الباحث القرآني
صَدُقاتِهِنَّ مهورهن، وفي حديث شريح: قضى ابن عباس لها بالصدقة. وقرئ: (صَدُقاتِهِنَّ) بفتح الصاد وسكون الدال على تخفيف صدقاتهن. وصدقاتهن بضم الصاد وسكون الدال جمع صدقة بوزن غرفة. وقرئ: صدقتهن، بضم الصاد والدال على التوحيد، وهو تثقيل صدقة، كقولك في ظلمة ظلمة نِحْلَةً من نحله كذا إذا أعطاه إياه ووهبه له عن طيبة من نفسه نحلة ونحلا. ومنه حديث أبى بكر رضى اللَّه عنه: إنى كنت نحلتك جداد عشرين وسقا بالعالية [[أخرجه مالك بإسناد صحيح أتم منه.]] . وانتصابها على المصدر [[قال محمود: «نحلة منصوب على المصدر لأنها في معنى الإيتاء ... الخ» قال أحمد: هذا الفصل بجملته حسن جداً، غير أن في جملة تذكير الضمير في منه على الصداق، ثم تنظيره ذلك بقوله «فأصدق نظراً» وذلك أن المراعى ثم الأصل، وهو عدم دخول الفاء والجزم وتقدير ما هو الأصل، وإعطاؤه حكم الموجود ليس ببدع، ولا كذلك إفراد الصداق المقدر، فانه ليس بأصل الكلام، بل الأصل الجمع: وأما الافراد فقد يأتى في مثله على سبيل الاختصار استغناء عن الجمع بالاضافة، ولا يرد أنهم قد راعوا ما ليس بأصل في قوله:
بدا لي أنى لست مدرك ما مضى ... ولا سابق شيئا إذا كان جائيا
لأن دخول الباء وإن لم يكن أصلا، إلا أنها قد توطنت بهذا الموضوع وكثر حلولها فيه، فصارت كأن الأصل دخولها في الخبر، واللَّه أعلم. والأمر في ذلك قريب]] لأن النحلة والإيتاء بمعنى الإعطاء فكأنه قيل: وانحلوا النساء صدقاتهن نحلة، أى أعطوهنّ مهورهنّ عن طيبة أنفسكم، أو على الحال من المخاطبين، أى آتوهنّ صدقاتهن ناحلين طيبي النفوس بالإعطاء، أو من الصدقات، أى منحولة معطاة عن طيبة الأنفس. وقيل: نحلة من اللَّه عطية من عنده وتفضلا منه عليهن، وقيل: النحلة الملة، ونحلة الإسلام خير النحل. وفلان ينتحل كذا:
أى يدين به. والمعنى: آتوهن مهورهن ديانة، على أنها مفعول لها. ويجوز أن يكون حالا من الصدقات، أى دينا من اللَّه شرعه وفرضه. والخطاب للأزواج. وقيل: للأولياء، لأنهم كانوا يأخذون مهور بناتهم، وكانوا يقولون: هنيئا لك النافجة، لمن تولد له بنت، يعنون: تأخذ مهرها فتنفج به مالك أى تعظمه. الضمير في: (مِنْهُ) جار مجرى اسم الإشارة كأنه قيل عن شيء من ذلك، كما قال اللَّه تعالى: (قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ) بعد ذكر الشهوات، ومن الحجج المسموعة من أفواه العرب ما روى عن رؤبة أنه قيل له في قوله:
كَأنَّهُ فِى الْجِلدِ تَوْلِيعُ الْبَهَقْ [[مر شرح هذا الشاهد بصفحة 149 من هذا الجزء فراجعه إن شئت اه مصححه]]
فقال: أردت كأن ذاك. أو يرجع إلى ما هو في معنى الصدقات وهو الصداق، لأنك لو قلت:
وآتوا النساء صداقهن، لم تخل بالمعنى، فهو نحو قوله: (فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) كأنه قيل:
أصدّق. ونَفْساً تمييز، وتوحيدها لأنّ الغرض بيان الجنس والواحد يدل عليه. والمعنى:
فإن وهبن لكم شيئا من الصداق وتجافت عنه نفوسهن طيبات غير مخبثات بما يضطرهن إلى الهبة من شكاسة أخلاقكم وسوء معاشرتكم فَكُلُوهُ فأنفقوه. قالوا: فإن وهبت له ثم طلبت منه بعد الهبة، علم أنها لم تطب منه نفسا، وعن الشعبي: أن رجلا أتى مع امرأته شريحا في عطية أعطتها إياه وهي تطلب أن ترجع، فقال شريح: ردّ عليها. فقال الرجل: أليس قد قال اللَّه تعالى: (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ) قال لو طابت نفسها عنه لما رجعت فيه. وعنه: أقيلها فيما وهبت ولا أقيلة، لأنهنّ يخدعن. وحكى أن رجلا من آل معيط أعطته امرأته ألف دينار صداقا كان لها عليه، فلبث شهرا ثم طلقها، فخاصمته إلى عبد الملك بن مروان، فقال الرجل: أعطتنى طيبة بها نفسها، فقال عبد الملك: فأين الآية التي بعدها فلا تأخذوا منه شيئا؟ اردد عليها. وعن عمر رضى اللَّه عنه أنه كتب إلى قضاته: إن النساء يعطين رغبة ورهبة. فأيما امرأة أعطت ثم أرادت أن ترجع فذلك لها» [[أخرجه ابن أبى شيبة وعبد الرزاق من طريق محمد بن عبيد اللَّه الثقفي قال كتب عمر نحوه.]] وعن ابن عباس أنّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم سئل عن هذه الآية فقال «إذا جادت لزوجها بالعطية طائعة غير مكرهة لا يقضى به عليكم سلطان ولا يؤاخذكم اللَّه به في الآخرة» [[أخرجه الثعلبي والواحدي في الأوسط من رواية جويبر عن الضحاك عن ابن عباس.]] وروى أن أناسا كانوا يتأثمون أن يرجع أحد منهم في شيء مما ساق إلى امرأته، فقال اللَّه تعالى إن طابت نفس واحدة من غير إكراه ولا خديعة فكلوه سائغا هنيئا. وفي الآية دليل على ضيق المسلك في ذلك ووجوب الاحتياط، حيث بنى الشرط على طيب النفس فقيل: فإن طبن، ولم يقل: فإن وهبن أو سمحن، إعلاما بأنّ المراعى هو تجافى نفسها عن الموهوب طيبة. وقيل: إن طبن لكم عن شيء منه، ولم يقل: فإن طبن لكم عنها، بعثا لهن على تقليل الموهوب. وعن الليث بن سعد:
لا يجوز تبرعها إلا باليسير. وعن الأوزاعى: لا يجوز تبرعها ما لم تلد أو تقم في بيت زوجها سنة.
ويجوز أن يكون تذكير الضمير لينصرف إلى الصداق الواحد، فيكون متناولا بعضه، ولو أنث لتناول ظاهره هبة الصداق كله، لأنّ بعض الصدقات واحدة منها فصاعدا. الهنيء، والمريء: صفتان من هنؤ الطعام ومرؤ، إذا كان سائغاً لا تنغيص فيه. وقيل: الهنيء: ما يلذه الآكل. والمريء ما يحمد عاقبته.
وقيل هو ما ينساغ في مجراه. وقيل لمدخل الطعام من الحلقوم إلى فم المعدة «المريء» لمروء الطعام فيه وهو انسياغه، وهما وصف للمصدر، أى أكلا هنيئا مريئا، أو حال من الضمير، أى كلوه وهو هنيء مريء، وقد يوقف على فكلوه ويبتدأ مريئا على الدعاء، وعلى أنهما صفتان أقيمتا مقام المصدرين، كأنه قيل: هنأ مرأ. وهذه عبارة عن التحليل والمبالغة في الإباحة وإزالة التبعة.
{"ayah":"وَءَاتُوا۟ ٱلنِّسَاۤءَ صَدُقَـٰتِهِنَّ نِحۡلَةࣰۚ فَإِن طِبۡنَ لَكُمۡ عَن شَیۡءࣲ مِّنۡهُ نَفۡسࣰا فَكُلُوهُ هَنِیۤـࣰٔا مَّرِیۤـࣰٔا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











