قوله: ﴿وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ﴾ قيل: المراد منه نظر العين، وهؤلاء قالوا: مَدَّ النظر تطويله، وأن لا يكاد يرده استحساناً للمنظور وإعجاباً به، كما فعل نظارة قارون حيث قالوا: ﴿ياليت لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ [القصص: 79] حتى واجههم أولو العِلْم والإيمان فقالوا: ﴿وَيْلَكُمْ ثَوَابُ الله خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً﴾ [القصص: 80] وفيه أن النظر غير الممدود يعفى عنه كنظر الإنسان إلى الشيء مرةً ثم يغض. ولما كان النظر إلى الزخارف كالمركوز في الطبائع قيل: ﴿وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ﴾ أي: لا تفعل ما أنت معتاد له. ولقد شدد المتقون في وجوب غضِّ البصر عن ابنية الظلمة، ولباس الفسقة، ومراكبهم وغير ذلك، لأنهم اتَّخذوا هذه الأشياء لعيون النظارة، فالناظر إليها محصل لغرضهم، وكالمغرى لهم على اتخاذها. قال أبو مسلم: ليس المنهي عنه هنا هو النظر بل هو الأسف، أي لا تأسف على ما فاتك مما نالوه من حظ الدنيا.
قال أبو رافع: نزل ضيفٌ بالرسول - عليه السلام - فبعثني إلى يهوديٍّ، فقال قل له: إن رسول الله يقول: يعني كذا وكذا من الدقيق، وأسلفني إلى هلال رجب، فأتيته، فقلت له ذلك، فقال: والله لا ابيعه ولا أسلفه إلا بهن، فأتيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فأخبرته بقوله فقال: «والله لَئِنْ باعَنِي وأسْلَفَنِي لقضيتُهُ، وَإنِّي لأَمشينٌ فِي السَّمَاءِ وَآمِينٌ فِي الأَرْضِ اذْهَبْ بِدِرْعِي الحديد إليه» فنزلت هذه الآية. وقال عليه السلام: «إنَّ اللهَ لاَ يَنْظُرُ إلَى صُوَرِكُمْ وَلاَ إلَى أَمْوَالِكُمْ ولكِنْ يَنْظُرُ إلى قُلُوبِكُمْ وَأعْمَالِكُمْ» .
وقال أبو الدرداء: الدنيا دارُ مَنْ لا دارَ له، ومالُ مَنْ لا مالَ له، ولها يجمع من لا عقلَ له. وعن الحسن: لَوْلاَ حمقُ الناس لخربت الدُّنيا.
وعن عيسى ابن مريم - عليه السلام - لا تَتَّخِذُوا داراً فتتخذكم لها عبيداً.
وعن عروة بن الزبير كان إذَا رَأى ما عِنْدَ السلطان يتلو هذه الآية، وقال: الصلاة يرحمكم الله قوله: «أزواجاً» في نصبه وجهان: أحدهما: أنَّه منصوبٌ على المفعول به. والثاني: أنَّه منصوب على الحال من الهاء في «بِهِ» .
راعى لفظ «مَا» مرده فأفرد، ومعناها أخرى فلذلك جمع.
قال الزمخشري: ويكون الفعل واقعاً على «مِنْهُم» كأنه قال: إلى الذين متَّعْنا به وهو أصناف منهم. قال ابن عباس: أناساً منهم. قال الكلبي والزجاج: رجالاً منهم. قوله: «زَهْرَة» في نصبه تسعة أوجه:
أحدها: أنَّه مفعول ثانٍ، لأنه ضَمَّن «مَتَّعْنَا» معنى أعطينا، ف «أزْوَاجاً» مفعول أول، و «زَهْرَةَ» هو الثاني.
الثاني: أن يكون بدلاً من «أزواجاً» ، وذلك إما على حذف مضاف أي ذوي زهرة، وإمَّا على المبالغة جعلوا نفس الزهرة.
الثالث: أن يكون منصوباً بفعل مضمرٍ دلَّ عليه «مَتَّعْنَا» تقديره: جَعَلنَا لهم زهرة
الرابع: نصبه على الذم، قال الزمخشري: وهو النصب على الاختصاص.
الخامس: أن يكون بدلاً من موضع الموصول، قال أبو البقاء: واختاره بعضهم، وقال آخرون: لا يجوز، لأن قوله: لِنَفْتِنَهُمْ «من صلة» مَتَّعْنَا «فيلزم الفصل بين الصلة والموصول بالأجنبي. وهو اعتراض حسن.
السادس: أن ينتصب على البدل من محل» بِهِ» .
السابع: أن ينتصب على الحال من «مَا» الموصولة.
الثامن: أنه حالٌ من الهاء في «بِهِ» ، وهو ضمير الموصول، فهو كالذي قبله في المعنى.
فإن قيل: كيف يقع الحال معرفة؟
فالجواب: أن تجعل» زَهْرَة «منونة نكرة، وإنما حذف التنوين للالتقاء الساكنين نحو:
3702 - وَلاَ ذَاكِرَ اللهَ إلاَّ قَلِيلا ... وعلى هذا: فبم (جُرَّت» الحَيَاةِ» ؟ فقيل: على البدل من «مَا» الموصولة) .
التاسع: أنه تمييز ل» مَا «أو الهاء في» بِهِ» وقد ردوه عليه بأنه معرفة والمميز لا يكون معرفة، وهذا غير لازم، لأنه يجوز تعريف التمييز على أصول الكوفيين.
والعاشر: أنه صفة ل» أزْوَاجاً «بالتأويلين المذكورين في نصبه حالاً وقد منعه أبو البقاء يكون الموصوف نكرة والوصف معرفة، وهذا يجاب عنه بما أجيب في تسويغ نصبه حالاً أعني حذف التنوين للالتقاء الساكنين. والعامة على تسكين الهاء، وقرأ الحسن وأبو البرهسم وأبو حَيْوة بفتحها، فقيل: بمعنى كَجَهْرَة وجَهْرَة. وأجاز الزمخشري أن يكونَ جمع زاهر كفَاجِر وفَجَرة وبَارّ وبَرَرَة وروى الأصمعي عن نافع» لِنُفْتِنهُمْ «بضم النون من أقتنه إذا اوقعه في الفتنة والزَّهْرة بفتح الحاء وسكونها كَنَهر ونهْر ما يروق من النور وسراج زاهر لبريقه ورجل أزهر وامرأة زهراء من ذلك والأنجم الزهرُ هي المضيئة.
فصل
معنى» مَتَّعْنَا «ألذَذَْنَا به، والإمتاع: الإلذاذ بما يدرك من المناظر الحسنة ويسمع من الأصوات المطربة، ويشم من الروائح الطيبة، وغير ذلك من الملابس والمناكح، يقال: أَمْتَعَه ومتَّعه تمتيعاً، والتفعيل يقتضي التكثير. ومعنى الزهرة فيمن حرَّك الزينة والبهجة، كما جاء في الجهرة قرئ» أَرِنَا الله جَهْرَةً} . وقيل: جمع زاهر وصفاً لهم بأنهم زَهْرَة هذه الحياة الدنيا لصفاء ألوانهم وتهلُّلِ وجوههم بخلاف ما عليه الصُّلحاء من شُحُوب الألوان والتقشف في الثياب. ومعنى «نَفْتِنَهُمْ» نُعَذِّبَهُم كقوله: ﴿فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الحياة الدنيا﴾ [التوبة: 55] .
وقال ابن عباس: لنجعل ذلك فتنةً لهم بأن أزيد لهم في النعمة فيزيدوا كفراً وطغياناً. ثم قال: «وَرِزْقُ رَبِّك» في المعاد يعني في الجنة «خَيْرٌ وَأَبْقَى» أي: خير من مطلبوبهم وأبقى، لأنه يدوم ولا ينقطع، وليس كذلك حال ما أتوه في الدنيا.
ويحتمل أن ما أوتيته من يسير الدنيا إذا قرنته بالطاعة، ورضيت به، وصبرت عليه كانت عاقبته خيراً لك. ويحتمل أن يكون المراد ما أعطي من النبوة والدرجات الرفيعة. قوله: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بالصلاة﴾ أي: قَوْمك.
وقيل: مَنْ كان على دينك كقوله تعالى: ﴿وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بالصلاة﴾ [مريم: 55] وحمله بعضهم على أقاربه.
«واصْطَبِرْ عليها» أي: اصبِرْ على الصلاة وحافظ عليها فإنها تَنْهى عن الفحشاء والمنكر. وكان رسولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعدَ نزول هذه الآية يذهب إلى فاطمة وعليّ - عليهما السلام - في كلِّ صباحٍ ويقول: «الصَّلاة» . ثم بيَّن تعالى أنَّما أمرهم بذلك لنفعهم وأنه متعال عن المنافع، فقال: ﴿لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً﴾ أي: لا نكلفك أن ترزق أحداً من خلقنا، ولا أن ترزق نفسَك، وإنما نكلفُكَ عَمَلاً فَفَرِّغْ بالَك لأمر الآخرة، كما قال بعضهم: مَنْ كان في عمل الله كان الله في عمله. وقال أبو مسلم: معناه إنما يُريدُ منه أن يرزقه كما يريد السادة من العبيد الخراج، ونظيره ﴿وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ﴾ [الذاريات: 56، 57] . وقيل: المعنى إنما أمرناك بالصَّلاة لا لأنا ننتفع بصلاتك. «نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ» في الدنيا بوجود النعم، وفي الآخرة بالثواب قال عبد الله بن سلام: كان النبيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إذا نزل بأهلِهِ ضِيقٌ أو شِدَّةٌ أمرهم بالصلاة، وتلا هذه الآية.
«وَالعَاقِبَةُ» الجميلة المحموجة «لِلتَّقْوَى» أي: لأهل التقوى. قال ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما -: (الذين صدَّقوك واتَّبعوك واتقون) ، ويؤيده قوله في موضع آخر، ﴿والعاقبة لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الأعراف: 128، القصص: 83] . وقرأ ابنُ وثاب: «نَرْزُقكَ» بإدغام القاف في الكاف، والمشهور عنه أنه لا يدغم إلا إذا كانت الكاف متصلة بميم جمع نحو: خَلَقَكُمْ، كما تقدم. قوله تعالى: ﴿وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه﴾ واعلم أن هذا من لازم قوله تعالى: " فاصبر على ما يقولون " وهو قولهم: " لولا يأتينا بآية " (أي: هلا يأتينا بآية.
وقال في موضع آخر: " فليأتنا بآية) كما أرسل الأولون ". ثم أجاب عنه بقوله: " أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى " أي: بيان ما فيها وهو القرآن إذا وافق ما في كتبهم مع أن الرسول - عليه السلام - لم يشتغل بالدراسة والتعلم فكان ذلك إخبارا عن الغيب فيكون معجزا. و" بينة ما في الصحف الأولى " ما فيها من البشائر بمحمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ونبوته وبعثته. وقال ابن جرير والقفال: " بينة ما في الصحف الأولى " من أنباء الأمم الذين أهلكنا لما جاءتهم الآيات فكفروا بها، واقترحوا الآيات، فلما جاءتهم لم يؤمنوا بها، فأخذناهم بالعقوبة والهلاك، فما يؤمنهم أن يكون حالهم في سؤال الآيات كحال أولئك.
قوله: " أولم تأتهم بينة " قرأ نافع وأبو عمرو وحفص " تأتهم " بالتأنيث والباقون بالياء من تحت، لأن التأنيث مجازي.
وقرأ العامة " بينة " بإضافة " بينة " إلى " ما " مرفوعة وهي واضحة وقرأ أبو عمرو فيما رواه أو زيد بتنوين " بينة " مرفوعة، وعلى هذه القراءة ففي " ما " أوجه:
أحدها: أنها بدل من " بينة " بدل كل من كل.
الثاني: أن تكون خبر مبتدأ مضمر، أي: هي ما في الصحف الأولى.
الثالث: أن تكون " ما " نافية، قال صاحب اللوامح: وأريد بذلك ما في القرآن من الناسخ والفصل مما لم يكن في غيره من الكتب، وقرأت جماعة " بينة " بالتنوين والنصب.
ووجهها: أن تكون " ما " فاعلة، و" بينة " نصب على الحال، وأنث على معنى " ما ". ومن قرأ بتاء التأنث فحملا على معنى " ما " ومن قرأ بياء الغيبة فعلى لفظها. وقرأ ابن عباس بسكون الحاء من " الصحف ".
قوله: " ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله " الهاء في " قبله " يجوز أن تعود للرسول لقوله: " لولا أرسلت إلينا رسولا.
وجوز الزمخشري وغيره في قوله: أنه يعود على " بينة " باعتبار أنها في معنى البرهان والدليل. والمعنى: ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبل إرسال الرسول، أو من قبل مجيء البرهان " لقالوا " يوم القيامة " لولا " هلا " أرسلت إلينا رسولا " يدعونا " فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى " (بالعذاب. والذل: الهوان. والخزي: الافتضاح) . أي: لكان لهم أن يقولوا ذلك فيكون عذرا لهم، فأما الآن فقد أرسلناك وبينا على لسانك ما عليهم وما لهم فلم تبق لهم حجة ألبتة.
روى أبو سعيد الخدري: قال - عليه السلام -: " يحتج على الله يوم القيامة ثلاثة الهالك في الفترة، يقول: لم يأتني رسول، وتلا " لولا أرسلت إلينا رسولا " والمغلوب على عقله يقول: لم تجعل لي عقلا انتفع به، ويقول الصغير: كنت صغيرا لا أعقل، فترتفع لهم النار، ويقال ادخلوها، فيدخلها من كان في علم الله أنه شقي، ويبقى من كان في علم الله أنه سعيد، فيقول: إياي عصيتم فكيف برسلي لو أتوكم ".
(فصل)
قال الجبائي: هذه الآية تدل على وجوب فعل اللطف إذ المراد أنه يجب أن يفعل بالمكلفين ما يؤمنون عنده، ولو لم يفعل لكان لهم أن يقولوا: هلا فعلت ذلك بنا لنؤمن؟ وهلا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك؟ وإن كان في المعلوم أنهم لا يؤمنون، وإن بعث إليهم الرسول لم يكن لهم في ذلك حجة، فصح أنه إنما يكون حجة لهم إذا كان في المعلوم أنهم يؤمنون عنده إذا أطاعوه.
(فصل)
قال الكلبي: قوله: " لولا أرسلت إلينا رسولا " أوضح دليل على أنه تعالى يقبل الاحتجاج من عباده، وأنه ليس قوله: " لا يسأل عما يفعل " كما ظنه أهل الجبرية من أن ما هو جور منا يكون عدلا منه، بل تأويله: أنه لا يقع منه إلا العدل، قال: وإذا ثبت أنه تعالى يقبل الحجة، فلو لم يكونوا قادرين على ما أمروا به لكان لهم فيه أعظم حجة.
(فصل)
دلت الآية على أن الوجوب لا يتحقق إلا بالشرع إذ لو تحقق العقاب قبل مجيء الشرع لكان العقاب حاصلا قبل الشرع. قوله: " فنتبع " نصب بإضمار " أن " في جواب التحضيض. وفي إعراب أبي البقاء: في جواب الاستفهام، وهو سهو. وقرأ ابن عباس وابن الحنفية والحسن وجماعة كثيرة: " نذل ونخزي " مبنيين للمفعول. قوله: " قل كل متربص " " كل " مبتدأ، و" متربص " خبره، أفرد حملا على لفظ " كل ".
والمعنى: كل منا ومنكم متربص منتظر عاقبة أمره، وذلك أن المشركين قالوا: نتبرص بمحمد حوادث الدهر فإذا مات تخلصنا. قال الله تعالى: " فتربصوا " فانتظروا " فستعلمون " إذا جاء أمر الله، وقامت القيامة، وظهر أمر الثواب والعقاب، فإنه يتميز المحق من المبطل.
ويحتمل أن يكون المراد قبل الموت إما بسبب الجهاد وإما بسبب ظهور الدولة والقوة.
قوله: " فستعلمون من أصحاب ". يجوز في " من " وجهان:
أظهرهما: أن تكون استفهامية مبتدأة، و" أصحاب " خبره، والجملة في محل نصب سادة مسد المفعولين.
والثاني: ويعزى للفراء: أن تكون موصولة بمعنى الذين، و" أصحاب " خبر مبتدأ مضمر، أي هم أصحاب. وهذا على مقتضى مذهبهم، يحذفون مثل هذا العائد وإن لم تطل الصلة. ثم (علم) يجوز أن تكون عرفانية فتكتفي بهذا المفعول وأن تكون على بابها فلا بد من تقدير ثانيهما.
قوله " الصراط السوي " قرأ العامة: " السوي " على وزن فعيل بمعنى المستوي وقرأ أبو مجلز وعمران بن (حدير) " السواء " بفتح السين والمد بمعنى الوسط الجيد.
وقرأ يحيى بن يعمر والجحدري " السوا " على فعلى باعتبار أن " الصراط " يذكر ويؤنث. وقرأ ابن عباس: " السوء " بفتح السين بمعنى الشر. وروي عنهما " السوي " بضم السين وتشديد الواو، ويحتمل ذلك وجهين:
أحدهما: أن يكون قلب الهمزة واوا وأدغم الواو في الواو، وأن يكون فعلى من (السواء) ، واصله (السويا) ، فقلبت الياء واوا، وأدغم أيضا، وكان قياس هذه (السيا) لأنه متى اجتمع ياء وواو وسبقت إحداهما السكون قلبت الواو ياء، وهنا فعل بالعكس. وقرئ " السوي " بضم السين وفتح الواو وتشديد الياء تصغير (سوء) . قاله الزمخشري.
قال أبو حيان: وليس بجيد إذ لو كان كذلك أثبت همزة (سوء) ، والأجود أن يكون تصغير (سواء) كقولهم عطي في عطاء.
قال شهاب الدين: وقد جعله أبو البقاء أيضا تصغير (السوء) بفتح الهمزة ويرد عليه ما تقدم إيراده على الزمخشري. وإبدال مثل هذه الهمزة جائز فلا إيراد.
قوله: " ومن اهتدى " فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن تكون استفهامية، وحكمها كالتي قبلها إلا في حذف العائد.
الثاني: أنها في محل رفع على ما تقدم في الاستفهامية.
الثالث: أنها في محل جر نسقا على " الصراط " أي: وأصحاب من اهتدى. وعلى هذين الوجهين تكون موصولة.
قال أبو البقاء في الوجه الثاني: وفيه عطف الخبر على الاستفهام، وفيه تقوية قول الفراء يعني: أنه إذا جعلها موصولة كانت خبرية.
ومعنى الكلام: فستعلمون إذا جاء أمر الله وقامت القيامة من أصحاب الصراط المستقيم ومن اهتدى من الضلالة نحن أم أنتم.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إن الله - عز وجل - قرأ طه ويس قبل أن يخلق آدم بألفي عام، فلما سمعت الملائكة القرآن قالوا: طوبى لأمة ينزل عليها هذا، وطوبى لألسن تتكلم بهذا، وطوبى لأجواف تحمل هذا ".
وعن الحسن أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يقرأ أهل الجنة من القرآن إلا يس وطه ". والله تعالى أعلم.
قال أبو حيان: وليس بجيد إذ لو كان كذلك أثبت همزة (سوء) ، والأجود أن يكون تصغير (سواء) كقولهم عطي في عطاء.
قال شهاب الدين: وقد جعله أبو البقاء أيضا تصغير (السوء) بفتح الهمزة ويرد عليه ما تقدم إيراده على الزمخشري. وإبدال مثل هذه الهمزة جائز فلا إيراد.
قوله: " ومن اهتدى " فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن تكون استفهامية، وحكمها كالتي قبلها إلا في حذف العائد.
الثاني: أنها في محل رفع على ما تقدم في الاستفهامية.
الثالث: أنها في محل جر نسقا على " الصراط " أي: وأصحاب من اهتدى. وعلى هذين الوجهين تكون موصولة.
قال أبو البقاء في الوجه الثاني: وفيه عطف الخبر على الاستفهام، وفيه تقوية قول الفراء يعني: أنه إذا جعلها موصولة كانت خبرية.
ومعنى الكلام: فستعلمون إذا جاء أمر الله وقامت القيامة من أصحاب الصراط المستقيم ومن اهتدى من الضلالة نحن أم أنتم.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إن الله - عز وجل - قرأ طه ويس قبل أن يخلق آدم بألفي عام، فلما سمعت الملائكة القرآن قالوا: طوبى لأمة ينزل عليها هذا، وطوبى لألسن تتكلم بهذا، وطوبى لأجواف تحمل هذا ".
وعن الحسن أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يقرأ أهل الجنة من القرآن إلا يس وطه ". والله تعالى أعلم.
سورة الأنبياء
{"ayahs_start":131,"ayahs":["وَلَا تَمُدَّنَّ عَیۡنَیۡكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعۡنَا بِهِۦۤ أَزۡوَ ٰجࣰا مِّنۡهُمۡ زَهۡرَةَ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا لِنَفۡتِنَهُمۡ فِیهِۚ وَرِزۡقُ رَبِّكَ خَیۡرࣱ وَأَبۡقَىٰ","وَأۡمُرۡ أَهۡلَكَ بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱصۡطَبِرۡ عَلَیۡهَاۖ لَا نَسۡـَٔلُكَ رِزۡقࣰاۖ نَّحۡنُ نَرۡزُقُكَۗ وَٱلۡعَـٰقِبَةُ لِلتَّقۡوَىٰ","وَقَالُوا۟ لَوۡلَا یَأۡتِینَا بِـَٔایَةࣲ مِّن رَّبِّهِۦۤۚ أَوَلَمۡ تَأۡتِهِم بَیِّنَةُ مَا فِی ٱلصُّحُفِ ٱلۡأُولَىٰ","وَلَوۡ أَنَّاۤ أَهۡلَكۡنَـٰهُم بِعَذَابࣲ مِّن قَبۡلِهِۦ لَقَالُوا۟ رَبَّنَا لَوۡلَاۤ أَرۡسَلۡتَ إِلَیۡنَا رَسُولࣰا فَنَتَّبِعَ ءَایَـٰتِكَ مِن قَبۡلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخۡزَىٰ","قُلۡ كُلࣱّ مُّتَرَبِّصࣱ فَتَرَبَّصُوا۟ۖ فَسَتَعۡلَمُونَ مَنۡ أَصۡحَـٰبُ ٱلصِّرَ ٰطِ ٱلسَّوِیِّ وَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ"],"ayah":"وَلَا تَمُدَّنَّ عَیۡنَیۡكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعۡنَا بِهِۦۤ أَزۡوَ ٰجࣰا مِّنۡهُمۡ زَهۡرَةَ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا لِنَفۡتِنَهُمۡ فِیهِۚ وَرِزۡقُ رَبِّكَ خَیۡرࣱ وَأَبۡقَىٰ"}