الباحث القرآني

يَخُوضُونَ فِي آياتِنا في الاستهزاء بها والطعن فيها، وكانت قريش في أنديتهم يفعلون ذلك فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ فلا تجالسهم وقم عنهم حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ فلا بأس أن تجالسهم حينئذ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ وإن شغلك بوسوسته حتى تنسى النهى عن مجالستهم [[قال محمود: «معناه وإن شغلك بوسوسته حتى تنسى النهى ... الخ» قال أحمد: وهذا التأويل الثاني يروم تنزيله على قاعدة التحسين والتقبيح بالعقل، وأنه كاف وإن لم يرد شرع في التحريم وغيره من الأحكام إذا كانت واضحة للعقل، كمجالسته المستهزئين فان قبحها بين العقل فهو مستقل بتحريمها، وحيث ورد الشرع بذلك فهو كاشف لحكمها ومبنية عليه، لا منشئ فيها حكما. وقد علمت فساد هذه القاعدة ومخالفتها للعقائد السنية، على أن الآية تنبو عنه فانه لو كان النسيان المراد هاهنا نسيان الحكم الذي يدل عليه العقل قبل ورود هذا النهى، لما عبر بالمستقبل في قوله وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ فأما وقد ورد بصيغة الاستقبال فلا وجه لحمله على الماضي، والله الموفق.]] فَلا تَقْعُدْ معهم بَعْدَ الذِّكْرى بعد أن تذكر النهى. وقرئ: ينسينك. بالتشديد. ويجوز أن يراد: وإن كان الشيطان ينسينك قبل النهى [[قوله «كان الشيطان ينسينك قبل النهى» بناء على أن هناك حكما قبل الشرع وهو مذهب المعتزلة، ولا حكم قبل الشرع عند أهل السنة. (ع)]] قبح مجالسة المستهزئين لأنها مما تنكره العقول فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى بعد أن ذكرناك قبحها ونبهناك عليه معهم وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وما يلزم المتقين الذين يجالسونهم شيء مما يحاسبون عليه من ذنوبهم وَلكِنْ عليهم أن يذكروهم ذِكْرى إذا سمعوهم يخوضون، بالقيام عنهم، وإظهار الكراهة لهم، وموعظتهم لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ لعلهم يجتنبون الخوض حياء أو كراهة لمساءتهم. ويجوز أن يكون الضمير للذين يتقون، أى يذكرونهم إرادة أن يثبتوا على تقواهم ويزدادوها. وروى أن المسلمين قالوا: لئن كنا نقوم كلما استهزؤا بالقرآن لم نستطع أن نجلس في المسجد الحرام وأن نطوف، فرخص لهم. فإن قلت: ما محل ذِكْرى؟ قلت: يجوز أن يكون نصباً على: ولكن يذكرونهم ذكرى، أى تذكيراً. ورفعا على: ولكن عليهم ذكرى. ولا يجوز أن يكون عطفاً على محل مِنْ شَيْءٍ، كقولك: ما في الدار من أحد ولكن زيد، لأنّ قوله مِنْ حِسابِهِمْ يأبى ذلك.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب