الباحث القرآني

يقال: منّ عليه بيد أسداها إليه، كقولك: أنعم عليه وأفضل عليه. والمنة: النعمة التي لا يستثيب مسديها من يزلها إليه [[قوله «من يزلها إليه» في الصحاح: أزللت إليه نعمته، أى: استديتها إليه. وفي الحديث «من أزلت إليه نعمة فليشكرها» وأزللت شيئا من حقه، أى: أعطيت اه. (ع)]] ، واشتقاقها من المنّ الذي هو القطع، لأنه إنما يسديها إليه ليقطع بها حاجته لا غير، من غير أن يعمد لطلب مثوبة. ثم يقال: منّ عليه صنعه، إذا اعتده عليه منة وإنعاما. وسياق هذه الآية فيه لطف ورشاقة، وذلك أنّ الكائن من الأعاريب قد سماه الله إسلاما، ونفى أن يكون كما زعموا إيمانا، فلما منوا على رسول الله ﷺ ما كان منهم قال الله سبحانه وتعالى لرسوله عليه السلام: إنّ هؤلاء يعتدّون عليك بما ليس جديرا بالاعتداد به من حدثهم الذي حق تسميته أن يقال له إسلام، فقل لهم: لا تعتدوّا علىّ إسلامكم، أى حدثكم المسمى إسلاما عندي لا إيمانا. ثم قال: بل الله يعتدّ عليكم أن أمدّكم بتوفيقه حيث هداكم للإيمان على ما زعمتم وادعيتم أنكم أرشدتم إليه ووفقتم له إن صحّ زعمكم وصدقت دعواكم، إلا أنكم تزعمون وتدعون ما الله عليم بخلافه. وفي إضافة الإسلام إليهم وإيراد الايمان غير مضاف: ما لا يخفى على المتأمل، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه، تقديره: إن كنتم صادقين في ادعائكم الإيمان، فلله المنة عليكم. وقرئ: إن هداكم، بكسر الهمزة. وفي قراءة ابن مسعود رضى الله عنه: إذ هداكم. وقرئ: تعلمون، بالتاء والياء، وهذا بيان لكونهم غير صادقين في دعواهم، يعنى أنه عزّ وجل يعلم كل مستتر في العالم ويبصر كل عمل تعملونه في سركم وعلانيتكم، لا يخفى عليه منه شيء، فكيف يخفى عليه ما في ضمائركم ولا يظهر على صدقكم وكذبكم، وذلك أنّ خاله مع كل معلوم واحدة لا تختلف. عن رسول الله ﷺ: «من قرأ سورة الحجرات أعطى من الأجر بعدد من أطاع الله وعصاه» [[أخرجه الثعلبي وابن مردويه والواحدي من طرق عن أبى بن كعب به.]] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب