الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله﴾ الآية. لما ذكر دلائل التوحيد عاد إلى تهجين سيرتهم فقال «وَيَعْبُدُونَ» أي: هؤلاء المشركون ﴿مَا لاَ يَنفَعُهُمْ﴾ إن عبدوه «وَلاَ يَضرُّهُمْ» إن تركوه، ﴿وَكَانَ الكافر على رَبِّهِ ظَهِيراً﴾ أي: معيناً للشيطان على ربه بالمعاصي. قال الزجاج: يعاون الشيطان على معصية الله، لأن عبادتهم الأصنام معاونة للشيطان. فإن قيل كيف يصح في الكافر أن يكون معاوناً للشيطان على ربه بالعداوة. فالجواب أنه تعالى ذكر نفسه وأراد رسوله فقال: ﴿إِنَّ الذين يُؤْذُونَ الله﴾ [الأحزاب: 57] . وقيل: معناه: وكان الكافر على ربه هيناً ذليلاً، كما يقول الرجل لمن يستهين به: جعلني بظهر، أي: جعلني هيناً، ويقال: ظهرت به: إذا جعلته خلف ظهرك، كقوله: ﴿واتخذتموه وَرَآءَكُمْ ظِهْرِيّاً﴾ [هود: 92] .
قال أبو مسلم: وقياس العربية أن يقال: مظهوراً، أي: مستخف به متروك وراء الظهر، فقيل فيه: ظهير بمعنى مظهور، ومعناه: هين على الله أن يكفر الكافر، وهو تعالى مستهين بكفره.
والمراد بالكافر قيل: أبو جهل، لأن الآية نزلت فيه. والأولى حمله على العموم لأن خصوص السبب لا يقدح في عموم اللفظ. قيل: ويجوز أن يريد بالظهير الجماعة كقوله: ﴿وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ﴾ [التحريم: 4] كالصديق والخليط، فعلى هذا يكون المراد بالكافر الجنس، وأن بعضهم مظاهر لبعض على إطفاء نور الله قال تعالى: ﴿وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغي﴾ [الأعراف: 202] .
قوله: «عَلَى رَبِّهِ» يجوز أن يتعلق ب «ظَهِيراً» ، وهو الظاهر، وأن يتعلق بمحذوف على أنه خبر «كان» و «ظهيراً» حال، والظهير المعاون.
قوله: ﴿وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً﴾ أي: منذراً، ووجه تعلقه بما تقدم أن الكفار يطلبون العون على الله ورسوله والله تعالى بعث رسوله لنفعهم، لأنه بعثه ليبشرهم على الطاعة وينذرهم على المعصية، فيستحقوا الثواب، ويحترزوا عن العقاب فلا جهل أعظم من جهل من استفرغ جهده في إيذاء شخص استفرع جهده في إصلاح مهماته ديناً ودنياً، ولا يسألهم على ذلك ألبتة أجراً.
قوله: ﴿إِلاَّ مَن شَآءَ﴾ فيه وجهان:
أحدهما: وهو منقطع، أي: لكن من يشاء ﴿أَن يَتَّخِذَ إلى رَبِّهِ سَبِيلاً﴾ فليفعل.
والثاني: أنه متصل على حذف مضاف، يعني: إلا أجر من، أي: الأجر الحاصل على دعائه إلى الإيمان وقبوله، لأنه تعالى يأجرني على ذلك. حكاه أبو حيان وفيه نظر، لأنه لم يسند السؤال المنفي في الظاهر إلى الله تعالى إنما أسنده إلى المخاطبين فكيف يصح هذا التقدير.
فصل
المعنى: ما أسألكم على تبليغ الوحي من أجر، فتقولوا إنما يطلب محمد أموالنا بما يدعونا إليه فلا نتبعه.
وقوله: ﴿إِلاَّ مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إلى رَبِّهِ سَبِيلاً﴾ استثناء منقطع معناه: لكن من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلاً بإنفاق ماله في سبيله فعل ذلك.
والمعنى: لا أسألكم لنفسي أجراً، ولكن لا أمنع من إنفاق المال في طلب مرضاة الله واتخاذ السبيل إلى جنته.
قوله: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الحي الذي لاَ يَمُوتُ﴾ الآية. لما تبين أن الكفار يتظاهرون على إيذائه، وأمره أن لا يطلب منهم أجراً، أمره بأن يتوكل عليه في دفع جميع المضار، وفي جلب جميع المنافع، وإنما قال: ﴿عَلَى الحي الذي لاَ يَمُوتُ﴾ ، لأن من توكل على الحي الذي يموت فإذا مات المتوكَّل عليه صار المتوكِّل ضائعاً، وأما الله تعالى فهو حي لا يموت فلا يضيع المتوكِّل عليه.
«وَسَبِّحْ بَحَمْدِهِ» قيل: المراد بالتسبيح الصلاة. وقيل: قل سبحان الله والحمد لله. ﴿وكفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً﴾ عالماً، وهذه كلها يراد بها المبالغة، يقال كفى بالعلم جمالاً، وكفى بالأدب مالاً وهو بمعنى حسبك، أي لا يحتاج معه إلى غيره، لأنه خبير بأحوالهم قادرٌ على مكافأتهم وهذا وعيد شديد.
{"ayahs_start":55,"ayahs":["وَیَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا یَنفَعُهُمۡ وَلَا یَضُرُّهُمۡۗ وَكَانَ ٱلۡكَافِرُ عَلَىٰ رَبِّهِۦ ظَهِیرࣰا","وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَـٰكَ إِلَّا مُبَشِّرࣰا وَنَذِیرࣰا","قُلۡ مَاۤ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَیۡهِ مِنۡ أَجۡرٍ إِلَّا مَن شَاۤءَ أَن یَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِیلࣰا","وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱلۡحَیِّ ٱلَّذِی لَا یَمُوتُ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِهِۦۚ وَكَفَىٰ بِهِۦ بِذُنُوبِ عِبَادِهِۦ خَبِیرًا"],"ayah":"وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱلۡحَیِّ ٱلَّذِی لَا یَمُوتُ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِهِۦۚ وَكَفَىٰ بِهِۦ بِذُنُوبِ عِبَادِهِۦ خَبِیرًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق