يعنى أنّ الحسنة والسيئة متفاوتتان في أنفسهما فخذ بالحسنة التي هي أحسن من أختها- إذا اعترضتك حسنتان- فادفع بها السيئة التي ترد عليك من بعض أعدائك. ومثال ذلك: رجل أساء إليك إساءة، فالحسنة: أن تعفو عنه، والتي هي أحسن: أن تحسن إليه مكان إساءته إليك، مثل أن يذمك فتمدحه ويقتل ولدك فتفتدى ولده من يد عدوه، فإنك إذا فعلت ذلك انقلب عدوك المشاقّ مثل الولي الحميم مصافاة لك. ثم قال: وما يلقى هذه الخليقة أو السجية التي هي مقابلة الإساءة بالإحسان إلا أهل الصبر، وإلا رجل خير وفق لحظ عظيم من الخير. فإن قلت:
فهلا قيل: فادفع بالتي هي أحسن؟ قلت: هو على تقدير قائل قال: فكيف أصنع؟ فقيل:
ادفع بالتي هي أحسن. وقيل لا مزيدة. والمعنى: ولا تستوي الحسنة والسيئة، فإن قلت:
فكان القياس على هذا التفسير أن يقال: ادفع بالتي هي حسنة: قلت: أجل، ولكن وضع التي هي أحسن موضع الحسنة، ليكون أبلغ في الدفع بالحسنة، لأنّ من دفع بالحسنى هان عليه الدفع بما هو دونها. وعن ابن عباس رضى الله عنهما: بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ الصبر عند الغضب، والحلم عند الجهل، والعفو عند الإساءة، وفسر الحظ بالثواب. وعن الحسن رحمه الله: والله ما عظم حظ دون الجنة، وقيل: نزلت في أبى سفيان بن حرب وكان عدوا مؤذيا لرسول الله ﷺ، فصار وليا مصافيا.
{"ayahs_start":34,"ayahs":["وَلَا تَسۡتَوِی ٱلۡحَسَنَةُ وَلَا ٱلسَّیِّئَةُۚ ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِی هِیَ أَحۡسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِی بَیۡنَكَ وَبَیۡنَهُۥ عَدَ ٰوَةࣱ كَأَنَّهُۥ وَلِیٌّ حَمِیمࣱ","وَمَا یُلَقَّىٰهَاۤ إِلَّا ٱلَّذِینَ صَبَرُوا۟ وَمَا یُلَقَّىٰهَاۤ إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِیمࣲ"],"ayah":"وَلَا تَسۡتَوِی ٱلۡحَسَنَةُ وَلَا ٱلسَّیِّئَةُۚ ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِی هِیَ أَحۡسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِی بَیۡنَكَ وَبَیۡنَهُۥ عَدَ ٰوَةࣱ كَأَنَّهُۥ وَلِیٌّ حَمِیمࣱ"}