الباحث القرآني
مكية، وهي خمس أو ست وأربعون آية [نزلت بعد النبإ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أقسم سبحانه بطوائف الملائكة التي تنزع الأرواح من الأجساد، وبالطوائف التي تنشطها أى تخرجها. من نشط الدلو من البئر إذا أخرجها، وبالطوائف التي تسبح في مضيها، أى:
تسرع فتسبق إلى ما أمروا به، فتدبر أمرا من أمور العباد مما يصلحهم في دينهم أو دنياهم كما رسم لهم غَرْقاً إغراقا في النزع، أى: تنزعها من أقاصى الأجساد من أناملها وأظفارها.
أو أقسم بخيل الغزاة التي تنزغ في أعنتها نزعا تغرق فيه الأعنة لطول أعناقها، لأنها عراب.
والتي تخرج من دار الإسلام إلى دار الحرب من قولك «ثور ناشط» إذا خرج من بلد إلى بلد، والتي تسبح في جريها فتسبق إلى الغاية فتدبر أمر الغلبة والظفر، وإسناد التدبير إليها، لأنها من أسبابه. أو أقسم بالنجوم التي تنزع من المشرق إلى المغرب. وإغراقها في النزع:
أن تقطع الفلك كله حتى تنحط في أقصى الغرب، والتي تخرج من برج إلى برج، والتي تسبح في الفلك من السيارة فتسبق فتدبر أمرا من علم الحساب. وقيل النازعات أيدى الغزاة، أو أنفسهم تنزع القسىّ بإغراق السهام، والتي تنشط الأوهاق [[قوله «تنشط الأوهاق» هي حبال المواشي، أفاده الصحاح. (ع)]] والمقسم عليه محذوف، وهو «لتبعثن» لدلالة ما بعده عليه من ذكر القيامة. ويَوْمَ تَرْجُفُ منصوب بهذا المضمر. والرَّاجِفَةُ الواقعة التي ترجف عندها الأرض والجبال، وهي النفخة الأولى:
وصفت بما يحدث بحدوثها تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ أى الواقعة التي تردف الأولى، وهي النفخة الثانية. ويجوز أن تكون الرادفة من قوله تعالى قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ أى القيامة التي يستعجلها الكفرة استبعادا لها، وهي رادفة لهم لاقترابها. وقيل الرَّاجِفَةُ الأرض والجبال، من قوله يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ والرادفة: السماء والكواكب، لأنها تنشق وتنتثر كواكبها على أثر ذلك. فإن قلت: ما محل تتبعها؟ قلت:
الحال، أى: ترجف تابعتها الرادفة. فإن قلت: كيف جعلت يَوْمَ تَرْجُفُ ظرفا للمضمر الذي هو لتبعثن، ولا يبعثون عند النفخة الأولى؟ قلت: المعنى: لتبعثنّ في الوقت الواسع الذي يقع فيه النفختان، وهم يبعثون في بعض ذلك الوقت الواسع، وهو وقت النفخة الأخرى. ودلّ على ذلك أنّ قوله تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ جعل حالا عن الراجفة. ويجوز أن ينتصب يَوْمَ تَرْجُفُ بما دلّ عليه قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ أى يوم ترجف وجفت القلوب واجِفَةٌ شديدة الاضطراب، والوجيب والوجيف: أخوان خاشِعَةٌ ذليلة. فإن قلت: كيف جاز الابتداء بالنكرة؟
قلت: قُلُوبٌ مرفوعة بالابتداء، وواجِفَةٌ صفتها، وأَبْصارُها خاشِعَةٌ خبرها فهو كقوله:
وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ. فإن قلت: كيف صح إضافة الأبصار إلى القلوب؟ قلت:
معناه أبصار أصحابها بدليل قوله يَقُولُونَ. فِي الْحافِرَةِ في الحالة الأولى، يعنون: الحياة بعد الموت. فإن قلت: ما حقيقة هذه الكلمة؟ قلت: يقال: رجع فلان في حافرته، أى: في طريقه التي جاء فيها فحفرها، أى: أثر فيها بمشيه فيها: جعل أثر قدميه حفرا، كما قيل: حفرت أسنانه حفرا: إذا أثر الآكال في أسناخها [[قوله «أثر الآكال في أسناخلها» في الصحاح «أسناخ الأسنان» : أصولها. (ع)]] . والخط المحفور في الصخر. وقيل: حافرة، كما قيل: عيشة راضية، أى: منسوبة إلى الحفر والرضا، أو كقولهم: نهارك صائم، ثم قيل لمن كان في أمر فخرج منه ثم عاد إليه: رجع إلى حافرته، أى طريقته وحالته الأولى. قال:
أحافرة على صلع وشيب ... معاذ الله من سفه وعار [[أنشده ابن الأعرابى. والهمزة للإنكار. والحافرة في الأصل: الطريق المحفور بالسير، فتسميته حافرة مجاز عقلى. أو على معنى النسب، أى: ذات حفر، ثم استعملت في كل حال كنت فيه، ثم رجعت إليه. وهي نصب بمحذوف، أى: أأرجع حافرة، أى في طريقتي الأولى من الشباب والصبا. أو على نزع الخافض، أى:
أأرجع إليها. والصلع: انحسار شعر الجبهة، ويغلب في الهرم. ومعاذ: مصدر نصب بمحذوف. والسفه:
الجهل والطيش.]]
يريد: أرجوعا إلى حافرة. وقيل: النقد عند الحافرة، يريدون عند الحالة الأولى: وهي الصفقة.
وقرأ أبو حيوة: في الحفرة. والحفرة بمعنى: المحفورة. يقال: حفرت أسنانه فحفرت حفرا، وهي حفرة، وهذه القراءة دليل على أن الحافرة في أصل الكلمة بمعنى المحفورة. يقال: نخر العظم فهو نخر وناخر، كقولك طمع فهو طمع وطامع، وفعل أبلغ من فاعل، وقد قرئ بهما:
وهو البالي الأجوف الذي تمر فيه الريح فيسمع له نخير. وإِذاً منصوب بمحذوف، تقديره:
أئذا كنا عظاما نرد ونبعث كَرَّةٌ خاسِرَةٌ منسوبة إلى الخسران، أو خاسر أصحابها. والمعنى:
أنها إن صحت فنحن إذا خاسرون لتكذيبنا بها، وهذا استهزاء منهم. فإن قلت: بم تعلق قوله فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ؟ قلت: بمحذوف، معناه: لا تستصعبوها، فإنما هي زجرة واحدة، يعنى: لا تحسبوا تلك الكرة صعبة على الله عز وجل، فإنها سهلة هينة في قدرته، ما هي إلا صيحة واحدة [[قال محمود: «إن قلت: كيف اتصل بما قبله؟ وأجاب أنهم أنكروا الاعادة ... الخ» قال أحمد:
وما أحسن تسهيل أمر الاعادة بقوله زَجْرَةٌ عوضا من صيحة، لأن الزجرة أخف من الصيحة، وبقوله واحِدَةٌ أى غير محتاجة إلى مثنوية، وهو يحقق لك ما أجبت به من السؤال الوارد عند قوله تعالى فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ حيث قيل: كيف وحدها وهما نفختان، فجدد به عهدا.]] ، يريد النفخة الثانية فَإِذا هُمْ أحياء على وجه الأرض بعد ما كانوا أمواتا في جوفها، من قولهم: زجر البعير، إذا صاح عليه. والساهرة: الأرض البيضاء المستوية، سميت بذلك لأنّ السراب يجرى فيها، من قولهم: عين ساهرة جارية الماء، وفي ضدها: نائمة. قال الأشعث بن قيس: وساهرة يضحى السّراب مجلّلا ... لأقطارها قد جبتها متلثّما [[للأشعث بن قيس، والساهرة: الأرض البيضاء، لأن السراب يجرى فيها فتشبه العين الساهرة، لظهور بياضها وجريان مائها، بخلاف الناعسة. أو وصفت بالسهر، لأن السائر فيها ساهر لا ينام خوف الهلكة، فهو مجاز عقلى. مجللا: خير «يضحى» أى: ساترا لأقطارها وجوانبها. يقول: رب مفازة يسترها النهار بسراب يشبه جل الفرس، ويطلق النهار على السراب، وعلى فرخ الحبارى، وتصح إرادة كل منهما. قد أتيتها لا بسا اللثام خوف الحر والريح.]]
أو لأنّ سالكها لا ينام خوف الهلكة. وعن قتادة: فإذا هم في جهنم.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["وَٱلنَّـٰزِعَـٰتِ غَرۡقࣰا","وَٱلنَّـٰشِطَـٰتِ نَشۡطࣰا","وَٱلسَّـٰبِحَـٰتِ سَبۡحࣰا","فَٱلسَّـٰبِقَـٰتِ سَبۡقࣰا","فَٱلۡمُدَبِّرَ ٰتِ أَمۡرࣰا","یَوۡمَ تَرۡجُفُ ٱلرَّاجِفَةُ","تَتۡبَعُهَا ٱلرَّادِفَةُ","قُلُوبࣱ یَوۡمَىِٕذࣲ وَاجِفَةٌ","أَبۡصَـٰرُهَا خَـٰشِعَةࣱ","یَقُولُونَ أَءِنَّا لَمَرۡدُودُونَ فِی ٱلۡحَافِرَةِ","أَءِذَا كُنَّا عِظَـٰمࣰا نَّخِرَةࣰ","قَالُوا۟ تِلۡكَ إِذࣰا كَرَّةٌ خَاسِرَةࣱ","فَإِنَّمَا هِیَ زَجۡرَةࣱ وَ ٰحِدَةࣱ","فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ"],"ayah":"یَوۡمَ تَرۡجُفُ ٱلرَّاجِفَةُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











