الباحث القرآني
مكية، وآياتها 40 [نزلت بعد القارعة] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إدخال «لا» النافية على فعل القسم مستفيض في كلامهم وأشعارهم. قال امرؤ القيس:
لا وأبيك أبنة العامرىّ ... لا يدّعى القوم أنّى أفرّ [[تقدم شرح هذا الشاهد بالجزء الأول صفحة 692 فراجعه إن شئت اه مصححه.]]
وقال غوثة بن سلمى:
ألا نادت أمامة باحتمال ... لتحزننى فلا بك ما أبالى [[إذا نادت أمامة باحتمال ... لتحزننى فلا بك ما أبالى
فسيرى ما بدا لك أو أقيمي ... فأيا ما أتيت ففي نقالى
لغوثة بن سلمى بن ربيعة، يقول: إذا أظهرت أمامة محبوبتى أمارات الارتحال عنى لتحزننى، فأطلق النداء على ذلك مجازا. ويروى «ألا» بدل «إذا» ولا زائدة قبل القسم، لأن المعنى فبحقك وحياتك ما أبالى ولا أحزن، وحسن زيادتها: أنها في الغالب مسلطة على دعوى الخصم نافية لها، وفي القسم بمحبوبته على عدم المبالاة ببعدها عنه نوع تهكم بها. وقيل: المعنى فلا يقع ما أبالى على الدعاء، وهذا إنما يظهر على رواية: فلا بك ما أبالى، وأصله يكن، أى: يحصل، فحذفت النون عند الجزم تخفيفا. وما موصولة. ويروى: فآبك، أى: أبعدك الله: دعاء أيضا. والتقالى: التباغض، أى: فسيرى ما دام يظهر لك المسير، أو أقيمى، فهما منك سواء، وأى شيء تفعلينه فهو ناشئ عن تباغض بيني وبينك، ومع ذلك لا أعتنى بشأنك لأنى مشغول بأهم منك: وهو موت أقاربه، والتفت إليها بالخطاب ليصدعها بالجواب.]]
وفائدتها توكيد القسم، وقالوا إنها صلة مثلها في لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ وفي قوله:
في بئر لا حور سرى وما شعر [[في بئر لا حور سرى وما شعر ... بافكه حتى إذا الصبح حشر
«لا» زائدة بين المضاف والمضاف إليه شذوذا. والحور- بالضم-: الهلكة جمع حائر أى هالك، كبزل وبازل، ونزل ونازل. وقيل: الحور بمعنى الهلاك، وجمعه: أحور، أى: سرى في بئر هلاك وما درى بذلك. وقوله «بافكه» يجوز تعلقه بشعر، ويجوز تعلقه بسرى، وشبه سبب الهلاك بالبئر على طريق التصريح التحير والضرر بالوقوع في كل، ولذلك قال: سرى، وهو يناسب الظلمة والحيرة، لأنه بمعنى سار ليلا. والافك: الباطل، واستعار الصبح الحق على طريق التصريحية، وحشر: أضاء واتضح، فحينئذ تبين كذبه، أى: دام على كذبه حتى ظهر الحق]]
واعترضوا عليه بأنها إنما تزاد في وسط الكلام لا في أوّله، وأجابوا بأنّ القرآن في حكم سورة واحدة متصل بعضه ببعض، والاعتراض صحيح، لأنها لم تقع مزيدة إلا في وسط الكلام، ولكن الجواب غير سديد. ألا ترى إلى امرئ القيس كيف زادها في مستهل قصيدته. والوجه أن يقال: هي للنفي. والمعنى في ذلك أنه لا يقسم بالشيء إلا إعظاما له يدلك عليه قوله تعالى فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ فكأنه بإدخال حرف النفي يقول: إنّ إعظامى له بإقسامى به كلا إعظام، يعنى أنه يستأهل فوق ذلك. وقيل إن «لا» نفى لكلام وردّ له قبل القسم، كأنهم أنكروا البعث فقيل: لا، أى ليس الأمر على ما ذكرتم، ثم قيل:
أقسم بيوم القيامة. فإن قلت: قوله تعالى فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ والأبيات التي أنشدتها: المقسم عليه فيها منفي، فهلا زعمت أنّ «لا» التي قبل القسم زيدت موطئة النفي بعده ومؤكدة له، وقدرت المقسم عليه المحذوف هاهنا منفيا، كقولك لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ، لا تتركون سدى؟
قلت: لو قصر الأمر على النفي دون الإثبات لكان لهذا القول ماغ، ولكنه لم يقصر. ألا ترى كيف لقى لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ بقوله لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وكذلك فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ بقوله إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ وقرئ: لأقسم، على أنّ اللام للابتداء. وأقسم خبر مبتدإ محذوف، معناه: لأنا أقسم. قالوا: ويعضده أنه في الإمام بغير ألف بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ بالنفس المتقية التي تلوم النفوس فيه أى في يوم القيامة على تقصيرهن في التقوى أو بالتي لا تزال تلوم نفسها وإن اجتهدت في الإحسان. وعن الحسن: إن المؤمن لا تراه إلا لائما نفسه، وإنّ الكافر يمضى قدما لا يعاتب نفسه [[قوله: «وأن الكافر يمضى قدما لا يعاتب» في الصحاح مضى قدما- بضم الدال-: لم يعرج ولم ينثن اه. (ع)]] . وقيل: هي التي تتلوّم يومئذ على ترك الازدياد إن كانت محسنة.
وعلى التفريط إن كانت مسيئة. وقيل: هي نفس آدم، لم تزل تتلوم على فعلها الذي خرجت به من الجنة. وجواب القسم ما دل عليه قوله أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ وهو لتبعثن. وقرأ قتادة: أن لن نجمع عظامه، على البناء للمفعول. والمعنى: نجمعها بعد تفرقها ورجوعها رميما ورفاتا مختلطا بالتراب، وبعد ما سفتها الرياح وطيرتها في أباعد الأرض. وقيل إن عدى ابن أبى ربيعة ختن الأخنس بن شريق [[قوله «ختن الأخنس بن شريق» في الصحاح «الختن» بالتحريك: كل من كان من قبل المرأة مثل الأب والأخ، وعند العامة: ختن الرجل زوج ابنته. (ع)]] وهما اللذان كان رسول الله ﷺ يقول فيهما: «اللهم اكفني جارى السوء» [[ذكره الثعلبي والبغوي، والواحدي بغير إسناد.]] قال لرسول الله ﷺ: يا محمد حدثني عن يوم القيامة متى يكون وكيف أمره؟ فأخبره رسول الله ﷺ، فقال:
لو عاينت ذلك اليوم لم أصدقك يا محمد ولم أو من به أو يجمع الله العظام، فنزلت بَلى أوجبت ما بعد النفي وهو الجمع، فكأنه قيل بَلى نجمعها. وقادِرِينَ حال من الضمير في نجمع، أى: نجمع العظام قادرين على تأليف جميعها وإعادتها إلى التركيب الأول، إلى أن نسوى بنانه أى: أصابعه التي هي أطرافه، وآخر ما يتم به خلقه. أو على أن نسوى بنانه ونضم سلامياته على صغرها ولطافتها بعضها إلى بعض كما كانت أولا من غير نقصان ولا تفاوت، فكيف بكبار العظام. وقيل: معناه بلى نجمعها ونحن قادرون على أن نسوى أصابع يديه ورجليه، أى نجعلها مستوية شيئا واحدا كخف البعير وحافر الحمار لا تفرق بينها، فلا يمكنه أن يعمل بها شيئا مما يعمل بأصابعه المفرقة ذات المفاصل والأنامل من فنون الأعمال، والبسط والقبض، والتأتى لما يريد من الحوائج. وقرئ قادرون، أى: نحن قادرون، بَلْ يُرِيدُ عطف على أَيَحْسَبُ فيجوز أن يكون مثله استفهاما، وأن يكون إيجابا على أن يضرب عن مستفهم عنه إلى آخر. أو يضرب عن مستفهم عنه إلى موجب لِيَفْجُرَ أَمامَهُ ليدوم على فجوره فيما بين يديه من الأوقات وفيما يستقبله من الزمان لا ينزع عنه. وعن سعيد بن جبير رضى الله عنه: يقدم الذنب ويؤخر التوبة. يقول: سوف أتوب، سوف أتوب: حتى يأتيه الموت على شرّ أحواله وأسوإ أعماله يَسْئَلُ سؤال متعنت مستبعد لقيام الساعة في قوله أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ ونحوه: ويقولون متى هذا الوعد.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["لَاۤ أُقۡسِمُ بِیَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِ","وَلَاۤ أُقۡسِمُ بِٱلنَّفۡسِ ٱللَّوَّامَةِ","أَیَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَـٰنُ أَلَّن نَّجۡمَعَ عِظَامَهُۥ","بَلَىٰ قَـٰدِرِینَ عَلَىٰۤ أَن نُّسَوِّیَ بَنَانَهُۥ","بَلۡ یُرِیدُ ٱلۡإِنسَـٰنُ لِیَفۡجُرَ أَمَامَهُۥ","یَسۡـَٔلُ أَیَّانَ یَوۡمُ ٱلۡقِیَـٰمَةِ"],"ayah":"أَیَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَـٰنُ أَلَّن نَّجۡمَعَ عِظَامَهُۥ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق