الباحث القرآني

«تعالى» من الخاص الذي صار عاما. وأصله أن يقوله من كان في مكان عال لمن هو أسفل منه ثم كثر واتسع فيه حتى عمّ. وما حَرَّمَ منصوب بفعل التلاوة، أى أتل الذي حرمه ربكم. أو يحرم بمعنى: أقل أىّ شيء حرّم ربكم، لأن التلاوة من القول، و «أن» في أَلَّا تُشْرِكُوا مفسرة و «لا» للنهى. فإن قلت: هلا قلت هي التي تنصب الفعل، وجعلت أن لا تشركوا بدلا من ما حَرَّمَ؟ قلت: وجب أن يكون أَلَّا تُشْرِكُوا ولا تَقْرَبُوا ولا تَقْتُلُوا ولا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ نواهى لانعطاف الأوامر عليها، وهي قوله وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً لأن التقدير: وأحسنوا بالوالدين إحسانا، وَأَوْفُوا ، وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا ، وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا . فإن قلت: فما تصنع بقوله وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ فيمن قرأ بالفتح، وإنما يستقيم عطفه على أن لا تشركوا إذا جعلت أن هي الناصبة للفعل، حتى يكون المعنى: أتل عليكم نفى الإشراك والتوحيد، وأتل عليكم أن هذا صراطي مستقيما؟ قلت: أجعل قوله وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً علة للاتباع بتقدير اللام، كقوله تعالى وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً بمعنى: ولأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه. والدليل عليه القراءة بالكسر، كأنه قيل: واتبعوا صراطي لأنه مستقيم، أو واتبعوا صراطي إنه مستقيم. فإن قلت: إذا جعلت أَنَّ مفسرة لفعل التلاوة وهو معلق بما حرم ربكم، وجب أن يكون ما بعده منهياً عنه محرما كله، كالشرك وما بعده مما دخل عليه حرف النهى، فما تصنع بالأوامر؟ قلت: لما وردت هذه الأوامر مع النواهي، وتقدمهنّ جميعاً فعل التحريم، واشتركن في الدخول تحت حكمه، علم أن التحريم راجع إلى أضدادها، وهي الإساءة إلى الوالدين، وبخس الكيل والميزان. وترك العدل في القول، ونكث عهد الله مِنْ إِمْلاقٍ من أجل فقر ومن خشيته، كقوله تعالى خَشْيَةَ إِمْلاقٍ. ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ مثل قوله ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ. إِلَّا بِالْحَقِّ كالقصاص، والقتل على الردّة، والرجم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب