الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ الغيب﴾ الآية «ذَلِكَ» : مبتدأ و ﴿مِنْ أَنْبَآءِ الغيب﴾ : خبره، و «نُوحِيهِ» : حالٌ، ويجوز أن يكون خبراً ثانياً، أو حالاً من الضمير في الخبر، وجوز الزمخشري: أن يكون موصولاً بمعنى: الذي، وتقدَّم نظيهر، والمعنى: ذلك الذي ذكرت من أنباء الغيب نوحيه إليك، وما كنت يا محمَّد عند أولاد يعقوب، ﴿إِذْ أجمعوا أَمْرَهُمْ﴾ أي عزموا على إلقاء يوسف في الجبِّ، وما كنت هناك، ذكره على وجه التَّهكُّم، وتقدَّم الكلام على هذا اللفظ عند قوله: ﴿فأجمعوا أَمْرَكُمْ﴾ [يونس: 71] وقوله: ﴿وَهُمْ يَمْكُرُونَ﴾ أي: بيوسف والمقصود من هذا إخبار عن الغيبن فكيون معجزاً؛ لأنَّ محمداً صلوات الله وسلامه عليه لم يطالع الكتب، ولم يتلمذْ لأحد، ما كانت بلدته بلدة العلماء؛ فإتيانه بهذه القصَّة الطويلة، على وجه لم يقع فيها تحريف، ولا غلطٌ من غير مطالعةٍ، ولاتعلم، كيف لا يكون معجزاً؟ .
روي أن اليهود وقريشاً سألوا رسو الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عن قصَّة يوسف؛ فلما أخبرهم على موافقة التَّوراة لم يسلموا، فحزن النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فقيل: إنهم لا يؤمنون، ولو حرصت على إيمانهم.
قوله ﴿وَهُمْ يَمْكُرُونَ﴾ : حال، ﴿وَلَوْ حَرَصْتَ﴾ معترض بين «مََا» وخبرها، وجواب مقدَّماً عليها، فلا يجوز أن يقال: «قُمْتُ لو قمُتَ» .
وقال الفراء في «المصادر» : حَرَصَ يَحْرِصً حِرْصاً، وفي لغة أخرى: حَرِصَ يَحْرَصُ حَرْصاً، ومعنى الحَرْص: طلب الشيء بأقصى ما يكون من الاجتهاد، ﴿إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ﴾ : حالٌ.
قوله ﴿وَمَا تَسْأَلُهُمْ﴾ على تبليغ الرِّسالة، والدُّعاء إلى الله عزَّ وجلَّ «مِنْ أجْرٍ» جعلوا خبر «إن» هو «مَا» أي: القرآن، «إلاَّ ذِكْرٌ» : عظة وتذكير «للْعَالمِينَ» .
ثم قال: «وَكَأيِّنْ» : وكم، «من آيةٍ» : عبرة ودلالة، ﴿فِي السماوات والأرض يَمُرُّونَ عَلَيْهَا﴾ : لا يتفكرون فيها ولا يتعبرون.
واعلم: أن دلائل التَّوحيد، والعلم، والقدرة، والحكمة والرحمة لا بد وأن تكون من أمور محسوسة، وهي: إما الأجرام الفلكيَّة، وإما الأجرام العنصرية.
أما الأجرام الفلكيَّة فهي قسمان: إما الأفلاك، وإما الكواكب.
فأما الأفلاك فقد يستدل بمقاديرها المعينة على وجود الصَّانع، وقد يستدل بكون بعضها فوق بعضه أو تحته، وقد يستدلُّ بحركتها، إمَّا بسرعة حركتها، وإمَّا باختلاف جهة تلك الحركات.
وأمَّا الأجرام الكوكبيَّة، فتارة تدلُّ على وجود الصَّانع بمقاديرها، وأجرامها، وحركاتها في سرعتها وبطئها، وتارة بألوانها وأضوائها، وتارة بتأثيراتها في حصول الأضواء والظلال.
وأما دلائل الأجرام العنصرية: فإمَّا أن تكون مأخوذة من بسائطها، وهو البر والبحر، وإما مأخوذ من [المواليد] ، وهي أقسام:
أحدها: العلويِّة كالرعد، والبرق، والسَّحاب، والمطر، والثلج، والهواء، وقوس قُزَح.
وثانيها: المعادن على اختلاف طابعئها وصفاتها، وكيفياتها.
وثالثها: النَّبات وخاصيَّة الخشب والورق بخصوصه.
ورابعها: اختلاف حال الحيوانت في أشكالها، وطبائعها، وأصواتها، وخلقها.
وخامسها: تشريح أبدان الناس، وتشريح القوى الإنسانية، وبيان المنافع الحاصلة منها، ومن هذا الباب أيضاً قصص الأولين والملوك الذين استولوا على الأرض، وقهروا العباد، وخربوا البلاد. ماتوا ولم يبق لهم في الدنيا خبر، ثم بقي الوزرُ والعقاب عليهم، قال ابن الخطيب: فلهذا ضبط أنواع هذه الدَّلائل.
فصل
الجمهور على جر الأرض عطفاً على السموات، والضمير في «عَلَيْهَا» للآية، فيكون «يمُرُّون» صفة للآية، وحالاً لتخصُّصها بالوصف بالجر.
وقيل: يعود الضمير في «عَليْهَا» للأرض فيكون «يمُرُّون عليها» حالاً منها.
وقال أبو البقاء: وقيل: منها ومن السَّموات، أي: يكون الحال من الشيئين جميعاً، وهذا لا يجوز؛ إذا كان يجب أن يقال: عليهما، وأيضاً: فإنهم لا يمرُّون في السَّماوات إلا أن يراد: يمرّون على آياتها، فيعود المعنى على عود الضمير للآية، وقد يجاب عن الأول بأنه من باب الحذف؛ كقوله تعالى: ﴿والله وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ﴾ [التوبة: 62] .
وقرأ السديُّ: «والأرْضَ» بالنَّصب، ووجهه أنه من باب الاشتغال، ويفسَّر الفعل بما يوافقه معنى، أي: يطوفون الأرض، أو يسلكون الأرض.
{"ayahs_start":102,"ayahs":["ذَ ٰلِكَ مِنۡ أَنۢبَاۤءِ ٱلۡغَیۡبِ نُوحِیهِ إِلَیۡكَۖ وَمَا كُنتَ لَدَیۡهِمۡ إِذۡ أَجۡمَعُوۤا۟ أَمۡرَهُمۡ وَهُمۡ یَمۡكُرُونَ","وَمَاۤ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوۡ حَرَصۡتَ بِمُؤۡمِنِینَ","وَمَا تَسۡـَٔلُهُمۡ عَلَیۡهِ مِنۡ أَجۡرٍۚ إِنۡ هُوَ إِلَّا ذِكۡرࣱ لِّلۡعَـٰلَمِینَ","وَكَأَیِّن مِّنۡ ءَایَةࣲ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ یَمُرُّونَ عَلَیۡهَا وَهُمۡ عَنۡهَا مُعۡرِضُونَ","وَمَا یُؤۡمِنُ أَكۡثَرُهُم بِٱللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشۡرِكُونَ","أَفَأَمِنُوۤا۟ أَن تَأۡتِیَهُمۡ غَـٰشِیَةࣱ مِّنۡ عَذَابِ ٱللَّهِ أَوۡ تَأۡتِیَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغۡتَةࣰ وَهُمۡ لَا یَشۡعُرُونَ"],"ayah":"ذَ ٰلِكَ مِنۡ أَنۢبَاۤءِ ٱلۡغَیۡبِ نُوحِیهِ إِلَیۡكَۖ وَمَا كُنتَ لَدَیۡهِمۡ إِذۡ أَجۡمَعُوۤا۟ أَمۡرَهُمۡ وَهُمۡ یَمۡكُرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق