قرئ: في مقام، بالفتح: وهو موضع القيام، والمراد المكان، وهو من الخاص الذي وقع مستعملا في معنى العموم. وبالضم: وهو موضع الإقامة. وأَمِينٍ من قولك: أمن الرجل أمانة فهو أمين. وهو ضد الخائن، فوصف به المكان استعارة، لأنّ المكان المخيف كأنما يخون صاحبه بما يلقى فيه من المكاره. قيل: السندس: ما رق من الديباج. والإستبرق:
ما غلظ منه وهو تعريب استبر. فإن قلت: كيف ساغ أن يقع في القرآن العربي المبين لفظ أعجمى؟ قلت: إذا عرب خرج من أن يكون عجميا، لأن معنى التعريب أن يجعل عربيا بالتصرف فيه، وتغييره عن منهاجه، وإجرائه على أوجه الإعراب كَذلِكَ الكاف مرفوعة على:
الأمر كذلك. أو منصوب على: مثل ذلك أثبناهم وَزَوَّجْناهُمْ وقرأ عكرمة: بحور عين، على الإضافة: والمعنى: بالحور من العين، لأن العين إما أن تكون حورا أو غير حور، فهؤلاء من الحور العين [[قوله «من الحور العين» لعله: من حور العين. (ع)]] لا من شهلهن مثلا. وفي قراءة عبد الله: بعيس عين: والعيساء: البيضاء تعلوها حمرة وقرأ عبيد بن عمير: لا يذاقون فيها الموت. وقرأ عبد الله: لا يذوقون فيها طعم الموت. فإن قلت: كيف استثنيت الموتة الأولى- المذوقة قبل دخول الجنة- من الموت المنفي ذوقه فيها؟ قلت: أريد أن يقال: لا يذوقون فيها الموت البتة، فوضع قوله إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى موضع ذلك لأن الموتة الماضية محال ذوقها في المستقبل، فهو من باب التعليق بالمحال، كأنه قيل: إن كانت الموتة الأولى يستقيم ذوقها في المستقبل فإنهم يذوقونها [[قال محمود: «إنما استثنيت الموتة الأولى المذوقة قبل دخول الجنة من الموت المنفي ذوقه فيها ... الخ» قال أحمد: هذا الذي ذكره مبنى على أن الموتة بدل، على طريقة بنى تميم المجوز فيها البدل من غير الجنس. وأما على طريقة الحجازيين، فانتصبت الموتة استثناء منقطعا. وسر اللغة التميمية: بناء النفي المراد على وجه لا يبقى للسامع مطمعا في الإثبات، فيقولون: ما فيها أحد إلا حمار، على معنى: إن كان الحمار من الأحدين ففيها أحد، فيعلقون الثبوت على أمر محال حتما بالنفي. وعليه حمل الزمخشري قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ أى إن كان الله ممن في السماوات والأرض، ففي السماوات والأرض من يعلم الغيب، فإذا نفر السامع من ثبوت الأول تعدت النفرة إلى ثبوت الثاني، فجزمت بالنفي، والله أعلم.]] . وقرئ ووقاهم بالتشديد فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ عطاء من ربك وثوابا، يعنى: كل ما أعطى المتقين من نعيم الجنة والنجاة من النار. وقرئ: فضل، أى. ذلك فضل.
{"ayahs_start":51,"ayahs":["إِنَّ ٱلۡمُتَّقِینَ فِی مَقَامٍ أَمِینࣲ","فِی جَنَّـٰتࣲ وَعُیُونࣲ","یَلۡبَسُونَ مِن سُندُسࣲ وَإِسۡتَبۡرَقࣲ مُّتَقَـٰبِلِینَ","كَذَ ٰلِكَ وَزَوَّجۡنَـٰهُم بِحُورٍ عِینࣲ","یَدۡعُونَ فِیهَا بِكُلِّ فَـٰكِهَةٍ ءَامِنِینَ","لَا یَذُوقُونَ فِیهَا ٱلۡمَوۡتَ إِلَّا ٱلۡمَوۡتَةَ ٱلۡأُولَىٰۖ وَوَقَىٰهُمۡ عَذَابَ ٱلۡجَحِیمِ","فَضۡلࣰا مِّن رَّبِّكَۚ ذَ ٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِیمُ"],"ayah":"إِنَّ ٱلۡمُتَّقِینَ فِی مَقَامٍ أَمِینࣲ"}