الباحث القرآني
مدنية، وهي إحدى عشرة آية [نزلت بعد الحج] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أرادوا بقولهم نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ شهادة واطأت فيها قلوبهم ألسنتهم [[قال محمود: «إنما كذبهم لأنهم ادعوا أن شهادتهم بألسنتهم تواطئ لقلوبهم ... الخ» قال أحمد: ومثل هذا من نمطه المليح قوله قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وقد كان المطابق لقوله وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا أن يقال لهم: لا تقولوا آمنا، ولكنه لما كان موهما للنهى عن قول الايمان عدل عنه على ما فيه من الطباق إلى ما سلم الكلام فيه من الوهم، وذلك أجل وأعظم من فائدة المطابقة، لا سيما في مخاطبة هؤلاء الذين كانوا يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة. ألا تراهم كيف غالطوا أنفسهم متغابين، ولبسوا على ضعفهم متجاهلين عند ما أنزل قوله إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ.]] . فقال الله عزّ وجلّ: قالوا ذلك وَاللَّهُ يَعْلَمُ أن الأمر كما يدل عليه قولهم: إنك لرسول الله، والله يشهد إنهم لكاذبون في قولهم: نشهد، وادعائهم فيه المواطأة. أو إنهم لكاذبون فيه، لأنه إذا خلا عن المواطأة لم يكن شهادة في الحقيقة، فهم كاذبون في تسميته شهادة. أو أراد: والله يشهد إنهم لكاذبون عند أنفسهم: لأنهم كانوا يعتقدون أنّ قولهم إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ كذب وخبر على خلاف ما عليه حال المخبر عنه. فإن قلت: أى فائدة في قوله تعالى وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ؟
قلت: لو قال: قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يشهد إنهم الكاذبون، لكان يوهم أنّ قولهم هذا كذب، فوسط بينهما قوله وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ ليميط هذا الإيهام اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً يجوز أن يراد أنّ قولهم نشهد إنك لرسول الله يمين من أيمانهم الكاذبة، لأنّ الشهادة تجرى مجرى الحلف فيما يراد به من التوكيد، يقول الرجل: أشهد وأشهد بالله، وأعزم وأعزم بالله في موضع أقسم وأولى. وبه استشهد أبو حنيفة رحمه الله على أن «أشهد» يمين [[قال محمود: «استدل لأبى حنيفة على أن قول القائل «أشهد» يمين بقوله اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً ولم يصدر منهم إلا قولهم نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ فجعله يمينا» قال أحمد: أحد القولين عند مالك رحمه الله إذا قال أشهد وأحلف وأقسم ولم ينو بالله ولا بغيره، كما نقل عن أبى حنيفة أنه يمين وليس بالمشهور. أما لو نوى بالله وإن لم بتلفظ فيمين بلا إشكال، وليس فيما ذكره دليل على ما ذكره، فان قوله اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً غايته أن ما ذكروه يسمى يمينا، وليس الخلاف في تسميته يمينا، وإنما الخلاف هل يكون يمينا منعقدة يلزم بالحنث فيها كفارة أم لا؟
وليس كل ما يسمى حلفا أو قسما يوجب حكما، ألا ترى أنه لو قال: «أحلف» ولم يقل «بالله» ولا بغيره، فهو من محال الخلاف في وجوب الكفارة به، وإن كان حلفا لغة باتفاق، لأنه فعل مشتق منه.]] . ويجوز أن يكون وصفا للمنافقين في استجنانهم بالأيمان. وقرأ الحسن البصري: إيمانهم، أى: ما أظهروه من الإيمان بألسنتهم. ويعضده قوله تعالى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا. ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ من نفاقهم وصدهم الناس عن سبيل الله. وفي ساءَ معنى التعجب الذي هو تعظيم أمرهم عند السامعين ذلِكَ إشارة إلى قوله ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ أى ذلك القول الشاهد عليهم بأنهم أسوأ الناس أعمالا بسبب بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا أو إلى ما وصف من حالهم في النفاق والكذب والاستجنان بالأيمان، أى: ذلك كله بسبب أنهم آمنوا ثم كفروا فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فجسروا على كل عظيمة. فإن قلت: المنافقون لم يكونوا إلا على الكفر الثابت الدائم، [[قال محمود: «المنافقون لم يكونوا إلا على الكفر الثابت الدائم ... الخ. قال أحمد: ويحتمل وجها رابعا وهو أنهم آمنوا به قبل مبعثه على الصفة المذكورة في التوراة، لأنهم كانوا يسمعونها من جيرانهم اليهود، ثم كفروا به بعد مبعثه وموافقة الصفة، ولعل في المنافقين يهودا، وإن لم يكن فقد كان الايمان قبل مبعثه من الفريقين:
اليهود وعبدة الأوثان من العرب، إلى نزول قوله لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ كيف حكى الله تعالى عن الفريقين ما كانوا يقولونه. والبينة: النبي ﷺ.]] فما معنى قوله آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا؟ قلت: فيه ثلاثة أوجه، أحدها: آمنوا، أى: نطقوا بكلمة الشهادة وفعلوا كما يفعل من يدخل في الإسلام، ثم كفروا: ثم ظهر كفرهم بعد ذلك وتبين بما أطلع عليه من قولهم: إن كان ما يقوله محمد حقا فنحن حمير، وقولهم في غزوة تبوك: أيطمع هذا الرجل أن تفتح له قصور كسرى وقيصر هيهات. ونحوه قوله تعالى يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ أى: وظهر كفرهم بعد أن أسلموا. ونحوه قوله تعالى لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ والثاني آمنوا: أى نطقوا بالإيمان عند المؤمنين، ثم نطقوا بالكفر عند شياطينهم استهزاء بالإسلام، كقوله تعالى وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا إلى قوله تعالى إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ والثالث: أن يراد أهل الردة منهم.
وقرئ: فطبع على قلوبهم. وقرأ زيد بن على: فطبع الله.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["إِذَا جَاۤءَكَ ٱلۡمُنَـٰفِقُونَ قَالُوا۟ نَشۡهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُۥ وَٱللَّهُ یَشۡهَدُ إِنَّ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ لَكَـٰذِبُونَ","ٱتَّخَذُوۤا۟ أَیۡمَـٰنَهُمۡ جُنَّةࣰ فَصَدُّوا۟ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِۚ إِنَّهُمۡ سَاۤءَ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ","ذَ ٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ ءَامَنُوا۟ ثُمَّ كَفَرُوا۟ فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَهُمۡ لَا یَفۡقَهُونَ"],"ayah":"ٱتَّخَذُوۤا۟ أَیۡمَـٰنَهُمۡ جُنَّةࣰ فَصَدُّوا۟ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِۚ إِنَّهُمۡ سَاۤءَ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











