الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَقَوْمَ نُوحٍ﴾ الآية. يجوز أن يكون «قَوْمَ» منصوباً عطفاً على مفعول « دَمَّرْنَاهم» ، ويجوز أن يكون منصوباً بفعل مضمر قوله: «أَغْرَقْنَاهُمْ» وترجح هذا بتقديم جملة فعلية قبله. هذا إذا قلنا: إن «لما» ظرف زمان، وأما إذا قلنا إنها حرف وجوب لوجوب فلا يتأتى ذلك، لأن «أَغْرَقْنَاهُمْ» حينئذ جواب «لما» ، وجوابها لا يفسر، ويجوز أن يكون منصوباً بفعل مقدر لا على سبيل الاشتغال، أي: اذكر قوم نوح.
فصل
إنما قال: «كذبوا الرسل» إما لأنهم كانوا من البراهمة المنكرين لكل الرسل، أو لأن تكذيبهم لواحد تكذيب للجميع، لأن من كذب رسولاً واحداً فقد كذب جميع الرسل.
وقوله «أَغْرَقْنَاهُمْ» . قال الكلبي: أمطرنا عليهم السماء أربعين يوماً، وأخرج ماء الأرض أيضاً في تلك الأربعين، فصارت الأرض بحراً واحداً. «وَجَعَلْنَاهُمْ» أي: جعلنا إغراقهم وقصتهم «للناس آية» للظالمين أي: لكل من سلك سبيلهم، «وأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمينَ» في الآخرة «عَذَاباً أَلِيماً» .
قوله تعالى: ﴿وَعَاداً وَثَمُودَاْ وَأَصْحَابَ الرس﴾ الآية، «وعَادَاً» فيه ثلاثة أوجه:
أن يكون معطوفاً على «قَوْمِ نُوح» ، وأن يكون معطوفاً على مفعول «جَعَلْنَاهُمْ» وأن يكون معطوفاً على محل «لِلظَّالِمِينَ» لأنه في قوة وعدنا الظالمين بعذاب. قوله: «وأَصْحَابَ الرَّسِّ» فيه وجهان: أحدهما: (أنه) من عطف المغاير، وهو الظاهر.
والثاني: أنه من عطف بعض الصفات على بعض.
والمراد ب «أَصْحَابَ الرَّسِّ» ثمود، لأن الرّسّ البئر التي لم تطو عن أبي عبيدة، وثمود أصحاب آبار. وقيل: «الرَّسُّ» نهر بالمشرق (وكانت قرى أصحاب الرس على شاطئ فبعث الله إليهم نبياً من أولاد يهودا بن يعقوب فكذبوه، فلبثت فيهم زماناً يشتكي إلى الله منهم، فحفروا بئراً ورسوه فيها، وقالوا: نرجو أن يرضى عنا إلهنا، وكانوا عامة يومهم يسمعون أنين نبيهم وهو يقول: إلهي ترى ضيق مكاني، وشدة كربي، وضعف قلبي، وقلة صلتي فجعل قبض روحي حتى مات، فأرسل الله ريحاً عاصفة شديدة الحر، وصارت الأرض من تحتهم كبريتاً متوقداً، وأظلتهم سحابة سوداء، فذابت أبدانهم كما يذوب الرصاص) ويقال: إنهم أناس عبدة أصنام قتلوا نبيهم ورسوه في بئر أي؛ دسوه فيها وقال قتادة والكلبي: الرس بئر بفلج اليمامة قتلوا نبيهم وهو حنظلة بن صفوان وقيل: هم بقية ثمود قوم صالح، وهم أصحاب البئر التي ذكر الله تعالى في قوله: ﴿وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ﴾ [الحج: 45] . وقال كعب ومقاتل والسدي: الرس بأنطاكية قتلوا فيها حبيب النجار، ورسوه في بئر، وهم الذين ذكرهم الله تعالى في سورة يس.
وقيل: هم أصحاب الأخدود، والرس هو الأخدود الذي حفروه.
وقال عكرمة: هم قوم رسوا نبيهم في بئر. وقيل: الرس المعدن، وجمعه رساس وروي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -: أنهم قوم كانوا يعبدون شجرة الصَّنَوْبَر وسموا أصحاب الرس؛ لأنهم رسوا نبيهم في الأرض. وروى ابن جرير عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - «أن الله بعث نبياً إلى أهل قرية، فلم يؤمن به من أهل القرية أحد إلا عبد أسود، ثم إنهم حفروا للرسول بئراً وألقوه فيها، ثم طبقوا عليها حجراً ضخماً، وكان ذلك الرجل الأسود يحتطب ويشتري له طعاماً وشراباً، ويرفع الصخرة ويدليه إليه، فكان ذلك ما شاء الله فاحتطب يوماً، فلما أراد أن يحملها وجد نوماً، فاضطجع، وضرب الله على أذنه تسع سنين، ثم هَبّ واحتمل حزمته واشترى طعاماً وشراباً، وذهب إلى الحفرة فلم يجد أحداً، وكان قومه قد استخرجوه فآمنوا به، وصدقوه، وكان ذلك النبي يسألهم عن الأسود، ويقول لهم إنه أول من يدخل الجنة» .
قوله: ( «وقُروناً» ) أي: وأهلكنا قروناً كثيرة بين عاد وأصحاب الرس والقرون: جمع قرن، قال عليّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -: القرن أربعون سنة، وهو قول النخعي. وقيل: مائة وعشرون سنة. وقيل غير ذلك. وتقدم الكلام عليه في سورة سبحان عند قوله: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ القرون مِن بَعْدِ نُوحٍ﴾ [الإسراء: 17] .
قوله: «بَيْنَ ذَلك» «ذلك» إشارة إلى من تقدم ذكره، وهم جماعات، فلذلك حسن دخول «بَيْنَ» عليه. وقد يذكر الذاكر بحوثاً ثم يشير إليها بذلك، ويحسب الحاسب أعداداً متكاثرة، ثم يقول: فذلك كيت وكيت، أي ذلك المحسوب أو المعدود.
قوله: «وكُلاً» يجوز نصبه بفعل يفسره ما بعده، أي: وحذرنا أو ذكرنا، لأنها في معنى ضربنا له الأمثال.
ويجوز أن يكون معطوفاً على ما تقدم، و «ضَرَبْنَا» بيان لسبب إهلاكهم. وأما «كُلاًّ» الثانية فمفعول مقدم.
قوله: ﴿ضَرَبْنَا لَهُ الأمثال﴾ أي: الأشباه في إقامة الحجة عليهم فلم نهلكهم إلا بعد الإنذار. وقيل: بيَّنَّا لهم وأزحنا عللهم فلما كذبوا «تَبَّرْنَاهُمْ تَتْبِيرا» أي: أهلكناهم إهلاكاً. وقال الأخفش: كسرنا تكسيرا.
قال الزجاج: كل شيء كسرته وفتَّتَّه فقد تَبَّرته.
{"ayahs_start":37,"ayahs":["وَقَوۡمَ نُوحࣲ لَّمَّا كَذَّبُوا۟ ٱلرُّسُلَ أَغۡرَقۡنَـٰهُمۡ وَجَعَلۡنَـٰهُمۡ لِلنَّاسِ ءَایَةࣰۖ وَأَعۡتَدۡنَا لِلظَّـٰلِمِینَ عَذَابًا أَلِیمࣰا","وَعَادࣰا وَثَمُودَا۟ وَأَصۡحَـٰبَ ٱلرَّسِّ وَقُرُونَۢا بَیۡنَ ذَ ٰلِكَ كَثِیرࣰا","وَكُلࣰّا ضَرَبۡنَا لَهُ ٱلۡأَمۡثَـٰلَۖ وَكُلࣰّا تَبَّرۡنَا تَتۡبِیرࣰا"],"ayah":"وَقَوۡمَ نُوحࣲ لَّمَّا كَذَّبُوا۟ ٱلرُّسُلَ أَغۡرَقۡنَـٰهُمۡ وَجَعَلۡنَـٰهُمۡ لِلنَّاسِ ءَایَةࣰۖ وَأَعۡتَدۡنَا لِلظَّـٰلِمِینَ عَذَابًا أَلِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق