الباحث القرآني

قالَ لا تَخْتَصِمُوا استئناف مثل قوله قالَ قَرِينُهُ كأن قائلا قال: فماذا قال الله؟ فقيل: قال لا تختصموا. والمعنى: لا تختصموا في دار الجزاء وموقف الحساب، فلا فائدة في اختصامكم ولا طائل تحته، وقد أوعدتكم بعذابي على الطغيان في كتبي وعلى ألسنة رسلي، فما تركت لكم حجة علىّ، ثم قال: لا تطمعوا أن أبدل قولي ووعيدى فأعفيكم عما أوعدتكم به وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ فأعذب من ليس بمستوجب للعذاب. والباء في بِالْوَعِيدِ مزيدة مثلها في وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ أو معدية، على أن «قدّم» مطاوع بمعنى «تقدّم» ويجوز أن يقع الفعل على جملة قوله ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ويكون بِالْوَعِيدِ حالا، أى: قدّمت إليكم هذا ملتبسا بالوعيد مقترنا به. أو قدّمته إليكم موعدا لكم به. فإن قلت: إنّ قوله وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ واقع موقع الحال من لا تَخْتَصِمُوا والتقديم بالوعيد في الدنيا والخصومة في الآخرة واجتماعها في زمان واحد واجب. قلت: معناه ولا تختصموا وقد صح عندكم أنى قدمت إليكم بالوعيد، وصحة ذلك عندهم في الاخرة. فإن قلت: كيف قال بِظَلَّامٍ على لفظ المبالغة [[قال محمود: «إن قلت كيف جاء على لفظ المبالغة ... الخ» قال أحمد: وذكر فيه وجهان آخران، أحدهما أن فعالا قد ورد بمعنى فاعل، فهذا منه. الثاني: أن المنسوب في المعتاد إلى الملوك من الظلم تحت ظلمهم: إن عظيما فعظيم، وإن قليلا فقليل، فلما كان ملك الله تعالى على كل شيء ملكه قدس ذاته عما يتوهم مخذول والعياذ بالله أنه منسوب إليه من ظلم تحت شمول كل موجود، ولقد بدل القدرية فتوهموا أن الله تعالى لم يأمر إلا بما أراده وبما هو من خلق العبد، بناء على أنه لو كلف على خلاف ما أراد وبما ليس من خلق العبد لكان تكليفا بما لا يطاق، واعتقدوا أن ذلك ظلم في الشاهد، فلو ثبت في الغائب لكان كما هو في الشاهد ظلما، والله تعالى مبرأ من الظلم. ألا ترى هذا المعتقد كيف لزمهم عليه أن يكون الله تعالى ظلاما لعبيده، تعالى الله عن ذلك، لأن الحق الذي قامت بصحته البراهين: هو عين ما اعتقدوه ظلما فنفوه، فلمثلهم وردت هذه الآية وأشباهها، لتبين الناس ما نزل إليهم، ولئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، والله الموفق للصواب.]] ؟ قلت: فيه وجهان، أحدهما: أن يكون من قولك: هو ظالم لعبده، وظلام لعبيده. والثاني: أن يراد لو عذبت من لا يستحق العذاب لكنت ظلاما مفرط الظلم، فنفى ذلك.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب