الباحث القرآني
وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ وكانوا حاجوه في توحيد الله ونفى الشركاء عنه منكرين لذلك وَقَدْ هَدانِ يعنى إلى التوحيد وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ وقد خوفوه أنّ معبوداتهم تصيبه بسوء إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً إلا وقت مشيئة ربى [[قال محمود: «إِلَّا أَنْ يَشاءَ معناه إلا وقت مشيئة ربى شيئاً فحذف الوقت ... الخ» قال أحمد: هو بمعنى يجعلها قادرة، على أن المضرة خلق قدرة يخلق بها المضرة لمن يريد، بناء على قاعدته. وقد علمت أن عقيدة أهل السنة أن ذلك لا يجوز عقلا أن يخلق غير الله ولا يقدر قدرة مؤثرة في المقدور إلا هو، وإن كان الزمخشري لم يصرح هاهنا من عقيدته، فإنما يعنى حيث يصرح أو يكنى ما يلائمها ويتنزل عليها، وغاية خوف إبراهيم منها المعلق على مشيئة الله لذلك، خوف الضرر عندها بقدرة الله تعالى لأنها. وكأنه في الحقيقة لم يخف إلا من الله، لأن الخوف الذي أثبته منها معلق بمشيئة الله وقدرته، وهو كلامه خوف منها، والله أعلم.]] شيئاً يخاف، فحذف الوقت، يعنى لا أخاف معبوداتكم في وقت قط، لأنها لا تقدر على منفعة ولا مضرة، إلا إذا شاء ربى أن يصيبني بمخوف من جهتها إن أصبت ذنبا أستوجب به إنزال المكروه، مثل أن يرجمنى بكوكب أو بشقة من الشمس أو القمر، أو يجعلها قادرة على مضرتى وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أى ليس بعجب ولا مستبعد أن يكون في علمه إنزال المخوف بى من جهتها أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ فتميزوا بين الصحيح والفاسد والقادر والعاجز وَكَيْفَ أَخافُ لتخويفكم شيئا مأمون الخوف لا يتعلق به ضرر بوجه وَأنتم لا تَخافُونَ ما يتعلق به كل مخوف وهو إشراككم بالله ما لم ينزل باشراكه سُلْطاناً أى حجة، لأن الإشراك لا يصح أن يكون عليه حجة، كأنه قال: وما لكم تنكرون علىّ الأمن [[عاد كلامه. قال: «ومعنى وكيف أخاف ما أشركتم ... الخ» ما لكم تنكرون على الأمن ... الخ» قال أحمد: ويحتمل أن يكون العدول إلى ذلك ليعم بالأمن كل موحد، وبالخوف كل مشرك، ويندرج هو في حكم الموحدين وقومه في حكم المشركين. وأحسن الجواب ما أفاد وزاد.]] في موضع الأمن، ولا تنكرون على أنفسكم الأمن في موضع الخوف. ولم يقل: فأينا أحق بالأمن أنا أم أنتم، احترازاً من تزكيته نفسه، فعدل عنه إلى قوله فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ يعنى فريقى المشركين والموحدين. ثم استأنف الجواب عن السؤال بقوله الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أى لم يخلطوا إيمانهم بمعصية تفسقهم [[قال محمود: «والمراد بقوله وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أى لم يخلطوا إيمانهم بمعصية تفسقهم. وأبى تفسير الظلم بالكفر لفظ اللبس» قال أحمد: وقد وارد أن الآية لما نزلت عظمت على الصحابة، وقالوا أينا لم يظلم نفسه.
فقال عليه الصلاة والسلام «إنما هو الظلم في قول لقمان: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ» وإنما هو يروم بذلك تنزيله على معتقده في وجوب وعيد العصاة، وأنهم لاحظ لهم في الأمن كالكفار، ويجعل هذه الآية تقتضي تخصيص الأمر بالجامعين الأمرين: الايمان والبراءة من المعاصي، ونحن نسلم ذلك، ولا يلزم أن يكون الخوف اللاحق العصاة هو الخوف اللاحق الكفار، لأن العصاة من المؤمنين إنما يخافون العذاب المؤقت وهم آمنون من الخلود. وأما الكفار، فغير آمنين بوجه ما، والله الموفق.]] . وأبى تفسير الظلم بالكفر لفظ اللبس وَتِلْكَ إشارة إلى جميع ما احتج به إبراهيم عليه السلام على قومه من قوله فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ إلى قوله وَهُمْ مُهْتَدُونَ. ومعنى آتَيْناها أرشدناه إليها ووفقناه لها نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ يعنى في العلم والحكمة. وقرئ بالتنوين وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ الضمير لنوح أو لإبراهيم. وداوُدَ عطف على نوحا، أى وهدينا داود وَمِنْ آبائِهِمْ في موضع النصب عطفاً على كلا، بمعنى: وفضلنا بعض آبائهم وَلَوْ أَشْرَكُوا مع فضلهم وتقدّمهم وما رفع لهم من الدرجات. لكانوا كغيرهم في حبوط أعمالهم، كما قال تعالى وتقدّس لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ. آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يريد الجنس فَإِنْ يَكْفُرْ بِها بالكتاب والحكمة والنبوّة. أو بالنبوّة هؤُلاءِ يعنى أهل مكة قَوْماً هم الأنبياء المذكورون ومن تابعهم، بدليل قوله أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ وبدليل وصل قوله فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ بما قبله. وقيل:
هم أصحاب النبي ﷺ وكل من آمن به. وقيل: كل مؤمن من بنى آدم. وقيل: الملائكة وادّعى الأنصار أنها لهم. وعن مجاهد: هم الفرس. ومعنى توكيلهم بها: أنهم وفقوا للإيمان بها والقيام بحقوقها كما يوكل الرجل بالشيء ليقوم به ويتعهده ويحافظ عليه. والباء في بِها صلة كافرين. وفي بِكافِرِينَ تأكيد النفي. فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ فاختص هداهم بالاقتداء، ولا تقتد إلا بهم. وهذا معنى تقديم المفعول، والمراد بهداهم طريقتهم في الإيمان بالله وتوحيده وأصول الدين دون الشرائع، فإنها مختلفة وهي هدى، ما لم تنسخ. فإذا نسخت لم تبق هدى، بخلاف أصول الدين فإنها هدى أبدا. والهاء في اقْتَدِهْ للوقف تسقط في الدرج. واستحسن إيثار الوقف لثبات الهاء في المصحف
{"ayahs_start":80,"ayahs":["وَحَاۤجَّهُۥ قَوۡمُهُۥۚ قَالَ أَتُحَـٰۤجُّوۤنِّی فِی ٱللَّهِ وَقَدۡ هَدَىٰنِۚ وَلَاۤ أَخَافُ مَا تُشۡرِكُونَ بِهِۦۤ إِلَّاۤ أَن یَشَاۤءَ رَبِّی شَیۡـࣰٔاۚ وَسِعَ رَبِّی كُلَّ شَیۡءٍ عِلۡمًاۚ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ","وَكَیۡفَ أَخَافُ مَاۤ أَشۡرَكۡتُمۡ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمۡ أَشۡرَكۡتُم بِٱللَّهِ مَا لَمۡ یُنَزِّلۡ بِهِۦ عَلَیۡكُمۡ سُلۡطَـٰنࣰاۚ فَأَیُّ ٱلۡفَرِیقَیۡنِ أَحَقُّ بِٱلۡأَمۡنِۖ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ","ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَلَمۡ یَلۡبِسُوۤا۟ إِیمَـٰنَهُم بِظُلۡمٍ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمُ ٱلۡأَمۡنُ وَهُم مُّهۡتَدُونَ","وَتِلۡكَ حُجَّتُنَاۤ ءَاتَیۡنَـٰهَاۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ عَلَىٰ قَوۡمِهِۦۚ نَرۡفَعُ دَرَجَـٰتࣲ مَّن نَّشَاۤءُۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِیمٌ عَلِیمࣱ","وَوَهَبۡنَا لَهُۥۤ إِسۡحَـٰقَ وَیَعۡقُوبَۚ كُلًّا هَدَیۡنَاۚ وَنُوحًا هَدَیۡنَا مِن قَبۡلُۖ وَمِن ذُرِّیَّتِهِۦ دَاوُۥدَ وَسُلَیۡمَـٰنَ وَأَیُّوبَ وَیُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَـٰرُونَۚ وَكَذَ ٰلِكَ نَجۡزِی ٱلۡمُحۡسِنِینَ","وَزَكَرِیَّا وَیَحۡیَىٰ وَعِیسَىٰ وَإِلۡیَاسَۖ كُلࣱّ مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِینَ","وَإِسۡمَـٰعِیلَ وَٱلۡیَسَعَ وَیُونُسَ وَلُوطࣰاۚ وَكُلࣰّا فَضَّلۡنَا عَلَى ٱلۡعَـٰلَمِینَ","وَمِنۡ ءَابَاۤىِٕهِمۡ وَذُرِّیَّـٰتِهِمۡ وَإِخۡوَ ٰنِهِمۡۖ وَٱجۡتَبَیۡنَـٰهُمۡ وَهَدَیۡنَـٰهُمۡ إِلَىٰ صِرَ ٰطࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ","ذَ ٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ یَهۡدِی بِهِۦ مَن یَشَاۤءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۚ وَلَوۡ أَشۡرَكُوا۟ لَحَبِطَ عَنۡهُم مَّا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ","أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ ءَاتَیۡنَـٰهُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡحُكۡمَ وَٱلنُّبُوَّةَۚ فَإِن یَكۡفُرۡ بِهَا هَـٰۤؤُلَاۤءِ فَقَدۡ وَكَّلۡنَا بِهَا قَوۡمࣰا لَّیۡسُوا۟ بِهَا بِكَـٰفِرِینَ","أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ هَدَى ٱللَّهُۖ فَبِهُدَىٰهُمُ ٱقۡتَدِهۡۗ قُل لَّاۤ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَیۡهِ أَجۡرًاۖ إِنۡ هُوَ إِلَّا ذِكۡرَىٰ لِلۡعَـٰلَمِینَ"],"ayah":"وَتِلۡكَ حُجَّتُنَاۤ ءَاتَیۡنَـٰهَاۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ عَلَىٰ قَوۡمِهِۦۚ نَرۡفَعُ دَرَجَـٰتࣲ مَّن نَّشَاۤءُۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِیمٌ عَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق