الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿بَرَزُواْ لِجَالُوتَ﴾ في هذه اللام وجهان:
أحدهما: أنَّها تتعلَّق ب «برزوا» .
والثاني: أنها تتعلَّقُ بمحذُوفٍ على أَنَّها ومجرورها حالٌ من فاعل: «بَرَزوا» قال أبو البقاء: «وَيَجُوزُ أن تكُونَ حالاً أي: برزوا قاصِدِين لِجَالُوتَ» . ومعنى برزوا: صاروا إلى بَراز من الأرض، وهو ما انْكَشَفَ منها وَاسْتَوَى، وسميت المبارزة لظهور كُلّ قرنٍ لصاحبه، واعلم أَنَّ عسكر طالُوت لما برزوا عسكر جالوت، ورأوا قِلَّة جانبهم، وكثرة عدوهم، لا جرم اشتغلوا بالدُّعاء، والتَّضرع، فقالوا: ﴿رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً﴾ . وفي ندائِهِم بقولهم: «رَبَّنَا» : اعترافٌ منهم بالعُبُوديَّة، وطلبٌ لإِصلاحهم؛ لأَنَّ لفط «الرَّبَّ» يُشْعر بذلك دونَ غيرها، وأَتوا بلفظِ «عَلَى» في قولهم «أَفْرغ عَلَيْنَا» طلباً؛ لأنْ يكونَ الصَّبْرُ مُسْتعلِياً عليهم، وشاملاً لهم كالظرفِ. ونظيره ما حكى اللهُ عن قوم آخرين أَنَّهُم قالوا حين لاقوا عدوَّهم: ومَا كَانوا قَوْلَهُم إِلاَّ أَنْ قالُوا: ﴿ربَّنَا اغفر لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا في أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا﴾ [آل عمران: 147] ﴿وانصرنا عَلَى القوم الكافرين﴾ [آل عمران: 147] وكذلك كان عليه الصَّلاة والسَّلام يفعل في المواطن كما رُوِيَ عنه في قصّة بدرٍ أنه عليه الصَّلاة والسَّلام لم يَزَلْ يُصَلِّي، ويستنجز من الله وعده، وكان إِذَا لقي عدُوّاً قال: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِم وَاجْعَلْ كَيْدَهُم فِي نُحُورِهِمْ» وكان يقول: «اللَّهُمَّ بِكَ أَصُولُ وَأَجُولُ» .
والإفراغ: الصَّبُّ، يقال: أفرغت الإِناءَ: إذا صببت ما فيه، أصله: من الفراغ يقال: فلان فارغٌ معناه: خالٍ ممَّا يشغله، والإفراغ: إخلاءُ الإناء من كلِّ ما فيه.
واعلم أنَّ الأمور المطلوبة عند لقاء العدو ثلاثة:
الأول: الصَّبر على مشاهدة المخاوف وهو المراد بقولهم: ﴿وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا﴾ .
الثاني: أن يكون قد وجد من الآلات والأدوات ما يمكنه أن يقف ويثبت، ولا يصير ملجأ إلى الفرار.
الثالث: زيادة القوَّة على العدوِّ؛ حتى يقهره، وهو المراد من قولهم «وانْصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ» .
* فصل في دفع شبه المعتزلة في خلق الأفعال
احتجَّ أهل السُّنَّة بقوله: ﴿رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً ... ﴾ الآية على أنَّ أفعال العباد مخلوقة لله تعالى؛ لأنه لا معنى للصَّبر إلاّ: القصد على الثبات ولا معنى للثبات إلاّ السُّكون والاستقرار، وهذه الآية دالَّة على أنَّ ذلك القصد بالصَّبر من الله تعالى.
أجاب القاضي: بأنَّ المراد من الصبر، وتثبيت الأقدام: تحصيل أسباب الصّبر، وأسباب ثبات القدم: إمَّا بأن يلقي في قلوب أعدائهم الاختلاف، فيعتقد بعضهم أنَّ البعض الآخر على الباطل، أو يحدث في ديارهم وأهليهم البلاء، كالموت، والوباء، أو يبتليهم بالموت، والمرض الذي يعمهم، أو يموت رئيسهم، ومن يدبّر أمرهم، فيكون ذلك سبباً لجرأة المسلمين عليهم.
والجواب عما قاله القاضي من وجهين:
الأول: أنَّا بيَّنَّا أنَّ الصَّبر عبارة عن القصد إلى السكون والثبات عبارة عن السكون وهو الذي أراده العبد من الله - تعالى -، وأنتم تصرفون الكلام عن ظاهره، وتحملونه على أسباب الصَّبر، وترك الظَّاهر لغير دليل لا يجوز.
الثاني: أنَّ هذه الأسباب التي سلمتم أنَّها بفعل الله تعالى إذا حصلت ووجدت فهل لها أثر في التَّرجيح الدَّاعي، أو ليس لها أثرٌ في التَّرجيح؛ فعند صدور هذه الأسباب المرجحة يحصل الرجحان، وعند حصول الرُّجحان، يمتنع الطَّرف المرجوح، فيجب حصول الطَّرف الرَّاجح، لأنه لا خروج عن طرفي النقيض وهو المطلوب.
{"ayah":"وَلَمَّا بَرَزُوا۟ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦ قَالُوا۟ رَبَّنَاۤ أَفۡرِغۡ عَلَیۡنَا صَبۡرࣰا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَـٰفِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











