حرم:
الحِرْمُ، بِالْكَسْرِ،
والحَرامُ: نَقِيضُ الْحَلَالِ، وَجَمْعُهُ
حُرُمٌ؛ قَالَ الأَعشى:
مَهادي النَّهارِ لجاراتِهِمْ، ... وَبِاللَّيْلِ هُنَّ عليهمْ
حُرُمْوَقَدْ
حَرُمَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ
حُرْماً وحَراماً وحَرُمَ الشيءُ، بِالضَّمِّ،
حُرْمَةً وحَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ
وحَرُمَتِ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَرْأَةِ
حُرُماً وحُرْماً،
وحَرِمَتْ عليها
حَرَماً وحَراماً: لُغَةٌ فِي
حَرُمَت. الأَزهري:
حَرُمَت الصَّلَاةُ عَلَى الْمَرْأَةِ
تَحْرُمُ حُروماً،
وحَرُمَتِ المرأةُ عَلَى زَوْجِهَا
تَحْرُمُ حُرْماً وحَراماً،
وحَرُمَ عَلَيْهِ السَّحورُ
حُرْماً،
وحَرِمَ لغةٌ.
والحَرامُ: مَا
حَرَّم اللهُ.
والمُحَرَّمُ:
الحَرامُ.
والمَحارِمُ: مَا
حَرَّم اللهُ.
ومَحارِمُ الليلِ: مَخاوِفُه الَّتِي
يَحْرُم عَلَى الجَبان أَن يَسْلُكَهَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
مَحارِمُ اللَّيْلِ لهُنَّ بَهْرَجُ، ... حِينَ يَنَامُ الوَرَعُ المُحَرَّجُ
(١).
وَيُرْوَى:
محارِمُ اللَّيْلِ أَي أَوائله.
وأَحْرَمَ الشَّيْءَ: جَعله
حَراماً.
والحَريمُ: مَا
حُرِّمَ فَلَمْ يُمَسَّ.
والحَريمُ: مَا كَانَ
المُحْرِمون يُلْقونه مِنَ الثِّيَابِ فَلَا يَلْبَسونه؛ قَالَ:
كَفى حَزَناً كَرِّي عَلَيْهِ كأَنه ... لَقىً، بَيْنَ أَيْدي الطائفينَ،
حَريمُالأَزهري:
الحَريمُ الَّذِي
حَرُمَ مَسُّهُ فَلَا يُدْنى مِنْهُ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا حَجَّت الْبَيْتَ تَخْلَعُ ثِيَابَهَا الَّتِي عَلَيْهَا إِذَا دَخَلُوا
الحَرَمَ وَلَمْ يَلْبسوها مَا دَامُوا فِي
الحَرَم؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَقىً، بَيْنَ أَيدي الطائفينَ،
حَريمُوَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ؛ كَانَ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُراةً وَيَقُولُونَ: لَا نَطُوفُ بِالْبَيْتِ فِي ثِيَابٍ قَدْ أَذْنَبْنا فِيهَا، وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تَطُوفُ عُرْيانَةً أَيضاً إِلّا أَنَّهَا كَانَتْ تَلْبَس رَهْطاً مِنْ سُيور؛ وَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْعَرَبِ:
اليومَ يَبْدو بعضُه أَو كلُّهُ، ... وَمَا بَدا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهُ
تَعْنِي فَرْجَهَا أَنه يَظْهَرُ مِنْ فُرَجِ الرَّهْطِ الَّذِي لَبِسَتْهُ، فأَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بَعْدَ ذِكْرِهِ عُقوبة آدمَ وَحَوَّاءَ بأَن بَدَتْ سَوْآتُهما بالاستتار فقال: يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ؛ قَالَ الأَزهري: والتَّعَرِّي وظهور السوءة مَكْرُوهٌ، وَذَلِكَ مُذْ لَدُنْ آدَمَ.
والحَريمُ: ثَوْبُ
المُحْرم، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَطُوفُ عُراةً وثيابُهم مطروحةٌ بَيْنَ أَيديهم فِي الطَّوَافِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن عِياضَ بْنَ حِمار المُجاشِعيّ كَانَ
حِرْميَّ رَسُولِ اللَّهِ، ﷺ، فَكَانَ إِذَا حَجَّ طَافَ فِي ثِيَابِهِ؛ كَانَ أَشراف الْعَرَبِ الَّذِينَ يتَحَمَّسونَ عَلَى دِينِهِمْ أَي يتشدَّدون إِذَا حَج أَحَدُهُمْ لَمْ يَأْكُلْ إِلّا طعامَ رجلٍ مِنَ
الحَرَم، وَلَمْ يَطُفْ إلَّا فِي ثِيَابِهِ فَكَانَ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْ أَشرافهم رجلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَيَكُونُ كُلُّ واحدٍ مِنْهُمَا
حِرْمِيَّ صَاحِبَهُ، كَمَا يُقَالُ كَرِيٌّ للمُكْري والمُكْتَري، قَالَ: والنَّسَبُ فِي النَّاسِ إِلى
الحَرَمِ حِرْمِيّ، بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ. يُقَالُ: رَجُلٌ
حِرْمِيّ، فَإِذَا كَانَ فِي غَيْرِ النَّاسِ قَالُوا ثَوْبٌ
حَرَمِيّ.
وحَرَمُ مَكَّةَ: مَعْرُوفٌ وَهُوَ
حَرَمُ اللَّهِ
وحَرَمُ رَسُولِهِ.
والحَرَمانِ: مَكَّةُ والمدينةُ، وَالْجَمْعُ
أَحْرامٌ.
وأَحْرَمَ القومُ: دَخَلُوا فِي
الحَرَمِ. وَرَجُلٌ
حَرامٌ: دَاخِلٌ فِي
الحَرَمِ، وَكَذَلِكَ الِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ، وَقَدْ جَمَعَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى
حُرُمٍ. وَالْبَيْتُ
الحَرامُ وَالْمَسْجِدُ
الحَرامُ وَالْبَلَدُ
الحَرام. وَقَوْمٌ
حُرُمٌ ومُحْرِمون.
والمُحْرِمُ: الدَّاخِلُ فِي الشَّهْرِ
الحَرام، والنَّسَبُ إِلَى
الحَرَم حِرْمِيٌّ، والأُنثى
حِرْمِيَّة، وَهُوَ مِنَ الْمَعْدُولِ الَّذِي يَأْتِي عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، قَالَ الْمُبَرِّدُ: يُقَالُ امْرَأَةٌ
حِرْمِيَّة وحُرْمِيَّة وأَصله مِنْ قَوْلِهِمْ:
وحُرْمَةُ الْبَيْتِ
وحِرْمَةُ الْبَيْتِ؛ قَالَ الأَعشى:
لَا تأوِيَنَّ
لحِرْمِيّ مَرَرْتَ بِهِ، ... يَوْمًا، وإنْ أُلْقِيَ
الحِرْميُّ فِي النَّارِ
وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده ابْنُ سِيدَهْ فِي الْمُحْكَمِ، وَاسْتَشْهَدَ بِهِ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي أَماليه عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ، وَقَالَ: هَذَا الْبَيْتُ مُصَحَّف، وإِنما هُوَ:
لَا تَأوِيَنَّ لِجَرْمِيّ ظَفِرْتَ بِهِ، ... يَوْمًا، وإِن أُلْقِيَ الجَرْميُّ فِي النَّارِ
الباخِسينَ لِمَرْوانٍ بِذِي خُشُبٍ، ... والدَّاخِلين عَلَى عُثْمان فِي الدَّار
وَشَاهِدُ
الحِرْمِيَّةِ قَوْلُ النَّابِغَةِ الذُّبْيَانِيِّ:
كادَتْ تُساقِطُني رَحْلي ومِيثَرَتي، ... بِذِي المَجازِ، وَلَمْ تَحْسُسْ بِهِ نَغَما
مِنْ قَوْلِ
حِرْمِيَّةٍ قَالَتْ، وَقَدْ ظَعنوا: ... هَلْ فِي مُخْفِّيكُمُ مَنْ يَشْتَري أَدَما؟
وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
لَهُنَّ نَشيجٌ بالنَّشيلِ، كأَنها ... ضَرائرُ
حِرْميّ تفاحشَ غارُها
قَالَ الأَصمعي: أَظنه عَنى بِهِ قُرَيْشاً، وَذَلِكَ لأَن أَهل
الحَرَمِ أَول مَنِ اتَّخَذَ الضَّرَائِرَ، وَقَالُوا فِي الثَّوْبِ الْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ
حَرَمِيّ، وَذَلِكَ لِلْفَرْقِ الَّذِي يُحَافِظُونَ عَلَيْهِ كَثِيرًا وَيَعْتَادُونَهُ فِي مِثْلِ هَذَا. وَبَلَدٌ
حَرامٌ وَمَسْجِدٌ
حَرامٌ وَشَهْرٌ
حَرَامٌ. والأَشهُر
الحُرُمُ أَربعة: ثَلَاثَةٌ سَرْدٌ أَي متتابِعة وَوَاحِدٌ فَرْدٌ، فالسَّرْدُ ذُو القَعْدة وَذُو الحِجَّة
والمُحَرَّمُ، والفَرْدُ رَجَبٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: مِنْها أَرْبَعَةٌ
حُرُمٌ؛ قَوْلُهُ مِنْها، يُرِيدُ الْكَثِيرَ، ثُمَّ قَالَ: فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ لَمَّا كَانَتْ قَلِيلَةً.
والمُحَرَّمُ: شَهْرُ اللَّهِ، سَمَّتْه الْعَرَبُ بِهَذَا الِاسْمِ لأَنهم كَانُوا لَا يستَحلُّون فِيهِ الْقِتَالَ، وأُضيف إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِعظاماً لَهُ كَمَا قِيلَ لِلْكَعْبَةِ بَيْتُ اللَّهِ، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه مِنَ الأَشهر
الحُرُمِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ. الْجَوْهَرِيُّ: مِنَ الشُّهُورِ أَربعة
حُرُمٌ كَانَتِ الْعَرَبُ لَا تَسْتَحِلُّ فِيهَا الْقِتَالَ إِلا حَيّان خَثْعَم وطَيِءٌ، فَإِنَّهُمَا كَانَا يستَحِلَّان الشُّهُورَ، وكان الذين يَنْسؤُون الشُّهُورَ أَيام الْمَوَاسِمِ يَقُولُونَ:
حَرّمْنا عَلَيْكُمُ القتالَ فِي هَذِهِ الشُّهُورِ إلَّا دِمَاءَ المُحِلِّينَ، فَكَانَتِ الْعَرَبُ تَسْتَحِلُّ دِمَاءَهُمْ خَاصَّةً فِي هَذِهِ الشُّهُورِ، وَجَمْعُ
المُحَرَّم مَحارِمُ ومَحاريمُ ومُحَرَّماتٌ. الأَزهري: كَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّي شَهْرَ رَجَبٍ الأَصَمَّ
والمُحَرَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ؛ وأَنشد شَمِرٌ قَوْلُ حُمَيْدِ بْنِ ثَوْر:
رَعَيْنَ المُرارَ الجَوْنَ مِنْ كُلِّ مِذْنَبٍ، ... شهورَ جُمادَى كُلَّها
والمُحَرَّماقَالَ: وأَراد
بالمُحَرَّمِ رَجَبَ، وَقَالَ: قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي؛ وَقَالَ الْآخَرُ:
أَقَمْنا بِهَا شَهْرَيْ ربيعٍ كِليهما، ... وشَهْرَيْ جُمادَى، واسْتَحَلُّوا
المُحَرَّماوَرَوَى
الأَزهري بإِسناده عَنْ أُم بَكْرَةَ: أَن النَّبِيَّ، ﷺ، خَطَبَ فِي صِحَّته فَقَالَ: أَلا إنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ السموات والأَرض، السَّنَة اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَربعة
حُرُمٌ، ثلاثةٌ مُتَوالِياتٌ: ذُو القَعْدة وَذُو الحِجَّة
والمحَرَّمُ، ورَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمادَى وَشَعْبَانَ.
والمُحَرَّم: أَول الشُّهُورِ.
وحَرَمَ وأَحْرَمَ: دَخَلَ فِي الشَّهْرِ
الْحَرَامِ؛ قَالَ:
وإذْ فَتَكَ النُّعْمانُ بِالنَّاسِ
مُحْرِماً، ... فَمُلِّئَ مِنْ عَوْفِ بْنِ كعبٍ سَلاسِلُهْ
فَقَوْلُهُ
مُحْرِماً لَيْسَ مِنْ
إِحْرام الْحَجِّ، وَلَكِنَّهُ الدَّاخِلُ فِي الشَّهْرِ
الحَرامِ.
والحُرْمُ، بِالضَّمِّ:
الإِحْرامُ بِالْحَجِّ. وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، رَضِيَ الله عنها: كُنْتُ أُطَيِّبُه، ﷺ، لحِلِّهِ
ولِحُرْمِهأَي عِنْدَ
إِحْرامه؛ الأَزهري: الْمَعْنَى أَنها كَانَتْ تُطَيِّبُه إِذَا اغْتسل وأَراد
الإِحْرام والإِهْلالَ بِمَا يَكُونُ بِهِ
مُحْرِماً مِنْ حَجٍّ أَو عُمْرَةٍ، وَكَانَتْ تُطَيِّبُه إِذَا حَلّ مِنْ
إِحْرامه؛
الحُرْمُ، بِضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ:
الإِحْرامُ بِالْحَجِّ، وَبِالْكَسْرِ: الرَّجُلُ
المُحْرِمُ؛ يُقَالُ: أَنتَ حِلّ وأَنت
حِرْمٌ.
والإِحْرامُ: مَصْدَرُ
أَحْرَمَ الرجلُ
يُحْرِمُ إِحْراماً إِذَا أَهَلَّ بِالْحَجِّ أَو الْعُمْرَةِ وباشَرَ أَسبابهما وَشُرُوطَهُمَا مِنْ خَلْع المَخِيط، وأَن يَجْتَنِبَ الأَشياء الَّتِي مَنَعَهُ الشَّرْعُ مِنْهَا كَالطِّيبِ وَالنِّكَاحِ وَالصَّيْدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، والأَصل فِيهِ المَنْع، فكأَنَّ
المُحْرِم مُمْتَنِعٌ مِنْ هَذِهِ الأَشياء. وَمِنْهُ حَدِيثُ الصَّلَاةِ:
تَحْرِيمُها التَّكْبِيرُ، كأَن الْمُصَلِّيَ بِالتَّكْبِيرِ وَالدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ صَارَ مَمْنُوعًا مِنَ الْكَلَامِ والأَفعال الْخَارِجَةِ عَنْ كَلَامِ الصَّلَاةِ وأَفعالِها، فَقِيلَ لِلتَّكْبِيرِ
تَحْرِيمٌ لِمَنْعِهِ الْمُصَلِّيَ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ تكبيرَة
الإِحْرام أَي
الإِحرام بِالصَّلَاةِ.
والحُرْمَةُ: مَا لَا يَحِلُّ لَكَ انْتِهَاكُهُ، وَكَذَلِكَ
المَحْرَمَةُ والمَحْرُمَةُ، بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا؛ يُقَالُ: إِنَّ لِي
مَحْرُماتٍ فَلَا تَهْتِكْها، وَاحِدَتُهَا
مَحْرَمَةٌ ومَحْرُمَةٌ، يُرِيدُ أَنَّ لَهُ
حُرُماتٍ.
والمَحارِمُ: مَا لَا يَحِلُّ اسْتِحْلَالُهُ. وَفِي حَدِيثِ الحُدَيْبية:
لَا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يعَظِّمون فِيهَا
حُرُماتِ اللَّهِ إِلَّا أَعْطيتُهم إِياها؛
الحُرُماتُ جَمْعُ
حُرْمَةٍ كظُلْمَةٍ وظُلُماتٍ؛ يُرِيدُ
حُرْمَةَ الحَرَمِ،
وحُرْمَةَ الإِحْرامِ،
وحُرْمَةَ الشَّهْرِ
الْحَرَامِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ
حُرُماتِ اللَّهِ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: هِيَ مَا وَجَبَ القيامُ بِهِ
وحَرُمَ التفريطُ فِيهِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ:
الحُرُماتُ مَكَّةُ وَالْحَجُّ والعُمْرَةُ وَمَا نَهَى اللَّهُ مِنْ مَعَاصِيهِ كُلِّهَا، وَقَالَ عَطَاءٌ:
حُرُماتُ اللَّهِ مَعَاصِي اللَّهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ:
الحَرَمُ حَرَمُ مَكَّةَ وَمَا أَحاط إِلى قريبٍ مِنَ
الحَرَمِ، قَالَ الأَزهري:
الحَرَمُ قَدْ ضُرِبَ عَلَى حُدوده بالمَنار الْقَدِيمَةِ الَّتِي بَيَّنَ خليلُ اللَّهِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، مشَاعِرَها وَكَانَتْ قُرَيْش تَعْرِفُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ والإِسلام لأَنهم كانوا سُكان
الحَرَمِ، ويعملون أَن مَا دُونَ المَنارِ إِلى مَكَّةَ مِنَ
الحَرَمِ وَمَا وَرَاءَهَا لَيْسَ مِنَ
الحَرَمِ، وَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُحَمَّدًا، ﷺ، أَقرَّ قُرَيْشاً عَلَى مَا عَرَفُوهُ مِنْ ذَلِكَ،
وَكَتَبَ مَعَ ابْنِ مِرْبَعٍ الأَنصاري إِلَى قُرَيْشٍ: أَن قِرُّوا عَلَى مَشَاعِرِكُمْ فَإِنَّكُمْ عَلَى إرْثٍ مِنْ إرْثِ إِبْرَاهِيمَ، فَمَا كَانَ دُونَ الْمَنَارِ، فَهُوَ
حَرَم لَا يَحِلُّ صَيْدُهُ وَلَا يُقْطَع شَجَرُهُ، وَمَا كَانَ وَرَاءَ المَنار، فَهُوَ مِنَ الحِلّ يحِلُّ صَيْدُهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ صَائِدُهُ
مُحْرِماً.
قَالَ: فإِن قَالَ قَائِلٌ مِنَ المُلْحِدين فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا
حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ؛ كَيْفَ يَكُونُ
حَرَماً آمِنًا وَقَدْ أُخِيفوا وقُتلوا فِي
الحَرَمِ؟ فَالْجَوَابُ فِيهِ أَنه عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَهُ
حَرَماً آمِنًا أَمراً وتَعَبُّداً لَهُمْ بِذَلِكَ لَا إِخباراً، فَمَنْ آمَنَ بِذَلِكَ كَفَّ عَمَّا نُهِي عَنْهُ اتِّبَاعًا وَانْتِهَاءً إِلى مَا أُمِرَ بِهِ، وَمَنْ أَلْحَدَ وأَنكر أَمرَ
الحَرَمِ وحُرْمَتَهُ فَهُوَ كَافِرٌ مباحُ الدمِ، وَمَنْ أَقَرَّ وَرَكِبَ النهيَ فَصَادَ صَيْدَ
الْحَرَمِ وَقَتَلَ فِيهِ فَهُوَ فَاسِقٌ وَعَلَيْهِ الكفَّارة فِيمَا قَتَلَ مِنَ الصَّيْدِ، فإِن عَادَ فإِن اللَّهَ يَنْتَقِمُ مِنْهُ. وأَما الْمَوَاقِيتُ الَّتِي يُهَلُّ مِنْهَا لِلْحَجِّ فَهِيَ بَعِيدَةٌ مِنْ حُدُودِ
الحَرَمِ، وَهِيَ مِنَ الْحِلِّ، وَمَنْ
أَحْرَمَ مِنْهَا بِالْحَجِّ فِي الأَشهر
الحُرُمِ فَهُوَ
مُحْرِمٌ مأْمور بِالِانْتِهَاءِ مَا دَامَ
مُحْرِماً عَنِ الرَّفَثِ وَمَا وراءَه مِنْ أَمر النِّسَاءِ، وَعَنِ التَّطَيُّبِ بالطيبِ، وَعَنْ لُبْس الثَّوْبِ المَخيط، وَعَنْ صَيْدِ الصَّيْدِ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ فِي قَوْلِ الأَعشى:
بأَجْيادِ غَرْبيِّ الصَّفا
والمُحَرَّمِقَالَ:
المُحَرَّمُ هُوَ
الحَرَمُ. وَتَقُولُ:
أَحْرَمَ الرجلُ، فَهُوَ
مُحْرِمٌ وحَرامٌ، وَرَجُلٌ
حَرامٌ أَي
مُحْرِم، وَالْجَمْعُ
حُرُم مِثْلُ قَذالٍ وقُذُلٍ،
وأَحْرَم بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لأَنه
يَحْرُم عَلَيْهِ مَا كَانَ لَهُ حَلالًا مِنْ قبلُ كَالصَّيْدِ وَالنِّسَاءِ.
وأَحْرَمَ الرجلُ إِذا دَخَلَ فِي
الإِحْرام بالإِهلال،
وأَحْرَمَ إِذا صَارَ فِي
حُرَمِه مِنْ عَهْدٍ أَو مِيثَاقٍ هُوَ لَهُ
حُرْمَةٌ مِنْ أَن يُغار عَلَيْهِ؛ وأَما قَوْلُ أُحَيْحَة أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
قَسَماً، مَا غيرَ ذِي كَذِبٍ، ... أَن نُبيحَ الخِدْن
والحُرَمَه(٢).
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَإِنِّي أَحسب
الحُرَمَةَ لُغَةً فِي
الحُرْمَةِ، وأَحسن مِنْ ذَلِكَ أَن يَقُولَ
والحُرُمَة، بِضَمِّ الرَّاءِ، فَتَكُونَ من باب طُلْمة وظُلُمَةٍ، أَو يَكُونَ أَتبع الضَّمَّ الضَّمَّ لِلضَّرُورَةِ كَمَا أَتْبَعَ الأَعشى الْكَسْرَ الْكَسْرَ أَيضاً فَقَالَ:
أَذاقَتْهُمُ الحَرْبُ أَنْفاسَها، ... وَقَدْ تُكْرَهُ الحربُ بَعْدَ السِّلِمْ
إِلَّا أَن قَوْلَ الأَعشى قَدْ يَجُوزُ أَن يَتَوَجَّه عَلَى الْوَقْفِ كَمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ: مَرَرْتُ بالعِدِلْ.
وحُرَمُ الرجلِ: عِيَالُهُ وَنِسَاؤُهُ وَمَا يَحْمِي، وَهِيَ
المَحارِمُ، وَاحِدَتُهَا
مَحْرَمَةٌ ومَحْرُمة. ورَحِمٌ
مَحْرَمٌ:
مُحَرَّمٌ تَزْويجُها؛ قَالَ:
وجارةُ البَيْتِ أَراها
مَحْرَمَا ... كَمَا بَراها اللَّهُ، إِلا إِنما
مكارِهُ السَّعْيِ لِمَنْ تَكَرَّمَا
كَمَا بَراها اللَّهُ أَي كَمَا جَعَلَهَا. وَقَدْ
تَحَرَّمَ بصُحْبته؛
والمَحْرَمُ: ذَاتُ الرَّحِم فِي الْقَرَابَةِ أَي لَا يَحِلُّ تَزْوِيجُهَا، تَقُولُ: هُوَ ذُو رَحِمٍ
مَحْرَمٍ، وَهِيَ ذاتُ رَحِمٍ
مَحْرَمٍ؛ الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ هُوَ ذُو رَحِمٍ مِنْهَا إِذا لَمْ يَحِلَّ لَهُ نكاحُها. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تُسَافِرِ امْرَأَةٌ إِلا مَعَ ذِي
مَحْرَمٍ مِنْهَا، وَفِي رِوَايَةٍ:
مَعَ ذِي
حُرْمَةٍ مِنْهَا؛ ذُو
المَحْرَمِ: مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا مِنَ الأَقارب كالأَب وَالِابْنِ وَالْعَمِّ وَمَنْ يَجْرِي مَجْرَاهُمْ.
والحُرْمَة: الذِّمَّةُ.
وأَحْرَمَ الرجلُ، فَهُوَ
مُحْرِمٌ إِذا كَانَتْ لَهُ ذِمَّةٌ؛ قَالَ الرَّاعِي:
قَتَلوا ابنَ عَفّان الخليفةَ
مُحْرِماً، ... ودَعا فَلَمْ أَرَ مثلَهُ مَقْتولا
وَيُرْوَى: مَخْذولا، وَقِيلَ: أَراد بِقَوْلِهِ
مُحْرِماً أَنهم قَتَلُوهُ فِي آخِرِ ذِي الحِجَّةِ؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: أَي صَائِمًا. وَيُقَالُ: أَراد لَمْ يُحِلَّ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا يوقِعُ بِهِ فَهُوَ
مُحْرِمٌ.
الأَزهري: رَوَى شَمِرٌ لعُمَرَ أَنه قَالَ الصِّيَامُ
إِحْرامٌ، قَالَ: وإِنما قَالَ الصيامُ
إِحْرام لَامْتِنَاعِ الصَّائِمِ مِمَّا يَثْلِمُ صيامَه، وَيُقَالُ لِلصَّائِمِ أَيضاً
مُحْرِمٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَيْسَ
مُحْرِماً فِي بَيْتِ الرَّاعِي مِنَ
الإِحْرام وَلَا مِنَ الدُّخُولِ فِي الشَّهْرِ
الحَرام، قَالَ: وإِنما هُوَ مِثْلُ الْبَيْتِ الَّذِي قَبْلَهُ، وإِنما يُرِيدُ أَن عُثْمَانَ فِي
حُرْمةِ الإِسلام وذِمَّته لَمْ يُحِلَّ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا يُوقِعُ بِهِ، وَيُقَالُ لِلْحَالِفِ
مُحْرِمٌ لتَحَرُّمِه بِهِ، وَمِنْهُ
قَوْلُ الْحَسَنِ فِي الرَّجُلِ
يُحْرِمُ فِي الْغَضَبِ
أَي يَحْلِفُ؛ وَقَالَ الْآخَرُ:
قَتَلُوا كِسْرى بليلٍ
مُحْرِماً، ... غادَرُوه لَمْ يُمَتَّعْ بكَفَنْ
يُرِيدُ: قَتَلَ شِيرَوَيْهِ أَباه أَبْرَوَيْز بنَ هُرْمُزَ. الأَزهري:
الحُرْمة المَهابة، قَالَ: وإِذا كَانَ بالإِنسان رَحِمٌ وَكُنَّا نَسْتَحِي مِنْهُ قُلْنَا: لَهُ
حُرْمَةٌ، قَالَ: وَلِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ
حُرْمةٌ ومَهابةٌ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ هُوَ
حُرْمَتُك وَهُمْ ذَوو رَحِمِه وجارُه ومَنْ يَنْصره غَائِبًا وَشَاهِدًا وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَقُّه. وَيُقَالُ:
أَحْرَمْت عَنِ الشَّيْءِ إِذا أَمسكتَ عَنْهُ،
وَذَكَرَ أَبو الْقَاسِمِ الزَّجَّاجِيُّ عَنِ الْيَزِيدِيِّ أَنه قَالَ: سَأَلْتُ عَمِّي عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ، ﷺ: كلُّ مُسْلم عَنْ مُسْلِمٍ
مُحْرِمٌ، قَالَ:
المُحْرِمُ الْمُمْسِكُ، مَعْنَاهُ أَن الْمُسْلِمَ مُمْسِكٌ عَنْ مَالِ الْمُسْلِمِ وعِرْضِهِ ودَمِهِ؛ وأَنشد لمِسْكين الدَّارِمِيِّ:
أَتتْني هَناتٌ عَنْ رجالٍ، كأَنها ... خَنافِسُ لَيْلٍ لَيْسَ فِيهَا عَقارِبُ
أَحَلُّوا عَلَى عِرضي،
وأَحْرَمْتُ عنهُمُ، ... وَفِي اللهِ جارٌ لَا ينامُ وطالِبُ
قَالَ: وأَنشد الْمُفَضَّلُ لأَخْضَرَ بْنِ عَبَّاد المازِنيّ جَاهِلِيٌّ:
لَقَدْ طَالَ إِعْراضي وصَفْحي عَنِ الَّتِي ... أُبَلَّغُ عنْكم، والقُلوبُ قُلوبُ
وَطَالَ انْتِظاري عَطْفَةَ الحِلْمِ عنكمُ ... ليَرْجِعَ وُدٌّ، والمَعادُ قريبُ
ولستُ أَراكُمْ
تُحْرِمونَ عَنِ الَّتِي ... كرِهْتُ، وَمِنْهَا فِي القُلوب نُدُوبُ
فَلَا تأمَنُوا مِنّي كَفاءةَ فِعْلِكُمْ، ... فيَشْمَتَ قِتْل أَو يُساءَ حبيبُ
ويَظْهَرَ مِنّاً فِي المَقالِ ومنكُمُ، ... إِذا مَا ارْتَمَيْنا فِي المَقال، عُيوبُ
وَيُقَالُ:
أَحْرَمْتُ الشَّيْءَ بِمَعْنَى
حَرَّمْتُه؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
إِلى شَجَرٍ أَلْمَى الظِّلالِ، كَأَنَّهَا ... رواهِبُ
أَحْرَمْنَ الشَّرابَ عُذُوبُ
قَالَ: وَالضَّمِيرُ فِي كَأَنَّهَا يَعُودُ عَلَى رِكابٍ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا.
وتَحَرَّم مِنْهُ
بحُرْمَةٍ: تَحَمّى وتَمَنَّعَ.
وأَحْرَمَ القومُ إِذا دَخَلُوا فِي الشَّهْرِ
الحَرامِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
جَعَلْنَ القَنانَ عَنْ يَمينٍ وحَزْنَهُ، ... وَكَمْ بالقَنانِ مِنْ مُحِلّ
ومُحْرِمِ
وأَحْرَمَ الرجلُ إِذا دَخَلَ فِي
حُرْمة لَا تُهْتَكُ؛ وأَنشد بَيْتَ زُهَيْرٍ:
وَكَمْ بالقنانِ مِنْ مُحِلّ
ومُحْرِمِأَيْ مِمَّنْ يَحِلُّ قتالُه وَمِمَّنْ لَا يَحِلُّ ذَلِكَ مِنْهُ.
والمُحْرِمُ: المُسالمُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، فِي قَوْلِ خِداش بْنُ زُهَيْرٍ:
إِذا مَا أصابَ الغَيْثُ لَمْ يَرْعَ غَيْثَهمْ، ... مِنَ النَّاسِ، إِلا
مُحْرِمٌ أَو مُكافِلُ
هَكَذَا أَنشده: أَصاب الغَيْثُ، بِرَفْعِ الْغَيْثِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَراها لُغَةً فِي صابَ أَو عَلَى حَذْفِ الْمَفْعُولِ كَأَنَّهُ إِذا أَصابَهُم الغَيثُ أَو أَصاب الْغَيْثُ بلادَهُم فأَعْشَبَتْ؛ وأَنشده مَرَّةً أُخرى:
إِذا شَرِبوا بالغَيْثِ
والمُكافِلُ: المُجاوِرُ المُحالِفُ، والكَفيلُ مِنْ هَذَا أُخِذَ.
وحُرْمَةُ الرَّجُلِ:
حُرَمُهُ وأَهله.
وحَرَمُ الرَّجُلِ
وحَريمُه: مَا يقاتِلُ عَنْهُ ويَحْميه، فَجَمْعُ
الحَرَم أَحْرامٌ، وَجَمْعُ
الحَريم حُرُمٌ. وَفُلَانٌ
مُحْرِمٌ بِنَا أَي فِي
حَريمنا. تَقُولُ: فُلَانٌ لَهُ
حُرْمَةٌ أَي
تَحَرَّمَ بِنَا بصحبةٍ أَو بِحَقٍّ وذِمَّةِ. الأَزهري:
والحَريمُ قَصَبَةُ الدارِ،
والحَريمُ فِناءُ الْمَسْجِدِ. وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ وَاصِلٍ الْكِلَابِيِّ:
حَريم الدَّارِ مَا دَخَلَ فِيهَا مِمَّا يُغْلَقُ عَلَيْهِ بابُها وَمَا خَرَجَ مِنْهَا فَهُوَ الفِناءُ، قَالَ: وفِناءُ البَدَوِيِّ مَا يُدْرِكُهُ حُجْرَتُه وأَطنابُهُ، وَهُوَ مِنَ الحَضَرِيّ إِذا كَانَتْ تُحَاذِيهَا دَارٌ أُخرى، ففِناؤُهما حَدُّ مَا بَيْنَهُمَا.
وحَريمُ الدَّارِ: مَا أُضيف إِلَيْهَا وَكَانَ مِنْ حُقُوقِهَا ومَرافِقها.
وحَريمُ الْبِئْرِ: مُلْقى النَّبِيثَة والمَمْشى عَلَى جَانِبَيْهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ الصِّحَاحُ:
حَريم الْبِئْرِ وَغَيْرِهَا مَا حَوْلَهَا مِنْ مَرافقها وحُقوقها.
وحَريمُ النَّهْرِ: مُلْقى طِينِهِ والمَمْشى عَلَى حَافَّتَيْهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَريمُ الْبِئْرِ أَربعون ذِرَاعًا، هُوَ الْمَوْضِعُ الْمُحِيطُ بِهَا الَّذِي يُلْقى فِيهِ ترابُها أَي أَن الْبِئْرَ الَّتِي يَحْفِرُهَا الرَّجُلُ فِي مَواتٍ
فَحريمُها لَيْسَ لأَحد أَن يَنْزِلَ فِيهِ وَلَا يُنَازِعَهُ عَلَيْهَا، وَسُمِّيَ بِهِ لأَنه
يَحْرُمُ مَنْعُ صَاحِبِهِ مِنْهُ أَو لأَنه
مُحَرَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ التصرفُ فِيهِ. الأَزهري:
الحِرْمُ الْمَنْعُ،
والحِرْمَةُ الحِرْمان،
والحِرْمانُ نَقيضه الإِعطاء والرَّزْقُ. يُقَالُ:
مَحْرُومٌ ومَرْزوق.
وحَرَمهُ الشيءَ
يَحْرِمُهُ وحَرِمَهُ حِرْماناً وحِرْماً(٣) وحَريماً وحِرْمَةً وحَرِمَةً وحَريمةً،
وأَحْرَمَهُ لغةٌ لَيْسَتْ بِالْعَالِيَةِ، كُلُّهُ: مَنَعَهُ الْعَطِيَّةَ؛ قَالَ يَصِفُ امْرَأَةً:
وأُنْبِئْتُها
أَحْرَمَتْ قومَها ... لتَنْكِحَ فِي مَعْشَرٍ آخَرِينا
أَي
حَرَّمَتْهُم عَلَى نَفْسِهَا. الأَصمعي:
أَحْرَمَتْ قَوْمَهَا أَي
حَرَمَتْهُم أَن يَنْكِحُوهَا. وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، ﷺ، أَنه قَالَ: كُلُّ مُسلمٍ عَنْ مُسْلِمٍ
مُحْرِمٌ أَخَوانِ نَصيرانِ؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: قَالَ ابْنُ الأَعرابي يُقَالُ إِنَّهُ
لمُحْرِمٌ عَنْكَ أَي
يُحَرِّمُ أَذاكَ عَلَيْهِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا بِمَعْنَى الْخَبَرِ، أَراد أَنه
يَحْرُمُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَن يُؤْذي صاحبَهُ
لحُرْمة الإِسلام المانِعَتِه عَنْ ظُلْمِه. وَيُقَالُ: مُسلم
مُحْرِمٌ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُحِلَّ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا يُوقِعُ بِهِ، يُرِيدُ أَن الْمُسْلِمَ مُعْتَصِمٌ بالإِسلام مُمْتَنِعٌ
بحُرْمتِهِ مِمَّنْ أَراده وأَراد مَالَهُ.
والتَّحْرِيمُ: خِلَافُ التَّحْليل. وَرَجُلٌ
مَحْروم: مَمْنُوعٌ مِنَ الْخَيْرِ. وَفِي التَّهْذِيبِ:
المَحْروم الَّذِي
حُرِمَ الخيرَ
حِرْماناً. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ
وَالْمَحْرُومِ؛ قِيلَ:
المَحْروم الَّذِي لَا يَنْمِي لَهُ مَالٌ، وَقِيلَ أَيضاً: إِنه المُحارِفُ الَّذِي لَا يَكَادُ يَكْتَسِبُ.
وحَرِيمةُ الربِّ: الَّتِي يَمْنَعُهَا مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ.
وأَحْرَمَ الرجلَ: قَمَرَه،
وحَرِمَ فِي اللُّعبة
يحْرَمُ حَرَماً: قُمِرَ وَلَمْ يَقْمُرْ هُوَ؛ وأَنشد:
ورَمَى بسَهْمِ
حَريمةٍ لَمْ يَصْطَدِ
ويُخَطُّ خَطٌّ فَيَدْخُلُ فِيهِ غِلمان وَتَكُونُ عِدَّتُهُمْ فِي خَارِجٍ مِنَ الخَطّ فيَدْنو هَؤُلَاءِ من الخط ويصافحُ أَحدُهم صاحبَهُ، فإِن مسَّ الداخلُ الخارجَ فَلَمْ يَضْبُطْهُ الداخلُ قِيلَ لِلدَّاخِلِ:
حَرِمَ وأَحْرَمَ الخارِجُ الداخلَ، وإِن ضَبَطَهُ الداخلُ فَقَدْ
حَرِمَ الخارِجُ
وأَحْرَمَه الداخِلُ.
وحَرِمَ الرجلُ
حَرماً: لَجَّ ومَحَكَ.
وحَرِمَت المِعْزَى وغيرُها مِنْ ذَوَاتِ الظِّلْف
حِراماً واسْتحْرَمَتْ: أَرادت الْفَحْلَ، وَمَا أَبْيَنَ
حِرْمَتَها، وَهِيَ
حَرْمَى، وَجَمْعُهَا
حِرامٌ وحَرامَى، كُسِّرَ عَلَى مَا يُكَسَّرُ عَلَيْهِ فَعْلَى الَّتِي لَهَا فَعْلانُ نَحْوُ عَجْلان وعَجْلَى وغَرْثان وغَرْثى، وَالِاسْمُ
الحَرَمةُ والحِرمةُ؛ الأَول عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَكَذَلِكَ الذِّئْبَةُ وَالْكَلْبَةُ وَأَكْثَرُهَا فِي الْغَنَمِ، وَقَدْ حُكِيَ ذَلِكَ فِي الإِبل. وَجَاءَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ:
الَّذِينَ تَقُومُ عَلَيْهِمُ الساعةُ تُسَلَّطُ عَلَيْهِمُ
الحِرْمَةُأَي الغُلْمَةُ ويُسْلَبُون الحياءَ، فاسْتُعْمِل فِي ذُكُورِ الأَناسِيِّ، وَقِيلَ:
الاسْتِحْرامُ لِكُلِّ ذَاتِ ظِلْفٍ خَاصَّةً.
والحِرْمَةُ، بِالْكَسْرِ: الغُلْمةُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَكَأَنَّهَا بِغَيْرِ الْآدَمِيِّ مِنَ الْحَيَوَانِ أَخَصُّ. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ آدَمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنَّهُ
اسْتَحْرَمَ بَعْدَ مَوْتِ ابْنِهِ مائةَ سنةٍ لَمْ يَضْحَكْ؛ هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ:
أَحْرَمَ الرجلُ إِذا دَخَلَ فِي
حُرْمَةٍ لَا تهْتَكُ، قَالَ: وَلَيْسَ مِنِ
اسْتِحْرام الشاة. الجوهري:
والحِرْمةُ فِي الشَّاءِ كالضَّبْعَةِ فِي النُّوقِ، والحِنَاء فِي النِّعاج، وَهُوَ شَهْوَةُ البِضاع؛ يُقَالُ:
اسْتَحْرَمَت الشاةُ وَكُلُّ أُنثى مِنْ ذَوَاتِ الظِّلْفِ خَاصَّةً إِذا اشْتَهَتِ الْفَحْلَ. وَقَالَ الأُمَوِيُّ:
اسْتَحْرَمتِ الذِّئبةُ والكلبةُ إِذا أَرادت الْفَحْلَ. وَشَاةٌ
حَرْمَى وَشِيَاهٌ
حِرامٌ وحَرامَى مِثْلُ عِجالٍ وعَجالى، كأَنه لَوْ قِيلَ لمذكَّرِهِ لَقِيل
حَرْمانُ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: فَعْلَى مُؤَنَّثَةُ فَعْلان قَدْ تُجْمَعُ عَلَى فَعالَى وفِعالٍ نَحْوُ عَجالَى وعِجالٍ، وأَما شَاةٌ
حَرْمَى فَإِنَّهَا، وإِن لَمْ يُسْتَعْمَلْ لَهَا مذكَّر، فَإِنَّهَا بِمَنْزِلَةِ مَا قَدِ اسْتُعْمِلَ لأَن قِيَاسَ الْمُذَكَّرِ مِنْهُ
حَرْمانُ، فَلِذَلِكَ قَالُوا فِي جَمْعِهِ
حَرامَى وحِرامٌ، كَمَا قَالُوا عَجالَى وعِجالٌ.
والمُحَرَّمُ مِنَ الإِبل مِثْلُ العُرْضِيِّ: وَهُوَ الذَلُول الوَسَط
(٤) الصعبُ التَّصَرُّفِ حِينَ تصَرُّفِه. وَنَاقَةٌ
مُحَرَّمةٌ: لَمْ تُرَضْ؛ قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ نَاقَةٌ
مُحَرَّمَةُ الظهرِ إِذا كَانَتْ صَعْبَةً لَمْ تُرَضْ وَلَمْ تُذَلَّلْ، وَفِي الصِّحَاحِ: نَاقَةٌ
مُحَرَّمةٌ أَي لَمْ تَتِمَّ رياضتُها بَعْدُ. وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: إِنه أَراد البَداوَة فأَرسل إليَّ نَاقَةً
مُحَرَّمةً؛ هِيَ الَّتِي لَمْ تُرْكَبْ وَلَمْ تُذَلَّل.
والمُحَرَّمُ مِنَ الْجُلُودِ: مَا لَمْ يُدْبَغْ أَو دُبغ فَلَمْ يَتَمَرَّن وَلَمْ يُبَالِغْ، وجِلد
مُحَرَّم: لَمْ تَتِمَّ دِباغته. وَسَوْطٌ
مُحَرَّم: جَدِيدٌ لَمْ يُلَيَّنْ بعدُ؛ قَالَ الأَعشى:
تَرَى عينَها صَغْواءَ فِي جنبِ غَرْزِها، ... تُراقِبُ كَفِّي والقَطيعَ
المُحَرَّماوَفِي التَّهْذِيبِ: فِي جَنْبِ مُوقِهَا تُحاذر كفِّي؛ أَراد بالقَطيع سَوْطَهُ. قَالَ الأَزهري: وَقَدْ رأَيت الْعَرَبَ يُسَوُّون سياطَهم مِنْ جُلُودِ الإِبل الَّتِي لَمْ تُدْبَغْ، يَأْخُذُونَ الشَّريحة الْعَرِيضَةَ فَيَقْطَعُونَ مِنْهَا سُيوراً عِراضاً وَيَدْفِنُونَهَا فِي الثَّرَى، فإِذا نَدِيَتْ وَلَانَتْ جَعَلُوا مِنْهَا أَربع قُوىً، ثُمَّ فَتَلُوهَا ثُمَّ علَّقوها مِنْ شِعْبَي خشبةٍ يَرْكُزونها فِي الأَرض فتُقِلُّها مِنَ الأَرض مَمْدُودَةً وَقَدْ أَثقلوها حَتَّى تَيَبَّسَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
وحِرْم عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنهم لَا يَرْجِعُونَ؛ رَوَى قَتادةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَعْنَاهُ واجبٌ عَلَيْهَا إِذا هَلَكَتْ أَن لَا تُرْجَعُ إِلى دُنْياها؛ وَقَالَ أَبو مُعاذٍ النَّحْوِيُّ: بَلَغَنِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قرأَها
وحَرمَ عَلَى قَرْيَةٍ
أَي وَجَب عَلَيْهَا، قَالَ: وحُدِّثْت عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنه قرأَها:
وحِرْمٌ على قَرْيَةٍ أَهلكناها؛ فَسُئِلَ عَنْهَا فَقَالَ: عَزْمٌ عَلَيْهَا. وَقَالَ أَبو إِسْحَاقَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها؛ يَحْتَاجُ هَذَا إِلى تَبْيين فَإِنَّهُ لَمْ يُبَيَّنْ، قَالَ: وَهُوَ، وَاللَّهُ أَعلم، أَن اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا قَالَ: فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ، أَعْلَمنا أَنه قَدْ
حَرَّمَ أَعْمَالَ الْكُفَّارِ، فَالْمَعْنَى
حَرامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهلكناها أَن يُتَقَبَّل مِنْهُمْ عَمَلٌ، لأَنهم لَا يَرْجِعُونَ أَي لَا يَتُوبُونَ؛ وَرُوِيَ أَيضاً
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ فِي قَوْلِهِ:
وحِرْمٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهلكناها، قَالَ: واجبٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهلكناها أَنه لَا يَرْجِعُ مِنْهُمْ رَاجِعٌ
أَي لَا يَتُوبُ مِنْهُمْ تَائِبٌ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ الزَّجَّاجُ، وَرَوَى الْفَرَّاءُ بإِسناده
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
وحِرْمٌ؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ: أَي وَاجِبٌ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِنما تَأَوَّلَ الْكِسَائِيُّ
وَحَرامٌفِي الْآيَةِ بِمَعْنَى وَاجِبٍ، لِتَسْلَمَ لَهُ لَا مِنَ الزِّيَادَةِ فَيَصِيرَ الْمَعْنَى عِنْدَهُ واجبٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهلكناها أَنهم لَا يَرْجِعُونَ، وَمِنْ جَعَلَ
حَراماً بِمَعْنَى الْمَنْعِ جَعَلَ لَا زَائِدَةً تَقْدِيرُهُ
وحَرامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهلكناها أَنهم يَرْجِعُونَ، وَتَأْوِيلُ الْكِسَائِيِّ هُوَ تأْويل ابْنِ عَبَّاسٍ؛ وَيُقَوِّي قَوْلَ الْكِسَائِيِّ إِن
حَرام فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى وَاجِبٌ قولُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُمانَةَ المُحاربيّ جَاهِلِيٌّ:
فإِنَّ
حَراماً لَا أَرى الدَّهْرَ باكِياً ... عَلَى شَجْوِهِ، إِلَّا بَكَيْتُ عَلَى عَمْرو
وَقَرَأَ أَهل الْمَدِينَةِ
وَحَرامٌ، قَالَ الْفَرَّاءُ:
وحَرامٌ أَفشى فِي الْقِرَاءَةِ.
وحَرِيمٌ: أَبو حَيّ.
وحَرامٌ: اسْمٌ. وَفِي الْعَرَبِ بُطون يُنْسَبُونَ إِلى آلِ
حَرامٍ(٥) بَطْنٌ من بني تميم وبَطْنٌ فِي جُذام وَبَطْنٌ فِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ.
وحَرامٌ: مَوْلَى كُلَيْبٍ.
وحَريمةُ: رَجُلٌ مِنْ أَنجادهم؛ قَالَ الكَلْحَبَةُ اليَرْبوعيّ:
فأَدْرَكَ أَنْقاءَ العَرَادةِ ظَلْعُها، ... وَقَدْ جَعَلَتْني مِنْ
حَريمةَ إِصْبَعا
وحَرِمٌ: اسْمُ مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
حَيِّ دارَ الحَيِّ لَا حَيَّ بِهَا، ... بِسِخالٍ فأُثالٍ
فَحَرِمْ
والحَيْرَمُ: الْبَقَرُ، وَاحِدَتُهَا
حَيْرَمة؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
تَبَدَّلَ أُدْماً مِنْ ظِباءٍ
وحَيْرَماقَالَ الأَصمعي: لَمْ نَسْمَعْ
الحَيْرَمَ إِلا فِي شِعْرِ ابْنِ أَحمر، وَلَهُ نَظَائِرُ مَذْكُورَةٌ فِي مَوَاضِعِهَا. قَالَ ابْنُ جِنِّي: والقولُ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ وَنَحْوِهَا وجوبُ قَبُولِهَا، وَذَلِكَ لِمَا ثبتتْ بِهِ الشَّهادةُ مِنْ فَصاحة ابْنِ أَحمر، فإِما أَن يَكُونَ شَيْئًا أَخذه عَمَّنْ نَطَقَ بِلُغَةٍ قَدِيمَةٍ لَمْ يُشارَكْ فِي سَمَاعِ ذَلِكَ مِنْهُ، عَلَى حَدِّ مَا قُلْنَاهُ فِيمَنْ خَالَفَ الْجَمَاعَةَ، وَهُوَ فَصِيحٌ كَقَوْلِهِ فِي الذُّرَحْرَح الذُّرَّحْرَحِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وإِما أَن يَكُونَ شَيْئًا ارْتَجَلَهُ ابْنُ أَحمر، فإِن الأَعرابي إِذا قَوِيَتْ فصاحتُه وسَمَتْ طبيعتُه تصرَّف وَارْتَجَلَ مَا لَمْ يَسْبِقْهُ أَحد قَبْلَهُ، فَقَدْ حُكِيَ عَنْ رُؤبَة وأَبيه: أَنهما كَانَا يَرْتَجِلان أَلفاظاً لَمْ يَسْمَعَاهَا وَلَا سُبِقا إِليها، وَعَلَى هَذَا قَالَ أَبو عُثْمَانَ: مَا قِيس عَلَى كَلَامِ العَرَب فَهُوَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ. ابْنُ الأَعرابي:
الحَيْرَمُ الْبَقَرُ،
والحَوْرَمُ الْمَالُ الْكَثِيرُ مِنَ الصامِتِ وَالنَّاطِقِ.
والحِرْمِيَّةُ: سِهام تُنْسَبُ إِلى
الحَرَمِ،
والحَرَمُ قَدْ يَكُونُ
الحَرامَ، وَنَظِيرُهُ زَمَنٌ وزَمانٌ.
وحَريمٌ الَّذِي فِي شِعْرِ امْرِئِ الْقَيْسِ: اسْمُ رَجُلٍ، وَهُوَ
حَريمُ بْنُ جُعْفِيّ جَدُّ الشُّوَيْعِر؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ يَعْنِي قَوْلَهُ:
بَلِّغا عَنِّيَ الشُّوَيْعِرَ أَني، ... عَمْدَ عَيْنٍ، قَلَّدْتُهُنَّ
حَريماوَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ شِعْرٍ.
والحرَيمةُ: مَا فَاتَ مِنْ كُلِّ مَطْموع فِيهِ.
وحَرَمَهُ الشَّيْءَ
يَحْرِمُه حَرِماً مِثْلُ سَرَقَه سَرِقاً، بِكَسْرِ الرَّاءِ،
وحِرْمَةً وحَريمةً وحِرْماناً وأَحْرَمَهُ أَيضاً إِذا مَنَعَهُ إِياه؛ وَقَالَ يَصِفُ امْرَأَةً:
ونُبِّئْتُها
أَحْرَمَتْ قَوْمَها ... لتَنْكِحَ فِي مَعْشَرٍ آخَرِينا
(٦)قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ شَاهِدًا عَلَى
أَحْرَمَتْ بَيْتَيْنِ مُتَبَاعِدٌ أَحدهما مِنْ صَاحِبِهِ، وَهُمَا فِي قَصِيدَةٍ تُرْوَى لشَقِيق بْنِ السُّلَيْكِ، وَتُرْوَى لَابْنِ أَخي زِرّ ابن حُبَيْشٍ الْفَقِيهِ الْقَارِئِ، وَخَطَبَ امرأَة فَرَدَّتْهُ فَقَالَ:
ونُبِّئْتُها
أَحْرَمَتْ قَوْمَهَا ... لتَنكِح فِي معشرٍ آخَرينا
فإِن كنتِ
أَحْرَمْتِنا فاذْهَبي، ... فإِن النِّساءَ يَخُنَّ الأَمينا
وطُوفي لتَلْتَقِطي مِثْلَنا، ... وأُقْسِمُ باللهِ لَا تَفْعَلِينا
فَإِمَّا نَكَحْتِ فَلَا بالرِّفاء، ... إِذا مَا نَكَحْتِ وَلَا بالبَنِينا
وزُوِّجْتِ أَشْمَطَ فِي غُرْبة، ... تُجَنُّ الحَلِيلَة مِنْهُ جُنونا
خَليلَ إماءٍ يُراوِحْنَهُ، ... وللمُحْصَناتِ ضَرُوباً مُهِينا
إِذا مَا نُقِلْتِ إِلى دارِهِ ... أَعَدَّ لظهرِكِ سَوْطًا مَتِينا
وقَلَّبْتِ طَرْفَكِ فِي مارِدٍ، ... تَظَلُّ الحَمامُ عَلَيْهِ وُكُونا
يُشِمُّكِ أَخْبَثَ أَضْراسِه، ... إِذا مَا دَنَوْتِ فتسْتَنْشِقِينا
كأَن المَساويكَ فِي شِدْقِه، ... إِذا هُنَّ أُكرِهن، يَقلَعنَ طِينَا
كأَنَّ تَواليَ أَنْيابِهِ ... وَبَيْنَ ثَناياهُ غِسْلًا لَجِينا
أَراد بالمارِدِ حِصْناً أَو قَصراً مِمَّا تُعْلى حيطانُه وتُصَهْرَجُ حَتَّى يَمْلاسَّ فَلَا يَقْدِرُ أَحد عَلَى ارْتِقَائِهِ، والوُكُونُ: جَمْعُ واكِنٍ مِثْلُ جَالِسٍ وجُلوسٍ، وَهِيَ الجاثِمة، يُرِيدُ أَن الْحَمَامَ يَقِفُ عَلَيْهِ فَلَا يُذْعَرُ لِارْتِفَاعِهِ، والغِسْل: الخطْمِيُّ، واللَّجِينُ: الْمَضْرُوبُ بِالْمَاءِ، شبَّه مَا رَكِبَ أَسنانَه وأَنيابَه مِنَ الْخُضْرَةِ بالخِطميّ الْمَضْرُوبِ بِالْمَاءِ.
والحَرِمُ، بِكَسْرِ الرَّاءِ:
الحِرْمانُ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
وإِنْ أَتاه خليلٌ يَوْمَ مَسْأَلةٍ ... يقولُ: لَا غائبٌ مَالِي وَلَا
حَرِمُوإِنما رَفَعَ يقولُ، وَهُوَ جَوَابُ الْجَزَاءِ، عَلَى مَعْنَى التَّقْدِيمِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ كأَنه قَالَ: يَقُولُ إِن أَتاه خَلِيلٌ لَا غَائِبٌ، وَعِنْدَ الْكُوفِيِّينَ عَلَى إِضْمَارِ الْفَاءِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ:
الحَرِمُ الْمَمْنُوعُ، وَقِيلَ:
الحَرِمُ الحَرامُ. يُقَالُ:
حِرْمٌ وحَرِمٌ وحَرامٌ بِمَعْنًى.
والحَريمُ: الصَّدِيقُ؛ يُقَالُ: فُلَانٌ
حَريمٌ صَريح أَي صَديق خَالِصٌ. قَالَ: وَقَالَ العُقَيْلِيُّونَ
حَرامُ اللَّهِ لَا أَفعلُ ذَلِكَ، ويمينُ اللَّهِ لَا أَفعلُ ذَلِكَ، مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ. قَالَ: وَقَالَ أَبو زَيْدٍ يُقَالُ لِلرَّجُلِ: مَا هُوَ
بحارِم عَقْلٍ، وَمَا هُوَ بعادِمِ عَقْلٍ، مَعْنَاهُمَا أَن لَهُ عَقْلًا. الأَزهري: وَفِي حَدِيثِ بَعْضِهِمْ
إِذا اجْتَمَعَتْ
حُرْمتانِ طُرِحت الصُّغْرى للكُبْرى؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: يَقُولُ إِذا كَانَ أَمر فِيهِ مَنْفَعَةٌ لعامَّة النَّاسِ ومَضَرَّةٌ عَلَى خَاصٍّ مِنْهُمْ قُدِّمت مَنْفَعَةُ الْعَامَّةِ، مِثَالُ ذَلِكَ: نَهْرٌ يَجْرِي لشِرْب الْعَامَّةِ، وَفِي مَجْراه حائطٌ لِرَجُلٍ وحَمَّامٌ يَضُرُّ بِهِ هَذَا النَّهْرُ، فَلَا يُتْرَكُ إِجْرَاؤُهُ مِنْ قِبَلِ هَذِهِ المَضَرَّة، هَذَا وَمَا أَشبهه، قَالَ: وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فِي
الحَرامِ كَفَّارةُ يمينٍ؛ هُوَ أَن يَقُولَ
حَرامُ اللَّهِ لَا أَفعلُ كَمَا يَقُولُ يمينُ اللهِ، وَهِيَ لُغَةُ العقيلِييّن، قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَن يُرِيدَ
تَحْريمَ الزَّوْجَةِ وَالْجَارِيَةِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الطَّلَاقِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ
تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ، ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عنها: إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، ﷺ، مِنْ نِسَائِهِ
وحَرَّمَ فَجَعَلَ
الحَرامَ حَلَالًا، تَعْنِي مَا كَانَ
حَرّمهُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ نِسَائِهِ بالإِيلاء عَادَ فأَحَلَّهُ وَجَعَلَ فِي الْيَمِينِ الكفارةَ. وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ
(٧) فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: أَنتِ عليَّ
حَرامٌ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَنْ
حَرّمَ امرأَته فَلَيْسَ بشيءٍ، وَحَدِيثُهُ الْآخَرُ:
إِذا
حَرَّمَ الرَّجُلُ امرأَته فَهِيَ يمينٌ يُكَفِّرُها.
والإِحْرامُ والتَّحْريمُ بِمَعْنًى؛ قَالَ يَصِفُ بَعِيرًا:
لَهُ رِئَةٌ قَدْ
أَحْرَمَتْ حِلَّ ظهرِهِ، ... فَمَا فِيهِ للفُقْرَى وَلَا الحَجِّ مَزْعَمُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ وَلَّاد وَغَيْرُهُ: لَهُ رَبَّة، وَقَوْلُهُ مَزْعَم أَي مَطْمع. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لِلسَّائِلِ
وَالْمَحْرُومِ*؛ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ المُحارِف. أَبو عَمْرٍو:
الحَرُومُ النَّاقَةُ المُعْتاطةُ الرَّحِمِ، والزَّجُومُ الَّتِي لَا تَرْغُو، والخَزُوم الْمُنْقَطِعَةُ فِي السَّيْرِ، والزَّحُوم الَّتِي تزاحِمُ عَلَى الْحَوْضِ.
والحَرامُ:
المُحْرِمُ.
والحَرامُ: الشَّهْرُ
الحَرامُ.
وحَرام: قَبِيلَةٌ مَنْ بَنِي سُلَيْمٍ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
فَمَنْ يَكُ خَائِفًا لأَذاةِ شِعْرِي، ... فَقَدْ أَمِنَ الهجاءَ بَنُو
حَرامِ
وحَرَام أَيضاً: قَبِيلَةٌ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ.
والتَّحْرِيمُ: الصُّعوبة؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
دَيَّثْتُ مِنْ قَسْوتِهِ
التَّحرِيمايُقَالُ: هُوَ بَعِيرٌ
مُحَرَّمٌ أَي صَعْبٌ. وأَعرابيّ
مُحَرَّمٌ أَي فَصِيحٌ لَمْ يُخَالِطِ الحَضَرَ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
أَما عَلِمْتَ أَن الصُّورَةَ
مُحَرَّمةٌ؟
أَي
مُحَرَّمَةُ الضربِ أَو ذَاتُ
حُرْمةٍ، وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:
حَرَّمْتُ الظلمَ عَلَى نَفْسِي
أَي تَقَدَّسْتُ عَنْهُ وتعالَيْتُ، فَهُوَ فِي حَقِّهِ كَالشَّيْءِ
المُحَرَّم عَلَى النَّاسِ. وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
فَهُوَ
حَرامٌ بحُرمة اللَّهِ
أَي
بِتَحْرِيمِهِ، وَقِيلَ:
الحُرْمةُ الْحَقُّ أَي بِالْحَقِّ الْمَانِعِ مِنْ تَحْلِيلِهِ. وَحَدِيثُ الرَّضَاعِ:
فَتَحَرَّمَ بِلَبَنِهَا
أَي صَارَ عَلَيْهَا
حَراماً. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وذُكِرَ عِنْدَهُ قولُ عَلِيٍّ أَو عُثْمَانَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الأَمَتَيْن الأُختين:
حَرَّمَتْهُنَّ آيةٌ وأَحَلَّتْهُنَّ آيةٌ، فَقَالَ:
يُحَرِّمُهُنَّ عليَّ قرابتي مِنْهُنَّ وَلَا
يُحرِّمُهُنَّ قرابةُ بَعْضِهِنَّ مِنْ بَعْضٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد ابْنُ عَبَّاسٍ أَن يُخْبِرَ بالعِلَّة الَّتِي وَقَعَ مِنْ أَجْلِهَا
تَحْريمُ الْجَمْعِ بَيْنَ الأُختين الحُرَّتَين فَقَالَ: لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ بِقُرَابَةِ إِحداهما مِنَ الأُخرى إِذ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ يَحِلَّ وطءُ الثَّانِيَةِ بَعْدَ وَطْءِ الأُولى كَمَا يَجْرِي فِي الأُمِّ مَعَ الْبِنْتِ، وَلَكِنَّهُ وَقَعَ مِنْ أَجْلِ قَرَابَةِ الرَّجُلِ مِنْهُمَا
فَحُرمَ عَلَيْهِ أَن يَجْمَعَ الأُختَ إِلى الأُخت لأَنها مِنْ أَصْهاره، فكأَن ابْنَ عَبَّاسٍ قَدْ أَخْرَجَ الإِماءَ مِنْ حُكْمِ الحَرائر لأَنه لَا قَرَابَةَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ إمائِه، قَالَ: وَالْفُقَهَاءُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ لَا يُجِيزُونَ الْجَمْعَ بَيْنَ الأُختين فِي الحَرائر والإِماء، فَالْآيَةُ
المُحَرِّمةُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ، وَالْآيَةُ المُحِلَّةُ قَوْلُهُ تعالى: ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ.
(١) . قوله [المحرج] كذا هو بالأَصل والصحاح، وفي المحكم؛ المزلج كمعظم
(٢) . قوله [أَن نبيح الخدن] كذا بالأَصل، والذي في نسختين من المحكم: أَن نبيح الحصن
(٣) . قوله [وحرماً] أي بكسر فسكون، زاد في المحكم: وحرماً ككتف
(٤) . قوله [وهو الذلول الوسط] ضبطت الطاء في القاموس بضمة، وفي نسختين من المحكم بكسرها ولعله أقرب للصواب
(٥) . قوله [إِلى آل حرام] هذه عبارة المحكم وليس فيها لفظ آل
(٦) . قَوْلُهُ [ونبئتها] في التهذيب: وأنبئتها
(٧) . قوله [وفي حديث عليّ إلخ] عبارة النهاية: ومنه حديث عليّ إلخ