الباحث القرآني

رأى رسول الله ﷺ قبل خروجه إلى الحديبية كأنه وأصحابه قد دخلوا مكة آمنين وقد حلقوا وقصروا، فقصّ الرؤيا على أصحابه، ففرحوا واستبشروا وحسبوا أنهم داخلوها في عامهم، وقالوا: إن رؤيا رسول الله ﷺ حق، فلما تأخر ذلك قال عبد الله بن أبىّ وعبد الله بن نفيل ورفاعة بن الحرث: والله ما حلقنا ولا قصرنا ولا رأينا المسجد الحرام [[لم أجده هكذا مفسرا وروى الطبري من روآية عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ- الآية فقال لهم النبي ﷺ «إنى قد رأيت أنكم ستدخلون المسجد الحرام محلقين رؤسكم ومقصرين. فلما ترك الحديبية ولم يدخل ذلك العام طعن المنافقون في ذلك. فقالوا: أين رؤياه، فقال الله لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا- الآية وروى الطبري من طريق ابن أبى نجيح عن مجاهد قال «أرى رسول الله ﷺ وهو بالحديبية أنه يدخل في أهل مكة هو وأصحابه محلقين فلما نحر الهدى وهو بالحديبية قال أصحابه: أين رؤياك يا رسول الله؟ فنزلت» وبه قال وقوله فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً قال: النحر بالحديبية، فرجعوا ففتحوا خيبرا. وقال: ثم اعتمر بعد ذلك فكان تصديق رؤياه في السنة المقبلة» .]] فنزلت. ومعنى صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا صدقه في رؤياه ولم يكذبه- تعالى الله عن الكذب وعن كل قبيح علوا كبيرا- فحذف الجارّ وأوصل الفعل، كقوله تعالى: صدقوا ما عاهدوا الله عليه. فإن قلت: بم تعلق بِالْحَقِّ؟ قلت: إمّا بصدق، أى: صدقه فيما رأى، وفي كونه وحصوله صدقا ملتبسا بالحق: أى بالغرض الصحيح والحكمة البالغة، وذلك ما فيه من الابتلاء والتمييز بين المؤمن المخلص، وبين من في قلبه مرض. ويجوز أن يتعلق بالرؤيا حالا منها أى: صدقه الرؤيا ملتبسا [[قوله «أى صدقه الرؤيا ملتبسا» لعله: ملتبسة. (ع)]] بالحق، على معنى أنها لم تكن من أضغاث الأحلام. ويجوز أن يكون بِالْحَقِّ قسما: إمّا بالحق الذي هو نقيض الباطل. أو بالحق الذي هو من أسمائه. ولَتَدْخُلُنَّ جوابه. وعلى الأوّل هو جواب قسم محذوف. فإن قلت: ما وجه دخول إِنْ شاءَ اللَّهُ في أخبار الله عز وجل؟ قلت: فيه وجوه: أن يعلق عدته بالمشيئة تعليما لعباده أن يقولوا في عداتهم مثل ذلك، متأدّبين بأدب الله، ومقتدين بسنته، وأن يريد: لتدخلنّ جميعا إن شاء الله ولم يمت منكم أحدا، أو كان ذلك على لسان ملك، فأدخل الملك إن شاء الله. أو هي حكاية ما قال رسول الله ﷺ لأصحابه وقصّ عليهم. وقيل: هو متعلق بآمنين فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا من الحكمة والصواب في تأخير فتح مكة إلى العام القابل فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ أى من دون فتح مكة فَتْحاً قَرِيباً وهو فتح خيبر، لتستروح إليه قلوب المؤمنين إلى أن يتيسر الفتح الموعود.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب