الباحث القرآني

مدنية [نزلت في الطريق عند الانصراف من الحديبية] وآياتها 29 [نزلت بعد الجمعة] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ هو فتح مكة، وقد نزلت مرجع رسول الله ﷺ عن مكة عام الحديبية عدة له بالفتح، وجيء به على لفظ الماضي على عادة رب العزة سبحانه في أخباره، لأنها في تحققها وتيقنها بمنزلة الكائنة الموجودة، وفي ذلك من الفخامة والدلالة على علو شأن المخير [[قوله «علو شأن المخبر» لعله: المخبر به. وعبارة النسفي: المخبر عنه. (ع)]] ما لا يخفى [[قال محمود: «جاء الاخبار بالفتح على لفظ الماضي وإن لم يقع بعد، لأن المراد فتح مكة، والآية نزلت حين رجع عليه الصلاة والسلام من الحديبية قبل عام الفتح، وذلك على عادة رب العزة في أخباره، لأنها كانت محققة نزلت منزلة الكائنة الموجودة، وفي ذلك من الفخامة والدلالة على علو شأن المخبر ما لا يخفى» قال أحمد: ومن الفخامة الالتفات من التكلم إلى الغيبة.]] . فإن قلت: كيف جعل فتح مكة علة للمغفرة؟ قلت: لم يجعل علة للمغفرة، ولكن لاجتماع ما عدّد من الأمور الأربعة: وهي المغفرة وإتمام النعمة وهداية الصراط المستقيم والنصر العزيز، كأنه قيل: يسرنا لك فتح مكة، ونصرناك على عدوّك، لنجمع لك بين عز الدارين وأغراض العاجل والآجل. ويجوز أن يكون فتح مكة- من حيث إنه جهاد للعدوّ- سببا للغفران والثواب والفتح والظفر بالبلد عنوة أو صلحا بحرب أو بغير حرب، لأنه منغلق ما لم يظفر به، فإذا ظفر به وحصل في اليد فقد فتح. وقيل: هو فتح الحديبية، ولم يكن فيه قتال شديد، ولكن ترام بين القوم بسهام وحجارة. وعن ابن عباس رضى الله عنه: رموا المشركين حتى أدخلوهم ديارهم. وعن الكلبي: ظهروا عليهم حتى سألوا الصلح. فإن قلت: كيف يكون فتحا وقد أحصروا فنحروا وحلقوا بالحديبية؟ قلت: كان ذلك قبل الهدنة، فلما طلبوها وتمت كان فتحا مبينا. وعن موسى بن عقبة: أقبل رسول الله ﷺ من الحديبية راجعا، فقال رجل من أصحابه: ما هذا بفتح، لقد صدّونا عن البيت وصد هدينا، فبلغ النبي ﷺ فقال: «بئس الكلام هذا، بل هو أعظم الفتوح، وقد رضى المشركون أن يدفعوكم عن بلادهم بالراح، [[قوله «عن بلادهم بالراح» في الصحاح «الراح» : الخمر، والراح: جمع راحة وهي الكف. والراح: الارتياح اه والظاهر هنا الثالث. (ع)]] ويسألوكم القضية، ويرغبوا إليكم في الأمان، وقد رأوا منكم ما كرهوا» [[هكذا هو في مغازي موسى بن عقبة عن الزهري وأخرجه البيهقي في الدلائل من طريقه ومن طريق أبى الأسود عن عروة أيضا نحوه مطولا]] وعن الشعبي: نزلت بالحديبية وأصاب رسول الله ﷺ في تلك الغزوة ما لم يصب في غزوة أصاب: أن بويع بيعة الرضوان، وغفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر، وظهرت الروم على فارس، وبلغ الهدى محله، وأطعموا نخل خيبر، وكان في فتح الحديبية آية عظيمة. وذلك أنه نزح ماؤها حتى لم يبق فيها قطرة، فتمضمض رسول الله ﷺ ثم مجه فيها، فدرت بالماء حتى شرب جميع من كان معه، وقيل: فجاش الماء حتى امتلأت ولم ينفد ماؤها [[متفق عليه. من حديث البراء مطولا باللفظ الأول. ولمسلم من حديث سلمة بن الأكوع. قال «قدمنا المدينة ونحن أربع عشرة مائة وعليها خمسون شاة لا ترويها. فقعد رسول الله ﷺ على جنب الركية فاما دعا وإما بصق، قال فجاشت. فسقينا واستقينا. وعند البخاري في الحديث الطويل عن المسور بن مخرمة ومروان: فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء. فلم يلبث الناس أن سرحوه. وشكوا إلى رسول الله ﷺ العطش فانتزع سهما من كنانته ثم أمرهم أن يجعلوه فيه. فو الله ما زال يجيش لهم بالري ولا مخالفة في هذا لحديث البراء. لما رواه الواقدي من طريق عطاء بن أبى مروان. عن أبيه. حدثني أربعة عشر رجلا من أسلم صحابة. أن ناجية بن الأعجم. قال «دعاني رسول الله ﷺ. حين شكا إليه من قلة الماء فدفع إلى سهما من كنانته وأمر بدلو من مائها. فمضمض فاه منه ثم مجه في الدلو. وقال لي: انزل الماء فصبه في البئر وفتحت الماء بالسهم. ففعلت. فو الذي بعثه بالحق. ما كدت أخرج حتى كاد يغمرنى» . وروى أيضا من حديث قتادة. قال: لما دعا رسول الله ﷺ الرجل. فنزل بالسهم وتوضأ. ومج فاه منه، ثم رده في البئر: جاشت بالرواء.]] بعد- وقيل: هو فتح خيبر، وقيل: فتح الروم. وقيل: فتح الله له بالإسلام والنبوّة والدعوة بالحجة والسيف، ولا فتح أبين منه وأعظم، وهو رأس الفتوح كلها، إذ لا فتح من فتوح الإسلام إلا وهو تحته ومتشعب منه. وقيل: معناه قضينا لك قضاء بينا على أهل مكة أن تدخلها أنت وأصحابك من قابل لتطوفوا بالبيت: من الفتاحة وهي الحكومة، وكذا عن قتادة ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ يريد: جميع ما فرط منك. وعن مقاتل: ما تقدم في الجاهلية وما بعدها. وقيل: ما تقدم من حديث مارية وما تأخر من امرأة زيد نَصْراً عَزِيزاً فيه عز ومنعة- أو وصف بصفة المنصور إسنادا مجازيا أو عزيزا صاحبه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب