الباحث القرآني

وَكَذلِكَ ومثل ذلك التزيين وهو تزيين الشرك في قسمة القربان بين الله تعالى والآلهة، أو ومثل ذلك التزيين البليغ [[قوله «ومثل ذلك التزيين البليغ الذي» لعله التزيين الذي. (ع)]] الذي هو علم من الشياطين. والمعنى: أن شركاءهم من الشياطين، أو من سدنة الأصنام زينوا لهم قتل أولادهم [[قال محمود: «المعنى أن شركاءهم من الشياطين أو من سدنة الأصنام زينوا لهم قتل أولادهم ... الخ» قال أحمد رحمه الله: لقد ركب المصنف في هذا الفصل متن عمياء، وتاه في تيهاء. وأنا أبرأ إلى الله وأبرئ حملة كتابه وحفظة كلامه مما رماهم به «فانه تخيل أن القراء أئمة الوجوه السبعة اختار كل منهم حرفا قرأ به اجتهاداً، لا نقلا وسماعا فلذلك غلط ابن عامر في قراءته هذه، وأخذ يبين أن وجه غلطه رؤيته الياء ثابتة في شركائهم، فاستدل بذلك على أنه مجرور، وتعين عنده نصب أولادهم بالقياس، إذ لا يضاف المصدر إلى أمرين معاً فقرأه منصوبا، قال المصنف: وكانت له مندوحة عن نصبه إلى جره بالاضافة وإبدال الشركاء منه، وكان ذلك أولى مما ارتكبه يعنى ابن عامر من الفصل بين المضاف والمضاف إليه الذي يسمج في الشعر فضلا عن النثر فضلا عن المعجز. فهذا كله كما ترى ظن من الزمخشري أن ابن عامر قرأ قراءته هذه رأيا منه، وكان الصواب خلافه والفصيح سواه، ولم يعلم الزمخشري أن هذه القراءة بنصب الأولاد والفعل بين المضاف والمضاف إليه، بها يعلم ضرورة أن النبي ﷺ قرأها على جبريل كما أنزلها عليه كذلك، ثم تلاها النبي ﷺ على عدد التواتر من الأئمة، ولم يزل عدد التواتر يتناقلونها ويقرؤن بها خلفاً عن سلف، إلى أن انتهت إلى ابن عامر فقرأها أيضاً كما سمعها. فهذا معتقد أهل الحق في جميع الوجوه السبعة أنها متواترة جملة وتفصيلا عن أفصح من نطق بالضاد ﷺ. فإذا علمت العقيدة الصحيحة فلا مبالاة بعدها بقول الزمخشري، ولا بقول أمثاله ممن لحن ابن عامر، فان المنكر عليه إنما أنكر ما ثبت أنه براء منه قطعا وضرورة. ولولا عذر أن المنكر ليس من أهل الشأنين، أعنى علم القراءة وعلم الأصول، ولا يعد من ذوى الفنين المذكورين، لخيف عليه الخروج من ربقة الدين. وأنه على هذا العذر لفي عهدة خطرة وزلة منكرة تزيد على زلة من ظن أن تفاصيل الوجوه السبعة فيها ما ليس متواتراً، فان هذا القائل لم يثبتها بغير النقل. وغايته أنه ادعى أن نقلها لا يشترط فيه التواتر. وأما الزمخشري فظن أنها تثبت بالرأى غير موقوفة على النقل. وهذا لم يقل به أحد من المسلمين. وما حمله على هذا الخيال إلا التغالى في اعتقاد اطراد الأقيسة النحوية، فظنها قطعية حتى يرد ما خالفها، ثم إذا تنزل معه على اطراد القياس الذي ادعاه مطرداً، فقراءة ابن عامر هذه لا تخالفه. وذلك أن الفصل بين المضاف والمضاف إليه وإن كان عسراً، إلا أن المصدر إذا أضيف إلى معموله فهو مقدر بالفعل، وبهذا التقدير عمل، وهو أن لم تكن إضافته غير محضة، إلا أنه شبه بما إضافته غير محضة حتى قال بعض النحاة: إن إضافته ليست محضة لذلك. فالحاصل أن اتصاله بالمضاف إليه ليس كاتصال غيره. وقد جاء الفصل بين المضاف غير المصدر وبين المضاف إليه بالظرف، فلا أقل من أن يتميز المصدر على غيره لما بيناه من انفكاكه في التقدير وعدم توغله في الاتصال بأن يفصل بينه وبين المضاف إليه بما ليس أجنبياً عنه، وكأنه بالتقدير فكة بالفعل، ثم قدم المفعول على الفاعل وأضافه إلى الفاعل وبقي المفعول مكانه حين الفك، ويسهل ذلك أيضا تغاير حال المصدر، إذ تارة يضاف إلى الفاعل وتارة يضاف إلى المفعول. وقد التزم بعضهم اختصاص الجواز بالفصل بالمفعول بينه وبين الفاعل لوقوعه في غير مرتبته، إذ ينوى به التأخير، فكأنه لم يفصل، كما جاز تقدم المضمر على الظاهر إذا حل في غير رتبته، لأن النية به التأخير. وأنشد أبو عبيدة فداسهم دوس الحصاد الدائس وأنشد أيضاً: يفرك حب السنبل الكنافج ... بالقاع فرك القطن المحالج ففصل كما ترى بين المصدر وبين الفاعل بالمفعول. ومما يقوى عدم توغله في الاضافة جواز العطف على موضع مخفوضه رفعاً ونصباً، فهذه كلها نكت مؤيدة بقواعد منظرة. بشواهد من أقيسة العربية. تجمع شمل القوانين النحوية لهذه القراءة، وليس غرضنا تصحيح القراءة بقواعد العربة، بل تصحيح قواعد العربية بالقراءة. وهذا القدر كاف إن شاء الله في الجمع بينهما والله الموفق. وما أجريناه في أدراج الكلام من تقريب إضافة المصدر من غير المحضة، إنما أردنا انضمامه إلى غيره من الوجوه التي يدل باجتماعها على أن الفصل غير منكر في إضافته، ولا مستبعد من القياس، ولم يفرده في الدلالة المذكورة إذ المتفق على عدم تمحضها لا يسوغ فيها الفصل، فلا يمكن استقلال الوجه المذكور بالدلالة، والله الموفق.]] بالوأد، أو بنحرهم للآلهة وكان الرجل في الجاهلية يحلف: لئن ولد له كذا غلاماً لينحرنّ أحدهم، كما حلف عبد المطلب. وقرئ: زين، على البناء للفاعل الذي هو شركاؤهم، ونصب قَتْلَ أَوْلادِهِمْ وزين، على البناء للمفعول الذي هو القتل، ورفع شركاؤهم بإضمار فعل دل عليه زين، كأنه قيل: لما قيل زين لهم قتل أولادهم من زينه؟ فقيل: زينه لهم شركاؤهم. وأما قراءة ابن عامر: قتل أولادهم شركائهم برفع القتل ونصب الأولاد وجرّ الشركاء على إضافة القتل إلى الشركاء، والفصل بينهما بغير الظرف، فشيء لو كان في مكان الضرورات وهو الشعر، لكان سمجاً مردوداً، كما سمج وردّ. زجّ القلوص أبى مزاده [[فزججتها بمزجة ... زج القلوص أبى مزاده الزج: الطعن: والمزجة: الرمح القصير، لأنه آلة للزج. والقلوص: الناقة الشابة، وهو مفعول فاصل بين المضاف والمضاف إليه شذوذاً. يقول: فطعنت الناقة أو الجماعة برمح قصير، كطعن أبى مزادة القلوص في السير.]] فكيف به في الكلام المنثور، فكيف به في القرآن المعجز بحسن نظمه وجزالته. والذي حمله على ذلك أن رأى في بعض المصاحف شركائهم مكتوباً بالياء. ولو قرأ بجر الأولاد والشركاء- لأن الأولاد شركاؤهم في أموالهم- لوجد في ذلك مندوحة عن هذا الارتكاب لِيُرْدُوهُمْ ليهلكوهم بالإغواء وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وليخلطوا، عليهم ويشبهوه. ودينهم: ما كانوا عليه من دين إسماعيل عليه السلام حتى زلوا عنه إلى الشرك. وقيل: دينهم الذي وجب أن يكونوا عليه. وقيل: معناه وليوقعوهم في دين ملتبس. فان قلت: ما معنى اللام؟ قلت: إن كان التزيين من الشياطين فهي على حقيقة التعليل، وإن كان من السدنة فعلى معنى الصيرورة وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مشيئة قسر ما فَعَلُوهُ لما فعل المشركون ما زين لهم من القتل. أو لما فعل الشياطين أو السدنة التزيين أو الإرداء أو اللبس أو جميع ذلك، إن جعلت الضمير جارياً مجرى اسم الاشارة وَما يَفْتَرُونَ وما يفترونه من الإفك. أو وافتراؤهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب