الباحث القرآني

فَإِنْ يَصْبِرُوا لم ينفعهم الصبر ولم ينفكوا به من الثواء في النار، وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا وإن يسألوا العتبى وهي الرجوع لهم إلى ما يحبون جزعا مما هم فيه: لم يعتبوا: لم يعطوا العتبى ولم يجابوا إليها، ونحوه قوله عز وعلا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ وقرئ: وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين، أى: إن سئلوا أن يرضوا ربهم فما هم فاعلون، أى: لا سبيل لهم إلى ذلك وَقَيَّضْنا لَهُمْ وقدّرنا لهم، يعنى لمشركي مكة: يقال: هذان ثوبان قيضان: إذا كانا متكافئين. والمقايضة: المعاوضة قُرَناءَ أخدانا [[قوله «قرناأ أخدانا» أى أصدقاء. أفاده الصحاح. (ع)]] من الشياطين جمع قرين، كقوله تعالى وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ فإن قلت: كيف جاز أن يقيض لهم القرناء من الشياطين وهو ينهاهم عن اتباع خطواتهم؟ قلت: معناه أنه خذلهم [[قوله «قلت معناه أنه خذلهم» هذا على مذهب المعتزلة أنه تعالى لا يقدر الشر. أما على مذهب أهل السنة أنه تعالى يقدره كالخير، فلا داعى إلى هذا التكلف. قال تعالى أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ الخ. (ع)]] ومنعهم التوفيق لتصميمهم على الكفر، فلم يبق لهم قرناء سوى الشياطين [[قال محمود: «كيف جاز أن يقيض لهم قرناء من الشياطين وهو ينهاهم عن اتباع خطواتهم؟ وأجاب بأن معناه أنه خذلهم ومنعهم التوفيق لتصميمهم على الكفر، فلم يبق لهم قرناء سوى الشياطين. والدليل عليه قوله تعالى وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ ... الآية قال أحمد: جواب هذا السؤال على مذهب أهل السنة: أن الأمر على ظاهره، فان قاعدة عقيدتهم أن الله تعالى قد ينهى عما يريد وقوعه، ويأمر بما لا يريد حصوله، وبذلك نطقت هذه الآية وأخواتها، وإنما تأولها الزمخشري ليتبعها هواه الفاسد في اعتقاده أن الله تعالى لا ينهى عما يريد، وإن وقع النهى عنه فعلى خلاف الارادة- تعالى الله عن ذلك وبه نستعيذ من جعل القرآن تبعا للهوى، وحينئذ فنقول: لو لم يكن في القرآن حجة على القدرية الذين هم مجوس هذه الأمة بشهادة نبيها عليه الصلاة والسلام سوى هذه الآية، لكفى بها، فهذا موضع هذه المقالة التي أنطقه الله بها الذي أنطق كل شيء في الآية التي قبل هذه.]] . والدليل عليه وَمَنْ يَعْشُ نقيض ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ ما تقدّم من أعمالهم وما هم عازمون عليها. أو بين أيديهم من أمر الدنيا واتباع الشهوات، وما خلفهم: من أمر العاقبة، وأن لا بعث ولا حساب وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ يعنى كلمة العذاب فِي أُمَمٍ في جملة أمم. ومثل في هذه ما في قوله: إن تك عن أحسن الصّنيعة مأ ... فوكا ففي آخرين قد أفكوا [[لعروة بن أذينة، يقول: إن تك مأقوكا- أى: مصروفا ومنقلبا عن أحسن العطاء- فلا عجب، فأنت في جملة ناس آخرين قد أفكوا وصرفوا عن الإحسان. ومنه: المؤتفكات، وهي المدن المنقلبة على قوم لوط وتقول العرب: إذا كثرت المؤتفكات زكت الأرض، يعنون: الرياح المختلفة المهاب.]] يريد: فأنت في جملة آخرين، وأنت في عداد آخرين لست في ذلك بأوحد. فإن قلت: فِي أُمَمٍ ما محله؟ قلت: محله النصب على الحال من الضمير في عليهم القول كائنين في جملة أمم إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ تعليل لاستحقاقهم العذاب. والضمير لهم وللأمم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب