما «بتَبَايَنَتَا» . قال أبو حيان وليس كما ذكر لأنه لم يتقدم إلا ذكر الأرض مفردة والسماء مفردة فلذلك حسن التعبير بالتثنية.
وأما البيت فكأنه قال: حَبْلَي قَوْمِي وَقَوْمِكَ، وأنث في تَبَايَنَتَا على المعنى؛ لأنه عنى بالحبال المودة. قوله: «طَائِعِينَ» في مجيئه مجيء جمع المذكورين العقلاء وجهان:
أحدهما: أن المراد يأتينا من فيهما من العقلاء وغيرهم، فلذلك غلَّب العقلاء على غيرهم، وهو رأي الكسائيِّ.
والثاني: أنه لما عاملهم معاملة العقلاء في الإخبار عنهما، والأمر لهما جمعهما كجمعهم، كقوله: ﴿رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ [يوسف: 4] وهل هذه المحاورة حقيقة أو مجازاً وإذا كانت مجازاً فهل هو تمثيلٌ أو تخييلٌ؟ . خلاف.
فصل
ظاهر هذا الكلام يقتضي أن الله تعالى أمر السماء والأرض بالإيمان فأطاعُوهُ وهذا ليس بمستبعد كما أن الله تعالى أنطقَ الجبالَ مع داود عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ فقال: ﴿ياجبال أَوِّبِي مَعَهُ والطير﴾ [سبأ: 10] وأنطق الأيدي والأرجل، فقال: ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ [النور: 24] وقوله: ﴿وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قالوا أَنطَقَنَا الله الذي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [فصلت: 21] ٍ وإذا كان كذلك فكيف يستبعدُ أن يخلقَ الله تعالى في ذات السموات والأرض حياةً وعقلاً ثم يوجه التكليف عليهما؟ ويؤكد هذا وجوه:
الأول: أن الأصل حمل اللفظ على ظاهره، إلا إن منع منه مانع، فههنا لا مانع.
الثاني: أنه تعالى جمعهما جمع العقلاء فقال: ﴿قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ﴾ .
الثالث: قوله: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الأمانة عَلَى السماوات والأرض والجبال فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا﴾ [الأحزاب: 72] وهذا يدل على كونها عارفة بالله، عالمة بتوجه تكليف الله تعالى.
وأجاب ابن الخطيب عن هذا القول: بأن المراد من قوله ﴿1649;ئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً﴾ الإثبات الى الوجود والحدوث والحصول، فعلى هذا التقدير فحال توجه هذا الأمر كانت السموات والأرض معدومة، إذ لو كانت موجودةً فذلك لا يجوز، فثبت أن حال توجه هذا الأمر عليها كانت معدومة، وإذا كانت معدومة لم تكن فاهمة، ولا عارفة للخطاب، فلم يَجُزْ توجُّه الأمر عليها.
فصل
روى مجاهدٌ وطاوس عن ابن عباس أنه قال: قال الله للسموات والأرض أخرجا ما فيكما من المنافع ومصالح العباد، أما أنتِ يا سماءُ فأطعلي شَمْسَكِ وقَمَركِ ونُجُومكِ، وأنت يا أرض فشقَّقي أنهارك وأخرجي ثمارك ونباتكِ، وقال لهما: افعلا ما آمركما طوعاً، وإلا ألجأتكما إلى ذلك (حتى) تفعلا فنقول: فعلى هذا التقدير لا يكون المراد من قوله: أتينا طائعين حدوثهما في ذاتهما، بل يصيرُ المراد من هذا الأمر أن يظهرا ما كان مودعاً فيهما، وهذا باطل؛ لأنه تعالى قال: ﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ﴾ وذلك يدعل على حُدُوثَ السماء إنما حصل بعد قوله: ﴿1649;ئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً﴾ .
فصل
اعلم أن المقصود من هذا الكلام إظهار كمال القدرة، والتقدير ائتيا ذلك أو أَبَيْتُما كما يقول الجبار لمن تحت يده: لتفعلن هذا شِئْتَ أو أبيتَ، ولَتَفْعَلُنَّهُ طَوْعاً أو كَرهاً.
وقيل: إنَّهُ تعالى ذكر السماء والأرض، ثم ذكر الطوع والكره فوجب أن ينصرف الطوعُ إلى السماء والكرهُ إلى الأرض، وتخصص السماء بالطوع لوجوه:
أحدهما: أن السماء في دوام حركتها على نهج واحد لا يختلف تُشْبِهُ حيواناً مطعياً لله عزَّ وجلَّ بخلاف الأرض فإنها مختلفة الأحوال، تارة تكون ساكنةً، وتارة تضطربُ.
وثانيها: أن الموجود في السماء ليس إلا الطاعة، قال تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل: 50] وأما أهل الأرض فليس كذلك.
وثالثها: أن السماء موصوفة بكمال الحال، وقيل: إنها أفضل الألوان وشكلها أفضل الأشكال وهو المستدير ومكانها أفضل الأمكنة، وهو العُلُوُّ، وسُكَّانُها أفضل الأجرام، وهي الكواكب المنيرة بخلاف الأرض فإنها مكان الظلمة والكثافة، واختلاف الأحوال وتغيير الذات والصفات فلا جرم عبَّر عن تكوين السماء بالطَّوْعِ وعن تكوين الأرض وبالكره.
قوله تعالى: ﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾ ف ينصب «سَبْعَ» أربعةُ أوجه:
أحدها: أنه مفعول ثانٍ «لقَضَاهُنَّ» ؛ لأنه ضمّن معنى صيَّرهُنَّ بقضائه سبع سموات.
الثاني: أنه منصوب على الحال من مفعول «فقضاهن» أي قضاهن معدودةً، وقضى بمعنى «صَنَعَ» كقول أبي ذؤيب:
4355 - وَعَلَيْهِمَا مَسْرُودَتَانِ قَضَاهُمَا ... دَاوُدُ أَوْ صَنَعُ السَّوابِغِ تُبَّعُ
أي صنعها.
الثالث: أنه تمييز؛ قال الزمخشري: ويجوز أن يكون ضميراً مبهماً مفسَّراً بسبع سمواتٍ على التمييز يعني بقوله «مبهماً» ، أنه لا يعود على السماء، لامن حيث اللفظ، ولا من حيث المعنى بخلاف كونه حالاً أو مفعولاً ثانياً.
الرابع: أنه بدل من «هُنَّ» في «فَقََاهُنَّ» قاله مكي، وقال أيضاً: السماء، تذكَّر وتؤَنَّثُ، وعلى التأنيث جاء القرآن، ولو جاء على التذكير لقيل: سَبْعَةَ سمواتٍ. وقد تقدم تحقيق تذكيره وتأنيثه في أوائل البقرة.
فصل
قال أهل الأثر: إن الله تعالى خلق الأرض يوم الأحد والإثنين، وخلق سائر ما في الأرض يوم الثلاثاء والأربعاء وخلق السموات وما فيها في يوم الخميس والجمعة، وفرغ في آخر ساعةٍ من يوم الجُمُعةِ فخلق بها آدم، وهي الساعة التي تقوم فيها القيامة.
فإن: قيل: اليوم عبادرة عن النهار والليل، وذلك إنما يحصل بطُلُوعِ الشَّمس وغروبها، وقبل حدوث السموات والشمس والقمر كيف يعقل حصوم اليوم؟
فالجواب: معناه أنه مضى من المدة ما لو حصل هناك فلكٌ وشمس لكان المقدار مُقدَّراً بيوم. وقضاء الشيء إتمامه والفرغ منه.
قوله: ﴿وأوحى فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا﴾ . قال عطاء عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما: خلق في كل سماء خلقها من الملائكة وما فيها من البحار، وجبال البرد، وما لا يعلمه إلا الله تعالى، وقال قتادة والسُّدِّيُّ: يعني خلق فيها شمسها وقمرها ونجومها. وقال مقاتل: وأوحى إلى كل سماء ما أراد من الأمر والنهي، وذلك يوم الخميس والجمعة، قال السدي: ولله في كل سماء بيت يُحَجُّ إليه ويطوف به الملائكة، كل واحد منها مقابل للكعبة بحيث لو موقعت منه حصاةٌ لوقعت على الكعبة.
قوله: ﴿وَزَيَّنَّا السمآء الدنيا بِمَصَابِيحَ﴾ وهي النيران التي خقلها في السموات، وخص كل واحد بضوء معين، وسرٍّ معين وطبيعة معينة لا يعرفها إلا الله تعالى.
قوله: «وَحِفْظاً» في نصبه وجهان:
الأول: أنه منصوب على المصدر بفعل مقدر، أي: وحفظناها بالثواقب من الكواكب حفظاً.
والثاني: أنه مفعول من أجله على المعنى؛ فإن التقدير: خلقنا الكواكب زينةً وحِفظاً، قال أبو حيان «وهو تَكَلُّفٌ وعُدُولٌ عن السَّهْلِ البَيِّن» .
فصل
المعنى وحفظاها من الشياطين الذي يسترقون السمع، ثم قال: «ذلِكَ» أي الذي ذكر من صُنْعَةِ «العَزِيزِ» في ملكه «العَلِيمِ» بخلقه فالعزيزُ إشارة إلى كمال القدرة، والعليمُ إشارة إلى كمال العلم.
{"ayahs_start":6,"ayahs":["قُلۡ إِنَّمَاۤ أَنَا۠ بَشَرࣱ مِّثۡلُكُمۡ یُوحَىٰۤ إِلَیَّ أَنَّمَاۤ إِلَـٰهُكُمۡ إِلَـٰهࣱ وَ ٰحِدࣱ فَٱسۡتَقِیمُوۤا۟ إِلَیۡهِ وَٱسۡتَغۡفِرُوهُۗ وَوَیۡلࣱ لِّلۡمُشۡرِكِینَ","ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡـَٔاخِرَةِ هُمۡ كَـٰفِرُونَ","إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَهُمۡ أَجۡرٌ غَیۡرُ مَمۡنُونࣲ","۞ قُلۡ أَىِٕنَّكُمۡ لَتَكۡفُرُونَ بِٱلَّذِی خَلَقَ ٱلۡأَرۡضَ فِی یَوۡمَیۡنِ وَتَجۡعَلُونَ لَهُۥۤ أَندَادࣰاۚ ذَ ٰلِكَ رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ","وَجَعَلَ فِیهَا رَوَ ٰسِیَ مِن فَوۡقِهَا وَبَـٰرَكَ فِیهَا وَقَدَّرَ فِیهَاۤ أَقۡوَ ٰتَهَا فِیۤ أَرۡبَعَةِ أَیَّامࣲ سَوَاۤءࣰ لِّلسَّاۤىِٕلِینَ","ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰۤ إِلَى ٱلسَّمَاۤءِ وَهِیَ دُخَانࣱ فَقَالَ لَهَا وَلِلۡأَرۡضِ ٱئۡتِیَا طَوۡعًا أَوۡ كَرۡهࣰا قَالَتَاۤ أَتَیۡنَا طَاۤىِٕعِینَ","فَقَضَىٰهُنَّ سَبۡعَ سَمَـٰوَاتࣲ فِی یَوۡمَیۡنِ وَأَوۡحَىٰ فِی كُلِّ سَمَاۤءٍ أَمۡرَهَاۚ وَزَیَّنَّا ٱلسَّمَاۤءَ ٱلدُّنۡیَا بِمَصَـٰبِیحَ وَحِفۡظࣰاۚ ذَ ٰلِكَ تَقۡدِیرُ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡعَلِیمِ"],"ayah":"قُلۡ إِنَّمَاۤ أَنَا۠ بَشَرࣱ مِّثۡلُكُمۡ یُوحَىٰۤ إِلَیَّ أَنَّمَاۤ إِلَـٰهُكُمۡ إِلَـٰهࣱ وَ ٰحِدࣱ فَٱسۡتَقِیمُوۤا۟ إِلَیۡهِ وَٱسۡتَغۡفِرُوهُۗ وَوَیۡلࣱ لِّلۡمُشۡرِكِینَ"}