الباحث القرآني
سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا إخبار بما سوف يقولونه، [[قال محمود: «هذا إخبار بما سوف يقولونه ... الخ» قال أحمد: وفائدته توطين النفس على الجواب ومكافحتهم بالرد وإعداد الحجة قبل أوانها، كما قال سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ.]] ولما قالوه قال وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ يعنون بكفرهم وتمردهم [[عاد كلامه. قال: فلما وقع ذلك منهم قال وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ يعنون بكفرهم ... الخ» قال أحمد رحمه الله: قد تقدم أيضا الكلام على هذه الآية، وأوضحنا أن الرد عليهم، إنما كان لاعتقادهم أنهم مسلوبون اختيارهم وقدرتهم، وأن إشراكهم إنما صدر منهم على وجه الاضطرار، وزعموا أنهم يقيمون الحجة على الله ورسله بذلك، فرد الله قولهم وكذبهم في دعواهم عدم الاختيار لأنفسهم، وشبههم بمن اغتر قبلهم بهذا الخيال فكذب الرسل وأشرك بالله واعتمد على أنه إنما يفعل ذلك كله بمشيئة الله ورام إفحام الرسل بهذه الشبهة، ثم بين الله تعالى أنهم لا حجة لهم في ذلك، وأن الحجة البالغة له لا لهم بقوله فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ ثم أوضح تعالى أن كل شيء واقع بمشيئته، وأنه لم يشأ منهم إلا ما صدر عنهم، وأنه لو شاء منهم الهداية لاهتدوا أجمعون، بقوله فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ والمقصود من ذلك أن يتمحض وجه الرد عليهم، ويتخلص عقيدة نفوذ المشيئة وعموم تعلقها بكل كائن عن الرد، وينصرف الرد إلى دعواهم بسلب الاختيار لأنفسهم وإلى إقامتهم الحجة بذلك خاصة. وإذا تدبرت هذه وجدتها كافية في الرد على من زعم من أهل القبلة أن العبد لا اختيار له ولا قدرة البتة، بل هو مجبور على أفعاله مقهور عليها، وهم الفرقة المعروفون بالمجبرة. والمصنف يغالط في الحقائق فيسمى أهل السنة مجبرة وإن أثبتوا للعبد اختياراً وقدرة، لأنهم يسلبون تأثير قدرة العبد ويجعلونها مقارنة لأفعاله الاختيارية، مميزة بينها وبين أفعاله القسرية، فمن هذه الجهة سوى بينهم وبين المجبرة، ويجعله لقبا عاما لأهل السنة. وجماع الرد على المجبرة الذين ميزناهم عن أهل السنة في قوله تعالى سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا- إلى قوله- قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ وتتمة الآية رد صراح على طائفة الاعتزال القائلين بأن الله تعالى شاء الهداية منهم أجمعين، فلم تقع من أكثرهم. ووجه الرد أن «لو» إذا دخلت على فعل مثبت نفته، فيقتضى ذلك أن الله تعالى لما قال فَلَوْ شاءَ لم يكن الواقع أنه شاء هدايتهم، ولو شاءها لوقعت، فهذا تصريح ببطلان زعمهم ومحل عقدهم، فإذا ثبت اشتمال الاية على رد عقيدة الطائفتين المذكورتين المجبرة في أولها والمعتزلة في آخرها، فاعلم أنها جامعة لعقيدة السنة منطبقة عليها، فان أولها كما بينا يثبت للعبد اختياراً وقدرة على وجه يقطع حجته وعذره في المخالفة والعصيان، وآخرها يثبت نفوذ مشيئة الله في العبد، وأن جميع أفعاله على وفق المشيئة الالهية خيراً أو غيره، وذلك عين عقيدتهم، فإنهم كما يثبتون للعبد مشيئة وقدرة، يسلبون تأثيرها ويعتقدون أن ثبوتهما قاطع لحجته ملزم له بالطاعة على وفق اختياره، ويثبتون نفوذ مشيئة الله أيضاً وقدرته في أفعال عباده، فهم كما رأيت تبع للكتاب العزيز، يثبتون ما أثبت، وينفون ما نفى، مؤبدون بالعقل والنقل، والله الموفق.]] . أن شركهم وشرك آبائهم، وتحريمهم ما أحل الله، بمشيئة الله وإرادته. ولولا مشيئته لم يكن شيء من ذلك، كمذهب المجبرة بعينه [[قوله «كمذهب المجبرة بعينه» يعنى أهل السنة، من أن كل كائن فهو مراد له تعالى ولو شراً. وتحقيق الفرق بينه وبين قول المشركين في علم التوحيد، ويكفى فيه أن قولهم من باب التهكم، كما قالوا لما قيل لهم أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ: أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ. (ع)]] كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أى جاءوا بالتكذيب المطلق، لأنّ الله عزّ وجلّ ركب في العقول وأنزل في الكتب ما دل على غناه وبراءته من مشيئة القبائح وإرادتها، والرسل أخبروا بذلك. فمن علق وجود القبائح من الكفر والمعاصي بمشيئة الله وإرادته فقد كذب التكذيب كله، وهو تكذيب الله وكتبه ورسله، ونبذ أدلة العقل والسمع وراء ظهره حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا حتى أنزلنا عليهم العذاب بتكذيبهم قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ من أمر معلوم يصح الاحتجاج به فيما قلتم فَتُخْرِجُوهُ لَنا وهذا من التهكم، والشهادة بأن مثل قولهم محال أن يكون له حجة إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ في قولكم هذا وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ تقدّرون أن الأمر كما تزعمون أو تكذبون. وقرئ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ بالتخفيف قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ يعنى فإن كان الأمر كما زعمتم أن ما أنتم عليه بمشيئة الله فلله الحجة البالغة عليكم على قود مذهبكم [[قوله «على قود مذهبكم» لعله من قاد الفرس ونحوه قوداً، إذا جره بسهولة، أى على طبق مذهبكم، أى على مقتضاه وما يؤدى إليه. (ع)]] فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ منكم ومن مخالفيكم في الدين، فإن تعليقكم دينكم بمشيئة الله يقتضى أن تعلقوا دين من يخالفكم أيضاً بمشيئته، فتوالوهم ولا تعادوهم، وتوافقوهم ولا تخالفوهم، لأنّ المشيئة تجمع بين ما أنتم عليه وبين ما هم عليه.
{"ayahs_start":148,"ayahs":["سَیَقُولُ ٱلَّذِینَ أَشۡرَكُوا۟ لَوۡ شَاۤءَ ٱللَّهُ مَاۤ أَشۡرَكۡنَا وَلَاۤ ءَابَاۤؤُنَا وَلَا حَرَّمۡنَا مِن شَیۡءࣲۚ كَذَ ٰلِكَ كَذَّبَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡ حَتَّىٰ ذَاقُوا۟ بَأۡسَنَاۗ قُلۡ هَلۡ عِندَكُم مِّنۡ عِلۡمࣲ فَتُخۡرِجُوهُ لَنَاۤۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا تَخۡرُصُونَ","قُلۡ فَلِلَّهِ ٱلۡحُجَّةُ ٱلۡبَـٰلِغَةُۖ فَلَوۡ شَاۤءَ لَهَدَىٰكُمۡ أَجۡمَعِینَ"],"ayah":"سَیَقُولُ ٱلَّذِینَ أَشۡرَكُوا۟ لَوۡ شَاۤءَ ٱللَّهُ مَاۤ أَشۡرَكۡنَا وَلَاۤ ءَابَاۤؤُنَا وَلَا حَرَّمۡنَا مِن شَیۡءࣲۚ كَذَ ٰلِكَ كَذَّبَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡ حَتَّىٰ ذَاقُوا۟ بَأۡسَنَاۗ قُلۡ هَلۡ عِندَكُم مِّنۡ عِلۡمࣲ فَتُخۡرِجُوهُ لَنَاۤۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا تَخۡرُصُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











