الباحث القرآني
مكية، وهي سبع وسبعون آية، وثمانمائة واثنتان وسبعون كلمة، وعدد حروفها ثلاثة آلاف وسبعمائة وثمانون حرفا. بسم الله الرحمن الرحيم قوله تعالى: ﴿تَبَارَكَ الذي نَزَّلَ الفرقان على عَبْدِهِ﴾ الآية. اعلم أنه تعالى تكلم في هذه السورة في التوحيد والنبوة وأحوال القيامة ثم ختمها بذكر العباد المخلصين المؤمنين. قال الزجاج: «تبارك» تفاعل من البركة. والبركة كثرة الخيرة وزيادته، وفيه معنيان:
أحدهما: تزايد خيره وتكاثره. قال ابن عباس: معناه: جاء بكل بركة، قال تعالى: ﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ الله لاَ تُحْصُوهَا﴾ [إبراهيم: 34] .
والثاني: قال الضحاك: تعظّم الذي نزل الفرقان، أي: القرآن على عبده. وقيل: الكلمة تدل على البقاء، وهو مأخوذ من بروك البعير، ومن بروك الطير على الماء. وسميت البركة بركة، لثبوت الماء فيها، والمعنى: أنه سبحانه باق في ذاته أزلاً وأبداً ممتنع التغير، وباق في صفاته ممتنع التبدل.
فإن قيل: كلمة «الذي» موضوعة في اللغة للإشارة إلى الشيء عند محاولة تعريفه بقضية معلومة، وإذا كان كذلك فالقوم ما كانوا عالمين بأنه - سبحانه - الذي نزل الفرقان. فالجواب: أنه لما ظهر الدليل على كونه من عند الله، فلقوة الدليل وظهوره أجراه مجرى المعلوم.
فصل
وصف القرآن بالفرقان، لأنه فرق بين الحق والباطل في نبوة محمد - عليه السلام - وبين الحلال والحرام، أو لأنه فرق في النزول كقوله: ﴿وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى الناس على مُكْثٍ﴾ [الإسراء: 106] ، وهذا أقرب، لأنه قال: ﴿نَزَّلَ الفرقان على عَبْدِهِ﴾ ولفظة «نزل» تدل على التفريق، ولفظة «أنزل» تدل على الجمع، ولهذا قال في سورة آل عمران: ﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الكتاب بالحق (مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ) ﴾ [آل عمران: 3] ﴿وَأَنْزَلَ التوراة والإنجيل﴾ [آل عمران: 3] . والمراد بالعبد ههنا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
قوله: «ليكون» . اللام متعلقة ب «نزَّل» ، وفي اسم «يكون» ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه ضمير يعود على «الَّذِي نزّل» ، أي: ليكون الذي نزل الفرقان نذيراً.
الثاني: أنه يعود على «الفرقان» وهو القرآن، أي: ليكون الفرقان نذيراً (أضاف الإنذار إليه كما أضاف الهداية إليه في قوله: ﴿إِنَّ هذا القرآن يِهْدِي﴾ [الإسراء: 9] وهذا بعيد؛ لأن المنذر والنذير من صفات الفاعل للتخويف، ووصف القرآن به مجاز، وحمل الكلام على الحقيقة أولى) .
الثالث: أنه يعود على «عبده» ، أي: ليكون عبده محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نذيراً. وهذا أحسن الوجوه معنى وصناعة لقربه مما يعود عليه الضمير على أقرب مذكور. و «لِلعَالَمِين» متعلق ب «نَذِيراً» ، وإنما قدم لأجل الفواصل، ودعوى إفادة الاختصاص بعيدة، لعدم تأتيها هنا، ورجح أبو حيان عوده على «الذي» ، قال: لأنه العمدة المسند إليه الفعل، وهو من وصفه تعالى كقوله:
﴿إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ﴾ [الدخان: 3] ، و «نذيراً» الظاهر فيه أنه بمعنى منذر، وجوَّزوا أن يكون مصدراً بمعنى الإنذار كالنكير بمعنى الإنكار، ومنه ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ [القمر: 16] فإن قوله: «تبارك» يدل على كثرة الخير والبركة، فالمذكور عقيبه لا بد وأن يكون سبباً لكثرة الخير والمنافع، والإنذار يوجب الغم والخوف، فكيف يليق ذكره بهذا الموضع؟ فالجواب: أن الإنذار يجري مجرى تأديب الولد، كما أنه كلما كانت المبالغة في تأديب الولد أكثر (كان الإحسان إليه أكثر، لما أن ذلك يؤدي في المستقبل إلى المنافع العظيمة، فكذا ههنا كلما كان الإنذار كثيراً) كان رجوع الخلق إلى الله أكثر، وكانت السعادة الأخروية أتم وكثر، وهذا كالتنبيه على أنه لا التفات إلى المنافع العاجلة؛ لأنه تعالى لما وصف نفسه بأنه معطي الخيرات الكثيرة لم يذكر إلا منافع الدين، ولم يذكر منافع الدنيا البتّة.
قوله: ﴿الذي لَهُ مُلْكُ﴾ يجوز في «الّذِي» الرفع نعتاً للذي الأول، أو بياناً، أو بدلاً، أو خبراً لمبتدأ محذوف، أو النصب على المدح.
وما بعد بدل من تمام الصلة فليس أجنبياً، فلا يضر الفصل به بين الموصول الأول والثاني إذا جعلنا الثاني تابعاً له.
فصل
﴿الذي لَهُ مُلْكُ السماوات والأرض﴾ إشارة إلى احتياج هذه المخلوقات إليه سبحانه حال حدوثها، وأنه سبحانه هو المتصرف فيها كيف يشاء.
﴿وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً﴾ أي: هو الفرد أبداً، ولا يصح أن يكون غيره معبوداً ووارثاً للملك عنه، وهذا رد على النصارى. ﴿ولم يكن له شريك في الملك﴾ أي: هو المنفرد بالإلهية، وإذا عرف العبد ذلك انقطع رجاؤه عن كل ما سواه، ولم يشتغل قلبه إلا برحمته وإحسانه، وفيه رد على الثنوية، والقائلين بعبادة النجوم والأوثان.
قوله: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ الخلق هنا عبارة عن الإحداث والتهيئة لما يصلح له، لا
{"ayahs_start":1,"ayahs":["تَبَارَكَ ٱلَّذِی نَزَّلَ ٱلۡفُرۡقَانَ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦ لِیَكُونَ لِلۡعَـٰلَمِینَ نَذِیرًا","ٱلَّذِی لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَمۡ یَتَّخِذۡ وَلَدࣰا وَلَمۡ یَكُن لَّهُۥ شَرِیكࣱ فِی ٱلۡمُلۡكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَیۡءࣲ فَقَدَّرَهُۥ تَقۡدِیرࣰا"],"ayah":"ٱلَّذِی لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَمۡ یَتَّخِذۡ وَلَدࣰا وَلَمۡ یَكُن لَّهُۥ شَرِیكࣱ فِی ٱلۡمُلۡكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَیۡءࣲ فَقَدَّرَهُۥ تَقۡدِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











