الباحث القرآني

أَيَّانَ مُرْساها متى إرساؤها، أى إقامتها، أرادوا: متى يقيمها الله ويثبتها ويكوّنها؟ وقيل أيان منتهاها ومستقرّها [[قال محمود: «مرساها أى مستقرها ... الخ» قال أحمد: وفيه إشعار بثقل اليوم، كقوله وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلًا ألا تراهم لا يستعملون الارساء إلا فيما ثقل كمرسى السفينة وإرساء الجبال.]] ، كما أنّ مرسى السفنية مستقرّها، حيث تنتهي إليه فِيمَ أَنْتَ في أى شيء أنت [[قال محمود: «ومعنى فِيمَ أَنْتَ أى: في أى شيء أنت من أن تذكر وقتها ... الخ» قال أحمد: وفي هذا الوجه نظر، فان الآية الأخرى ترده، وهي قوله يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها أى: أنك لا تحتفى بالسؤال عنها ولا تهتم بذلك، وهم يسئلونك كما يسئل الحفي عن الشيء، أى: الكثير السؤال عنه، فالوجه الأول أصوب.]] من أن تذكر وقتها لهم وتعلمهم به، يعنى: ما أنت من ذكرها لهم وتبيين وقتها في شيء. وعن عائشة رضى الله عنها، لم يزل رسول الله ﷺ يذكر الساعة يسأل عنها حتى نزلت [[أخرجه إسحاق في مسنده وابن مردويه من طريقه أخبرنا ابن عتبة عن الزهري عن عروة عنها بهذا. ورواه الطبري عن يعقوب عن إبراهيم عن ابن عتبة مثله. قال الحاكم بعد أن أخرجه من طريق ابن عتبة: لم يخرجاه لأن ابن عتبة كان يرسله. وقال ابن أبى حاتم عن أبى زرعة: الصحيح مرسل. وأخرجه عبد الرازق عن ابن عتبة مرسلا وقال الدارقطني أسنده ابن عتبة مرة وأرسله أخرى.]] ، فهو على هذا تعجب [[قوله «فهو على هذا تعجب» لعله: تعجيب. (ع)]] من كثرة ذكره لها، كأنه قيل: في أى شغل واهتمام أنت من ذكرها والسؤال عنها. والمعنى: أنهم يسألونك عنها، فلحرصك على جوابهم لا تزال تذكرها وتسأل عنها، ثم قال إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها أى منتهى علمها لم يؤت علمها أحدا من خلقه. وقيل: فِيمَ إنكار لسؤالهم [[قال محمود: «وقيل فِيمَ إنكار لسؤالهم، أى: فيم هذا السؤال ... الخ» قال أحمد: فعلى هذا ينبغي أن يوقف على قوله فِيمَ ليفصل بين الكلامين.]] ، أى: فيم هذا السؤال، ثم قيل: أنت عن ذكراها، أى: إرسالك وأنت خاتم الأنبياء وآخر الرسل المبعوث في نسم الساعة [[قوله «في نسم الساعة» في الصحاح «نسم الريح» : أولها حين تقبل بلين قيل أن تشتد. ومن الحديث «بعثت في نسم الساعة» أى: حين ابتدأت وأقبلت أوائلها. (ع)]] ذكر من ذكرها وعلامة من علاماتها، فكفاهم بذلك دليلا على دنوّها ومشارفتها ووجوب الاستعداد لها، ولا معنى لسؤالهم عنها إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها أى: لم تبعث لتعلمهم بوقت الساعة الذي لا فائدة لهم في علمه، وإنما بعثت لتنذر من أهوالها من يكون من إنذارك لطفا له في الخشية منها. وقرئ: منذر بالتنوين، وهو الأصل، والإضافة تخفيف، وكلاهما يصلح للحال والاستقبال، فإذا أريد الماضي فليس إلا الإضافة، كقولك: هو منذر زيد أمس، أى: كأنهم لم يلبثوا في الدنيا، وقيل: في القبور إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها. فإن قلت: كيف صحت إضافة الضحى إلى العشية؟ قلت: لما بينهما من الملابسة لاجتماعهما في نهار واحد. فإن قلت: فهلا قيل: إلا عشية أو ضحى وما فائدة الإضافة؟ قلت: الدلالة على أن مدّة لبثهم كأنها لم تبلغ يوما كاملا، ولكن ساعة منه عشيته أو ضحاه، فلما ترك اليوم أضافه إلى عشيته، فهو كقوله لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ. عن رسول الله ﷺ: «من قرأ سورة والنازعات كان ممن حبسه الله في القبر والقيامة حتى يدخل الجنة قدر صلاة المكتوبة [[أخرجه الثعلبي والواحدي وابن مردويه بالسند إلى أبى بن كعب.]] » .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب