الباحث القرآني
المرصاد: الحدّ الذي يكون فيه الرصد. والمعنى: أن جهنم هي حدّ الطاغين الذي يرصدون فيه للعذاب وهي مآبهم. أو هي مرصاد لأهل الجنة ترصدهم الملائكة الذين يستقبلونهم عندها، لأن مجازهم عليها، وهي مآب للطاغين. وعن الحسن وقتادة نحوه، قالا: طريقا وممرّا لأهل الجنة.
وقرأ ابن يعمر: أنّ جهنم، بفتح الهمزة على تعليل قيام الساعة بأنّ جهنم كانت مرصادا للطاغين، كأنه قيل: كان ذلك لإقامة الجزاء. قرئ: لابثين ولبثين، واللبث أقوى، لأنّ اللابث من وجد منه اللبث، ولا يقال «لبث» إلا لمن شأنه اللبث، كالذي يجثم بالمكان لا يكاد ينفك منه أَحْقاباً حقبا [[قوله «أحقابا» في الصحاح «الحقب» بالضم: ثمانون سنة. والحقبة- بالكسر-: واحدة الحقب، وهي السنون. والحقب: الدهر، والأحقاب: الدهور. (ع)]] بعد حقب، كلما مضى حقب تبعه آخر إلى غير نهاية، ولا يكاد يستعمل الحقب والحقبة إلا حيث يراد تتابع الأزمنة وتواليها، والاشتقاق يشهد لذلك. ألا ترى إلى حقيبة الراكب، والحقب الذي وراء التصدير [[قوله «والحقب الذي وراء التصدير» في الصحاح «التصدير» : الحزام، وهو في صدر البعير، والحقب عند الثيل. وفيه «الثيل» : وعاء قضيب البعير. (ع)]] وقيل: الحقب ثمانون سنة، ويجوز أن يراد:
لابثين فيها أحقابا غير ذائقين فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا، ثم يبدلون بعد الأحقاب غير الحميم والغساق من جنس آخر من العذاب. وفيه وجه آخر: وهو أن يكون من «حقب عامنا» إذا قل مطره وخيره، وحقب فلان: إذا أخطأه الرزق، فهو حقب، وجمعه أحقاب، فينتصب حالا عنهم، يعنى لابثين فيها حقيبين [[قوله «لابثين فيها حقيبين» لعله حقبين من حقب بالكسر كجحدين من جحد: إذا كان ضيقا قليل الخير فيهما، أفاده الصحاح. (ع)]] جحدين. وقوله لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً تفسير له والاستثناء منقطع، يعنى: لا يذوقون فيها بردا وروحا ينفس عنهم حرّ النار، ولا شرابا يسكن من عطشهم، ولكن يذوقون فيها حميما وغساقا وقيل «البرد» النوم، وأنشد:
فلو شئت حرّمت النّساء سواكم ... وإن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا [[تقدم شرح هذا الشاهد بالجزء الأول صفحة 294 فراجعه إن شئت اه مصححه.]]
وعن بعض للعرب: منع البرد البرد [[قوله «منع البرد البرد» أى: منع البرد النوم. (ع)]] . وقرئ: غساقا، بالتخفيف والتشديد: وهو ما يغسق، أى: يسيل من صديدهم وِفاقاً وصف بالمصدر. أو ذا وفاق. وقرأ أبو حيوة:
وفاقا، فعال من وفقه كذا كِذَّاباً تكذيبا، وفعال في باب فعل كله فاش في كلام فصحاء من العرب لا يقولون غيره، وسمعنى بعضهم أفسر آية فقال لقد فسرتها فسارا ما سمع بمثله.
وقرئ بالتخفيف، وهو مصدر كذب، بدليل قوله:
فصدقتها وكذبتها ... والمرء ينفعه كذابه [[الكذاب- ككتاب-: مصدر مضاف لفاعله. وصدقتها وكذبتها- بتخفيفها- بمعنى: قلت لها قولا صادقا تارة، وقولا كاذبا تارة أخرى. أو قلت لها: أنت صادقة تارة، وأنت كاذبة تارة. والضمير لنفسه أو صاحبته مثلا. وعلل ذلك بأن الكذب قد ينفع.]]
وهو مثل قوله أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً يعنى: وكذبوا بآياتنا فكذبوا كذابا. أو تنصبه بكذبوا، لأنه يتضمن معنى كذبوا، لأنّ كل مكذب بالحق كاذب، وإن جعلته بمعنى المكاذبة فمعناه: وكذبوا بآياتنا، فكاذبوا مكاذبة. أو كذبوا بها مكاذبين، لأنهم إذا كانوا عند المسلمين كاذبين وكان المسلمون عندهم كاذبين فبينهم مكاذبة. أو لأنهم يتكلمون بما هو إفراط في الكذب فعل من يغالب في أمر، فيبلغ فيه أقصى جهده. وقرئ: كذابا، وهو جمع كاذب، أى: كذبوا بآياتنا كاذبين، وقد يكون الكذاب بمعنى الواحد البليغ في الكذب، يقال: رجل كذاب، كقولك: حسان، وبخال، فيجعل صفة لمصدر كذبوا، أى: تكذيبا كذابا مفرطا كذبه، وقرأ أبو السمال: وكل شيء أحصيناه، بالرفع على الابتداء كِتاباً مصدر في موضع إحصاء وأحصينا في معنى كتبنا، لالتقاء الإحصاء، والكتبة في معنى الضبط والتحصيل. أو يكون حالا في معنى: مكتوبا في اللوح وفي صحف الحفظة. والمعنى: إحصاء معاصيهم، كقوله: أَحْصاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وهو اعتراض. وقوله فَذُوقُوا مسبب عن كفرهم بالحساب وتكذيبهم بالآيات، وهي آية في غاية الشدّة، وناهيك بلن نزيدكم، وبدلالته على أن ترك الزيادة كالمحال الذي لا يدخل تحت الصحة. وبمجيئها على طريقة الالتفات شاهدا على أنّ الغضب قد تبالغ، وعن النبي ﷺ: «هذه الآية أشدّ ما في القرآن على أهل النار» [[أخرجه ابن أبى حاتم والثعلبي من رواية جسر بن فرقد السبخى عن الحسن سألت أبا برزة الأسلمي فذكره وجسر ضعيف. ورواه الطبراني والبيهقي في الشعب موقوفا.]] .
{"ayahs_start":21,"ayahs":["إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتۡ مِرۡصَادࣰا","لِّلطَّـٰغِینَ مَـَٔابࣰا","لَّـٰبِثِینَ فِیهَاۤ أَحۡقَابࣰا","لَّا یَذُوقُونَ فِیهَا بَرۡدࣰا وَلَا شَرَابًا","إِلَّا حَمِیمࣰا وَغَسَّاقࣰا","جَزَاۤءࣰ وِفَاقًا","إِنَّهُمۡ كَانُوا۟ لَا یَرۡجُونَ حِسَابࣰا","وَكَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا كِذَّابࣰا","وَكُلَّ شَیۡءٍ أَحۡصَیۡنَـٰهُ كِتَـٰبࣰا","فَذُوقُوا۟ فَلَن نَّزِیدَكُمۡ إِلَّا عَذَابًا"],"ayah":"إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتۡ مِرۡصَادࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق