الباحث القرآني

مكية، وتسمى سورة النبإ، وهي أربعون، أو إحدى وأربعون آية [نزلت بعد المعارج] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ عَمَّ أصله عما، على أنه حرف جر دخل على ما الاستفهامية، وهو في قراءة عكرمة وعيسى بن عمر. قال حسان رضى الله عنه: على ما قام يشتمني لئيم ... كخنزير تمرّغ في رماد [[على ما قام يشتمني لئيم ... كخنزير تمرغ في رماد وتلقاه على ما كان فيه ... من الهفوات أو نوك الفؤاد جبين الغى لا يغبى عليه ... ويغبى بعد عن سيل الرشاد لحسان بن المنذر. وقيل: ابن ثابت، يهجو أحد بنى عائذ بن عمرو بن مخزوم. وما استفهام إنكارى وكان حقها حذف الألف لدخول حرف الجر عليها، وثبوتها قليل، أى: على أى شيء يسبني لئيم مثل الخنزير المتمرغ في الرماد لذله. ويروى: في دمان كرماد وزنا ومعنى. أو بمعنى الدمنة وهي الكناسة المختلطة بالبعر، ولعل ابن ثابت غيره وإلا فقصيدة ابن المنذر دالية لا نونية. والنوك: الحمق والهوج. والفؤاد: القلب والعقل، أى: وتلقاه مع ما ثبت فيه من الخلل لا يخفى عليه الغى المبين، أى: يرتكب طريقه ولا يعرف سبل الرشاد. ومعنى البعدية: تفاوت ما بين الخبرين. وغبا عليه الشيء- كرضى-: خفى عليه. وغبي هو عن الشيء- كرضى أيضا-: عجز عن معرفته. وفي قوله «لا يغبى ... الخ» طباق الإيجاب والسلب.]] والاستعمال الكثير على الحذف، والأصل: قليل. ومعنى هذا الاستفهام: تفخيم الشأن، كأنه قال: عن أى شأن يتساءلون. ونحوه ما في قولك: زيد ما زيد [[قال محمود: «معنى هذا الاستفهام تفخيم الشأن، كأنه قيل: عن أى شيء يتساءلون ونحوه ما في قولك ... الخ» قال أحمد: وقد أكثرت أم زرع من هذا التفخيم في قولها: وأبو زرع ما أبو زرع، إلى آخر حديثها.]] ؟ جعلته لانقطاع قرينه وعدم نظيره كأنه شيء خفى عليك جنسه فأنت تسأل عن جنسه وتفحص عن جوهره، كما تقول: ما الغول وما العنقاء؟ تريد: أى شيء هو من الأشياء هذا أصله، ثم جرد للعبارة عن التفخيم [[قال محمود: «هذا أصله، ثم جرد الدلالة على التفخيم ... الخ» قال أحمد. لان بعضهم يشك في البعث، وبعضهم يبت النفي، ومن ثم قيل الضمير للمسلمين والكافرين، فسؤال المسلمين ليزدادوا خشية، وإنما سؤال الكفار لزيادة الاستهزاء والكفر.]] ، حتى وقع في كلام من لا تخفى عليه خافية يَتَساءَلُونَ يسأل بعضهم بعضا. أو يتساءلون غيرهم من رسول الله ﷺ والمؤمنين. نحو: يتداعونهم ويتراءونهم. والضمير لأهل مكة: كانوا يتساءلون فيما بينهم عن البعث، ويتساءلون غيرهم عنه على طريق الاستهزاء عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ بيان للشأن المفخم. وعن ابن كثير أنه قرأ: عمه، بهاء السكت، ولا يخلو: إما أن يجرى الوصل مجرى الوقف وإما أن يقف ويبتدئ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ على أن يضمر يَتَساءَلُونَ لأنّ ما بعده يفسره، كشيء يبهم ثم يفسر. فإن قلت: قد زعمت أنّ الضمير في يتساءلون للكفار، فما تصنع بقوله هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ؟ قلت: كان فيهم من يقطع القول بإنكار البعث، ومنهم من يشك. وقيل: الضمير للمسلمين والكافرين جميعا، وكانوا جميعا يسألون عنه. أما المسلم فليزداد خشية واستعدادا، وأما الكافر فليزداد استهزاء. وقيل: المتساءل عنه القرآن. وقيل: نبوّة محمد ﷺ. وقرئ: يسّاءلون بالإدغام، وستعلمون بالتاء.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب