الباحث القرآني

عَنِ التَّذْكِرَةِ عن التذكير وهو العظة، يريد: القرآن أو غيره من المواعظ. ومُعْرِضِينَ نصب على الحال، كقولك: مالك قائما. والمستنفرة: الشديدة النفار كأنها تطلب النفار من نفوسها في جمعها له وحملها عليه [[قوله «في جمعها له وحملها عليه» متعلق بكأنها، لأنه وجه الشبه. (ع)]] . وقرئ بالفتح: وهي المنفرة المحمولة على النفار: والقسورة: جماعة الرماة الذين يتصيدونها. وقيل: الأسد. يقال: ليوث قساور وهي فعولة من القسر: وهو القهر والغلبة، وفي وزنه «الحيدرة» من أسماء الأسد. وعن ابن عباس: ركز الناس وأصواتهم. وعن عكرمة: ظلمة الليل، شبههم في إعراضهم عن القرآن واستماع الذكر والموعظة وشرادهم عنه، بحمر جدت في نفارها مما أفزعها. وفي تشبيههم بالحمر: مذمة ظاهرة وتهجين لحالهم بين، كما في قوله كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً وشهادة عليهم بالبله وقلة العقل. ولا ترى مثل نفار حمير الوحش واطرادها في العدو إذا رابها رائب، ولذلك كان أكثر تشبيهات العرب في وصف الإبل وشدّة سيرها بالحمر، وعدوها إذا وردت ماء فأحست عليه بقانص صُحُفاً مُنَشَّرَةً قراطيس تنشر وتقرأ كالكتب التي يتكاتب بها. أو كتبا كتبت في السماء ونزلت بها الملائكة ساعة كتبت منشرة على أيديها غضة رطبة لم تطو بعد، وذلك أنهم قالوا لرسول الله ﷺ: لن نتبعك حتى تأتى كل واحد منا بكتب من السماء عنوانها من رب العالمين إلى فلان بن فلان، نؤمر فيها باتباعك. ونحوه قوله وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ وقال: وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ ... الآية وقيل: قالوا إن كان محمد صادقا فليصبح عند رأس كل رجل منا صحيفة فيها براءته وأمنه من النار. وقيل: كانوا يقولون: بلغنا أن الرجل من بنى إسرائيل كان يصبح مكتوبا على رأسه ذنبه وكفارته، فأتنا بمثل ذلك، وهذا من الصحف المنشرة بمعزل. إلا أن براد بالصحف المنشرة: الكتابات الظاهرة المكشوفة. وقرأ سعيد بن جبير: صحفا منشرة بتخفيفهما، على أن أنشر الصحف ونشرها: واحد، كأنزله ونزله. ردعهم بقوله كَلَّا عن تلك الإرادة، وزجرهم عن اقتراح الآيات، ثم قال بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ فلذلك أعرضوا عن التذكرة لا لامتناع إيتاء الصحف، ثم ردعهم عن إعراضهم عن التذكرة وقال إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ يعنى تذكرة بليغة كافية، مبهم أمرها في الكفاية فَمَنْ شاءَ أن يذكره ولا ينساه ويجعله نصب عينه فعل، فإنّ نفع ذلك راجع إليه. والضمير في إِنَّهُ وذَكَرَهُ للتذكرة في قوله فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ وإنما ذكر لأنها في معنى الذكر أو القرآن وَما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ يعنى: إلا أن يقسرهم على الذكر ويلجئهم إليه. لأنهم مطبوع على قلوبهم. معلوم أنهم لا يؤمنون اختيارا هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ هو حقيق بأن يتقيه عباده ويخافوا عقابه، فيؤمنوا ويطيعوا، وحقيق بأن يغفر لهم إذا آمنوا وأطاعوا. وروى أنس عن رسول الله ﷺ: «هو أهل أن يتقى، وأهل أن يغفر لمن اتقاه» [[أخرجه لترمذى والنسائي وابن ماجة والطبراني في الأوسط وابن عدى والحاكم وأحمد وأبو يعلى والبزار كلهم من رواية سهل بن إبراهيم العطفى عن ثابت عن أنس رضى الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال في هذه الآية «قال الله تعالى: أنا أهل أن أتقى- إلى آخره» قال الترمذي والطبراني وابن عدى: تفرد به سهل. ورواه الحكيم الترمذي في السابع والسبعين بعد المائة، بلفظ «قال: هو أهل أن يتقى. فمن اتقى فهو أهل أن يغفر له» وله شاهد من رواية عبد الله قال سمعت ثلاثة نفر من أصحاب رسول الله ﷺ: أبا هريرة وابن عمر وابن عباس رضى الله عنه يقولون: سئل رسول الله ﷺ عن قوله تعالى فذكره.]] وقرئ: يذكرون. بالياء والتاء مخففا ومشددا. عن رسول الله ﷺ: «من قرأ سورة المدثر أعطاه الله عشر حسنات بعدد من صدق بمحمد وكذب به بمكة» [[أخرجه الثعلبي وابن مردويه والواحدي بأسانيدهم إلى أبى بن كعب.]] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب