الباحث القرآني

آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ قابلين لكل ما أعطاهم راضين به، يعنى أنه ليس فيما آتاهم إلا ما هو متلقى بالقبول مرضى غير مسخوط، لأن جميعه حسن طيب. ومنه قوله تعالى وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ أى يقبلها ويرضاها مُحْسِنِينَ قد أحسنوا أعمالهم، وتفسير إحسانهم ما بعده ما مزيدة. والمعنى: كانوا يهجعون في طائفة قليلة من الليل إن جعلت قليلا ظرفا، ولك أن تجعله صفة للمصدر، أى: كانوا يهجعون هجوعا قليلا. ويجوز أن تكون ما مصدرية أو موصولة، على: كانوا قليلا من الليل هجوعهم، أو ما يهجعون فيه. وارتفاعه بقليلا على الفاعلية [[ذكر الزمخشري فيه وجهين أن تكون ما زائدة وقليلا ظرف منتصب بيهجعون، أى: كانوا يهجعون في طائفة قليلة من الليل. أو تكون ما مصدرية أو موصولة على: كانوا قليلا من الليل هجوعهم. أو ما يهجعون فيه، وارتفاعه بقليلا على الفاعلية» قال أحمد: وجوه مستقيمة خلا جعل ما مصدرية، فان قليلا حينئذ واقع على الهجوع، لأنه فاعله. وقوله مِنَ اللَّيْلِ لا يستقيم أن يكون صفة للقليل ولا بيانا له، ولا يستقيم أن يكون «من» صلة المصدر لأنه تقدم عليه، ولا كذلك على أنها موصولة، فان قليلا حينئذ واقع على الليل، كأنه قال: قليلا المقدار الذي كانوا يهجعون فيه من الليل، فلا مانع أن يكون مِنَ اللَّيْلِ بيانا للقليل على هذا الوجه، وهذا الذي ذكره إنما تبع فيه الزجاج. وقد رد الزمخشري أن تكون ما نفيا وقليلا منصوب بيهجعون على تقدير: كانوا ما يهجعون قليلا من الليل، وأسند رده إلى امتناع تقدم ما في حيز النفي عليه. قلت: وفيه خلل من حيث المعنى، فان طلب قيام جميع الليل غير مستثنى منه الهجوع وإن قل غير ثابت في الشرع ولا معهود. ثم قال: وصفهم بأنهم يحيون الليل متهجدين، فإذا اسحروا شرعوا في الاستغفار. كأنهم أسلفوا في ليلهم الجرائم. قال: وقوله هُمْ معناه: هم الأحقاء بالاستغفار دون المصرين. قال: وفي الآية مبالغات منها لفظ الهجوع وهو الخفيف الفرار من النوم. قال: وقوله: قَلِيلًا وقوله مِنَ اللَّيْلِ لأنه وقت السبات. قال: ومنها زيادة ما في بعض الوجوه. قلت: وفي عدها من المبالغة نظر، فإنها تؤكد الهجوع وتحققه، إلا أن يجعلها بمعنى القلة فيحتمل.]] . وفيه مبالغات لفظ الهجوع، وهو الفرار من النوم [[قوله «وهو الفرار من النوم» في الصحاح: الفرار بالكسر: النوم القليل اه. (ع)]] . قال: قد حصت البيضة رأسى فما ... أطعم نوما غير تهجاع [[قد حصت البيضة رأسى فما ... أطعم نوما غير تهجاع أسعى على جل بنى مالك ... كل امرئ في شأنه ساع لقيس بن الأسلت. وحصت: أهلكت أو حلقت، البيضة التي تلبس على الرأس في الحرب، أى حلقت شعر رأسى من دوام لبسها للحرب. وشبه النوم بالمطعوم لاستلذاذ مباديه على طريق المكنية، وأطعم: أى أتناول تخييل لذلك والتهجاع: التغافل قليلا لطرد النوم، فالاستثناء منقطع. وجلهم: مهم أمورهم ومعظمها كالغارات يدفعها عنهم. وروى: على حبل بنى مالك، وعليه فشبه العهد بالحبل للتوثق والتوصل بكل على طريق التصريحية، أى: أسعى في شأنى متمسكا بعهدهم، وعلى الأول فقوله «كل امرى في شأنه ساع» فيه دلالة على إلزام نفسه بشأنهم، وأنه شأنه]] وقوله قَلِيلًا ومِنَ اللَّيْلِ لأن الليل وقت السبات والراحة، وزيادة ما المؤكدة لذلك: وصفهم بأنهم يحيون الليل متهجدين، فإذا أسحروا أخذوا في الاستغفار، كأنهم أسلفوا في ليلهم الجرائم. وقوله هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ فيه أنهم هم المستغفرون الأحقاء بالاستغفار دون المصرين، فكأنهم المختصون به لاستدامتهم له وإطنابهم فيه. فإن قلت: هل يجوز أن تكون ما نافية كما قال بعضهم، وأن يكون المعنى: أنهم لا يهجعون من الليل قليلا، ويحيونه كله؟ قلت: لا، لأن ما النافية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها. تقول: زيدا لم أضرب، ولا تقول. زيدا ما ضربت: السائل: الذي يستجدى وَالْمَحْرُومِ الذي يحسب غنيا فيحرم الصدقة لتعففه. وعن النبي ﷺ: «ليس المسكين الذي تردّه الأكلة والأكلتان واللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان» قالوا: فما هو؟ قال «الذي لا يجد ولا يتصدق عليه» [[أخرجه مسلم من حديث أبى هريرة.]] وقيل: الذي لا ينمى له مال. وقيل: المحارف [[قوله «وقيل المحارف» في الصحاح: رجل محارف، بفتح الراء: أى محدود محروم، خلاف قولك: مبارك اه. (ع)]] الذي لا يكاد يكسب.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب