الباحث القرآني
مكية [إلا الآيات 23 و 24 و 25 و 27 فمدنية] وآياتها 53 [نزلت بعد سورة فصلت] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قرأ ابن عباس وابن مسعود رضى الله عنهما: حم سق كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ أى مثل ذلك الوحى. أو مثل ذلك الوحى. أو مثل ذلك الكتاب يوحى إليك وإلى الرسل مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ يعنى أن ما تضمنته هذه السورة من المعاني قد أوحى الله إليك مثله في غيرها من السور، وأوحاه من قبلك إلى رسله، على معنى: أن الله تعالى كرر هذه المعاني في القرآن في جميع الكتب السماوية، لما فيها من التنبيه البليغ واللطف العظيم لعباده من الأوّلين والآخرين، ولم يقل: أوحى إليك، ولكن على لفظ المضارع، ليدل على أن إيحاء مثله عادته. وقرئ: يوحى إليك، على البناء للمفعول.
فإن قلت: فما رافع اسم الله على هذه القراءة؟ قلت: ما دلّ عليه يوحى، كأن قائلا قال: من الموحى؟ فقيل: الله، كقراءة السلمى: وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم على البناء للمفعول ورفع شركائهم، على معنى: زينه لهم شركاؤهم. فإن قلت: فما رافعه فيمن قرأ نوحى بالنون؟ قلت: يرتفع بالابتداء. والعزيز وما بعده: أخبار، أو العزيز الحكيم: صفتان، والظرف خبر. قرئ: تكاد، بالتاء والياء. وينفطرن، ويتفطرن. وروى يونس عن أبى عمرو قراءة غريبة: تتفطرن بتاءين مع النون، ونظيرها حرف نادر، روى في نوادر ابن الأعرابى: الإبل تشممن. ومعناه: يكدن ينفطرن من علو شأن الله وعظمته، يدل عليه مجيئه بعد العلى العظيم. وقيل: من دعائهم له ولدا، كقوله تعالى تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ.
فإن قلت: لم قال مِنْ فَوْقِهِنَّ؟ قلت: لأن أعظم الآيات وأدلها على الجلال والعظمة: فوق السماوات، وهي: العرش، والكرسي، وصفوف الملائكة المرتجة بالتسبيح والتقديس حول العرش، وما لا يعلم كنهه إلا الله تعالى من آثار ملكوته العظمى، فلذلك قال يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ أى يبتدئ الانفطار من جهتهنّ الفوقانية. أو: لأن كلمة الكفر جاءت من الذين تحت السماوات، فكان القياس أن يقال: ينفطرن من تحتهن من الجهة التي جاءت منها الكلمة، ولكنه بولغ في ذلك، فجعلت مؤثرة في جهة الفوق، كأنه قيل: يكدن ينفطرن من الجهة التي فوقهن دع الجهة التي تحتهنّ، ونظيره في المبالغة قوله عزّ وعلا يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ، يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ فجعل الحميم مؤثرا في أجزائهم الباطنة. وقيل: من فوقهنّ: من فوق الأرضين.
فإن قلت: كيف صح أن يستغفروا لمن في الأرض وفيهم الكفار أعداء الله؟ وقد قال الله تعالى أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ فكيف يكونون لاعنين مستغفرين لهم؟ قلت: قوله لِمَنْ فِي الْأَرْضِ يدل على جنس أهل الأرض، وهذه الجنسية قائمة في كلهم وفي بعضهم، فيجوز أن يراد به هذا وهذا. وقد دل الدليل على أن الملائكة لا يستغفرون إلا لأولياء الله وهم المؤمنون، فما أراد الله إلا إياهم. ألا ترى إلى قوله تعالى في سورة المؤمن وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا وحكايته عنهم فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ كيف وصفوا المستغفر لهم بما يستوجب به الاستغفار فما تركوا للذين لم يتوبوا من المصدقين طمعا في استغفارهم، فكيف للكفرة. ويحتمل أن يقصدوا بالاستغفار: طلب الحلم والغفران في قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا إلى أن قال إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً وقوله تعالى إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ والمراد: الحلم عنهم وأن لا يعاجلهم بالانتقام فيكون عاما. فإن قلت: قد فسرت قوله تعالى تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ بتفسيرين، فما وجه طباق ما بعده لهما؟ قلت: أما على أحدهما فكأنه قيل: تكاد السماوات ينفط في هيبة من جلاله واحتشاما من كبريائه، والملائكة الذين هم ملء السبع الطباق وحافون حول العرش صفوفا بعد صفوف يداومون- خضوعا لعظمته- على عبادته وتسبيحه وتحميده، ويستغفرون لمن في الأرض خوفا عليهم من سطواته. وأما على الثاني فكأنه قيل: يكدن ينفطرن من إقدام أهل الشرك على تلك الكلمة الشنعاء، والملائكة يوحدون الله وينزهونه عما لا يجوز عليه من الصفات التي يضيفها إليه الجاهلون به، حامدين له على ما أولاهم من ألطافه التي علم أنهم عندها يستعصمون، مختارين غير ملجئين، ويستغفرون لمؤمنى أهل الأرض الذين تبرؤا من تلك الكلمة ومن أهلها. أو يطلبون إلى ربهم أن يحلم عن أهل الأرض ولا يعاجلهم بالعقاب مع وجود ذلك فيهم، لما عرفوا في ذلك من المصالح، وحرصا على نجاة الخلق، وطمعا في توبة الكفار والفساق منهم.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["حمۤ","عۤسۤقۤ","كَذَ ٰلِكَ یُوحِیۤ إِلَیۡكَ وَإِلَى ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِكَ ٱللَّهُ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ","لَهُۥ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِیُّ ٱلۡعَظِیمُ","تَكَادُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتُ یَتَفَطَّرۡنَ مِن فَوۡقِهِنَّۚ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ یُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَیَسۡتَغۡفِرُونَ لِمَن فِی ٱلۡأَرۡضِۗ أَلَاۤ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِیمُ"],"ayah":"كَذَ ٰلِكَ یُوحِیۤ إِلَیۡكَ وَإِلَى ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِكَ ٱللَّهُ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق