الباحث القرآني
قوله: ﴿والذين يُنْفِقُونَ﴾ فيه ثلاثة أوْجُه:
أحدها: أن يكون مَرْفُوعاً عطفاً على ﴿الذين يَبْخَلُونَ﴾ ، والخبر: أن الله لا يَظْلِم كما تقدم وصفه.
والثاني: مجرور عَطْفاً على ﴿االكافرين﴾ أي: أعْتَدْنا للكافِرِين، والذين يُنْفِقُون أموالهم رئاء النَّاسِ، قاله ابن جَرِير.
الثالث: أنه مُبْتَدأ، وخبره مَحْذُوف، أي: معذَّبُون أو قَرِينُهم الشَّيْطَان، فعلى الأوَّلَيْن يكون من عَطْف المُفردات، وعلى الثالث من عَطْفِ الجُمَل.
قوله: ﴿رِئَآءَ الناس﴾ فيه ثلاثة أوْجُه:
أحدُها: أنه مَفْعُول من أجْلِه، وشُرُوط النَّصْبِ متوفِّرة.
الثاني: أنه حَالٌ من فَاعل «ينفقون» يعني: مصْدراً واقعاً مَوْقع الحالِ، أي: مرائين.
والثالث: أنه حَالٌ من نَفْس المَوْصُول، ذكره المَهْدَوي، و «رئاء» مصدر مُضَافٌ إلى المَفْعُول.
فصل
قال الوَاحِدِي: نزلت في المُنَافِقِين وهو الوَجْه لذكر الرِّيَاء، وهو ضرْب من الإنْفَاقِ، وهو قول السدي، وقيل: نزلتْ في اليَهُود وقيل: نزلَتْ في مُشْرِكِي مكَّة المُنْفِقِين على عَداوَة الرَّسُول - عليه السلام -.
قال ابن الخَطِيب: والأوْلَى أن يُقَال: إنه - تعالى - لمَّا أمر بالإحْسَان إلى المُحْتَاجِين، بين أن المُمْتَنِعِ من ذَلِكَ قِسْمَان:
إما بألاّ يُعْطي شيئاً، وهو البُخْل فَذَكَرَهُ.
وإما بأن يُعْطِي رياءً وسُمْعَةً؛ فهذا أيضاً مذمومٌ، فلم يَبْقَ إلا الإنْفَاق للإحْسَان.
وقوله: ﴿وَلاَ يُؤْمِنُونَ بالله﴾ فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه مُسْتأنف.
والثاني: أنه عَطْف على الصِّلة، وعلى هذين الوَجْهَيْن، فلا مَحَلَّ له من الإعْرَابِ.
والثالث: أنه حالٌ من فاعل يُنْفِقُون، إلا أن هذين الوَجْهَيْن الأخيريْن، أعني: العطف على الصِّلة، والحالية مُمْتَنعان على الوجْه المَحْكِيّ عن المَهْدَوي، وهو كون «رئاء» حالاً من نَفْسِ المَوْصُول؛ لئلا يَلْزَم الفَصْل بين أبعاض الصِّلة، أو بين الصِّلة ومعمولها بأجْنَبِيّ، وهو «رِئَاءَ» ؛ لأنه حَالٌ من المَوْصُول لا تعلُّق له بالصِّلَة، بخلاف ماع إذا جَعَلْنَاه مَفْعُولاً [له] أو حَالاً من فَاعِل ﴿يُنْفِقُونَ﴾ فإنَّه على الوَجْهَين معمول ل ﴿يُنْفِقُونَ﴾ فليس أجْنَبِيّاً، فلم يُبَالَ بالفَصْل به، وفي جَعْلِ ﴿وَلاَ يُؤْمِنُونَ﴾ حالاً نَظرٌ؛ من حَيْث أن بَعْضهم نَصَّ على أنَّ المُضَارع المُنفِيّ ب «لا» كالمُثبت؛ في أنَّه لا يَدْخل عَليْه واو الحَال، وهو مَحَلُّ تَوَقُّف، وكرِّرت لا في قوله - تعالى -: {وَلاَ يُؤْمِنُونَ [بالله وَلاَ] باليوم الآخر} ؛ وكذا الباء إشعاراً بأنَّ الإيمان مُنتفٍ عن كلِّ على حدته [كما] لو قُلت: لا أضرب زيداً أو عَمْرًا، احْتمل في الضَّرْب عن المَجْمُوع، ولا يَلْزَم منه نَفْي الضَّرْب عن كل وَاحِدٍ على انْفِرَادِه، [واحتمل نَفْيه عن كُلِّ واحِدٍ بالقرآنِ] .
وإذا قُلْت ولا عَمْراً، تعيَّن هذا الثَّاني.
قوله - تعالى -: ﴿وَمَن يَكُنِ الشيطان لَهُ قَرِيناً فَسَآءَ قِرِيناً﴾ :
قوله: ﴿وَمَن يَكُنِ الشيطان لَهُ قَرِيناً فَسَآءَ قِرِيناً﴾ أي: صاحِباً وخَليلاً، والمَعْنى: أن الشَّيْطَان قَرين لأصْحَاب هذه الأفْعَالِ.
قال القرطبي: في الكلام إضْمَار، تقديره: ﴿وَلاَ يُؤْمِنُونَ بالله وَلاَ باليوم الآخر﴾ فَقَرينُهُم الشَّيْطَان ﴿وَمَن يَكُنِ الشيطان لَهُ قَرِيناً فَسَآءَ قِرِيناً﴾ .
قوله: ﴿فَسَآءَ قِرِيناً﴾ وفي «فساء» هذه احتمالان:
أحدهما: أنَّها نقلت إلى الذَّمِّ، فجرت مُجْرى «بِئْسَ» ، ففيها ضَميرٌ فاعلٌ لها مُفَسِّر بالنكِرَة بعده، وهو ﴿قِرِيناً﴾ والمخصُوص بالذَّمِّ مَحْذُوف، أي: فَسَاءَ قريناً هُوَ، وهو عائد [إما] على الشَّيْطَان، وهو الظَّاهِر، وإمَّا على «مَنْ» ، وقد تَقَدَّم كم نِعْم وبِئْس.
الثاني: على بابها، فهي مُتَعَدِّية، ومَفْعُولها مَحْذُوف، و «قريناً» على هذا مَنْصُوب على الحَالِ أو على القَطْعِ، والتَّقدير: فساءَهُ، أي: فساء الشَّيْطَان مُصَاحَبَة؟
قال القُرْطُبِي: ﴿قِرِيناً﴾ مَنْصوب على التَّمييز، واحتجُّوا للوجْه الأوَّل بأنَّه كان يَنْبَغِي أن يحذف الفَاءَ من «فَسَاءَ» ، أو تَقْتَرِن به «قَدْ» ، لأنه حينئذٍ فِعْل مُتَصرِّف ماض، وما كان كذلِك ووقع جواباً للشَّرْط، تَجَرَّد من الفَاءِ أو اقْتَرَن ب «قد» ، هذا معنى كَلاَم أبِي حيَّان.
قال شهاب الدين: وفيه نَظَر؛ لقوله - تعالى -: ﴿وَمَن جَآءَ بالسيئة فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النار هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [النمل: 90] ﴿وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ﴾ [يوسف: 27] مما يُؤوّل به هذا ونحوه يَتَأوّل به هذا، وممَّن ذَهَب إلى أن ﴿قِرِيناً﴾ منصوب على الحالِ ابن عَطِيَّة، ولكن يُحْتَمل أن يكُون قَائِلاً بأن «سَاءَ» متعدِّيَة، وأن يكون قَائِلاً برأي الكُوفيِّين، فإنَّهم يَنْصُبُون ما بَعْدَ [نِعْمَ] و «بِئْسَ» على الحَالِ.
والقَرِين: المُصَاحِب [الملازِم] وهو فعيل بِمَعْنَى مُفَاعِل: كالخَليطِ والجَليسِ، والقَرَنُ: الحَبْل؛ لأنه يُقْرَنَ به بَيْنَ البعيريْن قال: [البسيط]
1796 - ... ... ... ... ... ... ... ... . ... وَابْنُ اللَّبَون إذَا مَا لُزَّ فِي قَرَنٍ
{"ayah":"وَٱلَّذِینَ یُنفِقُونَ أَمۡوَ ٰلَهُمۡ رِئَاۤءَ ٱلنَّاسِ وَلَا یُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلَا بِٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِۗ وَمَن یَكُنِ ٱلشَّیۡطَـٰنُ لَهُۥ قَرِینࣰا فَسَاۤءَ قَرِینࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق