الباحث القرآني

مكية، وآياتها 26 [نزلت بعد الذاريات] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْغاشِيَةِ الداهية التي تغشى الناس بشدائدها وتلبسهم أهوالها. يعنى القيامة، من قوله يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ وقيل: النار، من قوله وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ، وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ يَوْمَئِذٍ يوم إذ غشيت خاشِعَةٌ ذليلة عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تعمل في النار عملا تتعب فيه، وهو جرها السلاسل والأغلال [[قال محمود: «ذليلة تعمل في النار عملا تنصب منه وهو جرها السلاسل ... الخ» قال أحمد: الوجه الأول متعين لأن الظرف المذكور وهو قوله يَوْمَئِذٍ مقطوع عن الجملة المضاف إليها، تقديرها: يوم إذ عشيت، وذلك في الآخرة بلا إشكال، وهو ظرف لجميع الصفات المخبر بها، أعنى: خاشعة عاملة ناصبة، فكيف يتناول أعمال الدنيا.]] ، وخوضها في النار كما تخوض الإبل في الوحل، وارتقاؤها دائبة في صعود من نار، وهبوطها في حدور منها. وقيل: عملت في الدنيا أعمال السوء والتذت بها وتنعمت، فهي في نصب منها في الآخرة. وقيل: عملت ونصبت في أعمال لا تجدى عليها في الآخرة. من قوله وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ، وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وقيل: هم أصحاب الصوامع. ومعناه: أنها خشعت لله وعملت ونصبت في أعمالها من الصوم الدائب، [[قوله «من الصوم الدائب، الدائب والواصب كلاهما بمعنى الدائم. (ع)]] والتهجد الواصب. وقرئ: عاملة ناصبة على الشتم. قرئ: تصلى بفتح التاء. وتصلى بضمها. وتصلى بالتشديد. وقيل: المصلى عند العرب: أن يحفروا حفيرا فيجمعوا فيه جمرا كثيرا، ثم يعمدوا إلى شاة فيدسوها وسطه، فأما ما يشوى فوق الجمر أو على المقلى أو في التنور، فلا يسمى مصليا آنِيَةٍ متناهية في الحرّ، كقوله وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ. الضريع. يبيس الشبرق، وهو جنس من الشوك ترعاه الإبل ما دام رطبا [[قال محمود: «الضريع: يبيس الشبرق، وهو جنس من الشوك ترعاه الإبل ما دام رطبا ... الخ» قال أحمد: فعلى الوجه الأول يكون صفة مخصصة لازمة. ذكرت شارحة لحقيقة الضريع. وعلى الثاني: تكون صفة مخصصة.]] ، فإذا يبس تحامته الإبل وهو سم قاتل. قال أبو ذؤيب: رعى الشيرق الرّيّان حتّى إذا ذوى ... وعاد ضريعا بان عنه النّحائص [[أى: رعى البعير الشبرق الريان، أى: الشوك الرطب. وذوى يذوى ذويا: ذبل ذبولا. وذوى كرضى أنكرها الجوهري، وأثبتها أبو عبيدة، أى: حتى إذا جف وصار ضريعا يابسا يتفتت بان عنه، أى: بعد عنه النحائص: جمع نحوص وهي الناقة الحائل، لعلها أنه لا يسمن ولا يغنى من جوع.]] وقال: وحبسن في هزم الضّريع فكلّها ... حدباء دامية اليدين حرود [[لقيس بن عيزارة، وهزمه- بالزاي-: صدعه «ومنه: الهزم، أى: المنكسر. وناقة هزماء: بدا عظم وركيها من الهزال. وأما الهرم بالراء فهو الحمض، وبعير عارم: يرعى الحمض. والضريع: نبت سيئ ذو شوك. والحدب: الانحناء. والحدباء: المنحنية. وحرد حردا: يبس وشح، يقول: حبست النوق في مرعى غث متفتت، فكلها منحنية الظهور أو الأرجل من الهزال، دامية اليدين من الشوك، قليلة اللبن.]] فإن قلت: كيف قيل لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ وفي الحاقة وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ؟ قلت: العذاب ألوان، والمعذبون طبقات، فمنهم. أكلة الزقوم. ومنهم أكلة الغسلين، ومنهم أكلة الضريع: لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ. لا يُسْمِنُ مرفوع المحل أو مجروره على وصف طعام. أو ضريع، يعنى: أنّ طعامهم من شيء ليس من مطاعم الإنس، وإنما هو شوك والشوك مما ترعاه الإبل وتتولع به. وهذا نوع منه تنفر عنه ولا تقربه. ومنفعتا الغذاء منتفيتان عنه: وهما إماطة الجوع، وإفادة القوّة والسمن في البدن. أو أريد: أن لا طعام لهم أصلا، لأن الضريع ليس بطعام للبهائم فضلا عن الإنس، لأن الطعام ما أشبع أو أسمن، وهو منهما بمعزل. كما تقول ليس لفلان ظل إلا الشمس، تريد: نفى الظل على التوكيد. وقيل: قالت كفار قريش: إن الضريع لتسمن عليه إبلنا فنزلت لا يُسْمِنُ فلا يخلو إما أن يتكذبوا ويتعنتوا بذلك وهو الظاهر، فيردّ قولهم بنفي السمن والشبع، وإما أن يصدقوا فيكون المعنى: أن طعامهم من ضريع ليس من جنس ضريعكم، إنما هو من ضريع غير مسمن ولا مغن من جوع.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب