الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السمآء والأرض بِأَمْرِهِ﴾ قال ابن مسعود: قامتا على غير عُمُدٍ بأمره. واعلم أنه ذكر من لوزم المساء والأرض قيامهما فإن الأرض لثقلها يتعجب الإنسان من وقوفها وعدم نزولها وكون السماء في علوها معجب من علوها وثباتها من غير عمد، وهذا من اللوازم، فإن الأرض لا تخرج عن مكانه الذي فيه.
(فإن قيل:) بأنها تتحرك في مكانها كالرَّحَاء، ولكن اتفق العقلاء على أنها في مكانها (لا تخرج عنه. وهذا آية ظاهرة لأن كونهما في الموضع الذي هما فيه، وعلى الموضع الذي هما عليه) من الأمور الممكنة وكونهما في غير ذلك الموضع جائز فكان يمكن أن يَخْرُجَا منه، فلمّا لم يخرجا كان ذلك ترجيحاً للجائز على غيره وذلك لا يكون إلا بفاعل مختار، وقالت الفلاسفة: كون الأرض في الكائن الذي هي فيه طبيعى لها لأنها أثقل الأشياء، والثقيل يطلب المركز والخفيف يطلب المحيط وكون السماء في مكانها إن كانت ذات مكان فلذاتها، فقيامها فيه لطبعها وأُجيبُوا بأنكم وافقتمونا بأن ما جاز على أحد المثلين جاز على المثل الآخر لكن مقعَّر الفلك لا يخالف مُحْدَبه في الطبع فيجوز حصول مقعره في موضع محْدبه وذلك بالخروج والزوال فإذن تطرق الزوال إليه عن المكان ممكن لا سيما على السماء الدنيا فإنها ليست محدّده للجهات على مذهبكم أيضاً والأرض كانت يجوز عليها الحركة الدورية كما تقول على السماء فعدمها وسكونها ليس إلا بفاعل مختار.
فصل
ذكر الله تعالى من كل باب أمرين: أما من الأنفس فقوله: « (خلقكم) وخلق لكم» واستدل بخلق الزوجين ومن الآفاق السماء والأرض (فقال: «خلق السماوات والأرض» ) ومن لواز الإنسان اختلاف اللسان واختلاف الألوان ومن عوارض الآفاق البَرْقَ والأمطار ومن لوازمها قيام السماء والأرض؛ لأن الواحد يكفي للإقرار بالحق، والثاني يفيد الاستقرار ومن هذا اعتبر شهادة شاهدين، فإن قول أحدهما يفيد الظن،، وقول الآخر يفيد تأكيده، ولهذا قال إبراهيم عليه (الصَّلاَة و) السلام: ﴿بلى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ [البقرة: 60] .
فصل
قوله: بأمره أي بقوله: «قوما» أو بإرادته قيامها؛ لأن الأمر عند المعتزلة موافقٌ للإرادة وعندنا ليس كذلك ولكن النزاع في أمر التكليف، لا في أمر التكوين فإنا لا ننازعهم في أن قوله: «كُنْ فَيَكُونَ» و «كُونِي» و «كونوا» موافق للإرادة.
فإن قيل: ما الفائدة في قوله «ههنا» : ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السمآء﴾ وقال قبله: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ﴾ [الروم: 24] (ولم يقل: أنْ يُرِيَكُم) ليصير (كالمصدر «بأن» ؟) .
فالجواب: أن القيام لما كان غير متغير أخرج الفعل بأن عن الفعل المستقبل ولم يذكر معه الحروف المصدرية.
فإن قيل: ما الحكمة في أنه ذكر ست دلائلَ وذكر في أربعةٍ منها: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ﴾ [الروم: 24] ولم يذكر الأولى وهو قوله: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ﴾ [الروم: 20] ولا في الآخر وهو قوله: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السمآء والأرض﴾ ؟ .
فالجواب: أما الأول فلأن قوله بعده: ﴿ومن آياته أن خلق لكم﴾ أيضاً دليل الأنفس فخلق السماء والأرض وخلق الأزواج من باب واحد على ما تقدم من أنه تعالى ذكر من كل باب أمرين للتقرير والتوكيد. فلما قال في الثانية: ﴿إن في ذلك لآيات﴾ كان عائداً إليهما، وأما في قيام السماء والأرض فلأنه ذكر في الآيات السماوية أنها آيات للعالمين ولقوم يعقلون وذلك لظهور فلما كان في أول الأمر ظاهراً ففي آخر الأمر بعد سَرْدِ الدلائل يكون أظهر (فلم يميز أحداً في ذلك عن الآخر) . ثم إنه تعالى لما ذكر الدليل على القدرة والتوحيد ذكر مدلوله وهو قدرته على الإعادة فقال: ﴿ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الأرض إِذَآ أَنتُمْ تَخْرُجُونَ﴾ وجه العطف «بثم» و «بم تعلق» فمعناه أنه تعالى إذا بين لكم كمال قدرته بهذه الآيات بعد ذلك يخبركم ويعلمكم أنه إذا قال للعظام الرميمة اخرجوا من الأجداث يخرجون أحياء.
قوله: «مِنَ الأَرْضِ» فيه أوجه: أظهرها: أنه متعلق بمحذوف يدل عليه «يخرجون» أي خرجتم من الأرض، ولا جائز أن يتعلق «بتَخْرُجُونَ» لأن ما بعد «إذا» لا يعمل فيما قبلها.
فصل
قَوْلُ القَائِل: «دعا فلانٌ فلاناً من الجبل» يحتمل أن يكون الدعاء من الجبل كما يقول القائلك يا فلانُ (اصْعَدْ) إلى الجبل، (فيقال: دَعَاهُ من الجبل، ويحتمل أن يكون المدعوّ يُدْعَى من الجبل كما يقول القائل: يا فلانُ انزل من الجبل فيقال دعاه من الجبل) ، ولا يخفى على العاقل أن الدعاء لا يكون من الرض إذا كان الداعي هو اللَّه، والمدعوّ يدعى من الأرض، يعني أنكم في الأرض فيدعوكم منها فتخرجون، وَإِذا هي الفجائية، قال أكثر العلماء معنى الآية: ثم إذا دعاكم دعوة إِذا أنتم تخرجون من الأرض.
فصل
قال ههنا: ﴿إذا أنتم تخرجون﴾ وقال في خلق الإنسان أولاً: ﴿ثم إذا أنتم بشر تنتشرون﴾ لأن هناك يكون خلقٌ وتقديرٌ وتدريجٌ حتى يصير التراب قابلاً للحياة فينفُخُ فيه روحَه فإذا هو بشر، وأما في الإعادة فلا يكون تدريجٌ وتراخٍ بل يكون نداء وخروج، فلم يقل ههنا: «ثُمَّ» .
قوله: ﴿وَلَهُ مَن فِي السماوات والأرض كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ﴾ قال ابن عباس: كل له مطيعون في الحياة والفناء والموت والبعث وإنْ عَصَوْا في العبادة. وقال الكلبي: هذا خاص لمن كان منهم مطيعاً. ولما ذكر الآيات التي تدل على القدرة على الحشر الذي هو الأصل الآخر والوحدانية التي هي الأصل الأول أشار إليهما بقوله: ﴿وَلَهُ مَن فِي السماوات والأرض﴾ ونفس السموات والأرض له وملكه فكُلٌّ له منقادون قانتون، والشريك يكون منازعاً، فلا شريك له أصلاً، ثم ذكر المدلول الآخر فقال: ﴿هو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده﴾ يخلقهم أولاً، ثم يعيدهم بعد الموت للبعث.
{"ayahs_start":25,"ayahs":["وَمِنۡ ءَایَـٰتِهِۦۤ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَاۤءُ وَٱلۡأَرۡضُ بِأَمۡرِهِۦۚ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمۡ دَعۡوَةࣰ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ إِذَاۤ أَنتُمۡ تَخۡرُجُونَ","وَلَهُۥ مَن فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ كُلࣱّ لَّهُۥ قَـٰنِتُونَ"],"ayah":"وَمِنۡ ءَایَـٰتِهِۦۤ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَاۤءُ وَٱلۡأَرۡضُ بِأَمۡرِهِۦۚ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمۡ دَعۡوَةࣰ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ إِذَاۤ أَنتُمۡ تَخۡرُجُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











