الباحث القرآني

لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً جواب قسم محذوف. فإن قلت: ما لهم لا يكادون ينطقون بهذه اللام، إلا مع «قد» وقلّ عنهم، نحو قوله: حلفت لها بالله حلفة فاجر ... لناموا........ [[فقالت سباك الله إنك فاضحى ... ألست ترى السمار والنار أحوالى حلفت لها بالله حلفة فاجر ... لناموا فما إن من حديث ولا صالى فأصبحت معشوقا وأصبح يعلها ... عليه قتام كاسف الظن والبال يغط غطيط البكر شد خناقه ... ليقتلني والمره ليس بقتال أيقتلنى والمشرفي مضاجعى ... ومسنونة زرق كأنياب أغوال لامرئ القيس. يقول: ضجرت محبوبتى سلمي حين ترقبتها ليلا مع أن الرقباء حولها. والسمار: جمع سامر، بمعنى المتحدث ليلا. وأحوال: جمع حول، بمعنى جانب، فيفيد كثرة الناس وانتشارهم في جوانبها. والمنقول أنه على صورة الجمع وليس جمعا، وكذا تئنيته، لأنه حول الشيء وحوليه وأحواله وأحواليه وحواله وحواليه، كلها بمعنى جانبه المحيط به، ويمكن أن يراد بالمفرد: مطلق الجانب مجازاً، فيثنى ويجمع حقيقة، والكثير في الماضي المجاب به القسم قرنه بقد، بل قيل: إن لم توجد فيه قدرت قيل، لأن الجواب مظنة للتوقع الذي هو معنى «قد» لسماع القسم أولا. و «إن» و «من» زائدتان للتوكيد، والحديث: بمعنى المتحدث ليطابق ما بعده. والصالي: المصطلى بالنار. وهاهنا حذف دل عليه المقام. أى فسمحت فنلت منها مرادى، فأعجبتها فأصبحت معشوقا وقد كنت عاشقاً، وأصبح زوجها عليه قتام: وهو الغبار وسواد الوجه، كاسف الظن: منعكسه، فهو مجاز. وكاسف البال: حزين القلب، أو سيئ الحال. والغطيط: ارتفاع صوت النفس عند الخنق والنعاس ونحو ذلك. والبكر: الفتى من الإبل. والخناق: حبل يخنق به كالحزام لما يتحزم به، والاسار لما يربط به الأسير. وقوله: ليس بقتال، أى كما يزعم أنه شجاع. والمشرفي: السيف، نسبة إلى مشارف جمع مشرف كجعفر، وهي قرى من أرض العرب تدنو من الريف، شبهه بالمضاجع لامتداده بجانبه وملازمته له، والمسنونة النبال: المحددة الأطراف. والزرق: جمع زرقاء، الصافيات اللون. وشبهها بأنياب الأغوال في حدة الأطراف، واستبشاع كل عند النفوس. وهذا لا يستلزم وجود الغول ورؤية نابها، وإن زعمته العرب.]] .... قلت: إنما كان ذلك لأن الجملة القسمية لاتساق إلا تأكيداً للجملة المقسم عليها، التي هي جوابها، فكانت مظنة لمعنى التوقع الذي هو معنى «قد» عند استماع المخاطب كلمة القسم. قيل: أرسل نوح عليه السلام وهو ابن خمسين سنة، وكان نجاراً وهو نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ وأخنوخ اسم إدريس النبي عليه السلام. وقرئ: غيره، بالحركات الثلاث، فالرفع على المحل، كأنه قيل: ما لكم إله غيره. والجر على اللفظ والنصب على الاستثناء، بمعنى: ما لكم من إله إلا إياه، كقولك: ما في الدار من أحد إلا زيد أو غير زيد. فإن قلت: فما موقع الجملتين بعد قوله اعْبُدُوا اللَّهَ؟ قلت: الأولى بيان لوجه اختصاصه بالعبادة. والثانية: بيان للداعي إلى عبادته لأنه هو المحذور عقابه دون ما كانوا يعبدونه من دون الله. واليوم العظيم: يوم القيامة، أو يوم نزول العذاب عليهم وهو الطوفان.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب