الباحث القرآني

البأساء، والضراء: البؤس، والضر. وقيل البأساء: القحط والجوع. والضراء: المرض ونقصان الأموال والأنفس. والمعنى: ولقد أرسلنا إليهم الرسل فكذبوهم فأخذناهم لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ يتذللون ويتخشعون لربهم ويتوبون عن ذنوبهم فَلَوْلا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا معناه: نفى التضرع، كأنه قيل: فلم يتضرعوا إذ جاءهم بأسنا. ولكنه جاء بلولا ليفيد أنه لم يكن لهم عذر في ترك التضرع إلا عنادهم وقسوة قلوبهم، وإعجابهم بأعمالهم التي زينها الشيطان لهم فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ من البأساء والضراء: أى تركوا الاتعاظ به ولم ينفع فيهم ولم يزجرهم فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ من الصحة والسعة وصنوف النعمة، ليزاوج عليهم بين نوبتي الضراء والسراء، كما يفعل الأب المشفق بولده يخاشنه تارة ويلاطفه أخرى، طلباً لصلاحه حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا من الخير والنعم، لم يزيدوا على الفرح والبطر، من غير انتداب لشكر ولا تصدّ لتوبة واعتذار أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ واجمون [[قوله «واجمون» في الصحاح «الواجم» الذي اشتد حزنه حتى أمسك عن الكلام. (ع)]] متحسرون آيسون فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ آخرهم لم يترك منهم أحد، قد استؤصلت شأفتهم [[قوله «شأفتهم» قرحة تخرج من أسفل القدم فتكوى فتذهب، ثم ضربت مثلا في الاستئصال. أوده الصحاح. (ع)]] وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ إيذان بوجوب الحمد عند هلاك الظلمة [[قال محمود: «الحمد هاهنا إيذان بوجوب الحمد عند هلاك ... الخ» قال أحمد: ونظيرها قوله تعالى وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ، قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى فيمن وقف هاهنا وجعل الحمد على إهلاك المتقدم ذكرهم من الطاغين. ومنهم من وقف على المنذرين وجعل الحمد متصلا بما بعده من إقامة البراهين على وحدانية الله تعالى، وأنه جل جلاله خير مما يشركون، فعلى الأول يكون الحمد حتما، وعلى الثاني فاتحة، وهو مستعمل فيهما شرعا، ولكنه في، آية النمل أظهر في كونه مفتتحا لما بعده، وفي آية الأنعام ختم لما تقدمه ختما، إذ لا يقتضى السياق غير ذلك، والله أعلم.]] وأنه من أجلّ النعم وأجزل القسم. وقرئ «فتحنا» بالتشديد.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب