الباحث القرآني
لَقِيتُمُ من اللقاء وهو الحرب فَضَرْبَ الرِّقابِ أصله: فاضربوا الرقاب ضربا، فحذف الفعل وقدّم المصدر فأنيب منابه مضافا إلى المفعول. وفيه اختصار مع إعطاء معنى التوكيد، لأنك تذكر المصدر وتدل على الفعل بالنصبة التي فيه. وضرب الرقاب عبارة عن القتل، لأنّ الواجب أن تضرب الرقاب خاصة دون غيرها من الأعضاء، وذلك أنهم كانوا يقولون:
ضرب الأمير رقبة فلان، وضرب عنقه وعلاوته، وضرب ما فيه عيناه [[قوله «وضرب ما فيه عيناه» لعله كناية عن رأسه أو عن وجهه. (ع)]] إذا قتله، وذلك أن قتل الإنسان أكثر ما يكون بضرب رقبته، فوقع عبارة عن القتل، وإن ضرب بغير رقبته من المقاتل كما ذكرنا في قوله فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ على أن في هذه العبارة من الغلظة والشدّة ما ليس في لفظ القتل، لما فيه [[قوله «لما فيه من تصوير القتل» لعله لما فيها. (ع)]] من تصوير القتل بأشنع صورة وهو حز العنق وإطارة العضو الذي هو رأس البدن وعلوه وأوجه أعضائه. ولقد زاد في هذه الغلظة في قوله تعالى فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ. أَثْخَنْتُمُوهُمْ أكثرتم قتلهم وأغلظتموه، من الشيء الثخين: وهو الغليظ. أو أثقلتموهم بالقتل والجراح حتى أذهبتم عنهم النهوض فَشُدُّوا الْوَثاقَ فأسروهم.
والوثاق بالفتح والكسر: - اسم ما يوثق به مَنًّا وفِداءً منصوبان بفعليهما مضمرين، أى: فإمّا تمنون منا، وإما تفدون فداء. والمعنى: التخيير بعد الأسر بين أن يمنوا عليهم فيطلقوهم، وبين أن يفادوهم. فإن قلت: كيف حكم أسارى المشركين؟ قلت: أمّا عند أبى حنيفة وأصحابه فأحد أمرين: إمّا قتلهم وإمّا استرقاقهم: أيهما رأى الإمام، ويقولون في المنّ والفداء المذكورين في الآية: نزل ذلك في يوم بدر ثم نسخ. وعن مجاهد: ليس اليوم منّ ولا فداء، وإنما هو الإسلام أو ضرب العنق. ويجوز أن يراد بالمنّ: أن يمنّ عليهم بترك القتل ويسترقوا.
أو يمنّ عليهم فيخلوا لقبولهم الجزية، وكونهم من أهل الذمّة. وبالفداء أن يفادى بأساراهم أسارى المشركين، فقد رواه الطحاوي مذهبا عن أبى حنيفة، والمشهور أنه لا يرى فداءهم لا بمال ولا بغيره، خيفة أن يعودوا حربا للمسلمين، وأما الشافعي فيقول: للإمام أن يختار أحد أربعة على حسب ما اقتضاه نظره للمسلمين، وهو: القتل، والاسترقاق [[قوله «وهو القتل والاسترقاق» لعله: وهي ... (ع)]] ، والفداء بأسارى المسلمين، والمن. ويحتج بأن رسول الله ﷺ منّ على أبى عروة الحجبي [[هو مذكور في المغازي لابن إسحاق وغيره «أنه أسر يوم بدر. فمن عليه رسول الله ﷺ بغير فداء ثم أسره يوم أحد فقتله صبرا» ورواه الواقدي عن ابن أخى الزهري عن عمه عن سعيد بن المسيب.]] ، وعلى ثمامة بن أثال الحنفي، [[قوله «على ثمامة بن أثال الحنفي» هو في حديث أبى هريرة عند الشيخين مطولا]] وفادى رجل برجلين من المشركين [[قوله «وفادى رجلا برجلين من المشركين» : هذا طرف من حديث أخرجه مسلم والترمذي وغيرهما من حديث عمران، ولكن فيه «أن أصحاب رسول الله ﷺ أسروا رجلا من بنى عقيل، وكانت ثقيف أسرت رجلين من أصحاب رسول الله ﷺ. ففداه النبي ﷺ بالرجلين اللذين أسرتهما ثقيف» وروى البيهقي في المعرفة عن الشافعي من هذا الوجه مثل لفظ الكتاب. ثم قال: أظنه من الكاتب، والصحيح الأول.]] : وهذا كله منسوخ عند أصحاب الرأى. وقرئ: فدى، بالقصر مع فتح الفاء. أوزار الحرب: آلاتها وأثقالها التي لا تقوم إلا بها كالسلاح والكراع. قال الأعشى:
وأعددت للحرب أوزارها ... رماحا طوالا وخيلا ذكورا [[للأعشى، واستعار الأوزار لآلات الحرب على طريق التصريحية، ويحتمل أنه شبيه الحرب بمطايا ذات أوزار، أى: أحمال ثقال على طريق المكنية، وإثبات الأوزار تخييل، ورماحا: بدل.]]
وسميت أوزارها لأنه لما لم يكن لها بد من جرّها فكأنها تحملها وتستقل بها، فإذا انقضت فكأنها وضعتها. وقيل. أوزارها آثامها، يعنى: حتى يترك أهل الحرب. هم المشركون شركهم ومعاصيهم بأن يسلموا. فإن قلت: حَتَّى بم تعلقت؟ قلت: لا تخلو إما أن تتعلق بالضرب والشد: أو بالمن والفداء، فالمعنى على كلا المتعلقين عند الشافعي رضى الله عنه: أنهم لا يزالون على ذلك أبدا إلى أن لا يكون حرب مع المشركين. وذلك إذا لم يبق لهم شوكة. وقيل:
إذا نزل عيسى ابن مريم عليه السلام. وعند أبى حنيفة رحمه الله: إذا علق بالضرب والشد، فالمعنى: أنهم يقتلون ويؤسرون حتى تضع جنس الحرب الأوزار، وذلك حين لا تبقى شوكة للمشركين. وإذا علق بالمن والفداء، فالمعنى: أنه يمن عليهم ويفادون حتى تضع حرب بدر أوزارها إلا أن يتأول المن والفداء بما ذكرنا من التأويل ذلِكَ أى الأمر ذلك، أو افعلوا ذلك لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ لانتقم منهم ببعض أسباب الهلك: من خسف، أو رجفة، أو حاصب، أو غرق. أو موت جارف، وَلكِنْ أمركم بالقتال ليبلو المؤمنين بالكافرين: أن يجاهدوا ويصبروا حتى يستوجبوا الثواب العظيم، والكافرين بالمؤمنين بأن يعاجلهم على أيديهم ببعض ما وجب لهم من العذاب. وقرئ: قتلوا، بالتخفيف والتشديد: وقتلوا. وقاتلوا. وقرئ:
فلن يضل أعمالهم، وتضل أعمالهم: على البناء للمفعول. ويضل أعمالهم من ضل. وعن قتادة:
أنها نزلت في يوم أحد عَرَّفَها لَهُمْ أعلمها لهم وبينها بما يعلم به كل أحد منزلته ودرجته من الجنة. قال مجاهد: يهتدى أهل الجنة إلى مساكنهم منها لا يخطئون، كأنهم كانوا سكانها منذ خلقوا لا يستدلون عليها. وعن مقاتل: إن الملك الذي وكل بحفظ عمله في الدنيا يمشى بين يديه فيعرفه كل شيء أعطاه الله. أو طيبها لهم، من العرف: وهو طيب الرائحة. وفي كلام بعضهم:
عزف كنوح القمارى [[قوله «عزف كنوح القمارى» العزف: الغناء. والقمارى: جمع قمرى، اسم طير. والعود القمارى:
منسوب إلى موضع ببلاد الهند. أفاده الصحاح. (ع)]] ، وعرف كفوح القمارى. أو حددها لهم، فجنة كل أحد محدودة مفرزة عن غيرها، من: عرف الدار وارفها. والعرف والارف، الحدود.
{"ayahs_start":4,"ayahs":["فَإِذَا لَقِیتُمُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فَضَرۡبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰۤ إِذَاۤ أَثۡخَنتُمُوهُمۡ فَشُدُّوا۟ ٱلۡوَثَاقَ فَإِمَّا مَنَّۢا بَعۡدُ وَإِمَّا فِدَاۤءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلۡحَرۡبُ أَوۡزَارَهَاۚ ذَ ٰلِكَۖ وَلَوۡ یَشَاۤءُ ٱللَّهُ لَٱنتَصَرَ مِنۡهُمۡ وَلَـٰكِن لِّیَبۡلُوَا۟ بَعۡضَكُم بِبَعۡضࣲۗ وَٱلَّذِینَ قُتِلُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ فَلَن یُضِلَّ أَعۡمَـٰلَهُمۡ","سَیَهۡدِیهِمۡ وَیُصۡلِحُ بَالَهُمۡ","وَیُدۡخِلُهُمُ ٱلۡجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمۡ"],"ayah":"فَإِذَا لَقِیتُمُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فَضَرۡبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰۤ إِذَاۤ أَثۡخَنتُمُوهُمۡ فَشُدُّوا۟ ٱلۡوَثَاقَ فَإِمَّا مَنَّۢا بَعۡدُ وَإِمَّا فِدَاۤءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلۡحَرۡبُ أَوۡزَارَهَاۚ ذَ ٰلِكَۖ وَلَوۡ یَشَاۤءُ ٱللَّهُ لَٱنتَصَرَ مِنۡهُمۡ وَلَـٰكِن لِّیَبۡلُوَا۟ بَعۡضَكُم بِبَعۡضࣲۗ وَٱلَّذِینَ قُتِلُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ فَلَن یُضِلَّ أَعۡمَـٰلَهُمۡ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











