الباحث القرآني

اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ أصنام كانت لهم، وهي مؤنثات، فاللات كانت لثقيف بالطائف. وقيل: كانت بنخلة تعبدها قريش، وهي فعلة من لوى، لأنهم كانوا يلوون عليها ويعكفون للعبادة. أو يلتوون عليها [[قال محمود: «اشتقاق اللات من لوى على كذا إذا قام عليه لأنهم كانوا ... الخ» قال أحمد: الأخرى تأنيث آخر، ولا شك أنه في الأصل مشتق من التأخير الوجودي، إلا أن العرب عدلت به عن الاستعمال في التأخير الوجودي إلى الاستعمال حيث يتقدم ذكر مغاير لا غير، حتى سلبته دلالته على المعنى الأصلى، بخلاف آخر وآخرة، على وزن فاعل وفاعلة، فان إشعارهما بالتأخير الوجودي ثابت لم يغير. ومن ثم عدلوا عن أن يقولوا: ربيع الآخر، على وزن الأفعل، وجمادى الأخرى: إلى ربيع الآخر، على وزن فاعل، وجمادى الآخرة على وزن فاعلة، لأنهم أرادوا أن يفهموا التأخير الوجودي، لأن الأفعل والفعلى من هذا الاشتقاق مسلوب الدلالة على غرضهم، فعدلوا عنها إلى الآخر والآخرة، والتزموا ذلك فيهما. وهذا البحث مما كان الشيخ أبو عمرو بن الحاجب رحمه الله تعالى قد حرره آخر مدته، وهو الحق إن شاء الله تعالى، وحينئذ يكون المراد الاشعار بتقدم مغاير في الذكر، مع ما نعتقده في الوفاء بفاصلة رأس الآية، والله أعلم.]] : أى يطوفون. وقرئ: اللات، بالتشديد. وزعموا أنه سمى برجل كان يلت عنده السمن بالزيت ويطعمه الحاج. وعن مجاهد: كان رجل يلت السويق بالطائف، وكانوا يعكفون على قبره، فجعلوه وثنا، والعزى كانت لغطفان وهي سمرة، وأصلها تأنيث الأعز، وبعث إليها رسول الله ﷺ خالد بن الوليد فقطعها، فخرجت منها شيطانة ناشرة شعرها داعية ويلها، واضعة يدها على رأسها، فجعل يضربها بالسيف حتى قتلها وهو يقول: يا عزّ كفرانك لا سبحانك ... إنى رأيت الله قد أهانك [[لخالد بن الوليد رضى الله عنه. وعز: مرخم عزى. وترخيمه شاذ، لأنه ليس رباعيا ولا مؤنثا بالهاء، وهي شجرة كانت نعبدها الجاهلية، فضربها بسيقه فخرجت منها جنية صارخة، فقال لها ذلك البهت. وقيل: ضربها بالفأس حتى قطعها وقتل الجنية. وكفرانك: نصب بمحذوف وجوبا، كسبحان، أى: أكفر كفرانا بك، لا أنزه تنزيها لك، فهما مصدران مغنيان عن اللفظ بفعليهما. والاهانة: الا ذلال.]] ورجع فأخبر رسول الله ﷺ فقال عليه السلام تلك العزى ولن تعبد أبدا [[أخرجه ابن مردويه من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن السائب الكلبي عن أبى صالح وعن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ بعث خالد بن الوليد إلى العزى ليهدمها. وكانت بنخلة عليها سادن فجاءها خالد فهدمها فذكر نحوه إلى آخره ورواه الواقدي في المغازي والأزرقى في التاريخ من طريقه عن عبد الله بن يزيد الهذلي عن سعيد بن عمرو الهذلي قال «قدم رسول الله ﷺ مكة فذكر القصة وفيها: فبعث خالد ابن الوليد إلى العزى يهدمها فذكر القصة. وكذا ذكره ابن سعد في الطبقات في السرايا وأصل هذه القصة رواها النسائي وأبو يعلى والطبراني وأبو نعيم في الدلائل من حديث أبى الطفيل قال «لما فتح رسول الله ﷺ مكة- بعث خالد بن الوليد إلى نخلة- وكانت بها العزى فأتاها خالد، وكانت على ثلاث شجرات فقطع الشجرات» .]] . ومناة: صخرة كانت لهذيل وخزاعة. وعن ابن عباس رضى الله عنهما: لثقيف. وقرئ: ومناءة، وكأنها سميت مناة لأنّ دماء النسائك كانت تمنى عندها، أى: تراق، ومناءة مفعلة من النوء، كأنهم كانوا يستمطرون عندها الأنواء تبركا بها. والأخرى ذمّ، وهي المتأخرة الوضيعة المقدار، كقوله تعالى قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ أى وضعاؤهم لرؤسائهم وأشرافهم. ويجوز أن تكون الأوّلية والتقدّم عندهم للات والعزى. كانوا يقولون إنّ الملائكة وهذه الأصنام بنات الله، وكانوا يعبدونهم ويزعمون أنهم شفعاؤهم عند الله تعالى مع وأدهم البنات، فقيل لهم أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى ويجوز أن يراد: أنّ اللات والعزى ومناة إناث، وقد جعلتموهنّ لله شركاء، ومن شأنكم أن تحتقروا الإناث وتستنكفوا من أن يولدن لكم وينسبن إليكم، فكيف تجعلون هؤلاء الإناث أندادا لله وتسمونهنّ آلهة قِسْمَةٌ ضِيزى جائرة، من ضازه يضيزه إذا ضامه، والأصل: ضوزى [[قوله «والأصل قوله ضوزى» لعل صوابه «ضيزى» بكسر الضاد. ويؤيده ما قبله وما بعده اه ملخصا من هامش. (ع)]] . ففعل بها ما فعل ببيض، لتسلم الياء. وقرئ: ضئزى، من ضأزه بالهمز. وضيز: بفتح الضاد هِيَ ضمير الأصنام، أى ما هي إِلَّا أَسْماءٌ ليس تحتها في الحقيقة مسميات، لأنكم تدعون الإلهية لما هو أبعد شيء منها وأشدّه منافاة لها. ونحوه قوله تعالى ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أو ضمير الأسماء وهي قولهم، اللات والعزى ومناة، وهم يقصدون بهذه الأسماء الآلهة، يعنى: ما هذه الأسماء إلا أسماء سميتموها بهواكم وشهوتكم، ليس لكم من الله على صحة تسميتها برهان تتعلقون به. ومعنى سَمَّيْتُمُوها سميتم بها، يقال: سميته زيدا، وسميته بزيد إِنْ يَتَّبِعُونَ وقرئ بالتاء إِلَّا الظَّنَّ إلا توهم أنّ ما هم عليه حق، وأنّ آلهتهم شفعاؤهم، وما تشتهيه أنفسهم، ويتركون ما جاءهم من الهدى والدليل على أنّ دينهم باطل.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب