الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً﴾ قال ابنُ عبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما -: انطلقُوا من عند إبراهيم إلى «لُوطٍ» [و] بين القريتين أربعة فراسخَ، ودخلوا عليه على صورة غلمان مرد حسان الوجوه. قوله: ﴿سياء بِهِمْ﴾ فعلٌ مبنيٌّ للمفعول، والقائمُ مقامَ الفاعل ضمير «لُوطٍ» من قولك: «سَاءَنِي كَذا» أي: حصل لي سُوءٌ، و «بِهِمْ» متعلقٌ به، أي: بسببهم، يقال: سؤته فسيء كما يقال: سَرَرْتُه فَسُرَّ، ومعناهُ: سَاءَهُ مَجِيئُهم وسَاءَ يَسُوءُ فعل لازم. قال الزجاجُ: «أصله» سُوىءَ بِهِمْ «إلاَّ أنَّ الواو أسكنت ونقلت كسرتها إلى السين» . و «ذَرْعاً» نصبٌ على التَّمييز، وهو في الأصل مصدر ذرع البعير يذرع بيديه في سيره إذا سار على قدر خطوه، اشتقاقاً من الذِّراع، تُوسِّع فيه فوضع موضع الطَّاقة والجهد. فقيل: ضاقَ ذَرْعُه، أي طاقته؛ قال: [البسيط] 2999 - ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... فاقْدِرْ بِذرْعِكَ وانْظُرْ أيْنَ تَنْسَلِكُ وقد يقعُ الذِّراعُ موقعهُ؛ قال: [الوافر] 3000 - إذَا التَّيَّازُ ذُو العضلاتِ قُلْنَا ... إلَيْكَ إلَيْكَ ضَاقَ بِهَا ذِرَاعا قيل: هو كنايةٌ عن ضيق الصَّدْرِ. وقوله: «عَصِيبٌ» العَصِبُ والعَصبْصَبُ والعَصُوب: اليومُ الشَّديدُ الكثيرُ الشَّرَّ، الملتفُّ بعضه ببعض قال: [الوافر] 3001 - وكُنْتَ لِزازَ خَصْمِكَ لَمْ أعَرِّدْ ... وَقَدْ سَلكُوكَ في يومٍ عَصِيبِ وعن أبي عبيدة: «سُمِّي عصيباً؛ لأنَّه يعصبُ النَّاسَ بالشَّرِّ» . كأنَّه عصب به الشَّر والبلاء أي: حشدوا والعِصَابةُ: الجماعةُ من النَّاس سُمُّوا بذلك لإحاطتهم إحاطة العصابة. والمعنى: أنَّ لوطاً لمَّا نظر إلى حسن وجوههم، وطيب روائحهم، أشفق عليهم من قومه أن يقصدوهم بالفاحشةِ، وعلم أنَّه سيحتاجُ إلى المدافعة عنهم، فلذلك ضاق بهم ذَرْعاً أي: قَلْباً. يقال: ضَاقَ ذَرْعُ فلان بكذا، إذا وقع في مكروهٍ، ولا يطيقُ الخُروج منه. قوله: ﴿وَجَآءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ﴾ «يُهْرَعُونَ» في محلِّ نصب على الحال. والعامَّةُ على «يُهْرَعُونَ» مبنياً للمفعول. وقرأ فرقة بفتح الياء مبنيّاً للفاعل من لغة «هَرَع» والإهراعُ: الإسْراعُ. ويقالُ: هو المَشْيُ بين الهرولة والجمز. وقال الهرويُّ: هَرَعَ وأهرع: استحث. وقيل: «الإهراعُ: هو الإسْرَاع مع الرّعدة» . قيل: هذا من باب ما جاء بصيغةِ الفاعلِ على لفظِ المفعولِ، ولا يعرف له فاعل نحو: أولع فلان، وأرْعِدَ زَيْدٌ، وزُهي عمرٌو من الزهو. وقيل: لا يجوزُ ورود الفاعل على لفظ المفعول، وهذه الأفعالُ عرف فاعلوها. فتأويلُ أولع فلانٌ أي: أولعهُ حبُّه، وأرْعدَ زيدٌ أي: أرعده غضبه، وزُهي عَمْرٌو أي: جعله ما لهُ زاهياً، وأهرع خوفه، أو حرصه. فصل روي أنَّه لمَّا دخلت الملائكةُ دار لوط - عليه السلام - مضت امرأته فقالت لقومه: دخل دارنا قوم ما رأيت أحسن منهم وجوهاً ولا أطيب منهم رائحة ف «جَاءَهُ قَوْمُهُ» مسرعين ﴿وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السيئات﴾ أي: من قبل مجيئهم إلى لوطٍ كانوا يأتون الرِّجال في أدبارهم، فقال لهم لوطٌ - عليه السلام -: حين قصدوا أضيافه فظنوا أنهم غلمان ﴿ياقوم هؤلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ﴾ يعني: بالتزويج. قوله : ﴿هؤلاء بَنَاتِي﴾ جملةٌ برأسها، و ﴿هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ﴾ جملةٌ أخرى، ويجُوزُ أن يكون «هؤلاءِ» مبتدأ، و «بَنَاتِي» بدلٌ أو عطفُ بيان، وهُنَّ مبتدأ، و «أطْهَرُ» خبره، والجملة خبر الأول. ويجوز أن يكون «هُنَّ» فصلاً، و «أطْهَرُ» خبر: إمَّا ل «هَؤلاءِ» ، وإمَّا ل «بَنَاتِي» والجملةُ خبر الأوَّلِ. وقرأ الحسنُ وزيدُ بنُ عليّ، وسعيدُ بنُ جبير، وعيسى بن عمر، والسُّدي «أطْهَرَ» بالنَّصْب، وخُرِّجَتْ على الحالِ، فقيل: «هؤلاءِ» مبتدأ، و «بَنَاتِي هُنَّ» جملة في محلِّ خبره، و «أطْهَرَ» حال، والعاملُ: إمَّا التَّنبيهُ وإمَّا الإشارةُ. وقيل: «هُنَّ» فصلٌ بين الحالِ وصاحبها، وجعل من ذلك قولهم: «أكثر أكْلِي التفاحة هي نضيجةً» ومنعه بعضُ النحويين، وخرج الآية على أنَّ «لَكُم» خبر «هُنَّ» فلزمه على ذلك أن تتقدَّم الحالُ على عاملها المعنويِّ، وخرَّج المثل المذكور على أنَّ «نَضِيجَةٌ» منصوبة ب «كَانَ» مضمرة. فصل قال قتادةُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: «المرادُ بناته لصلبه» ، وكان في ذلك الوقت تزويج المسلمة من الكافر جائزاً كما زوَّج النبي - صلوات الله البرّ الرحيم وسلامه عليه دائماً أبداً - ابنته من عُتْبة بن أبي لهبٍ، وزوج ابنته الأخرى من أبي العاص بن الربيع قبل الوحي، وكانا كافرين. وقال الحسنُ بن الفضل: عرض بناته عليهم بشرط الإسلام. وقال مجاهدٌ وسعيدُ بن جبير: أراد نساءهم، وأضاف إلى نفسه؛ لأنَّ كُلَّ نبيٍّ أبو أمته وفي قراءة أبي بن كعب « ﴿النبي أولى بالمؤمنين مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ [الأحزاب: 6] وهو أب لهم» وهذا القول أولى؛ لأنَّ إقدام الإنسان على عرض بناته على الأوباش والفُجَّار أمر مستعبدٌ لا يليقُ بأهل المروءةِ، فكيف بالأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -؟ وأيضاً فبناته من صلبه لا تكفي للجمع العظيم، أمَّا بناتُ أمته ففيهن كفاية للكُلِّ، وأيضاً: فلم يكن له إلاَّ بنتان، وإطلاق البنات على البنتين لا يجوز؛ لما ثبت أنَّ أقلَّ الجمع ثلاثة؛ وقال بعضهم ذكر ذلك على سبيل الدفع لا على سبيل التحقيق. فإن قيل: ظاهرُ قوله: ﴿هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ﴾ يقتضي كون عملهم طاهراً، ومعلوم أنَّهُ فاسدٌ؛ ولأنه لا طهارة في نكاح الرَّجُل. فالجوابُ: هذا جارٍ مجرى قولنا: الله أكبرُ، والمرادُ: أنَّهُ كبيرٌ، وكقوله: ﴿أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزقوم﴾ [الصافات: 62] ولا خير فيها، ولمَّا قال أبو سفيان يوم أحد اعْلُ هُبَلُ اعلُ هُبَلُ، قال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أعلى وأجلُّ ولا مقاربة بين الله والصنم. قوله: ﴿وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي﴾ قرأ أبُو عمرو ونافع بإثبات ياء الإضافة في «تُخْزُونِ» على الأصل والباقون بحذفها للتخفيف ودلالة الكسر عليها. والضَّيفُ في الأصل مصدرٌ كقولك: رجالٌ صومٌ، ثم أطلق على الطَّارق لميلانه إلى المُضِيف، ولذلك يقعُ على المفردِ والمذكر وضدِّيهما بلفظٍ واحدٍ، وقد يثنى فيقال: ضيفان، ويجمع فيقال: أضياف وضُيُوف كأبيات وبُيُوت وضيفان كحوض وحِيضان. والضَّيف قائمٌ هنا مقام الأضياف، كما قام الطفل مقام الأطفال في قوله: ﴿أَوِ الطفل الذين لَمْ يَظْهَرُواْ على عَوْرَاتِ النسآء﴾ [النور: 32] . فصل قال ابنُ عباسٍ: المرادُ: خافوا الله، ولا تفضحوني في أضيافي، يريد: أنَّهُم إذا هجمُوا على أضيافه بالمكروه لحقته الفضيحةُ. وقيل: معناه لا تخجلوني فيهم؛ لأنَّ مضيف الضَّيْفِ يلحقهُ الخجلُ من كُلِّ فعل قبيحٍ يتوجه إلى الضَّيف، يقال: خزي الرجل إذا استحيا. ثم قال: ﴿أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ﴾ أي: صالح سديدٌ يقول الحق، ويرد هؤلاء الأوباش عن أضيافي. وقال عكرمةُ: رجل يقول: لا إله إلاَّ الله. وقال ابن إسحاق: رجل يأمُرُ بالمعروفِ، وينهى عن المنكر. ﴿قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ﴾ يا لوطُ ﴿مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ﴾ ، أي: لسن أزواجاً لنا فنستحقهنّ بالنكاح. قيل: ما لنا في بناتك من حاجةٍ، ولا شهوةٍ. وقيل: ﴿مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ﴾ لأنك دعوتنا إلى نكاحهن بشرط الإيمان، ونحنُ لا نجيبك إلى ذلك، فلا يكون لنا فيهن حقٌّ. قوله: «مِنْ حقٍّ» يجوز أن يكون مبتدأ، والجارُّ خبره، وأن يكون فاعلاً بالجارِّ قبله لاعتماده على نفي، و «مِنْ» مزيدةٌ على كلا القولين. قوله: «ما نُرِيدُ» يجُوزُ أن تكون «ما» مصدرية، وأن تكون موصولة بمعنى «الَّذي» . والعلم عرفانٌ؛ فلذلك يتعدَّى لواحدٍ أي: لتعرف إرادتنا، أو الذي نريده. ويجوزُ أن تكون «ما» استفهامية، وهي معلقة للعلم قبلها. والمعنى: إنك لتعلم ما نريد من إتيان الرِّجال. قوله: «لَوْ أنَّ» جوابها محذوفٌ تقديره: لفعلتُ بكم وصنعتُ كقوله: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ﴾ [الرعد: 31] قوله: «أَوْ آوِي» يجوز أن يكون معطوفاً على المعنى، تقديره: أو أنِّي آوي، قاله أبُو البقاءِ ويجوزُ أن يكون معطوفاً على «قُوَّةً» ؛ لأنه منصوبٌ في الأصل بإضمارِ أن فلمَّا حذفت «أنْ» رفع الفعلُ كقوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ﴾ [الروم: 24] . واستضعف أبو البقاءِ هذا الوجه بعدم نصبه. وقد تقدَّم جوابه. ويدلُّ على اعتبار ذلك قراءةُ شيبة، وأبي جعفر: «أوْ آوِيَ» بالنصب كقوله: [الطويل] 3002 - ولوْلاَ رجالٌ منْ رِزَامٍ أعِزَّةٍ ... وآلُ سُبَيْعٍ أو أسُوءكَ عَلْقَمَا وقولها: [الوافر] 3003 - للُبْسُ عَبَاءَةٍ وتقرَّ عَيْنِي ... أحَبُّ إليَّ من لُبْسِ الشُّفُوفِ ويجوز أن يكون عطف هذه الجملةِ الفعلية على مثلها إن قدَّرت أنَّ «أنَّ» مرفوعة بفعل مقدرٍ بعد «لَوْ» عند المبرد، والتقدير: ول يستقر - أو يثبت - استقرار القوة أوْ آوي، ويكون هذان الفعلان ماضيي المعنى؛ لأنَّهما تقلب المضارع إلى المُضيِّ. وأمَّا على رأي سيبويه في كون أنَّ «أنَّ» في محلِّ الابتداء، فيكون هذا مستأنفاً. وقيل: «أوْ» بمعنى «بل» وهذا عند الكوفيين. و «بِكُمْ» متعلق بمحذوفٍ؛ لأنه حالٌ من «قُوَّة» ، إذ هو في الأصلِ صفةٌ للنكرة، ولا يجوزُ أن يتعلق ب «قُوَّةً» لأنها مصدرٌ. والرُّكْنُ بسكون الكافِ وضمها الناحية من جبلٍ وغيره، ويجمع على أركان وأرْكُن؛ قال: [الرجز] 3004 - وَزَحْمُ رُكْنَيْكَ شَدِيدُ الأرْكُنِ ... فصل المعنى: لو أنَّ لي قوة البدنِ، أو القوَّة بالأتباع، وتسمية موجب القوة بالقوَّة جائز قال تعالى: ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا استطعتم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الخيل﴾ [الأنفال: 60] والمراد السلاح. ﴿أَوْ آوي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ أي: موضع حصين، وقيل: أنضم إلى عشيرةٍ مانعةٍ. فإن قيل: كيف عطف الفعل على الاسم؟ . فالجوابُ قد تقدَّم. قال أبُو هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -: «ما بعث الله بعده نبيّاً إلاَّ في منعة من عشيرته» . «وروى أبو هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - أنَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال:» يَرْحَمُ اللهُ لُوطاً لقد كَانَ يَأوي إلى رُكْنٍ شديدٍ» . قال ابنُ عبَّاسٍ والمفسِّرُون - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم -: أغلق لوطٌ بابه، والملائكة معه في الدَّار وهو يناظرهم ويناشدهم من وراءِ البابِ، وهم يُعَالجُونَ سور الجدار، فلما رأت الملائكةُ ما يلقى لوطٌ بسببهم: ﴿قَالُواْ يالوط﴾ إنَّ ركنك شديدٌ ﴿إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يصلوا إِلَيْكَ﴾ بسوءٍ ومكروه فإنا نحولُ بينهم وبين ذلك، فافتح الباب، ودعنا وإيَّاهم؛ ففتح الباب ودخلوا، واستأذن جبريلُ - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - ربه - عزَّو جلَّ - في عقوبتهم فأذن لهُ - فقام في الصُّورة اليت يكون فيها؛ فنشر جناحيه، وعليه وشاح من دُرٍّ منظوم، وهو براق الثَّنايا، أجلى الجبين، ورأسه مثل المرجان كأنَّه الثلج بياضاً، وقدماه إلى الخضرة، فضرب بجناحيه وجوههم فطمس أعينهم فأعماهم فصاروا لا يعرفون الطَّريق، فانصرفوا وهم يقولون: النَّجاة النَّجاة في بيت لوطٍ أسحرُ قوم في الأرض، سحرونا، وجَعلوا يقولون: يا لوطُ كما أنت حتى تصبح، وسترى ما تلقى منَّا غداً، فقال لوطٌ للملائكةِ: متى موعد هلاكهم؛ فقالوا: الصُّبح، قال: أريدُ أسرع من ذلك فلو أهلكتموهم الآن، فقالوا ﴿أَلَيْسَ الصبح بِقَرِيبٍ﴾ . قوله: «فَأَسْرِ» قرأ نافعٌ وابنُ كثيرٍ: (فأسر بأهلك) هنا وفي الحجر، وفي الدخان (فاسر بعبادي) ، وقوله: (أن اسر) في طه والشعراء، جميع ذلك بهمزة الوصل تسقط درجاً وتثبتُ مكسورة ابتداء. والباقُون: «فأسْرِ» بهمزة القطع تَثْبتُ مفتوحةً درجاً وابتداء، والقراءتان مأخوذتان من لغتي هذا الفعل فإنَّهُ يقال: سَرَى، ومنه ﴿والليل إِذَا يَسْرِ﴾ [الفجر: 4] ، وأسْرَى، ومنه: ﴿سُبْحَانَ الذي أسرى بِعَبْدِهِ﴾ [الإسراء: 1] وهل هما بمعنى واحدٍ أو بينهما فرقٌ؟ خلافٌ فقيل: هما بمعنى واحدٍ، وهو قولُ أبي عبيدٍ. وقيل: أسْرَى لأولِ الليل، وسرى لآخره، وهو قولُ اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وأمَّا «سَارَ» فمختص بالنَّهار، وليس مقلُوباً من «سَرَى» . فإن قيل «السُّرى» لا يكون إلاَّ بالليل، فما الفائدةُ في قوله: ﴿بِقِطْعٍ مِّنَ الليل﴾ قال: هو آخر الليل سحر وقال قتادةُ: بعد طائفة من اللَّيلِ. وتقدم في سورة يونس. ثم قال: ﴿وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ﴾ في الالتفات وجهان: أحدهما: نظر الإنسان إلى ما وراءه، فيكونُ المرادُ أنه كان لهم في البلد أموال نهوا عن الالتفات إليها. والثاني: أنَّ المراد بالالتفات الانصرافُ؛ كقوله تعالى: ﴿أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا﴾ [يونس: 78] أي: لتصرفنا والمراد نهيهم عن التَّخلُّفِ. قوله: ﴿إِلاَّ امرأتك﴾ قرأ ابنُ كثير، وأبو عمرو برفع «امْرأتُكَ» والباقون بنصبها. وفي هذه الآية كلامٌ كثيرٌ. أمَّا قراءةُ الرَّلإع ففيها وجهان: أشهرهما - عند المعربين - أنَّه على البدل من «أحد» وهو أحسنُ من النَّصب، لأنَّ الكلام غيرُ موجب. وهذا الوجهُ ردَّهُ أبو عبيد بأنه يلزمُ منه أنَّهُم نُهُوا عن الالتفاتِ إلاَّ المرأة، فإنَّها لم تُنْه عنه، وهذا لا يجُوزُ، ولوْ كان الكلامُ «ولا يَلْتَفِت» برفع «يَلْتَفتْ» يعني على أن تكون «لا» نافيةً، فيكون الكلامُ خبراً عنهم بأنَّهُم لم يلتفتُوا إلاَّ امرأته فإنَّها تلتفتُ لكان الاستثناء بالبدليَّة واضحاً، لكنَّهُ لم يقرأ برفع «يَلْتَفِتُ» أحد. واستحسن ابنُ عيطة هذا الإلزامَ من أبي عبيدٍ. وقال: «إنَّه واردٌ على القول باستثناءِ المرأة من» أحد «سواءً رفعت المرأة أو نصبتها» . وهذا صحيحٌ، فإنَّ أبا عبيد لم يُرد الرفع لخصوصِ كونه رفعاً، بل لفسادِ المعنى، وفسادُ المعنى دائر مع الاستثناء من «أحد» ، وأبو عبيد يخرِّجُ النصب على الاستثناء من «بِأَهْلِكَ» ولكنَّهُ يلزمُ من ذلك إبطالُ قراءة الرَّفع، ولا سبيل إلى ذلك لتواتُرها. وقد انفصل المبرِّدُ عن هذا الإشكال الذي أورده أبو عبيد بأنَّ النَّهْيَ في اللفظ ل «أحَد» وهو في المعنى للوط - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -، إذ التقدير: لا تدعْ منهم أحداً يلتفتُ، كقولك لخادمك: «لا يَقُمْ أحَدٌ» النَّهْيُ ل «أحد» وهو في المعنى للخادم، إذ المعنى: لا تدعْ أحداً يقومُ. فآل الجوابُ إلى أنَّ المعنى لا تدعْ أحداً يلتفتُ إلاَّ امرأتك فدعها تلتفتُ، هذا مقتضى الاستثناء كقولك: «لا تدَعْ أحَداً يقوم إلاَّ زيداً معناه: فدعهُ يقوم. وفيه نظرٌ، إذ المحذور الذي قد فرَّ منه أبو عبيد موجودٌ هو أو قريب منه هنا. والثاني: أنَّ الرفع على الاستثناءِ المنقطع. وقال أبو شامة: قراءةُ النَّصب أيضاً من الاستثناء المنقطع، فالقراءتان عنده على حدِّ سواء، ولنسرُدْ كلامه قال:» الذي يظهرُ أنَّ الاستثناء على كلتا القراءتين منقطع، لم يقصدْ به إخراجها من المأمور بالإسراء بهم، ولا من المنهيين عن الالتفات، ولكن استؤنف الإخبار عنها، فالمعنى: لكن امرأتكَ يجري لها كذا وكذا، ويؤيدُ هذا المعنى أنَّ مثل هذه الآية جاءت في سورة الحجرِ، وليس فيها استثناءٌ ألبتَّة، قال تعالى: ﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ﴾ [الحجر: 65] الآية. فلم تقع العنايةُ في ذلك إلاَّ بذكر من أنجاهم الله تعالى، فجاء شرح حالِ امرأته في سورة [هود] تبعاً لا مقصوداً بالإخراج ممَّا تقدَّم، وإذا اتَّضح هذا المعنى عُلم أنَّ القراءتين وردتا على ما تقتضيه العربية في الاستثناء المنقطع، وفيه النصبُ والرفعُ، فالنَّصب لغةُ أهلِ الحجاز، وعليه الأكثر، والرَّفعُ لغةُ تميم، وعليه اثنان من القراء «. قال أبُو حيَّان:» هذا الذي طوَّل به لا تحقيق فيه، فإنَّه إذا لم يقصد إخراجها من المأمُور بالإسراء بهم، ولا من المنهيِّين عن الالتفاتِ، وجعل اسثناءً منقطعاً، كان من المنقطع الذي لمْ يتوجَّهْ عليه العاملُ بحالٍ، وهذا النَّوعُ يجبُ فيه النَّصْبُ على كلتا اللغتين وإنَّما تكون اللغتان فيما جاز توُّهُ العامل عليهن وفي كلا النوعين يكون ما بعد «إلاَّ» من غير الجنس المستثنى، فكونه جاز فيه اللغتان دليل على أنَّهُ يتوجَّه عليه العاملُ وهو أنه قد فرض أنه لم يقصد بالاستثناء إخراجها من المأمور بالإسراء بهم ولا من المنهيِّين عن الالتفاتِ؛ فكان يجبُ فيه إذ ذاك النَّصْبُ قولاً واحداً. قال شهابُ الدِّين: «أمَّا قوله:» إنَّه لم يتوجَّه عليه العامل «ليس بمسلَّم، بل يتوجَّهُ عليه في الجملة، والذي قاله النُّاة ممَّا لم يتوجَّه عليه العاملُ من حيثُ المعنى نحو: ما زاد إلاَّ ما نقص، وما نفع إلاَّ ما ضرَّ، وهذا ليس من ذاك، فكيف يعترض به على أبي شامة؟» . وأمَّا النصب ففيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنَّهُ مستثنى من «بأهلكَ» ، واستشكلُوا عليه إشكالاً من حيث المعنى: وهو أنه يلزمُ ألاَّ يكون سرى بها، لكن الفرض أنه سرى بها يدلُّ عليه أنَّها التفتت، ولو لم تكن معهم لما حسن الإخبار عنها بالالتفات، فالالتفاتُ يدل على كونها سرت معهم قطعاً. وقد أجيب عنه بأنه لم يَسْرِ هو بها، ولكن لمَّا سرى هو وبنتاه تبعتهم فالتفتت، ويؤيِّد أنَّه استثناء من الأهل ما قرأ به عبد الله وسقط من مصحفه، «فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقطْعٍ من اللَّيْلِ إلاَّ امرأتك» ولم يذكر قوله ﴿وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ﴾ . والثاني: أنَّهُ مستثنى منْ «أحد» وإن كان الأحسنُ الرّفع إلاَّ أنَّهُ جاء كقراءة ابن عامرٍ: ﴿مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ﴾ [النساء: 66] ، بالنَّصْبِ مع تقدُّم النفي الصَّريح. وهناك تخريجٌ آخرُ لا يمكن هنا. والثالث: أنه مستثنى منقطعٌ على ما تقدَّم عن أبي شامة. وقال الزمخشري: «وفي إخراجها مع أهله روايتان، روي أنَّه أخرجها معهم، وأمر أن لا يلتفت منهم أحدٌ إلاَّ هي، فلمَّا سمعتْ هدَّة العذاب التفتت وقالت: يا قوماه، فأدركها حجرٌ فقتلها، وروي أنه أمر بأن يخلِّفها مع قومها فإنَّ هواها إليهم ولم يَسْرِ بها، واختلاف القراءتين لاختلاف الروايتين» . قال أبُو حيَّان: «وهذا وهمٌ فاحشٌ، إذْ بَنَى القراءتين على اختلاف الروايتين من أنَّه سرى بها أو لم يسر بها وهذا تكاذبٌ في الإخبار، يستحيلُ أن تكون القراءتان - وهما من كلام الله تعالى - يترتبان على التَّكاذُبِ» . قال شهابُ الدِّين: «وحاش لله أن تترتب القراءتان على التَّكاذُبِ، ولكن ما قاله الزمخشري صحيحٌ، الفرض أنَّهُ قد جاء القولان في التفسير، ولا يلزم من ذلك التَّكاذبُ؛ لأنَّ من قال إنَّه سرى بها يعني أنَّها سرتْ هي بنفسها مصاحبةً لهم في أوائل الأمر، ثمَّ أخذها العذابُ فانقطع سُراها، ومن قال إنَّه لم يسر بها، أي: لَمْ يأمرها، ولم يأخذها، وأنَّهُ لم يدُم سراها معهم بل انقطع فصحَّ أن يقال: إنَّهُ سرى بها ولم يَسْرِ بها، وقد أجاب النَّاسُ بهذا، وهو حسنٌ» . وقال أبو شامة: «ووقع لي في تصحيح ما أعربه النحاةُ معنى حسنٌ، وذلك أن يكون في الكلام اختصار نبَّه عليه اختلاف القراءتين فكأنَّهث قيل: فأسر بأهلك إلاَّ امرأتك، وكذا روى أبو عبيد وغيره أنها في مصحف عبد الله هكذا، وليس فيها:» ولا يلتفتْ منكمْ أحَدٌ «فهذا دليلٌ على استثنائها من السُّرَى بهم ثم كأنه سبحانه وتعالى قال: فإن خرجتْ معكم وتَبعتْكُم - غير أن تكون أنت سريتَ بها - فانْهَ أهلك عن الالتفات غيرها، فإنَّها ستلتفت فيصيبها ما أصاب قومها، فكانت قراءة النَّصب دالَّة على المعنى المتقدم، وقراءةُ الرَّفعِ دالَّةٌ على المعنى المتأخر، ومجموعهما دالٌّ على جملة المعنى المشروح» . وهو كلامٌ حسنٌ شاهدٌ لما ذكرته. قوله: ﴿إِنَّهُ مُصِيبُهَا﴾ الضَّميرُ ضمير الشَّأنِ، «مُصِيبُهَا» خبرٌ مقدَّم، و «مَا أصَابَهُمْ» مبتدأ مؤخَّر وهو موصولٌ بمعنى «الذي» ، والجملة خبرُ «إنَّ» ؛ لأنَّ ضمير الشَّأنِ يُفسَّر بجملةٍ مصرَّحٍ بجزأيها. وأعرب أبو حيان: «مُصِيبُهَا» مبتدأ، و «مَا أصَابهُمْ» الخبر وفيه نظرٌ من حيثُ الصَّناعة: فإنَّ الموصول معرفة، فينبغي أن يكون المبتدأ: «مُصِيبُهَا» نكرةً؛ لأنه عاملٌ تقديراً فإضافتهُ غير محضةٍ، ومن حيث المعنى: إنَّ المراد الإخبار عن الذي أصابهم أنه مُصيبها من غير عكس ويجوز عند الكوفيين أن يكون «مُصِيبُهَا» مبتدأ، و «ما» الموصولةُ فاعلٌ لأنَّهم يجيزون أن يفسَّر ضميرُ الشَّأن بمفرد عاملٍ فيما بعده نحو: «إنَّهُ قائمٌ أبواك» . قوله: ﴿إِنَّ مَوْعِدَهُمُ﴾ أي: موعد إهلاكهم. وقرأ عيسى بن عمر «الصُّبُح» بضمتين فقيل: لغتان، وقيل: بل هي إتباعٌ، وقد تقدَّم البحثُ في ذلك [الأنعام: 96] . قوله: ﴿فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا﴾ قيل: المراد حقيقتهُ، وقيل: المرادُ بالأمر العذابُ، قال بعضهم: لا يمكن حملهُ هنا على العذاب؛ لأن قوله: ﴿فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا﴾ ، فالجعل هو العذاب فكان الأمر شرطاً، والعذاب الجزاءُ، والشرط غير الجزاء، فالأمر غير العذاب، فدلَّ على أن الأمر هو ضدُّ النهي؛ ويدل على ذلك قول الملائكة: {إِنَّا أُرْسِلْنَا إلى قَوْمِ لُوطٍ} [هود: 70] فدل على أنَّهم أمروا بالذهاب إلى قوم لوط بإيصال العذاب إليهم. فإن قيل: لو كان كذلك، لقال: «فلما جاء أمرنا، جعلوا عاليها سافلها» ، لأن الفعل صدر عن المأمور. فالجواب: أن فعل العبد فعل الله تعالى، وأيضاً: فالذي وقع إنَّما وقع بأمْر الله، وبأقداره، فلا يمتنع إضافته إلى الله تعالى؛ فكما يحسُنُ إضافتهُ إلى المباشرين، يحسنُ إضافته إلى المسَبِّب. قوله: ﴿عَالِيَهَا سَافِلَهَا﴾ مفعولا الجعل الذي بمعنى التَّصْيير، و «سِجِّيلٍ» قيل: هو في الأصل مركَّب من «سنك وكل» وهو بالفارسيَّة حجر وطين فعُرِّب، وغُيِّرت حروفهُ، كما عرَّبُوا الدِّيباج والدِّ] وان والاستبرق. وقيل: «سِجِّيل» اسمٌ للسَّماء، وهو ضعيفٌ أو غلطٌ، لوصفه ب «مَنْضُودٍ» . وقيل: من أسْجَلَ، أي: أرسل فيكون «فِعِّيلاً» ، وقيل: هو من التسجيل، والمعنى: أنه ممَّا كتب الله وأسجل أن يُعذَّب به قوم لوط، وينصرُ الأول تفسيرُ ابن عبَّاسٍ أنَّهُ حجرٌ وطين كالآجر المطبوخ وعن أبي عبيدة هو الحجر الصُّلب. وقيل: «سِجِّيل» موضع الحجارةِ، وهي جبالٌ مخصوصة. قال تعالى: ﴿مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ﴾ [النور: 43] . قال الحسن: كان أصل الحجر هو الطين فشددت. و «مَنضُودٍ» صفةٌ ل «سِجِّيلٍ» . والنَّضد: جعلُ بعضهُ فوق بعضٍ، ومنه ﴿وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ﴾ [الواقعة: 29] أي: متراكب، والمراد وصفُ الحجارة بالكثرة. «مُسَوَّمَةً» نعتٌ ل «حِجَارة» ، وحينئذ يلزمُ تقدُّمُ الوصف غير الصَّريح على الصَّريح لأنَّ «مِنْ سِجِّيل» صفةٌ ل «حِجَارة» ، والأولى أن يجعل حالاً من «حِجَارة» ، وسوَّغ مجيئها من النكرة تخصُّص النكرة بالوصف. والتَّسْويم: العلامةُ. قيل: عُلِّم على كُلِّ حجرٍ اسمُ من يرمي به وتقدَّم اشتقاقُه في آل عمران [14] في قوله: ﴿والخيل المسومة﴾ وقال الحسنُ والسديُّ: كان عليها أمثال الخواتيم. قال أبو صالحٍ: رأيتُ منها عند أم هانىء، وهي حجارة فيها خطوط حمرٌ على هيئة الجَزْع. وقال ابنُ جريجٍ: كان عليها سيماء لا تشبه حجارة الأرض. و «عِنْدَ» إمَّا منصوبٌ ب «مُسَوَّمَةً» ، وإمَّا بمحذوفٍ على أنَّها صفةٌ ل «مُسَوَّمَةً» . وقله: «ومَا هِيَ» الظَّاهرُ عودُ هذا الضمير على القرى المهلكة. وقيل: يعودُ على الحِجَارة وهي أقربُ مذكور. وقيل: يعودُ على العُقوبةِ المفهومة من السِّياقِ، ولَمْ يُؤنِّثْ « بِبَعيدٍ» إمَّا لأنَّهُ في الأصل نعتٌ لمكانٍ محذوف تقديره: وما هي بمكانٍ بعيدٍ بل هو قريبٌ، والمرادُ به السَّماء أو القُرَى المهلكة، أي: وما تلك القرى المهلكة من كفَّار مكة - ببعيدٍ؛ لأنَّ تلك القرى في الشَّام، وهي قريب من مكَّة، وإمَّا لأنَّ العقوبة والعقاب واحدٌ، وإمَّا لتأويل الحجارة بعذابٍ أو بشيءٍ بعيدٍ، والمراد بالآية كفار مكة، أي أنه تعالى يرميهم بهذه الحجارة. قال أنس بن مالك سأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ جبريل عن هذا فقال: «مَا مِنْ ظالمٍ إلاَّ وهو بمعرض حجرِ يسقطُ عليه من ساعةٍ إلى ساعةٍ» . وقال قتادةُ وعكرمةُ: يعنى ظالمي هذه الأمة، والله ما أجار اللهُ منها ظالماً. روي: أنَّ الحجر اتَّبع شُذَّاذهم ومسافريهم أين كانوا في البلادِ، ودخل رجلٌ منهم الحرم، فكان الحجرُ معلقاً بين السَّماء والأرض أربعين يوماً حتى خرج؛ فأصابه فأهلكه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب