الباحث القرآني
قوله: ﴿الله يَتَوَفَّى الأنفس حِينَ مِوْتِهَا﴾ أي الأرواح حين موتها فيقبضها عند انقضاء أجلها، وقوله: ﴿حِينَ مِوْتِهَا﴾ يريد موت أجسادها ﴿والتي لَمْ تَمُتْ﴾ يريد يتوفى الأنفس التي لم تمت في مامها فالتي تتوفى عند النوم هي النفس التي بها العقل والتمييز ولكل إنسان نَفْسَان إحادهما نفس الحياة وهي التي تفارقه عند الموت وتزول بزوالها النفس والأخرى هي النقس التي تفارقه إذا نام وهو بعد النوم تنفس ﴿فَيُمْسِكُ التي قضى عَلَيْهَا الموت﴾ فلا يردها إلى الجسد ﴿وَيُرْسِلُ الأخرى﴾ أي يردها إلى الجسد وهي التي لم يقض عليها الموت ﴿إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى﴾ وهو وقت موته.
قوله: ﴿والتي لَمْ تَمُتْ﴾ أي يتوفى الأنفس حين تموت وتتوفى أيضاً الأنفسَ التي لم تمت في منامها ف «في منامها» ظرف «ليَتَوَفَّى» وقرأ الأخَوَانش: «قُضِيَ» مبنياً للمغفول الْمَوْتُ رفعاً لقيامه مقام الفاعل.
فصل
قيل: إنَّا للإنسان نَفْساً وروحاً، فعند النوم يخرج النَّفْسُ وتبقى الروح، وعن عليِ قال: تخرج الروح عند النوم ويبقى شعاعه في الجَسَد، فبذلك يرى الرؤيا فإذا انتبه من النوم عاد الروح إلى حسده بأسرعَ من لحظة ويقال: إن أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام فتَتَعَارف ما شاء الله فإذا أرادت الرجوع إلى أجسادها أمسك اله أرواح الأموات عنده وأرسل أرواح الأجساد حتى ترجع إلى أجسادها إلى انقضاء مدة حياتها ﴿فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ لدلالات على قدرته حيث لم يغلط في إمساك ما مسك من الأرواح وإرسال ما يرسل منها.
وقال مقاتل: لعَلامات لقوم يتفكرون في أمر البعث يعني أن تَوفِّي نفسٍ النائم وإرسالَها بعد التَّوفِّي دليلٌ على البعث.
فإن قيل: قوله تعالى: ﴿الله يَتَوَفَّى الأنفس﴾ يدل على أن المتَوفِّي هو الله تعالى فقط، ويؤكده قوله تعالى: ﴿الذي خَلَقَ الموت والحياة﴾ [الملك: 2] وقوله: ﴿رَبِّيَ الذي يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ [البقرة: 258] وقال في آية أخرى: ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الموت﴾ [السجدة: 11] (وقال في آية ثالثة: ﴿إِذَا جَآءَ أَحَدَكُمُ الموت تَوَفَّتْهُ) رُسُلُنَا﴾ [الأنعام: 61] فكيف الجمع؟
فالجواب: أن المتوفِّي في الحقيقة هو الله تعالى إلا أنه تعالى فوض كل نوع إلى ملك من الملائكة ففوض قبضَ الأرواح إلى ملك الموت وهو الرئيس وتحته أتباع وخَدَمٌ فأضيف التوفِّي في آية الله تعالى وهي الإضافة الحقيقة، وفي آيةٍ إلى ملك الموت لأن الرئيس في هذا العمل وفي آية إلى أتباعه والله أعلم.
قوله: ﴿أَمِ اتخذوا﴾ أم منقطعة فتقدر ببل والهمزة.
واعلم أن الكافر أوْرَدُوا على هذا الكلام سؤالاً قالوا: نحن لا نعبد هذه الأصنام لاعتقادِ أنها تضر وتنفع وإنما نعدبها لأجل أنها تماثيل لأشخاص كانوا عنده من المقربين فنحن نعبدها لأجل أن يصير أولئك الأكابر شفعاء فأجاب الله تعالى بأن قال ﴿أَمِ اتخذوا مِن دُونِ الله شُفَعَآءَ﴾ .
قوله: ﴿قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا﴾ تقدم الكلام على نحو «أَوَلَوْ» وكيف هذا التركيب، والمعنى قُلْ يا مُحَمَّدُ أوَ لَوْ كانوا أي وإن كانوا يعني الآلهة ﴿لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئاً﴾ من الشفاعة أنكم تعبدونهم، وجواب هذا محذوف تقديره وإن كانوا بهذه الصفة تتخذونهم.
قوله: ﴿قُل لِلَّهِ الشفاعة جَمِيعاً﴾ قال مجاهد: لا يشفع أحدٌ إلا بإذنه ﴿لَّهُ مُلْكُ السماوات والأرض ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ .
قوله: ﴿وَإِذَا ذُكِرَ الله وَحْدَهُ اشمأزت﴾ نفرت، قال ابن عباس ومجاهد ومقاتل: أي انْقَبَضَتْ عن التَّوحيد وقال قتادة استكبرتْ، وأصل الاشمئزاز النُّفور والاسْتِكبَار ﴿قُلُوبُ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة﴾ وهذا نوع آخر من أعمال المشركين القبيحة ﴿وَإِذَا ذُكِرَ الذين مِن دُونِهِ﴾ يعني الأصنام ﴿إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ يعني يفرحون. قال مجاهد ومقاتل: وذلك حيث قرأ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سورة والنجم فألقى الشيطانُ في أُمْنِيَّةِ «تلك الغَرَانيق العُلاَ» ففرح به الكفار.
قوله: ﴿وَإِذَا ذُكِرَ الذين﴾ قال الزمخشري: فإن قلتك ما العامل في: «إذَا ذُكِرَ» ؟ قلت: العامل فيه «إذا» الفجائية تقديره وقت ذِكْرِ الَّذِينَ من دونه فَاجَأوا وَقْتَ الاستبشار.
قال أبو حيان: أما قول الزمخشري فلا أعلمه من قول من ينتمي إلى النحو وهو أن الظرفين مَعْمولاَن «لِفَاجَأُوا» ثُمَّ «إذا» الأول تنصب على الظرفية والثانية على المفعولية وقال الحَوْفي: «إذَا هُمْ يَسْتبشرُونَ» «إذَا» مضافة إلى الابتداء والخبر، و «إذا» مكررة للتوكيد، وحذف ما يضاف إليهن والتقدير: إذا كان ذلك هم يَسْتَبْشِرونَ، فيكون (هم يستبشرون) هو العامل في «إذا» المعنى: إذا كان كذلك استبشروا.
قال أبو حيان: هذا يبعد جداً عن الصواب إذا جعل «إذَا» مضافة إلى الابتداء والخبر، ثم قال و «إذا» مكررة للتوكيد وحذف ما يضاف إليه إلى آخره كلامه (فإذا كانت إذا حذف ما يضاف إليه) فكيف تكون مضافة إلى الابتداء والخبر الذي هو «هم يستبشرون» ! وهذا كله يوجبه عدم الإتقان لعلم النحو والتحذف فيه، انتهى.
قال شهاب الدين: وفي هذه العبارة تحامل على أهل العلم المرجوع إليهم فيهم واختار ابو حيان أن يكون العامل في «إذا» الشرطية الفعل بعدها لا جوابها وأنها ليست مضافة لما بعدها سواء كانت زماناً أم مكاناًأما إذا قيل: إنها حرف فلا يحتاج إلى عامل وهي رابطة لجملة الجزاء بالشرط كالفاء.
والاشْمِئزَازُ النفور والتَقَبض وقال أبو زيد: هو الذعر، اشمأزَّ فُلاَنٌ أي ذعر ووزنه افْعَلَلَّ كاقْشَعَرَّ، قال الشاعر:
- إذَا عَضَّ الثِّقَافُ بِهَا اشْمَأَزَّتْ ... ووَلَّتهُ عَشَوْزَنَه زَبُونَا
خشري: ولقد تقابل الاستبشار والاشمئزاز إذ كل واحد منهما في بابه لأن الاستبشار أن يمتلئ قلبه سروراً حتى يظهر ذلك السرور في أَسِرَّة وجهه ويتهلَّل، والاشمئزاز أن يعظم «غَمُّه) وغيظه فينقبض الروح إلى داخل القلب فيبقى في أديم الوجه أثر الغبرة والظلمة الأرضية.
{"ayahs_start":42,"ayahs":["ٱللَّهُ یَتَوَفَّى ٱلۡأَنفُسَ حِینَ مَوۡتِهَا وَٱلَّتِی لَمۡ تَمُتۡ فِی مَنَامِهَاۖ فَیُمۡسِكُ ٱلَّتِی قَضَىٰ عَلَیۡهَا ٱلۡمَوۡتَ وَیُرۡسِلُ ٱلۡأُخۡرَىٰۤ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ مُّسَمًّىۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یَتَفَكَّرُونَ","أَمِ ٱتَّخَذُوا۟ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُفَعَاۤءَۚ قُلۡ أَوَلَوۡ كَانُوا۟ لَا یَمۡلِكُونَ شَیۡـࣰٔا وَلَا یَعۡقِلُونَ","قُل لِّلَّهِ ٱلشَّفَـٰعَةُ جَمِیعࣰاۖ لَّهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ ثُمَّ إِلَیۡهِ تُرۡجَعُونَ","وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحۡدَهُ ٱشۡمَأَزَّتۡ قُلُوبُ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡـَٔاخِرَةِۖ وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِینَ مِن دُونِهِۦۤ إِذَا هُمۡ یَسۡتَبۡشِرُونَ"],"ayah":"أَمِ ٱتَّخَذُوا۟ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُفَعَاۤءَۚ قُلۡ أَوَلَوۡ كَانُوا۟ لَا یَمۡلِكُونَ شَیۡـࣰٔا وَلَا یَعۡقِلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق