الباحث القرآني

وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ هما كفرتان أيضا مضمومتان إلى الكفرات الثلاث، وهما: عبادتهم الملائكة من دون الله، وزعمهم أن عبادتهم بمشيئة الله، كما يقول إخوانهم المجبرة [[قوله «المجبرة» يريد أهل السنة، حيث قالوا: إنه تعالى يريد الشر كالخير، لأنه لا يقع في ملكه إلا ما يريد، لكن هذا لا يستلزم الجبر ولا ينافي اختيار العبد، لما له في أفعاله من الكسب وإن كانت مخلوقة له تعالى في الحقيقة، بل الجبر إنما يكون لو كان العبد لا دخل له في أفعاله أصلا، كالريشة في الهواء، كما قالت المجبرة الحقيقية. وإنما ذم الله تلك المقالة من الكفار لأنهم قالوها استهزاء وعنادا، لا إقرارا واعتقادا. والدليل على ذلك إجماع سلف الأمة على أنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. (ع)]] . فإن قلت: ما أنكرت على من يقول: قالوا ذلك على وجه الاستهزاء، ولو قالوه جادين لكانوا مؤمنين؟ قلت: لا دليل على أنهم قالوه مستهزئين، وادعاء ما لا دليل عليه باطل، على أن الله تعالى قد حكى عنه ذلك على سبيل الذم والشهادة بالكفر: أنهم جعلوا له من عباده جزءا، وأنه اتخذ بنات وأصفاهم بالبنين، وأنهم جعلوا الملائكة المكرمين إناثا، وأنهم عبدوهم وقالوا: لو شاء الرحمن ما عبدناهم، فلو كانوا ناطقين بها على طريق الهزء: لكان النطق بالمحكيات [[قوله: «لكان النطق بالمحكيات ... الخ» ممنوع، وكذا ما بعده، والمعتزلة قالوا: لا يريد الشر بناء على أن الارادة هي الأمر، وهو ممنوع، وعفا الله عن صاحب الكتاب في بذأة لسانه على أهل السنة، وجعلهم إخوان الكفار. (ع)]] - قبل هذا المحكي الذي هو إيمان عنده لوجدّوا في النطق به- مدحا لهم، من قبل أنها كلمات كفر نطقوا بها على طريق الهزء، فبقى أن يكونوا جادين، وتشترك كلها في أنها كلمات كفر، فإن قالوا: نجعل هذا الأخير وحده مقولا على وجه الهزء دون ما قبله، فما بهم إلا تعويج كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لتسوية مذهبهم الباطل. ولو كانت هذه كلمة حق نطقوا بها هزءا لم يكن لقوله تعالى ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ معنى، لأنّ من قال لا إله إلا الله على طريق الهزء: كان الواجب أن ينكر عليه استهزاؤه ولا يكذب، لأنه لا يجوز تكذيب الناطق بالحق جادّا كان أو هازئا. فإن قلت: ما قولك فيمن يفسر ما لهم- بقولهم: [[قوله «ما قولك فيمن يفسر ما لهم بقولهم» لعله: «يفسر ما لهم بذلك بقوله ما لهم بقولهم ... الخ» (ع)]] إن الملائكة بنات الله- من علم إن هم إلا يخرصون في ذلك القول لا في تعليق عبادتهم بمشيئة الله؟ قلت: تمحل مبطل وتحريف مكابر. ونحوه قوله تعالى سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب